علاء عبدالوهاب
علاء عبدالوهاب


إنتباه

ماذا بقى منها؟

علاء عبدالوهاب

الأربعاء، 06 مارس 2024 - 05:40 م

الإنسان، وليس سواه، إنه الحقيقة والرمز.
يندر أن تشاهد حجرا فوق آخر، فحتى الأطلال لا يمكن أن تسعف قريحة جهابذة الشعر، بيتا فى قصيدة حزينة، لأن ما بقى أدنى من أن يكون أطلالا!
وسط هذه المشاهد المأساوية التى تدمى قلب الحجر والكواسر، تبصره شامخا أبيا، مصرا على التشبث بأرضه، متحديا آلة الدمار الصهيونية بكل وحشيتها، ساخرا من المنافقين أصحاب الوجوه التى تشبه الخنازير، يكيلون بألف مكيال، ولا يكفون عن تأييد القتلة بمزيد من أسلحة الدمار غير المسبوق استخدامها فى ميادين القتال.
الإنسان الغزاوى هو الباقى واثقا فى عدالة قضيته، لا يكف عن الحلم بوطن يستحقه، لا منا أو عطفا أو إشفاقا، وإنما حق مشروع يدفع ثمن تحصيله مثلما كان الاباء، وقبلهم الأجداد يناضلون دون هوادة، ويدفعون اثمانا لا يفكرون لحظة قبل بذلها.
الغزاويون هم الباقون، إنسان استثنائى عبر الأجيال، الطفل، الصبي، الشاب، الرجل، الشيخ، البنت، الابنة، الأخت، الزوجة، وفى قلب كل منهم أم تحتضن فلذات الأكباد، تعلمهم كيف يحتضنون الوطن، مهما عانوا من هوس الصهاينة بالدماء واحترافهم الإبادة الجماعية، وكيف لا يتسرب إليهم إحساس بالضآلة أو اليأس.
الإنسان الغزاوى سيظل الباقي، عبر إصرار لا يلين، وبصدور عارية، وقلوب لا تعرف الوجل، متحديا الاجتياحات الهمجية، والغارات جوا وبحرا، يتحرك حين ينجو من الشمال إلى الوسط، ثم يتكدس مع رفاق الظلم والعدوان والمعاناة، فى الجنوب، لكنه لا يكف عن التحدي، متسلحا بالأمل فى شمس يوم جديد، ينال فى ظلها حقوقه السليبة.
لكن ثمة حقيقة يتواطأ فيها الإعلام الغربى المهيمن، مع ما تروجه آلة الدعاية الصهيونية المتفوقة على الدعاية النازية، بإدعاء أن شمال غزة صار مهجورا، فالحقيقة أن كثيرين من أهل الشمال مازالوا هناك بين الاطلال، وبعضهم يقاوم دون يأس.
الإنسان، وليس سواه فى غزة باق رغم كل المعاناة من الوحشية والظلم، وغياب أبسط مقومات الحياة، باق مرفوع الرأس، لم ينل من شموخه أو كرامته عدو أو متواطئ، فاستحال كل غزاوى أسطورة فى زمن تصوروه بلا أساطير.
من أى سبيكة هذا الإنسان العصى على الانكسار، الرابض حيث هو، الرافض للتهجير والنفى بما يفوق خيال الجميع، ومازال يرنو لغد ينال فيه حقه ولو طال الأمد.
بقى من غزة إنسان عنوان للصمود.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة