فيصل مصطفى
فيصل مصطفى


فيصل مصطفى يكتب: ترضية «أممية» للعرب

بوابة أخبار اليوم

الخميس، 28 مارس 2024 - 12:36 ص

قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بوقف إطلاق النار بين الإسرائيليين والفلسطينيين فى غزة لا يقدم ولا يؤخر ، فهو قرار غير قابل للتنفيذ ، ولكنه يشكل في مضمونه وجوهره ، ترضية للعرب وتهدئة للرأي العام العالمي ، قرار يتضمن وقف إطلاق النار خلال المتبقي من شهر رمضان ، وهو أقل من أسبوعين ويشمل أيضا قيام المقاومة الفلسطينية بتسليم كل ما لديها من رهائن وأسرى دون مقابل ، أي أن القرار الذي يشكل ترضية معنوية للعرب وللفلسطينيين ، هو في حقيقة الأمر يقدم خدمة استراتيجية كبرى لإسرائيل ، متمثل في حصولها على الرهائن والأسرى دون مقابل ، وهو أمر أقرب إلى العبث منه إلى الجد ، وبالتأكيد و بالطبيعي وبالمنطق ، فإن هذا القرار لم ولن يُنفذ ، ويضاف إلى سلسلة القرارات العديدة التي صدرت من هيئة الأمم المتحدة فيما يخص الصراع العربي الإسرائيلى من عام 1948 وحتى يومنا هذا.

تلك القرارات التي بلغ عددها 85 قرارا ليكون قرار مجلس الأمن الجديد هو رقم 86 في سلسلة القرارات التي تصدر لصالح العرب ، ولو من حيث الشكل ، ولكنها غير قابلة للتنفيذ ، ولا تُنفذ وتُوضع في المتحف أو في الأرشيف . 
قرار مجلس الأمن الأخير ، والذي اعتبره سكرتير عام الأمم المتحدة إنجاز كبير ، للأسف الشديد  لم يقدم أي جديد على الإطلاق ، ولم يسفر عن وقف نزيف الدماء . 


إذا كان هناك قدر ولو محدود من الجدية فيمن أصدر هذا القرار ، كان يجب أن يشمل وقف دائم ومستدام لإطلاق النار ، وكان يجب أن يشمل اتفاق معلن ومحدد لتبادل الأسرى والرهائن ، وكان
من المفترض أن ينص أيضا على ضرورة انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلية من قطاع غزة ، كل هذه الأمور لو جاءت في صُلب القرار ، لأكدت جديته ومصداقيته.

 
وربما كان هذا هو السر في موقف الولايات المتحدة الأمريكية ، التي اكتفت بالامتناع عن التصويت ، ولم تستخدم حق الفيتو ، وهو أمر طبيعي ، فلماذا تستخدم الفيتو والقرار ينص على قيام المقاومة الفلسطينية بتسليم كل ما لديها من أوراق ضغط ، والمتمثلة في الأسرى والرهائن إلى إسرائيل بلا قيد ولا شرط ؟ أى أن القرار ، يعتبر المقاومة وقياداتها مجموعة من البلهاء ، لو وافقوا على هذا البند المضحك .
والأسوأ من ذلك ، أن هذا القرار ، الذي رحب به الرأي العام العالمي على أساس أنه قد يكون بداية للحل ، تم وضعه ضمن الفصل السادس ، وليس السابع .


 و الفصل السادس ، كما نعلم جميعا ، طبقا لميثاق الأمم المتحدة ، هو غير ملزم وليس بالضرورة يكون قابلا للتنفيذ ، بينما لو كانت هناك جدية حقيقية ، لتم وضع هذا القرار في الفصل السابع الملزم للجميع ، والذي ينص على اتخاذ عقوبات قاسية في حالة عدم الالتزام بتنفيذ القرار ، وهي عقوبات قد تصل إلى حد استخدام القوة على غرار ما تم بالفعل مع العراق وليبيا  ، وهذا هو كان من المفترض أن يتم مع إسرائيل أو على الأقل الحد الأدنى فرض عقوبات عليها ، لكن هذا بالتأكيد لم يحدث ولن يحدث ، لأنه في النهاية كما قلت أن القرار صُنف ، وتم وضعه وإدراجه في الفصل السادس وليس السابع وبالتالي كأنه لم يكن .


عموما التعامل بهذا الاستخفاف مع قضية من أخطر القضايا المثارة الآن في العالم ، والتي وصل عدد شهدائها وجرحاها إلى ما هو أكثر من    100,000 شخص ، لا يبشر بالخير ، ويُدخلنا في دائرة جهنمية خطرة ، تهدد الجميع بلا استثناء خاصة وأن إسرائيل مصممة على اقتحام رفح . 
صحيح أن التوقيت غير معلن ومحدد.


ولكن قرار الحرب أُتخذ ، ويبقى تحديد موعد التنفيذ ، وقد يقول قائل أنه قد يكون في نهاية رمضان ، وقد يقول آخر إنه قد يكون مع بداية العيد ، وقد يقول رأي ثالث إنه قد يكون بعد انتهاء العيد مباشرة ، لكن أيا كان الأمر ، فالكارثة قادمة ، برغم أن إسرائيل ليست ساكتة ، فهي تمارس القصف الجوي والغارات اليومية على مدينة رفح وتهدم الكتير من منازلها ومساجدها ومستشفياتها ، لكي يتم تحقيق الاقتحام حسب ما تتخيل  وتتصور إسرائيل بأقل قدر ممكن من الخسائر والمقاومة.


ولكن بالطبع ، فالحسابات خاطئة تماما ، فما يحدث الآن من قتال ومقاومة في الوسط والشمال ، وفي كل المناطق المتواجدة فيها إسرائيل ، و يدور فيها القتال يوميا ، وكأنها ليست محتلة لهذه المناطق ، يؤكد أن التفكير الإسرائيلي فيما يخص رفح هو قمة العبث ، فضلا عن أن هذا الأمر لو تم فإنه سوف يُدخل المنطقة والشرق الأوسط والعالم كله إلى مستنقع شديد الخطورة ، فيه كل الاحتمالات مفتوحة بلا استثناء ، وبالتالي فإننا في لحظات تاريخية صعبة .
[email protected]

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة