كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

المشروعات الكبرى وتطوير رأس الحكمة

كرم جبر

الأحد، 25 فبراير 2024 - 07:11 م

تأكدنا الآن أن المشروعات الكبرى لم تكن ترفيهية، فمرافق البلاد كانت منهارة تمامًا، وغير مهيأة للتنمية، ولم يكن ممكنًا الإقدام على مشروع تطوير رأس الحكمة، بدون المرافق والخدمات التى تم تجهيزها منذ سنوات.


كانت الدولة تخطط لنهضة تنموية شاملة، وجهزت مرافقها لذلك، ولكن تعطل كل شيء بسبب كورونا والحرب الأوكرانية والأزمات المشتعلة سواء فى المنطقة أو فى العالم، وهربت الأموال الساخنة ولم تأت استثمارات جديدة.


وتضخمت المشاكل والأزمات، وعلقها البعض فى رقبة المشروعات الكبرى، وضخمت الانتقادات الشديدة بعض السلبيات، حتى جاء مشروع تطوير رأس الحكمة، ليؤكد أن البلاد لم تضيع وقتًا إلا فى العمل الشاق، وأن الأموال تم إنفاقها فى محلها.
ونسينا أن الأزمات منذ 2011 كانت تشمل كل شيء، من رغيف الخبز حتى مياه الشرب وألبان الأطفال والبوتاجاز والبنزين والكهرباء، ولا توجد سلعة أو خدمة إلا وفيها أزمة.
وكانت السخرية والشماتة هى اللغة السائدة فى وسائل الإعلام فى الداخل والخارج، وكانوا يضخمون حكايات حقيقية أو وهمية عن شهداء الخبز والبوتاجاز، ويسلطون كاميراتهم على الطوابير الطويلة أمام حنفيات مياه الشرب فى القرى والأرياف.
وكانت برامج التوك شو تسرد قصصًا عن انقطاع الكهرباء عن غرف العمليات وحضانات الأطفال فى المستشفيات وطوابير مرضى فيروس سى أمام معهد الكبد، وتوقف الأسانسيرات بين الأدوار فى العمارات، وانهيارات العشش فى المناطق القديمة، وحياة البشر غير الآدمية.
وكانت البلاد بعد 2011 تصعد بسرعة كبيرة إلى الهاوية، وتجثم على صدرها جماعة إرهابية، رهنت بقاءها بتصعيد الأزمات والغضب والاحتجاجات، وابتداع أشكال وألوان للفوضى، فيما يسمى "جمعة الغضب وجمعة الكرامة وجمعة الرحيل"، وغيرها من المسميات.
فهل كان المصريون يتحملون ذلك طويلا فى دولة جريحة تتكالب عليها المؤامرات فى الداخل والخارج، وإعلام عشوائى يشحن الناس بالعصيان؟
دفعت مصر ثمنًا فادحًا لاستعادة الأمن والهدوء والاستقرار، ومكافحة عصابات إرهابية، التى لم تنقطع جرائمها يومًا فى سائر المدن خصوصًا سيناء، والفاتورة مليار دولار شهريًا كان يمكن أن تسهم فى انفراج الأزمات.


أذكر مثلا واحدًا فى سيناء، حيث أحيطت مدينة العريش والمنطقة الحدودية بأسوار أسمنتية بمواصفات خاصة ضد القنابل والمتفجرات، والسور ارتفاعه ستة أمتار فوق الأرض ومثلها تحت الأرض.. وكانت تكلفته تكفى لبناء عدة مدن، ولكن كيف تعمّر سيناء والناس رهائن للإرهاب والإرهابيين؟
كان ضروريًا أن تستمر المشروعات الكبرى التى توفر خمسة ملايين فرصة عمل، وكان البديل هو البطالة والحرمان من الرزق الحلال، وما يتبعه من جرائم واضطرابات اجتماعية.
أُنفقت الأموال فى بناء المدن لإنقاذ الناس من العشش والأكواخ، والطرق والكبارى حتى لا تتحول القاهرة وعواصم المدن إلى مناطق مغلقة، بجانب استصلاح الأراضى والمدن الصناعية وغيرها، ثم تحدث الانفراجة الكبرى فى تطوير «رأس الحكمة» التى كانت البلاد تهيئ نفسها لها.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة