كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

فى ذكرى وفاة زعيمة الفن

كرم جبر

السبت، 03 فبراير 2024 - 07:18 م

أم كلثوم التى تحل الذكرى الــ 49 لوفاتها "3 فبراير"، صوت مازال ينبض فى الوجدان العربي، وكانت مطربة بمرتبة زعيمة، وحدت الشعوب على إيقاع صوتها، وإذا فرقتنا السياسة فالفن هو الذى يوحدنا.


نحتاج أن ننقب فى نجوع مصر وقراها وأحيائها عن أم كلثوم جديدة، ومصر مليئة بالإبداع والمواهب، وينقص فقط من يزيح عنها الصدأ ويهيأ لها الطريق إلى الظهور.
الفن من أهم أذرع القوى الناعمة التى ميزت مصر عبر التاريخ، وأم كلثوم نموذج للروح المصرية بسماتها من التسامح والتعايش والمحبة والسلام، وجسدت أغانيها كل هذه المعانى النبيلة.


وتعودت الأسر المصرية أن تسهر ليلة الخميس، للاستماع إلى حفلات أم كلثوم الشتوية، وكانت مهرجاناً كبيراً حول الراديو، واكتست كلمات الأغانى فى هذه الفترة بريقاً من ذهب، وعاشت مصر أفضل سنوات الإبداع، لأن المصريين أحبوا بلدهم، ومن يحب يتحمل الصعاب ويغفر الأخطاء.
وجاءت حرب يونيو بمؤامرة متعددة الأطراف، ولكنها تصب فى مجرى واحد هو كسر مصر، ولكن الشعب استدعى رصيده الوطنى الكامن فى الأعماق، وقرر أن يتحدى الهزيمة، واستيقظت قوى الشر والتطرف من كمونها، وقادت حرب التشكيك فى الهوية الوطنية، واشتعلت معارك الكر والفر، بين أبناء جيل الثورة، ولوبى أعداء الثورة.
وحملت أم كلثوم وفنانو مصر العظماء أمانة الدفاع عن مصر بالكلمة واللحن، وصارت الأغانى الوطنية ملهماً للمصريين لتحدى الهزيمة وتحقيق النصر، وصارت الألحان الخالدة عنواناً للتحدى والصمود.
وبجانب أم كلثوم ظهر عبد الحليم حافظ، وكان زعيماً لأغانى ثورة 23 يوليو، ورسم صوتها على الشفاه، وزود الجماهير المشتاقة للحرية بالحماس والأمل، وأهم مزايا ثورة يوليو أنها وضعت الفن فى مكانة عالية، فوضعتها الفنون فى قلوب الجماهير.
وشهدت مصر فى السنوات الأخيرة أحداثاً تحتاج قروناً، وتغيرت الأمزجة وتعددت الولاءات، وتجمع الحصاد المر فى أحداث 25 يناير، حيث قفزت جماعة الشر فوق المشاعر الوطنية، واختارت لنفسها علماً غير العلم ونشيداً غير النشيد، واختلطت الدفوف الصاخبة بالإيقاعات الحالمة.. وظهر بيننا من يدعى أن حب الأوطان ضد الأديان، ومن يصوب رصاص الغدر فى صدر أخيه المصرى المسلم والمسيحي، ومن يقتل صائماً، ويحرق مسجداً وكنيسة، ولكنهم رحلوا إلى غير رجعة.
لم يكن الغناء ملهاة، ولم تكن الكلمات الوطنية للتسلية، ولكنها ملأت الفراغ الوجدانى لأجيال بأكملها، وعلمتهم حب العلم والنشيد والأرض والسماء والمياه، وشيدت بينهم وبين قوى الشر جداراً عازلاً، واختفى المشككون فى حب الأوطان، وكلما ارتفعت المشاعر الوطنية، انحسرت فى مواجهتها دعاوى الطائفية والتشرذم والتطرف، وهكذا عاشت مصر أياماً حلوة فى رعاية الفن المصرى العريق.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة