جلال عارف
جلال عارف


في الصميم

جلال عارف يكتب: أي تغيير بعد المكالمة العاصفة؟!

جلال عارف

السبت، 06 أبريل 2024 - 08:11 ص

عندما أبدى الرئيس الأمريكى «بايدن»، غضبه الشديد بعد المجزرة التى ارتكبتها إسرائيل بحق العاملين فى المنظمة الإنسانية الدولية «المطبخ الدولي» فى غزة.. كان لافتا أن كبار مساعديه والمتحدثين الرسميين باسم البيت الأبيض والخارجية الأمريكية تعاملوا مع الأمر على أنه «غضب عابر»، وأن المجزرة ستمر مثل غيرها  من المجازر التى ارتكبتها إسرائيل. وتوالى التأكيد منهم على أمرين: أن سياسة أمريكا لن تتغير تجاه إسرائيل، وأن إسرائيل لم تنتهك فى كل ما فعلت القوانين الدولية!

هذا التخبط تم حسمه لدرجة كبيرة بعد المكالمة الصاخبة والغاضبة من بايدن لنتنياهو أول أمس والتى شهدت تشددا غير مسبوق من جانب بايدن يعكس الاحباط المتزايد من سياسات نتنياهو التى لم تعد الإدارة الأمريكية قادرة على تحمل نتائجها. ولأول مرة يتحدث بايدن بهذا الوضوح مؤكدا أن الهجوم على العاملين فى المجال الإنساني، والوضع الإنسانى بشكل عام فى غزة غير مقبول «وهو ما يعنى رفض تبريرات إسرائيل لجرائمها. وهو ما يضع حدا فاصلا مع ما كان ساريا فى اعتماد الروايات الكاذبة من جانب إسرائيل والدفاع عنها، والتأكيد على أن كل ما تفعله إسرائيل قانوني!

ولأول مرة أيضا يتحدث بايدن عن ضرورة الوقف الفورى لاطلاق النار لتحقيق الاستقرار وتحسين الوضع الإنسانى وحماية المدنيين الأبرياء فى غزة بعد أن كان وقف إطلاق النار مطلوبا من أجل الرهائن فقط!!

والأهم هنا أن بايدن طالب بخطوات محددة واجراءات فورية لمعالجة الأضرار التى لحقت بالمدنيين والمعاناة الإنسانية وسلامة عمال الإغاثة مشيرا إلى أن السياسة الأمريكية تجاه الحرب ستتحدد بعد تقييم تنفيذ إسرائيل لهذه المطالب. وهو تطور بالغ الأهمية فى الموقف الأمريكى الذى كان يقدم الدعم الكامل دون أى التزام إسرائيلي، والذى كان حتى الأمس- لا يرى فى كل ما تفعله إسرائيل جرائم حرب أو إبادة جماعية أو انتهاكا للقوانين الدولية!

يتحرك الرئيس الأمريكى الآن وسط ضغوط داخلية وخارجية هائلة وخسائر أمريكا بلا حدود، ومصيره فى الانتخابات أصبح محفوفا بالكثير من المخاطر والمعارضة الداخلية للحزب فى أمريكا تتزايد ونتنياهو يوجه الإهانات ويتجاهل كل مطالب أمريكا. ويسعى لتوسيع الحرب وتوريط أمريكا فى صراع إقليمى أكبر باستهداف إيران والاستعداد للحرب على الجبهة اللبنانية.

ومع ذلك يبقى الحديث الأمريكى عن تغييرات محتملة فى سياسة أمريكا تجاه الحرب متناقضا - حتى الآن- مع استمرار تدفق السلاح لإسرائيل، ومع افتقاد القرار الأمريكى بالوقوف مع إرادة العالم كله بإيقاف «حرب الإبادة»، بصورة فورية ونهائية، وبقرار دولى يصدر من مجلس الأمن تحت احكام الفصل السابع من الميثاق. الرئيس الأمريكى تجاوز مرحلة الغضب وأدرك حجم المخاطر التى يسببها الهوس الإسرائيلي الذى يقوده نتنياهو. التلويح بإعادة النظر فى سياسة أمريكا الداعمة لإسرائيل فى حرب الإبادة أمر لا تستطيع إسرائيل تجاهله. تعرف المؤسسات الحاكمة فعلا فى إسرائيل أن مصدر قوتها الأساسى هو المظلة الأمريكية، ولن تسمح لنتنياهو بالمضى فى تخريب العلاقة مع الحليف الذى لا غنى عنه. سيتراجع نتنياهو حتما فى قضية المساعدات الإنسانية، لكنه لن يتراجع إلا مضطرا فيما يتعلق باستمرار الحرب ومحاولة توسيعها لأنه يدرك أن نهاية الحرب تعنى نهايته. وستظل هذه هى المشكلة حتى السقوط الحتمى لنتنياهو الذى لم يعد بعيدا على كل حال!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة