خيري عاطف
خيري عاطف


خيري عاطف يكتب: الإحتفال بأعياد الدم

خيري عاطف

السبت، 27 يناير 2024 - 02:12 م

وضعت الخطة ان تكون مصر بلا أعياد، أن ينسى نحن المصريون أمجاد الأجداد، وأن يتناسي الأحفاد العادات والتقاليد فى الإحتفالات، وشملت الخطة أن يتم أستبدال أعيادنا بأحداث أخرى شنيعة ومفجعة، تلطخها الدماء، على أن تكون هناك اعياد جديدة رموزها هم القتلة والسفاحين والخونة من الداخل والخارج.

لكن هل هناك خطة أو وثيقه بذلك تم كشفها أو تسريبها؟، بالتأكيد لا، هل هناك من صرح فى الداخل أو الخارج بهذه الخطة؟، قطعًا لا، هل هناك من حذر من خطة القتلة والسفاحين بإنهم يريدون إلغاء اعيادنا الوطنية والقومية؟، أكاد أجزم إنها نفس الإجابة لا، ورغم عدم الكشف عن الخطة أو التصريح بها أو التحذير منها، الإ ان هناك دلائل ماديه عايشها المصريون وأبناء المنطقة العربية وشهد بها العالم اجمع، ولعل أحد تلك الأعياد التى كان يعمل السفاحين على الغائها هو عيد الشرطة المصرية الذى نحتفل به هذا العام وسط كم كبير وزخم رائع من بطولاتهم التى يسطروها بدءًا من انشائها فى العصر الحديث على يد والى مصر محمد على بإسم ديوان الوالى، مرورًا بتطوير مهامها فى الخامس والعشرين من فبراير لعام 1857 بإسم نظارة الداخلية، وبطولة رجالنا فى الخامس والعشرين من يناير عام 1952 فى موقعة الإسماعيلية عندما رفض رجالنا الأبطال اوامر الجيش الإنجليزى بإخلاء مديرية الأمن من الضباط والعساكر، بعد أن شك الإنجليز بأن رجال الشرطة المصرية يساعدون الفدائين فى العمليات المسلحة ضد الجيش الإنجليزى.

.. ودارت وقتها معركة من أعظم وأشرف المعارك التى خلدها التاريخ، عندما أشتبك أجدادنا الأبطال، بأعدادهم الهزيلة مقارنة بالجيش الإنجليزى، وعتادهم البسيط والذى كان عبارة عن بنادق ضعيفة من أيام محمد على، لتواجه واحد من أقوى جيوش العالم الذى استعان بالدبابات والأسلحة الحديثة والمتوسطة والثقيلة فى الهجوم على المديرية وسط استبسال رجال الشرطة، وليسقط حينها 50 شهيدًا و 80 جريحًا، وبسبب بطولتهم كان هذا الأمر الذى يعتبر الأول من نوعه، عندما أمر الجنرال "أكسام" قائد الجيش البريطانى جنوده بإعطاء التحية العسكرية للقوة المتبقية من الشرطة المصرية قائلاً، "لقد قاتل رجال الشرطة المصريون بشرف، واستسلموا بشرف، ولذا فان من واجبنا احترامهم جميعًا ضباطًا وجنودًا".

بعد 52 عامًا، وتحديدًا فى الخامس والعشرين من يناير 2011، كانت الموجة التى أطلق عليها بالشعبية ضد نظام مبارك، وكانت أغلب الشعارات التى رفعت وقتها ضد رجال الشرطة المصرية، بعدها بأيام وتحديدًا فى الثامن والعشرين من يناير نفس الشهر، كانت تلك الأحداث المفجعة، عندما أقتحم الأرهابيون الحدود، وفتحوا السجون، وإستهدفوا رجال الشرطة، ليعيش الشعب المصرى واحدًا من اسوء الكوابيس فى عصره الحديث، حتى كان تدخل الجيش بتولى أمور البلاد، ومساندة رجال الشرطة، ليتم إستعادة البلاد وقتها من بين أنياب الإرهابين الذين وصفهم خونة الداخل، ومعهم الكثير من أعلام الخارج بالأبطال والشرفاء.

لم يجد الخونة حرجًا وقتها فى المطالبة علانية بإلغاء أعياد الشرطة، والإحتفال فقط بما فعله الخونة والإرهابين فى البلاد، كانوا يريدون أستبدال بطولة أبطالنا الذين دافعوا عن البلاد أمام المحتل، ليحتفلوا بخونة إقتحموا الحدود، وأرادوا الإستيلاء على الحكم بالدم، عن طريق جماعة الإخوان الإرهابية، والتى ظلت حتى أنفاسها الأخيرة تهدد المصريين بالمليشيات الإرهابية إذا تم الإطاحة برئيسهم مرسى من الحكم. لكن هل هذا الحدث دليلًا قاطعًا على خطة إلغاء أعياد من مصر؟، وإستبدالها بأعياد الدم؟.

ربما ما حدث من قبيل المصادفة، وبالعقل والمنطق ما حدث ايضًا ليس دليلًا ماديًا قاطعاً يؤكد أو ينفى تلك الخطة ؟، لكن بالقفز بين عقود الزمن، نجد أن هناك دلائل أخرى، يصعب أن تحدث صدفة وتؤكد على وجود تلك الخطة اللعينة.

بعد ساعات من الإحتفال بعيد أكتوبر المجيد عام 2004، وقعت سلسلة عمليات إرهابية ضد فندق هيلتون طابا وبعض مناطق جنوب سيناء، والتي أسفرت عن مقتل 31 على الأقل، واصابة حوالى 159 اخرين، علاوة على إنهيار عشرة طوابق من الفندق، وفي رأس الشيطان، بالقرب من نويبع، وقع انفجاريين اخريين، عندما إنفجرت سيارة كانت متوقفة أمام مطعم في منتجع جزيرة القمر مما أسفر عن مقتل اثنين وإصابة 12، ووقع انفجار اخر بعد لحظات، استهداف مخيم البادية، ووقتها اعلنت الجماعة المسماة بكتائب التوحيد الإسلامية التى انضمت بعد ذلك الى أنصار بيت المقدس التى انشأت فور الإطاحة بـ "مرسى"، والتى ايضاً اعلنت مبايعتها فيما بعد لتنظيم داعش الإهابى مسئوليتها عن العملية الإرهابية.

هل تلك أيضًا مصدفة ان يتم إستهداف السياحة بعمليات أرهابية تزامنًا مع عيد بطولى لرجال قواتنا المسلحة ضد المحتل الإسرائيلى الذى تم هزيمته فى السادس من أكتوبر لعام 1973 وعلى أثر ذلك استعادة سيناء من أنيابه؟، هل مصادفة أن تكون سلسلة العمليات الإرهابية فى نفس المكان الذى دارت فيه معارك الشرف والبطولة ضد العدو الإسرائيلى؟. ولنفترض انها صدفة، وإنها ليست تأكيدًا على تلك الخطة المعلونة التى كانت تريد إلغاء أعيادنا وإستبدالها بالدم.

بعد أقل من عام وتحديدًا فى 23 يوليو من عام 2005، وتزامناً مع إحتفالات يوليو التى قاد فيها الضباط الأحرار تحرك عسكري ضد الملك فاروق الأول، ليتحول نظام الحكم فى مصر من الملكى الى الجمهوري، بعد ان تورط الملك حينها مع الإحتلال الإنجليزى، وعلى أثر تلك الحركة بعد ذلك تم طرد المحتل البريطانى من البلاد، بالتزامن مع هذا الحدث العظيم كانت هناك سلسلة إنفجارات جديدة تستهدف مدينة شرم الشيخ، والتى بدأت فى منطقة "خليج نعمة" بثلاث سيارات مفخخة تسببت فى تدمير فندق "غزالة جاردنز" بالكامل، ووقوع تلفيات وأضرار كبيرة فى الشوق القديم، وأدى هذا الحادث الى مقتل 60 شخصًا على الأقل.

المشهد يتضح أكثر، ومن الصعب إعتبار أن ساعة الصفر التى إقتحمت الحدود فى الثامن والعشرين من يناير، بعد تحرك شعبى فى 25 يناير 2011، كانت صدفة مع أعياد الإحتفال بعيد الشرطة، وان يتم إستهداف جنوب سيناء بلسلة تفجيرات بالتزامن مع أعياد أكتوبر المجيد، وان يتم إستهداف شرم الشيخ مجددًا مع الإحتفال بـ 23 يوليو.

وتأكيدًا انها ليست صدفة، هو ما حدث فى السابع من يناير من عام 2010 تزامنًا مع اعياد اشقائنا الأقباط، عندما عندما فتح مجموعة من المسلحين النار على مجموعة من الأقباط أثناء خروجهم من قداس الإحتفال بعيد ميلاد المسيح ليسقط العديد من الضحايا ما بين موتى وجرحى فيما عرف بمذبحة نجع حمادى والتى على أثرها قرر كيرلس قرار بالغاء الاحتفالات و اعلان الحداد فى المدينة.

وتتابع الأحداث مع الدقائق الأولى لعام 2011، عندما قام إنتحاري بتفجير نفسه امام كنيسة القديسين مع أولى دقائق رأس السنة الميلادية ليُقتل على الفور 21 بريئًا علاوة على اصابة ما يزيد عن 79 أخرين، وكانت كل المؤشرات تؤكد ان القائم على العملية تابع لإحدى المنظمات الإرهابية القادمة من الخارج.

وليس من الغريب أو عجيب، أن تتزامن تلك العمليات الإرهابية مع احتفالاتنا القومية والوطنية والدينية، مع نشأة العديد من الحركات المسماه بالسياسية والمعارضة والتى كانت تبرر أفعال الإرهابين، وتحاول أن تجد سندًا لأفعالهم، والذين شاركوا فى أحداث الخامس والعشرين من يناير، ليس ضمن المحتجين أو المتظاهرين، بل كانت مشاركتهم دموية بإستهداف رجال الشرطة، والتصوير بعلامة النصر بجانب المدرعات المحترقة، ومشاركة الإرهابين فى إقتحام السجون وأقسام الشرطة فى عيدهم – عيد الشرطة-.

إذا نجحت خطة الخونة والأوباش والسفاحين، ما كنا نحتفل هذه الأيام بأعياد رجال الشرطة البواسل، وربما تفرغ أجندات احتفالتنا من بقية الأعياد، وربما يتم وضع أسماء الإرهابين كرموز وأبطال للإحتفال بهم.

إلى رجال الشرطة البواسل، عيدكم عيدنا، عيد كل المصريين.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة