حامد أبو المجد
حامد أبو المجد


 «ولو بعد حين» قصة قصيرة للكاتب الدكتور حامد أبو المجد

صفوت ناصف

الجمعة، 08 مارس 2024 - 04:54 م

 بينما أسير في منامي بإحدى الطرق، ومعي حقيبتي بها أوراق وقضايا، فإذا بامرأة تنادي، فظننت أنها طالبة إحسان، أو لها حاجة؛ فذهبت لها، فوجدتها سمينة الجسم بيضاء الوجه  صفراء الأسنان تآكل بعضها من جانبها الأيمن، غليظة الشفاه والأنف،  كثيفة الحاجبين، ترتدي جيبة أشبه بالجلباب اتساعا، لكنها قصيرة تكشف عن ساقين كالكتل الخشبية ضخامة، ولها صدر واسع متهدل لا تسعه حمالة صدر، فيصنع مع بروز البطن هضاب متوالية، بينها سهول، لذا ظهرت البلوزة وكأنها عاجزة عن احتواء تلك التضاريس المتباينة، تريد أزرارها أن تفر من عراويها، وترتدي شرابا متهدلا على ساقيها، يعكس وضاعة منزلتها الاجتماعية، وتجلس على قارعة الطريق، ومعها شابان مقيدان من أيديهما، أحدهما يرتدي نظارة طبية تحتها عيون ضيقة، وبظهره تحدب بارز  لكن له أذن حمار؛ فتعجبت من منظره، ولعابه يسيل على ذقنه الحليق، يشد أذنه الأيمن ويلطم خده الأيسر تارة،  ويشد أذنه الأيسر ويلطم خده الأيمن تارة أخرى، ويفتح فمه فيصدرعنه نهيق كنهيق الحمار.

وأما الآخر فكان من ذوي الحالات الخاصة المعروفة بحالة داون، فقلت لها ما تريدين؟

قالت: أريد أن أرفع قضيَة على زوجي الميسور، الذي تركني أقاسي الحياة، وأمد يدي للحلال والحرام، فلم أترك من الحرام شيئا إلا فعلته؛ لأنفق على علاج الطفلين، وكنت أعمل مديرة مؤسسة تعليمية بإحدي الإدارات، لعبت في الفواتير وسحبت أموالها، وفلوس المجموعات جدولتها لحسابي، واشتريت أطقم لم أحلم بها، حتى أبواب المدارس والكتب المدرسية بعتها بالكيلو لتجار البيكيا، وتلاعبت في نتائج الامتحانات لدرجة أن سعرت النجاح في المادة الواحدة بـ٧٠٠ج .

أما فلوس الميزانية التي يسمونها اللامركزية ساومت عليها المقاولين قبل ما يعملون الفواتير، وكنت أحصل علي المال حقي قبل الصنايعية. أخفت مني رجال بشوارب وشهدوا زور ضد من يقف في طريقي، فمنهم من فتحت صدري عليه واتهمته بالتحرش، ومنهم من أهنته، ومنهم من نقلته ظلما بل وصلت بي الجرأة أن أعمل قعدات خاصه لسندي ورجالي، ومن يساعدونني ورقصت لهم في بيتي، ولما ضاق بي زوجي هجرني لسوء طبعي، واستسلامي لرغباتي مع يسره وكرمه، ولم يدر بخلده مدى مقتي لجنسه، وإذلالي لهم وهم يبيعون أنفسهم ودينهم تنفيذا لرغباتي وأجردهم من ملابسهم لأعريهم أمامي، وهذه نتيجة ما فعلت، ذهب شبابي وزهدني من ذاقني، وعوقبت بشابين أربطهم ليل ونهار، عينتهم بعلاقاتي العاطفية من نسبة المعاقين معي مدرسين، أسحبهم ليل ونهار لو تركت الحمار منهما ينهق، ولو سبت الثاني يجري زي كالرهوان، ويصطدم بالحيطان، ويرجع غرقان في دمه، أو يضحك عليه الأولاد ويشربونه سجاير ملفوفة ويأتون به للبيت مسطولا من أجل أن يرون جسمي ولحمى، ورفعت يديها لأعلى، فرأيت مخالبا بدل الأظافر، وضحكت ضحكة مجانين؛ فجريت وصحيت، واستعذت بالله من الشيطان الرجيم.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة