أحمد جلال
أحمد جلال


صباح جديد

رسائل الرئيس فى يوم الشهيد

أحمد جلال

الأحد، 10 مارس 2024 - 09:25 م

التاريخ سوف يحكى كيف كان العبور بمصر إلى بر الأمان صعبًا وقاسيًا

لكل وطن علامة، وفى مصر - الوطن - علامة النصر صنعتها وحدة جيش قوى، جنوده خير أجناد الأرض، يأتون بالنصر كل وقت ولا يعرفون أبدًا معنى الانكسار، بين كل انتصار وانتصار يأتون بنصر جديد، وما أعظم انتصارات قوات مصر المسلحة، دائمًا تصنع المستحيل، تنسج خيوطه ليقف العالم بأسره أمامها يلقى التحية - تعظيم سلام - وسلامًا لجيش بلادى مصدر فخر الوطن وعزة شعبه.


سوف يظل التاريخ يسطر الحكايات أبد الدهر، يحكى للعالم أجمع أسطورة العسكرية المصرية وعظمة جيش خُلق لينتصر، يصنع الإرادة حين يريد ويؤمن جنوده برب يفعل ما يريد.. ورب السماوات والأرض كتب لهم فى اللوح المحفوظ سجل الخلود، فعاشوا للوطن علامة بالنصر وهم له منتصرون.
أول أمس احتفلنا جميعًا بيوم الشهيد الذى يوافق التاسع من مارس كل عام، ما أعظم هذا الأسبوع فى نفس كل مصرى، فقد بدأ بيوم الشهيد ويتوسطه بداية شهر رمضان المعظم، صباح ذلك اليوم لبَّيتُ دعوة كريمة لحضور احتفال القوات المسلحة بذكرى يوم الشهيد، والتاسع من مارس هو اليوم الذى تصادف فيه استشهاد الفريق أول عبد المنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة على جبهة القتال وهو يتابع موقف إعادة بناء القوات المسلحة عقب نكسة الخامس من يونيو، ولذلك وقع الاختيار على ذلك اليوم لنحتفل فيه بشهدائنا الأبرار الذين لم يسقطوا بل ارتفعوا إلى عنان جنات الخلد.
وبعيدًا عن المشهد المهيب الذى اصطفت فيه أسر الشهداء المكرمين منذ الصباح الباكر، فإن حديث الرئيس السيسى كان به العديد والعديد من الرسائل التى تجيب عن العشرات من الأسئلة التى تدور فى خلد ووجدان الشارع المصري، كانت الرسالة الأولى - من وجهة نظرى - عندما أكد الرئيس أن التاريخ سيتوقف طويلاً أمام معجزة كبرى حققها المصريون، خلال السنوات الماضية، حيث أنقذوا وطنهم العريق من السقوط فى براثن الإرهاب وجماعات الشر والتطرف، وصمدوا فى وجه إعصار التمزق والانهيار والفوضى الذى ضرب جميع أرجاء الإقليم الذى نحيا فيه، وفى ذات الوقت شيدوا وعمروا بلادهم ووضعوا أساسًا لاقتصاد وطني، قادر على التصدى للأزمات ولن يمضى وقت طويل «بإذن الله» حتى ينعم المصريون بحصاد جهدهم واستثمارهم فى مستقبل هذا الوطن.


الرسالة الثانية كانت موجهة إلى فلسطين الحبيبة حين قال إن العالم يشهد منذ شهور مأساة كبرى فى فلسطين حيث يسقط آلاف الشهداء ويتعرض الأحياء منهم لمعاناة إنسانية غير مسبوقة، وأن مصر تبذل أقصى ما تستطيع من جهد وطاقة لحمايتهم وإغاثتهم عن طريق وقف إطلاق النار، وإنفاذ المساعدات لهم، وإلى الشعب الفلسطينى فقال: نتوجه اليوم إلى الشعب الفلسطينى كله، المرابط على أرضه، والصامد فوق ترابها بتحية تقدير وإجلال ونقول لهم: «إن مصابكم مصابنا وألمكم ألمنا وإن مصر لن تتوانى عن مواصلة العمل لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات وإغاثة المنكوبين من هذه الكارثة الهائلة ولن تتوقف مصر عن العمل مهما كان الثمن من أجل حصول الشعب الفلسطينى الشقيق على حقوقه المشروعة فى دولته المستقلة».
الرسالة الثالثة كانت لأبناء الوطن حين قال رئيسهم: رفضنا التهجير لسيناء، ولا نفرط فى أرضنا وسنحميها بحدودها المتوارثة من آلاف السنين، وهذا حق الشهداء علينا.


لكن أكثر ما لمس قلبى ووجدانى وعقلى وجعلنى أخلو إلى نفسى بمجرد دخولى إلى مكتبى وأمسك بقلمى وأجمع أوراقى عندما قال الرئيس: «سيحكى التاريخ يوماً كيف كان العبور بمصر وشعبها، من حافة الخطر والفوضى والضياع، إلى بر السلامة والأمان والاستقرار صعبًا وقاسيًا، كم كان الثمن المدفوع من دماء أبنائنا غاليًا وعزيزًا وكم كان حجم العمل، والصبر، والجَلَد، وإنكار الذات كبيرًا فوق التصور».


لديك كل الحق سيدى الرئيس، فإن أعظم ما فى مصر هو جيشها، مصدر قوتها وعزتها واستقرارها وأمنها، صنع لها النصر حين حل الانكسار، حين وقف الوطن على شفا الانهيار، وساد الوهم يشيع ينشر الإحباط، وهرب الأمان يومًا وأعادوه لقلوب مرتجفة واختفى الاطمئنان يومًا وأحيوه فى نفوس متعبة، رجال مصر وحراسها يبذلون النفس ليعيش الناس، ليستقر الأمن بين الناس، ليأمن كل مواطن على حياته، تُزهق أرواحهم - شهداء- فداء الوطن يقدمونها لتحيا مصر وتزدهر، يقدمونها عن طيب خاطر، فليس منهم من يخشى الخطر أو الموت شهادة فى سبيل الوطن وعيونهم باتت تحرس فى سبيل الوطن.
كيف تكون الحياة إذا غاب عن الوجود فيها رجال بواسل يفترشون طريق الخطر ما بين عشية وضحاها، يودعون أهلهم فربما يد غادرة خائنة تمتد نحوهم فى ظهورهم فلا يعودون لأحبابهم، كُتب لهم أجر شهيد، فاضت أرواحهم حتى ينعم الناس بالحياة الآمنة، فرسان هم دائمًا فى عز الخطر، كيف تكون الحياة وهم يعطون للحياة طعمًا ولونًا، كيف إذا اختفى من فوق ظهرها رجال بواسل فكيف تكون الحياة إذًا؟!، هم حصن الحياة المنيع، فى وجودهم تسكن الطمأنينة النفوس وتستقر، ما غاب واحد منهم عن الوجود وكيف للوجود بهم أن يكون؟!
وفى النهاية تمضى السنون وترحل الأيام وإن بعدت تبقى الذكرى فى قلوب المصريين لا تغادرها وهم يعلمون يقينًا حجم تضحيات رجال الجيش البواسل فى كل محنة يمر بها الوطن، لم يتركوه أبدًا وحيدًا ينهش جسده الخونة ويصبح مصيره مظلمًا دائمًا ما طاردهم البواسل فى كل مكان حتى اجتثوا جذورهم من باطن الأرض الطيبة، كثيرون استشهدوا ليعيش الوطن يشيع فيه الأمن ويغمره الأمان، وقد مرت مصر بفترات عصيبة لم تنكسر فيها إرادة رجال الجيش والشرطة، ظلوا مرابطين فى الأرض ليحافظوا على وطن تضربه أحداث جسام فظل الوطن بعطائهم صلبًا قويًا لا تهدده مؤامرات تحاك ضده.
تضحيات عظيمة قدمها الرجال البواسل الأقوياء على مدى الدهر، وقع فيها الوطن فريسة لأحداث عصيبة ووقفوا صفًا واحدًا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضًا حتى عبرت مصر الشدائد وتجاوزت ظلمات الأيام ونهضت من كبواتها.


تحية لكل شهدائنا الأبرار بمداد السماوات والأرض محبة تفيض وعرفان بعطاء غير محدود، وتحية بريحان الجنة لكل بطل كتب الله له الشهادة فى سبيل الوطن، وتحية لكل عين باتت تحرس فى سبيل الوطن.

تحرير الجنيه.. الخير قادم

الأربعاء الماضى اتخذت لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزى قرارًا أعتبره تاريخيًا - من وجهة نظرى المتواضعة - إذ يتيح ذلك القرار تحديد سعر صرف العملات الأجنبية أمام الجنيه حسب العرض والطلب داخل البنوك والقنوات الشرعية المنوط بها التعامل فى النقد وفقًا لأحكام القانون، وهو ما يطلق عليه رجال المال والأعمال، الاقتصاد المرن أو التداول المرن للعملة الوطنية.


ودعونى أعدد لكم بعض المكاسب التى بنيت عليها موقفي، واعتبرت أن هذا القرار تاريخي، أولاً فقد قضى هذا القرار على السوق الموازية للعملة، واختفى عمالقة السوق السوداء الذين تاجروا بأحلام وتطلعات المصريين منذ شهور عدة، وأساءوا استخدام ما تحت يدهم من تدفقات نقدية وتلاعبوا بالأسواق والسلع وروعوا الآمنين وحرموهم من خيرات وطنهم الوفيرة.


وثانى الأسباب أن المسئولين عن ملف السياسات النقدية استطاعوا فى نفس اليوم إبرام الاتفاق مع صندوق النقد الدولى ورفع قيمة القرض الميسر الممنوح للدولة المصرية من ٣ إلى ٨ مليارات دولار بناء على بعض المحددات، منها زيادة الاحتياطى النقدى من العملة الصعبة، وخفض الدين المحلى والأجنبي، وضمان تدفق استثمارات أجنبية مباشرة بصورة كبيرة خلال الفترة المقبلة، واستهداف معدل نمو للاقتصاد المصرى بأرقام عالية؛ وتخفيض التضخم، وتوافر فرص عمل للشباب، وذلك كله جنبًا إلى جنب مع برامج الحماية الاجتماعية.


وثالث سبب - والذى أعتبره الأهم - أن الوصول إلى سعر صرف مرن سوف يساعد الدولة المصرية فى تحقيق هدفها أن يكون القطاع الخاص هو المساهم الأكبر فى إجمالى الاستثمارات الكلية، ذلك لأن القطاع الخاص يخلق فرص عمل أكثر، ويشجع ويجذب الاستثمار الأجنبى للاقتصاد المصري، ولذلك توافقت الحكومة أن يكون هناك سقف للاستثمارات العامة من كل جهات الدولة، ويتم إعطاء المساحة للقطاع الخاص ليقود ويزيد من مساهماته فى إجمالى الاستثمارات، خلال العام المالى ٢٠٢٤ - ٢٠٢٥ وحدد السيد رئيس الوزراء سقفًا لإجمالى الاستثمارات العامة الكلية بكل جهات الدولة، بما لا يتجاوز الـ «تريليون جنيه».


السبب الرابع سوف تتمكن بلادى من التقدم لصندوق الاستدامة البيئية، المعنى بملف التغيرات المناخية، لكى تحصل على قرض آخر فى حدود 1 أو 1.2 مليار دولار، كما سيتمكن باقى شركاء التنمية وعلى رأسهم البنك الدولى والاتحاد الأوروبى من توفير قروض ميسرة للدولة المصرية، بحيث نكون بصدد برنامج متكامل بأرقام كبيرة تُمكن الدولة من الاستقرار النقدى والاستمرار فى برنامج الإصلاحات الهيكلية.


وبعيدًا عن لغة الأرقام الصماء التى قد تصيبها الصلابة فى بعض الأحيان، فإن قرار تحرير سعر الصرف وجعل الجنيه مرنًا أمام سلة العملات، سوف يتيح تدفق البضائع وخروجها من الموانئ بشكل طبيعي، وسوف يزيد المعروض من تلك السلع، ويقلل المضاربات عليها، ويقضى على جشع التجار نتيجة وفرة المنتجات، وكل ذلك سوف يؤدى فى النهاية إلى خفض الأسعار أمام المواطن العادى، وسيستطيع أن يلبى احتياجات أسرته وينعم برخاء وطنه، لكن على الحكومة - وأنا على يقين فى أنها ماضية فى تحقيق ذلك - أن تراقب الأسواق بصرامة، وتضرب بيد من حديد على أيدى المتلاعبين بأقوات وأرزاق المصريين.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة