الخَضَر النباتات فى المخيال الشعبى الإماراتى
الخَضَر النباتات فى المخيال الشعبى الإماراتى


د. عبدالعزيز المسلّم ..الخَضَر النباتات فى المخيال الشعبى الإماراتى

أخبار الأدب

الخميس، 25 يناير 2024 - 02:49 م

أوردنا فى هذا الكتاب ذكراً لطائفة من النباتات التى لها فى المخيال الشعبى أوصاف وأشكال قد تكون فى أحيان كثيرة مطابقة لماهية ذلك النبات الطبيعية، أو أن يكون وصفاً لشكل ذلك النبات وهيئته أو ثمرته، أو أن يطلق بالعموم على وصف لحياة، وقد نسجت حول تلك النباتات والأشجار حكايات شعبية أو خرافية، أو جاء ذكرها فى الأدب الشعبى ضمن سياق الأشعار والأمثال الشعبية، وهى كثيرة طاغية على الذاكرة الشعبية.

فى عالم المخيال الشعبي، تنبت النباتات بشكل سحرى ومدهش، تحمل فى طيات أوراقها وزهورها قصصاً خيالية مملوءة بالغموض والسحر، تعكس تلك النباتات الفريدة أمجاد الطبيعة وقوتها الخفية، وتنسج خيوطاً من العجائب والتشويق فى عالم الخيال، هنا سنستكشف سراديب الحكاية، وأصل الخرافة التى تجعل قوى وتأثيرات النباتات جزءاً لا يتجزأ من تلك العوالم الرائعة والمدهشة.

اقرأ أيضاً| صفوت فوزي.. عتبات الحياة

ستجد فى صفحات هذا الكتاب أوصافاً مركّزة، حيث سنسلط الضوء على نباتاتٍ تمتلك قدرات تجعلها تتفرد فى عالم النبات، مثل النباتات التى تشفى كل الأمراض، وأخرى تملك الطاقة التى تحمى البشر من العوالم الخفية، أو تلك التى تنمو بلا ماء، وتحمل فى ثناياها الشفاء والقوة.

سنستكشف معاً كيف تشكل هذه النباتات فى المخيال الشعبى أوصافاً منوعة، وكيف تتنوع استخداماتها وتأثيراتها فى ذلك المخيال الفريد، ستأخذك هذه الرحلة بهدوء إلى الصحراء ثم إلى الواحات، ومن خلالها ستجد نفسك فى متاهات الجبال المظلمة، حيث ستتعرف إلى مخلوقات وأشجار وشجيرات مذهلة.

هذا الكتاب ليس دليلاً إلى عالم النباتات أو تنوع البيئات، لكنه يأتى من تلك الأرض، حيث تحكم الطبيعة قوانين خاصة تثرى الخيال، وتمنح الحياة جانباً سحرياً لا يُضاهى، ستكتشف فى هذه الصفحات معلومات مهمة لا تنسى، تنقلك إلى عوالم بديعة، حيث النباتات ليست مجرد كائنات حية، بل شخصيات تعيش وتتفاعل وتلعب دوراً أساسياً فى خيال البشر.

المصطلحات المتعلقة بالنباتات
النبات هو بذور لقاح أشجار النخل التى تطرح الرطب (البلح)، ويُسمى نبات النخل، والتنبيت هو عملية تلقيح النخل فى بداية موسمه الفعلي، وأما سكّر نبات فهو عبارة عن كتل بلورية صافية وقاسية، يشبهونه بالماس، ويشبهون طعمه بالعسل، وله فوائد طبية وغذائية كثيرة، ويُجلب من بلاد فارس.

ومما يُذكر من مصطلحات لها علاقة بالنباتات والزراعة: “قورة”، وتعنى شتلة من أى نوع من أنواع الشجر، و”صرمة”، وهى فسيلة النخل، و”كاروبة”، وهى فسيلة النخل التى تنبت فى جذع النخلة، و”خضرا”، وتعنى يانعة مخضرة، و”هايفة” أى أصابها اليبس والهزال، و”يابسة” من اليبس وقلة الماء، و”ضربت” لفظ يطلق على الشتلة الجديدة بعد أن تُوضَع فى الأرض، وتتمكن من مَد جذورها والتشبث بالأرض، و”ورّقت” أى أنبتت أوراقاً جديدة، و”طلّعت” أى أظهرت أو أنبتت أوراقاً جديدة، و”بشَّرت” أى أنبتت ثماراً جديدة وخاصة فى أول موسم الثمر، و”صارم” أى أسقطت أو رمت كل أوراقها، ولا سيَّما فى فصل الخريف المسمى (أصفري).

الأشخر الخطر والاستطباب
هو الضر والنفع فى آن، فالاقتراب من الشجرة خطير على الصحة وخاصة العين، والمادة -التى تشبه الحليب-- التى تخرج من جرَّاء كسر الأغصان تُصيب الناس بالعمى، هذا ما يُذكر فى ضر شجرة الأشخر، ولكنَّ هذه الشجرة كانت معيناً للناس فى مجابهتهم الغزاة والأعداء؛ فبالاستعانة بالمادة التى تخرج منها مع إضافة مواد أخرى كالزرنيخ وغيره، تمكَّن الإماراتيون من صنع الذخيرة التى يُسمونها (البارود)، واستخدموا خراطيش الطلقات المستعملة، فأعادوا تعبئتها بالبارود المصنَّع محلياً، وبذلك حازوا الذخيرة التى منعهم منها المستعمر الإنجليزي.

الأراه راحة واسترخاء
الأراه مفرد والجمع الأرا، هو نبات برى وجبلي، متوسط الطول كثيف، لونه أخضر فاتح يميل إلى البياض ويسمى (أملح)، وطلعه يشبه القطن. وكان الناس يقصدون أماكن وجوده، فيخرطون طلعه حتى يجتمع فى أكفهم، ثم يجمعونه فى وعاء لديهم، وفى البيت يُنقى من الشوائب، ثم يُوضع تحت أشعة الشمس حتى يجف، ثم توضع معه خلطة من العطور تسـمى “بضاعة”، وهى مجموعة من الأعشاب العطرية والزهورات المجففة مثل الورس والورد البلدى والياس وجوزة الطيب ومواد أخرى، فتخلط “البضاعة” مع الأرا، ثم توضع فى الوسائد والمخدات، وتكون ناعمة ولينة وذات رائحة طيبة. وغالباً ما تُصنع من الأرا وسائد للأطفال فهى تريحهم.

وأما الأرطى، فهو نبات شهير يؤكل، وقد ذكره الفيروزأبادى فى “القاموس المحيط” بقوله: “شجر نوره كنور الخلاف، وثمرته كالعناب مرة تأكلها الإبل غضة، وعروقه حمر، الواحدة أرطاة”، ويستعمله القوم هنا لدبغ الجلود. وعرفه العرب قديماً، وجاء تعريفه فى اللغة: أديم مأروط، أى جلد مدبوغ بورق الأرطى.

كما أن ورق الأرطى وعيدانه الناعمة تُفرم وتخلط مع اللبن أو تطبخ مع السمك والأرز وتؤكل. وأما أغصانه اليابسة التى مر عليها نصف عام مثلاً، فتُطحن وتُغلى بالماء، فتصير صبغاً تصبغ به الأقمشة والملابس بلون حليبي، والأرطاة المرة المذاق تسمى “عِبلة”، بكسر العين. 

وهذا النبات كثير الخضرة، وينبت فى السيوح، وأوراقه على شكل أوراق مفتولة طويلة وردها يسمى (فرّاخ)، وهو ذو لون أحمر، وقد اعتاد أهل الإمارات أكله بصفته أحد نباتات السَّلَطة، إذ يُقطع ويُخلط مع الأرز، وتسمى هذه العملية “مك”، وتسمى الوجبة “مكيكة”.

الحنظلة
دواء لبعض العلل، وهى التى ألهمت الكلاب أن تستشفى منها
تخدع الناس دائماً؛ لأنها تنبت مثل البطيخ، فتوهم الناس بأنها كذلك، وقد شاع بين الناس اسم حنظل بين الرجال بين أهل المدينة وأهل الجبال.

الجوافة (الزيتون)
تسمى زيتونة؛ لأنهم سمعوا من ينادى عليها كذلك فى الهند
الناس هنا فى الإمارات يحبون أكل الجوافة، لكنهم يحذرون من الإكثار منها؛ لأنها تحدث رياحاً فى البطن، مما يسبب انتفاخه، وتظهر بعض الحبوب فى الوجه. 

من المقولات المشهورة فيه (يالزيتون شكلك حلو زين، لكنّ فيك اطبيع مرياحي).

الرولة الظل والتاريخ ومركز الفرح
تذكر بعض الروايات أن الشيخ سلطان بن صقر القاسمى (الأول)، هو من زرعها فى شبابه، وهو الذى ولد عام 1780؛ أى أن تاريخ زراعتها قد تجاوز 200 سنة على أقل تقدير، وهو الذى اشتهر بشجاعته وإقدامه، وكان يحكم الشارقة ورأس الخيمة معاً؛ لذا ارتبطت الرولة بوجدان أهل الشارقة، بل الإمارات وبعض أهل الخليج، فأقيمت تحتها مجالس السمر واحتفالات الأعياد والاستقبالات المهمة، كما كانت ملتقى وعلامة بارزة للقاء، ومركزاً اجتماعياً مهماً فى مدينة الشارقة.

السمرة غذاء وظل وصلابة
رغم أشواك السمرة الكثيرة، إلا أن فوائدها أكثر، فهى شجرة معمرة وارفة الأغصان، تُحْدث الظل، ويستحبها النحل، فينتج منها أجود أنواع العسل الذى يميل لونه إلى اللون الأسود، كما أن أخشابها تستخدم لكثير من منتجات حرفة النجارة، كذلك أخشابها من أفضل ما يوضع لإشعال النار. 

اللوز (البيذام)
فرحة الأطفال ولون الجَمال
اللوز فى الخليج غير اللوز فى بقية المناطق، فاللوز هنا فاكهة جميلة، بعضها لونه أصفر، والآخر أحمر، يؤكل باعتباره من الفواكه الصيفية اللذيذة، وتوضع نواته تحت الشمس، لتيبس ثم تكسر لاستخراج اللوز المعروف (مكسرات)؛ لكنه ألذ منه.
يحرص الجميع على زراعتها فى البيوت، فهى شجرة البيوت المفضلة، وتصبغ منها الملابس.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة