الإثنين، 08 أبريل 2024 - 09:33 م

سمير الجمل

يعنى من يومه وهو كسيب لا يتوقف عن التجريب والبحث والابتكار والدراسة

عندما يقول لك هذا الرجل.. هيا بنا إلى المريخ.. قل له نعم.. فسوف يأخذك.. لكن مسألة رجوعك من هناك فيها كلام.. حتى لو كان الرجل يجلس داخل دماغك.. ويلعب فيه كما يريد بالذكاء الاصطناعى.. مع «ربوت».. فى مقام والدك أو صاحبك أو أخيك.. حيث تجمعك به شريحة هى صلة قربى..

ويعترف «إيلون ماسك» بأنه مجنون.. وإلا مابلغ هذا الحصاد الاستثنائى من الشهرة والمال وبما يتفوق فى ثروته عن ميزانيات العديد من الدول.. نعم إلى هذا الحد.. فهو حكاية عنوانها «أنا رئيس مجلس إدارة المستقبل».. وقد صنع مركبة فضائية.. هو الذى بدأ رحلته مع العبقرية بإصلاح السيارات القديمة.. ثم صنع غواصة.. ونجح فى إنتاج سيارة تيسلا الكهربائية تسأله: ماهى حكاية النفق الذى تريد أن تعمله تحت واشنطن؟ وتكون إجابته: وفيها إيه.. حتى تمشى السيارة تيسلا على راحتها بعيداً عن الزحام.. وإذا كان المترو يمشى فى النفق فلماذا لاتنافسه السيارة؟.

وإذا أردت أن تفتش فى جيوبه فقد تجدها أنضف من الصينى مع أن هذا «الماسك» قد بلغت ثروته ما يتجاوز 300 مليار دولار.. أو هكذا كان قبل أن نكتب المقال لأن الأرقام لا تتوقف فى كل جزء من الثانية فهى تنمو وتنمو.. وتنمو.. وتعلم فى العاشرة علوم البرمجة بشكل ذاتى ونجح أن يبيع كود لشركة ألعاب بـ 500 دولار.. يعنى من يومه وهو كسيب لا يتوقف عن التجريب والبحث والابتكار والدراسة.. لأنها أمور لا تصلح فيها الفهلوة والهمبكة ومشى حالك فقد درس إدارة الأعمال والاقتصاد والفنون والفيزياء فى جامعة بنسلفانيا انتقل إلى كندا عندما كان عمره 12 عاماً..ثم اتجه إلى أمريكا بعدها بعامين والده مهندس وطيار وبحار وتورط فى جريمة قتل.. وعاش تجارب عديدة فاشلة.. لم تزده إلا إصراراً على النجاح.. فاذا ما بلغ خطوة.. واطمأن إليها.. تركها لكى يبحث عن غيرها.
ماسك المولود فى جنوب إفريقيا (27 يونيو 1971).. ووفقا لنظرية (القرعة وشعر بنت أختها).. نستطيع أن نقول بأن ماسك إفريقى بلدياتنا.. ولم يخيب ظننا فعلاً وأثبت أنه إبن بلد ومجدع عندما رفض التعامل مع وزارة الاتصالات الإسرائيلية ووفر خدمة الإنترنت لأهالى غزة.. الأمر الذى فتح عليه نيران الغضب الأمريكى واللوبى الصهيونى.. وهو الذى أوقف الاتصالات التى تساعد الجيش الأوكرانى عند ساحل القرم.. عندما انحرفت إحدى السفن الى الشاطئ بعد فقد الاتصال بها.. وتوسلوا إليه أن يعيد تشغيل أقمار شركته «ستار لينك».. وكانت تهمة معاداة السامية جاهزة لكى يلصقوها به.. كما فعلوها ويفعلونها مع كل من يقول للست أمريكا ليس على دماغ سيادتك ريشة حتى تعاقبى هذا وتكافئى هذا.. وكأنك تديرين الكرة الأرضية لصالحك ومصلحتك فهل كفر «ماسك» عندما نصح البيت الأبيض ذات تصريح صحفى:
 لا ينبغى شيطنة النفط والغاز!!
من يومه لم يكن فى طفولته يميل مثل الغالبية من أبناء جيله ومدرسته إلى الجرى والشيطنة.. فهو دائما مشغول البال.. حتى اعتبره زملاء الدراسة ملطشة.. دفعوه على درجات السلم وتدحرج وأصيب وتعرض لضربهم أكثر من مرة وكل ما قام به أنه نهض وتحسس جرحه ونفض الغبار عن ملابسه.. واستكمل تأملاته.. لكنه راجع حساباته مع نفسه وقد اعتقد والده فى وقت من الأوقات أن الولد يعانى من الصمم فهو دائما فى دنيا ثانية وهى الحالة التى يصفونها فى عالمنا العربى «بالممسوس» والعياذ بالله وعرف كيف يدافع عن نفسه وأن يعيش أثناء دراسته بدولار واحد.. وتعلم مبكرا كيف يصنع المتفجرات والصواريخ وفى نفس الوقت يبيع الحلوى لكى يجد ما ينفقه على شطحاته تلك.. وقد تأثر بانفصال والديه.. لكنه أراد أن يجمعهما ولو عن بعد.. بنجاحه وهذا ما جرى فيما بعد.. يطلق الصواريخ إلى الفضاء وتفشل فى محاولات عديدة.. لكنه لا يتراجع حتى يبلغ الصاروخ هدفه.. ويعود إلى الأرض.. يخسر المليارات من ثروته.. ثم يعوضها وكأن شيئاً لم يكن..
فتش عن البدايات
القرارات الأولى لقصص الخيال العلمى والروايات حولت خياله إلى أرض خصبة.. دائما تعطى.. ولا يتوقف هذا العطاء.. فلا يدهشك إذا وجدت القرد يلعب الفيديو جيم عن طريق شريحة فى رأسه تقرأ أفكاره وأن يمشى المشلول ويتحرك عندما يتم مغازلة الخلايا العصبية التى تصل إلى ٨٦ مليارا من حيث عدد الأنسجة والخلايا فى جسمك ودماغك.. فإذا ما تم إنعاشها تغيرت حالة الجسم.. وعاد النشاط إلى الأعصاب الميتة. نعم هى ليست سهلة.. لكنها ليست بعيدة كما يرى بعض العلماء «وماسك» يسعى إلى تعمير المريخ.. ولا تستغرب إذا ما قرأت بعد سنوات عن شقق وڤيلل للبيع والايجار فى المريخ البلد والمريخ المحطة.. وكفر زحل.. وميت عطارد.. إنه يريد أن يوقف الذكاء الاصطناعى عند حده بأن يدخل الذكاء البشرى على الخط.. ويصارعه وقد يكسبه بلمس الأكتاف.
فى بداياته الأولى ومع تأسيس شركاته الأولى كان ينام على كنبة حيث يعمل فإذا ما احتاج إلى حمام ذهب إلى الحمامات العمومية يغتسل ويعود.. ويدخل فى نظام دراسة الدكتوراة لكنه يتركه بعد يومين فقط.. لأن الشهادة هذه سوف تعطله عن طموحاته.. ولا يعنى هذا أن يتوقف عن الدرس.. لكن المشكلة أن سرعته فى الاستيعاب تسبق  سرعة مناهج الجامعات والشهادات.. ومع تنوع دراساته.. يؤكد فى كل حديث أن الفيزياء هى أساس العلم كله.. لكنها بدون رياضيات ولا حاجة.. وبدون كيمياء ولا حاجة.. وبدون اقتصاد ولا حاجة وبدون العلوم الأخرى الأدبى منها والعلمى ولا حاجة.. والخلاصة.. للوصول إلى كل حاجة.. عليك أن تعرف حاجة عن كل حاجة.. ألم يكن الحسن بن الهيثم فلكياً وطبيباً وفليسوفاً وفقيهاً.. ومن عباقرة الرياضيات.
فهل أسرح بك إذا ما رسمت لك هذا المشهد الذى تجد موقفاً لميكروباصات صاروخية والمنادى يجلل بصوته:
 نفرين المريخ!
ألم يصلوا إلى القمر؟.. وصلوا والكلبة «لايكا» دارت حول الأرض وكانت أول الكائنات التى تحصل على هذا السبق العلمى.. ثم تبعها «يورى جاجارين» السوڤيتى وأول بشرى من أبناء آدم وحواء.. يبلغ هذا المدى..
وجاء أرمسترونج ليكون أول من يمشى على سطح القمر بعد 8 سنوات من رحلة جاجارين الفضائية.. ولسه ياما نشوف.
فى محكمة الأسرة
ولايختلف ماسك فى حياته العائلية عن غيره يتزوج وينجب ثم يطلق لكى يتزوج لكن بعيداً عن سكة الحاج متولى. وإذا كان «أيلون» له ثلاثة أشقاء.. فإن لديه.. «١١ عيل» من ثلاث زيجات إحداهن رفعت عليه قضية رؤية لأنها تريد أن تقابل أولادها الثلاثة وقد تجرجره فى المحاكم لهذا السبب.. ودخول المحاكم ليس بجديد عليه فقد جرى اتهامه بالاحتيال على المساهمين فى شركة تيسلا.. لكنه حصل على البراءة.. بعد مناقشة استمرت ساعتين من جانب 9 محلفين.. منحوه البراءة.. وكفارة يا معلم فى قضية تتراوح قيمتها المالية بـ 72 مليار دولار أخضر.. وأقيمت القضية بسبب تغريدة كتبها عام 2018.. لكن المحاكمة تجددت والملفات جرى فتحها مرة عام 2024.. وعليه إعادة التعويض الذى حصل عليه. وقيمته 56 مليار دولار.. وان يحصل المساهم ريتشارد تورنيتا على المبلغ. بقرار من القاضية كاثلين ماكورميك فى محكمة تشارنسرى فى ولاية ديلاور.. لكنه يمضى حيث يريد ويطوى صفحات الانكسار.. كما يطوى صفحات الانتصار.. وكما أيد ترامب فى الانتخابات الرئاسية السابقة ينوى أن يؤيده وأن يكون أكثر المتبرعين لحملته الانتخابية وترامب قال أكثر من مرة. عندما يكون فى أمريكا من هم أمثال ماسك.. علينا ألا نخاف على بلادنا.. لأنها كما تملك الحاضر.. سوف تملك المستقبل.
لا السيارات الكهربائية وحدها.. ولا الصواريخ ولا غزو الفضاء.. ولا الطاقة الشمسية.. ولا البرمجيات.. هى فقط ما تشغل بال «ماسك»،، إنه يحشد كل ماله وطاقته لكى يكون رئيس مجلس ادارة المستقبل فى اتجاهات عديدة.
وكم مرة قرأ إيلون كتابات «إسحق عظيموف» المؤلف الأمريكى الروسى الأصل وهو أديب درس الكيمياء الحيوية وله أكثر من 500 كتاب واشتهر بكتابة روايات الخيال العلمى وكم وقف «ماسك» طويلاً أمام أقواله.
> لست أخاف الحاسوب بل أخاف أن أفقده.
> التعلم الذاتى كما أعتقد بصلابة هو النوع الوحيد الموجود من التعلم.
> إحدى علامات اللاإنسانية فى الكمبيوتر أنه إذا بُرمج بدقة وعمل بانتظام صار كامل الأمانة!!
أما عن أقوال ماسك نفسه التى يلخص بها فكره ومنهجه  فقد جاء فيها:
>> فكر دائما فى كيفية القيام بالأمور بشكل أفضل.
>> الصبر فضيلة وأنا أتعلم الصبر إنه درس صعب.
>> الخطوة الأولى هى إثبات أن شيئاً ما ممكن ثم إنه محتمل أن يحدث.
>> من الممكن للإنسان العادى أن يكون استثنائياً إن أراد.
>> عندما يكون هناك شىء مهم بما فيه الكفاية ستفعله حتى لو كانت كل الظروف ضدك!