فرج أبو العز
فرج أبو العز


يوميات الاخبار

«الحشاشين».. معارك الوعى مستمرة

فرج أبو العز

الأحد، 07 أبريل 2024 - 09:25 م

معانٍ كثيرة يُجسدها إنتاج مسلسل الحشاشين وعرضه فى ذلك التوقيت الذى نمر به وما نشهده من تحديات أبرزها مدى حاجتنا لتواصل معارك الوعى ضد كل فكر ظلامى

بعد ملحمة ثلاثية الاختيار، يأتى عرض مسلسل الحشاشين مؤكدًا عودة الإنتاج الدرامى المصرى الضخم عبر الشركة المتحدة بما يليق بتاريخ الدراما المصرية الرائدة بالمنطقة.
والحقيقة أن الشركة المتحدة تحمل على عاتقها عودة الدراما المصرية لريادتها خاصة فى الأعمال الدينية والتاريخية والوطنية الكبيرة بما تحتاجه من ميزانيات كبيرة تغطى مواقع تصوير تُناسب الأحداث وإمكانيات تنفيذ عالية الجودة، بجانب المجاميع والمعارك وزوايا التصوير أو الكادرات، الأمر الذى نجح فيه بامتياز فريق عمل الحشاشين، المؤلف عبد الرحيم كمال والمخرج بيتر ميمى وفريق التمثيل المتمكن بقيادة النجم الكبير كريم عبد العزيز.


معانٍ كثيرة يُجسدها إنتاج مسلسل الحشاشين وعرضه فى ذلك التوقيت الذى نمر به وما نشهده من تحديات أبرزها مدى حاجتنا لتواصل معارك الوعى ضد كل فكر ظلامى يفسد العقول ويُغيِّبها ويجعل الشخص مسلوب الإرادة تحت تأثير أفكار مسمومة ووعود زائفة تجعل ضحيتها يذهب طائعًا لقتل الآخر وقتل نفسه بالعمليات الانتحارية.. وتلك هى الأساليب التى اتبعها الحشاشون لنشر أفكارهم الضالة تتشابه تمامًا بل حرفيًا مع أساليب جماعة الإخوان التى احترفت العمل فى الظلام لأكثر من ٨٠ عامًا وآلفته وفشلت فشلًا ذريعًا مع أول اختبار للعمل فى النور تجسيدًا لحقيقة من آلف الظلام كره النور.


الأمر الثانى، ما أثاره المسلسل من رغبة للبحث والمعرفة عن تلك الجماعة، ولا أكاد أشك فى أن «الحشاشين» تتصدر محركات البحث بمصر والمنطقة العربية بحثًا عن تاريخ تلك الفئة الضالة ومنبع مسماها والظروف السياسية التى أحاطت بها لتشكل أخطر فتنة فى التاريخ الإسلامى، ولعلها تُمثل مرجعًا لكل جماعات التطرف التى نشأت بعد ذلك بمسميات مختلفة تتفق جميعها فى تقويض مفهوم الدولة الوطنية.


الأمر الثالث أن الفكر الباطنى أو الظلامى لا يتورع عن فعل أى شىء يحقق أهدافه بتغييب العقول بحلم مفتاح الجنة والحوريات وغيرها من وسائل قيادة الشباب للموت انتحارًا، ولعل إظهار مثل تلك النماذج فى أعمال درامية يعريها ولا ينصفها ويجرد عنها صفة البطولة التى يدعونها، ويكشف أمام الأجيال الجديدة وسائل غسيل العقول وتغييب العقل التى يتبعها ذوو الفكر المتطرف والأساليب الحديثة التى يتبعونها لاصطياد ضحاياهم والتى تتطور مع الزمن وينفقون عليها المليارات لتحقيق أغراضهم المسمومة.. لكل هذا لا أتفق مع من يرون أن تسليط الضوء على مثل تلك النماذج قد يؤدى بالبعض إلى اتخاذها قدوة أو على الأقل التعاطف مع تلك الشخصيات، فإظهار مثل تلك النماذج ذات الفكر الظلامى ينبه شبابنا لألاعيبهم وأساليبهم الملتوية فى اجتذاب الشباب وجرهم لمستنقع التشدد والتطرف، ويتطور الأمر للقتل تحت دعاوى حلم الجنة والحور العين.


فريق العمل
اختيار فريق عمل «الحشاشين» حالفه التوفيق، ونبدأ بالنجم كريم عبد العزيز بطل العمل والذى لعب دور حسن الصباح والذى أداه باقتدار، وفى اعتقادى أن كريم وصل بتجسيده شخصية زعيم الحشاشين قمة النضج الفنى بما يرتب عليه عبء الاختيار فى أعماله القادمة سواء على شاشة التليفزيون أو السينما.
فتحى عبد الوهاب الذى لعب دور نظام المُلك (بضم الميم) يثبت كل مرة أنه فنان من العيار الثقيل، كل حركاته وسكناته لها معنى ومغزى وفهم عميق لروح الشخصية وهو فى أدائه لدور نظام المُلك تفوق على نفسه ونمسك الخشب.


أحمد عيد الكوميديان الغائب منذ فترة يعود بدور زيد بن سيحون الباطنى المتخفى لنشر الدعوة، وأداء متمكن يضع أقدامه راسخة فى التراجيديا كما هى فى الكوميديا.. ولعل الحشاشين تكون بادرة خير لعودة «أحمد عيد» للكوميديا.


نضال الشافعى أدى دور أبو حامد الغزالى باقتدار وبهدوء وتمكن، وجميعها بوادر تؤكد أن ذلك الممثل القدير لم يُظهِّر كل ما عنده بعد ولا يزال فى جعبته الكثير.
نيقولا معوض أدى شخصية عمر الخيام الشاعر الفارسى الفذ وعالم الفلك والجبر، ببساطة السهل الممتنع والذى لا تكاد تشعر بأنه يمثل بل قريب جدًا من الأداء الطبيعي.. ولعل اختيار التتر من أشعاره وصوت وائل الفشنى، أعاد للأذهان رائعة سيدة الغناء العربى أم كلثوم رباعيات الخيام، تلك الأشعار التى ترجمها الشاعر الكبير أحمد رامى من الفارسية، واختار منها أجزاءً قبل أن يقدمها لتغنيها السيدة أم كلثوم تحت مُسمى «رباعيات الخيام».. وعلى نهج نيقولا جاء صديقه فى المسلسل صهبان البلان والذى أدى دوره الفنان محمد يوسف وهو ممثل بدرجة كوميديان خطير.


النجمة السورية سوزان نجم الدين التى قامت بدور أليمار صانعة الجوارى تراها وكأنها وجدت لمثل ذلك الدور، ولن تتخيل أحدًا من الممكن أن يجسد دورها، ورغم محدودية مشاهدها لكنها تترك أثرًا يؤكد وجود فنانة كبيرة متمرسة.


ويبقى المؤلف عبد الرحيم كمال والمخرج بيتر ميمى اللذان أصبحا يمثلان علامة الجودة فى العمل الدرامى سينما أو تليفزيون، الأول بغوصه فى التاريخ وكتاباته العميقة والثانى بتحكمه فى أدواته وكادرات التصوير ومواقعه بما يجعلنا نعيش فى عالم يزخر بالمشاهد الطبيعية الرائعة، حيث أبدع بيتر ميمى فى الاختيار وها هو يُبدع فى «الحشاشين» والبقية تأتى.
ظهرت فى مسلسل الحشاشين وجوه كثيرة من الممثلين المبشرين بما يؤكد أن مصر وَلَّادة فى كل المجالات.. كثير من الشباب والفتيات الجدد يبشرون بمستقبل مشرق وهم بذور لنجوم المستقبل، وأخص بالذكر الفنان الشاب أحمد عبدالوهاب الذى أدى دور يحيى أحد فرسان الجيش السلجوقى والفتاة التى أدت دور نورهان التى أحبها يحيى وتاهت منه ومن أهلها ليراها مرة أخرى فى حلم الجنة بقلعة آلموت التى تخيل حسن الصباح أنه من تلك القلعة الحصينى يحكم العالم.. وعذرًا لباقى فريق التمثيل فبينهم مواهب كبيرة ستظهرها السنوات المقبلة.


بابا جه
تابعت خلال شهر رمضان عدة حوارات مع نجوم الدراما والطرب عبر شاشات مختلفة، وأسعدنى إدراك معظم نجومنا للدور الأساسى للفنون بشكل عام، وهو التسلية والترويح عن النفوس، وتأتى الرسالة بعد ذلك لتضيف للعمل الدرامى قيمة وتأثيرًا فى القيم التربوية والسلوكية وكذلك إلقاء الضوء على الأوضاع الاجتماعية.
ومن حسنات دراما رمضان هذا العام والتى تُحسب للشركة المتحدة، وضع حيز مهم فى خريطة العرض لمسلسلات الـ 15 حلقة باعتبارها الحل السحرى للمط والتطويل التى عادةً ما تُصاب بها مسلسلات الـ 30 حلقة إلا ما ندر.


ومن أبرز دراما الـ 15 حلقة التى عُرضت هذا العام، مسلسل بابا جه بطولة النجم أكرم حسنى الذى تسلل لقلوب المشاهدين تدريجيًا ليخلق حالة من الرضا العام عبر الرسائل التربوية والسلوكية فى تربية الأبناء التى حملها المسلسل عبر الأوردرات التى يتلقاها بطل المسلسل هشام ليلعب دور الأب البديل أو الأب بالأجر، والمفارقات التى تحملها الأحداث بما يمثل جرس إنذار لكل أب ولكل أم بضرورة الاهتمام بالأبناء.


علينا إدراك أن الاهتمام ليس معناه إغداق الأموال والإنفاق دون حساب والتغافل عن السلوكيات الخاطئة أو غير الحميدة ولكن بالتواجد الفعلى روحًا وجسدًا مع الأبناء وتعليمهم السلوك القويم.. ونتمنى أن تشهد الفترة المقبلة نماذج كثيرة لمسلسلات تُعالج قضايانا الاجتماعية فى قالب كوميدى يزرع البسمة ويزيل الملل وفى الوقت نفسه يتسلل بالرسالة التربوية المستهدفة، فالدراما والأعمال الفنية أقصر الطرق لإيصال الرسائل بشكل غير مباشر يتغلل للأعماق دون عناء ويتغلب على عاداتنا فى رفض النصح المباشر أو الغصب.
أيضًا من مسلسلات الـ 15 حلقة التى حققت قبولًا من المشاهدين خلال النصف الأول من رمضان، أشغال شقة بطولة هشام ماجد.. وفى النصف الثانى تعرض حلقات جودر بطولة النجم ياسر جلال والمأخوذ من حكايات ألف ليلة وليلة عن حكاية جودر بن عمر المصرى، وهو عودة لحكايات ألف ليلة وليلة التى تربينا وتعودنا عليها منذ الصغر فى الإذاعة أولًا ثم التليفزيون، وفى اعتقادى أنها معين لا ينضب من حقق الحكايات التى تطلق جناح الخيال وتطوى المحال.


فِتن وأسرار
شهر رمضان شهر الصوم والرحمة والغفران، أى شهر عبادة فى الأساس، لذا أرى أن وجود برامج تُتاجر فى أسرار الناس وتزرع الفتنة بين البشر أمر غير محمود فى الشهر الكريم، فماذا يفيد المشاهد معرفة من يكره ومن يحب أو يصاحب أو من طُلقت أو من تزوجت ومن تحجبت ومن تخلت عن الحجاب.. برامج ما أنزل الله بها من سلطان تحت مسميات مختلفة، «العرافة .. أسرار.. حبر سرى» وغيرها.. مثل تلك البرامج التى من المُحبذ عدم وجودها على الإطلاق وإذا كان إنتاجها ضروريًا أو يمثل سبوبة للبعض، فلا مانع من أن تكون خارج خريطة الشهر الكريم.
للزجل كلمة:
متستغربيش دموع عاشق
ما تهونيش من أحزانه
اعرفى أنك مروحتيش
فى يوم بعيد عن وجدانه
وهيعيش على طول فاكر
إنك مخلوقة ليه وعلشانه
قالوا فى الأمثال:
قيراط حظ ولا فدان شطارة
إذا لم تستح فافعل ما شئت
اللى اختشوا ماتوا
من فات قديمه تاه

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة