مشاركة الرئيس في القمة الإفريقية الروسية
مشاركة الرئيس في القمة الإفريقية الروسية


من «قمة العشرين» إلى عضوية «بريكس»| نجاحات الدبلوماسية المصرية تفرض نفسها عالميًا

آخر ساعة

الثلاثاء، 02 أبريل 2024 - 10:52 م

■ كتب: أحمد جمال

النجاحات التى حققتها الدبلوماسية المصرية خلال العقد الأخير منذ أن تولى الرئيس عبدالفتاح السيسي مقاليد الحكم، ترسم ملامح الدور المصرى الفاعل خلال السنوات المقبلة، مع الإعلان عن تدشين الجمهورية الجديدة، بعد أن فرضت مصر بسياستها المتزنة نفسها على المجتمع الدولى وتعاظمت الأهمية المحورية للدور المصرى فى جملة من الملفات الإقليمية والدولية.

أولى الرئيس عبدالفتاح السيسي، اهتماماً فاعلاً نحو تعظيم الحضور المصري فى المحافل الدولية، ويعد أول رئيس مصرى يشارك فى 6 اجتماعات متتالية للجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك، وكان اختيار مصر عضواً غير دائم فى مجلس الأمن فى عام 2015 تأكيداً على الاقتناع بالركائز التى وضعتها الدولة المصرية فى حقبة الرئيس السيسي للتعامل مع القضايا الدولية، وهو ما ترك آثاره الإيجابية على قدرات مصر للدخول كطرف فاعل للوصول إلى حلول بشأن العديد من الأزمات الإقليمية.

يمكننا التعرف على أبرز تلك الركائز التى حصدت مصر نتائجها مؤخراً عبر دعوتها للمشاركة فى قمة العشرين التى انعقدت بالعاصمة الهندية نيودلهى فى سبتمبر من العام الماضى إلى جانب حصولها على عضوية مجموعة "بريكس" مطلع هذا العام، والتى تتمثل فى دعم الدولة الوطنية بكل مؤسساتها على المستوى العالمى، إذ بنت مصر رؤيتها على أن المجتمع الدولى وعاء عام لإطار الدول ومؤسساتها الوطنية التى تحافظ على بقائها موحدة.

أثبتت مصر خلال العشر سنوات الماضية احترامها للقانون الدولي، ويعد الرئيس عبدالفتاح السيسي، من أكثر الزعماء الذين دائمًا ما يشددون على أهمية احترام القانون الدولى ويطبق ذلك على علاقات مصر الثنائية أو عبر العلاقات المتعددة الأطراف.

دعمت مصر أيضَا الحلول السياسية والسلمية، ولم تنخرط فى أى من الصراعات المحيطة بها منذ 2011، رغم المغريات ومحاولات دفعها لأن تكون طرفًا مع هذا الطرف أو ذاك ليثبت بعد ذلك صوب رؤيتها التى مكنتها من لعب أدوار إيجابية للتهدئة من وتيرة الصراعات فى كلٍ من سوريا وليبيا واليمن كما ساهمت بقدر كبير إلى إحباط محاولات التصعيد فى منطقة شرق المتوسط ولعبت دورا محوريا فى تأمين مضيق باب المندب، إلى جانب الدور الأكثر فاعلية فى القضية الفلسطينية، كما بذلت مصر من خلال الجامعة العربية محاولات عديدة للوساطة بين روسيا وأوكرانيا لإنهاء الحرب الدائرة الآن ولقيت ترحيبًا من كافة الأطراف المتصارعة.

كما تلتزم مصر بكافة السبل القانونية التى تضمن حقوقها المائية وقدمت بوادر حسن نية عديدة للتأكيد على أنها لا تعارض رغبة إثيوبيا فى التنمية من خلال سد النهضة وعملت على أن تضع المجتمع الدولى أمام مسئولياته كاملة بما يتيح لها القدرة للدفاع عن مصالحها القومية بالطرق التى تراها مناسبة بما لا يهدد الأمن المائى وعمدت خلال السنوات الماضية على تعزيز الشراكة مع الدول الإفريقية لتعظيم أوجه التعاون الاقتصادى وهو ما لقى ردود فعل إيجابية على المستويين الأفريقى والدولى وجعل مصر لأن تكون بمثابة ممثل لإفريقيا أمام العديد من المحافل الدولية.

◄ حكمة الرئيس تجنب مصر نيران الحـروب غربا وجنوبا

تدخل مصر الجمهورية الجديدة بينما تستمر الصراعات من حولها على الحدود الجنوبية والغربية فى السودان وليبيا حيث تمثل شرارة نيران تهدد الأمن القومي المصري، وهو الأمـــر الــذى تطلب ويتطلب حنكة دبلوماسية وسياسية وأمنية للتعامل مع طبيعة الصراع فى كلتا الدولتين، وقد استطاعت مصر بفعل سياساتها ومواقفها القوية أن تحظى باحترام كافة الأطراف التى تأكدت من أن القاهرة ليس لديها أى مصلحة فى تغذية الحروب بعكس أطراف إقليمية ودولية عديدة سعت منذ اللحظات الأولى لاندلاع الحروب هنا وهناك للحصول على كعكة تعزز بها نفوذها الخارجى.

■ إعلان القاهرة ٢٠٢٠

على مدار العشر سنوات الماضية ظهرت حكمة الرئيس السيسي في التعامل مع كلا الصراعين فى قدر كبير من مبادرات الحل التى طرحتها مصر، كما ظهرت قوة الدولة المصرية فى وقوفها حائط صد أمام أطماع خارجية هدفت لتوظيف حالة الفوضى التى تعانيها هاتان الدولتان بفعل الحروب والنزاعات التى تكون بمثابة مدخل لوضع قدم للاستفادة من آبار النفط وغيرها من الخيرات التى تشكل مغريات لقوى إقليمية ودولية تحاول الانقضاض عليها والاستيلاء عليها بالقوة، وإن كان ذلك عبر سبل وطرق غير مباشرة تتمثل فى تأزيم الحلول السياسية وعرقلتها.

إذا نظرنا للأزمة الليبية فإن مصر لم تتوان منذ أن تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مقاليد الحكم عن المشاركة بفاعلية فى كافة تفاعلات المشهد الليبى وسعت لدفع وكلاء الخارج لخفض التصعيد بما ينعكس إيجابًا على الوصول إلى نقطة إجراء الانتخابات وتشكيل حكومة موحدة، بل إن مصر استضافت العديد من المبادرات وسعت أيضًا لتحقيق تلك الأهداف لعل أبرزها إعلان القاهرة الصادر فى 2020، إلى جانب استضافة اجتماعات "5+5" العسكرية.

وفيما يتعلق بالأزمة السودانية فإن الموقف المصرى منذ اندلاع الحرب الحالية بين الجيش وقوات الدعم السريع جاء سريعًا ومواكبًا للتطورات السريعة التى قادت للحرب بعد التوقيع على الاتفاق الإطارى الذى كان من المفترض أن يقود لتشكيل حكومة مدنية وبناء جيش موحد تندمج داخله قوات الدعم السريع، وبعد ساعات من اندلاع المعارك أكدت مصر على رفضها التدخل فى شئون السودان الداخلية، وفى الوقت ذاته بدأت مباشرة فى إجراء اتصالات مع كافة الأطراف السودانية والإفريقية والعربية والدولية لوقف الحرب.

وبالتزامن مع ذلك سمحت مصر بدخول مئات الآلاف من السودانيين إلى أراضيها للتخفيف عليهم من حدة الأضرار التى لحقت بهم جراء اندلاع الاشتباك فى مناطق مدنية بدأت من العاصمة الخرطوم.

◄ مصر في قلب إفريقيا

لم تكن العلاقات المصرية الإفريقية في أفضل صورها حين وصل الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى سدة الحكم قبل عشر سنوات، تحديداً مع تعليق عضوية مصر بالاتحاد الإفريقى فى أعقاب ثورة 30 يونيو، لكن سرعان ما نجحت الدبلوماسية الرئاسية فى تحويل دفة الموقف بوجه عام، عبر التحرك فى مسارات مختلفة كانت بمثابة إعادة لصياغة مجمل العلاقات لتظهر مصر، وهى على أعتاب جمهوريتها الجديدة، بوجه جديد يعيد زخم العلاقات من خلال دعم حركات التحرر فى ستينيات القرن الماضى، لتصبح فى قلب القارة السمراء وبوابة للدفاع عن المصالح الإفريقية فى المحافل الدولية.

بنى الرئيس عبدالفتاح السيسي الدبلوماسية المصرية تجاه إفريقيا وفقًا لأسس محددة على رأسها الاعتزاز بالهوية الإفريقية والعمل على إعادة مصر لمحيطها الإفريقى ووضح ذلك من خلال تعزيز العلاقات مع غالبية دول القارة فى كافة المجالات وبناء أسس العلاقات الخارجية المصرية انطلاقًا من كون القاهرة بوابة استثمارية واقتصادية وأمنية للقارة السمراء، وهو أمر قدرته الدول الإفريقية التى أجمعت على أن تكون مصر ممثلة للقارة عبر استضافة الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر المناخ «كوب 27»، وبرهن ذلك على حجم الثقة والآمال العريضة التى تعولها إفريقيا على القيادة المصرية.

■ الرئيس في القمة الإفريقية

لم يكن التقارب المصري الإفريقي قائمًا على تحقيق مصلحة منفردة، ورفعت مصر شعار «التنمية والأمن والتكامل الإقليمى» فى كافة المباحثات التى أجراها الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال أكثر من ثلاثين زيارة إلى دول القارة إلى جانب عشرات الزيارات الأخرى التى قام بها قادة أفارقة إلى مصر خلال السنوات الماضية، وبدا واضحًا أن التحرك المصري لم يقتصر على قطر أو بقعة جغرافية بعينها قريبة من محيطها الإقليمى بل إنها انفتحت على أقطاب مختلفة ووصلت إلى مناطق جيوسياسية جديدة لم تكن حاضرة فى دائرة التحركات المصرية الخارحية.

وعززت مصر علاقاتها مع دول منطقة القرن الإفريقى وشرق إفريقيا ودول حوض النيل ودول وسط إفريقيا ودول الجنوب الإفريقى ودول غرب إفريقيا، وقدمت رؤية عامة مفادها أن الاستفادة من الموارد الطبيعية التى تتمتع بها الدول الإفريقية وفى مقدمتها الأنهار التى تمر من خلالها يجب أن تكون محل تعاون وتنمية مستدامة تعمل على توفير حياة لائقة لشعوب القارة الإفريقية.

◄ اقرأ أيضًا | كيف نجح الرئيس في إدارة مشهد السياسة الخارجية؟.. أشرف سنجر يوضح

وعلى الجانب السياسى والأمنى قدمت مصر خبراتها فى التعامل مع التدخلات الخارجية ومكافحة الإرهاب وعمدت على تقديم الدعم اللوجستى والمعلوماتي في المجالات الأمنية العديدة، وعملت على نقل خبراتها إلى الجيوش والأجهزة الأمنية للتعامل مع التهديدات المحيطة بها تحديداً فى ظل موجات الإرهاب المتصاعدة التى تعرضت لها دول القارة خلال العقد الأخير.

وخلال السنوات العشر الماضية نجحت مصر في تبوُّء قيادة العديد من المنظمات والهيئات الإفريقية، حيث تسلمت مصر رئاسة مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقى فى أكتوبر 2020، وقامت بقيادة أعمال الجهاز الإفريقى الرئيسي المعنى بموضوعات السلم والأمن فى القارة الإفريقية، وضم برنامج رئاسة مصر للمجلس عدداً من الموضوعات التى تحتل أهمية خاصة ومُلّحة لدى الاتحاد الإفريقى ومصر، بما يمثل فرصة لتعزيز وتنسيق المواقف الإفريقية المشتركة فى العديد من الملفات الحيوية.

وعكست رئاسة مصر للمجلس حجم اهتمامها الكبير والثابت بقضايا مكافحة الإرهاب والتطرف بإفريقيا وحول العالم، ومن هذا المنطلق خصصت جلسة لمناقشة ظاهرة المقاتلين الإرهابيين الأجانب وخطورة تأثيراتها على حالة السلم والأمن بالقارة، فضلاً عن عقد جلسة أخرى للنظر فى سبل تفعيل مقترح استحداث قوة إفريقية لمكافحة الإرهاب كجزء من القوة الإفريقية الجاهزة، والذى كان رئيس الجُمهورية قد طرحه مع ختام رئاسته للاتحاد الإفريقى بناء على طلب القادة الأفارقة، كما أعطت الأولوية الرئيسية التى تمنحها الرئاسة المصرية للمجلس لملف إعادة الإعمار والتنمية فى مرحلة ما بعد النزاعات، خاصةً مع تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى ريادة هذا الملف على المستوى القارى.

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة