كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

قتل الشعوب بالشعوب نفسها!

كرم جبر

الأربعاء، 31 يناير 2024 - 07:30 م

فى الحروب تنتحر الضمائر وتستيقظ الوحوش، ولم يكتف الأشرار بإيقاظ ذئاب الإرهاب فى الدول المستهدفة تحت عنوان كاذب اسمه "الربيع العربى"، فأرادوا اختراقها بأسلحة ناعمة أشد فتكاً وأشبه بالمخدرات التى تؤدى إلى الغيبوبة، وكان شعارهم "اكذب ثم اكذب ثم اكذب فقد يصدقونك"، ومن الأكاذيب تتم صناعة الفناء.
الحروب التقليدية تكون بين جيوش نظامية، ولها جبهات محددة ومسارح عمليات مرصودة، أما الحروب الحديثة فأسلحتها سحرية، ناعمة وجذابة ومثيرة، ويحملها كل إنسان فى تليفونه المحمول واللاب توب والآيباد والكمبيوتر وغيرها، ولا تفارقه فى أى مكان بالليل والنهار.
وأسهل طريقة لقتل الشعوب هى الشعوب نفسها، فعندما يكون الأشرار بعضاً من أبناء الشعب، يسهل اختراقها وتسليحها بأدوات تخريب، أشد مفعولاً من الطائرات والدبابات والسيارات المفخخة.
إذا أردت أن تقتل شعباً، سلح بعضه بالأكاذيب والشائعات، ومهد الطرق إلى الاحتجاج والغضب والتمرد، فيتحول الناس إلى العصيان وتتوقف عجلات الإنتاج، ولا يعملون ولا يتركون غيرهم يعمل، فينهار الاقتصاد وتسوء الأحوال المعيشية.
وهذا ما حدث مع مصر إبان أحداث يناير، وتدفع البلاد فاتورة الخسائر حتى الآن، وخدعوا الشباب بشعارات كاذبة، فامتدت أيديهم إلى الحرق والتخريب لمنشآت بلادهم.
اقنعوا بعض شبابنا بأن الثورة هى الحرق والتخريب والتدمير وقطع الشوارع واحتلال الميادين، ولم يقولوا لهم إنها ممتلكات الشعب، وكأن الأتوبيس والسوبر ماركت والأبنية الحكومية والبنوك وغيرها، من صنع أعداء الوطن، فأحرقوها.
كان بعض الشبان فى المجتمعات العربية يتفاخرون وهم يلتقطون الصور أمام الممتلكات العامة والخاصة التى أحرقوها، أو وهم يسرقون البنوك والمحال التجارية ودواوين الحكومة، وهكذا قالوا لهم "بلدك ليست ملكك، فاعتدى عليها لتكون من النشطاء الثائرين".
وركب الأشرار الموجة من أعلى نقطة.
ونشطت الجماعات الدموية التى أعادت إلى الحياة أسوأ عصور البشرية، التى كنا نقرأ عنها فى كتب التاريخ ولا نصدقها، فقد عاد من هم أسوأ من التتار الذين حرقوا مكتبة بغداد، واستباحوا النساء وقتلوا الأطفال.
عادوا فى صورة داعش التى لم تجد أدنى خجل إنسانى وهى تذبح العشرات فى مجازر يومية، وتعلن عن بدء العمل بأسواق النخاسة لبيع النساء الأيزيديات، وتستكمل هدم الآثار التاريخية النادرة، وأشعلت الحروب الدينية التى لا ينفد وقودها أبداً.
ووجد الغرب ضالته فى عبارة: لماذا نقتلهم ماداموا يقتلون أنفسهم؟
فى العصر الحالى أصبحت ثقافة سوشيال ميديا هى غذاء العقول، وتدخل البيوت دون استئذان، وتربى أجيالاً متعددى الهوية وأسرى ما يسمعون ويشاهدون، فى ظل انشغال الأسرة عن المتابعة والمراقبة.
ولم يصبح غزو الدول عسكرياً فقط، بل بإفساد العقول والضمائر، وجعل بعض أبناء الأوطان أعداء لأوطانهم.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة