د. سارة الذهبى
د. سارة الذهبى


يوميات الاخبار

ألعاب و حيل نفسية

الأخبار

السبت، 13 أبريل 2024 - 09:45 م

ودورنا الأهم اننا لو كنا الشخص اللى بيلعب اللعب النفسية دى بدون وعى، نراجع نفسنا ونوقف اللى بنعمله

أهم سؤال متكرر فى عالم العلاقات الإنسانية

ليه العلاقات باختلاف أنواعها أصبحت مُجهدة فى معظم الأحيان؟ ليه فى ناس كتير بتشتكى من الأطراف الأخرى فى كل مختلف العلاقات؟

وبتحليل أنماط الشخصيات المختلفة أكد «إيريك بيرن» وهو طبيب نفسى أمريكى من خلال كتابه الشهير «ألعاب يلعبها الناس Games people play» ان هناك حيلا نفسية وألاعيب نفسية يعتمدها بعض البشر بشكل لا واعٍ فى كثير من الأحيان وأحياناً بشكل واعٍ للسيطرة على العلاقات..
بيكرروا أنماط سلبية معينة سمّاها بيرن بالألعاب النفسية. 

وبمعرفة هذه الأنماط لازم يكون عندنا الوعى الكافى إننا نوقَّفها اذا كنا بنمارسها فى أى علاقة بدون قصد أو ننتبه ليها لو بتُمارس علينا فى أى علاقة.. 

الشخص الضحية

أهم هذه الألعاب النفسية: 

لعبة الضحية: وهى أشهر لعبة نفسية وأكثرها انتشاراً فى العلاقات.. ان الشخص يتلذذ فى عرض معاناته على الطرف الآخر ويكرر تفاصيل جرحه وألمه منتظر إن الطرف الآخر يتعاطف معاه ويُظهر دعم غير مشروط وبلا حدود.. بس المشكلة هنا ان الطرف الآخر مهما حاول يساعد ويقدّم حلول للضحية، استحالة هيتقبلها منه واستحالة هيسمحلك تساعده لإن هدفه الاستمرار فى لعب دور الضحية وعاجبه الدور ده مش عايز يطلع منه.. وده بدوره هيصيب الطرف الآخر بإحساس العجز والفشل والإحباط، لإن كل محاولاته للإنقاذ والمساعدة غير مُجدية.. ده غير كم المشاعر السلبية اللى بيصدّرها الشخص الضحية لكل المُحيطين بيه.. لإنه دائم الشكوى والتذمر.. الشخصيات دى بتحس براحة كبيرة وهما متقمصين دور العجز واليأس لإنه بيجنبهم أى إحساس بالمسئولية فى حياتهم.. إزاى وهو شخص مظلوم ويائس ومُحبط علطول هيتطلب منه يؤدى دوره؟ كفاية عليه اللى هو فيه.. وهو المطلوب إثباته. فى الحالة دى نتعامل مع الشخص الضحية ازاى؟ أهم خطوة انك تكون واعى باللعبة اللى بيلعبها عليك ودى هتفهمها لما تركز وتلاقيه دائم الشكوى والتذمر بلا انقطاع ومش بيغير النمط ده طول حياته وبيعترض على أى حلول تُقدم ليه.. ساعتها تقدر تتعاطف معاه وتحسسه انك جنبه ولكن أهم خطوة انك ترمى الكرة فى ملعبه، لما يعرض عليك أى مشكلة، تعاطف معاها وبعدها لازم تسأله «ها.. هتعمل إيه دلوقتى؟» وده هينقل مسئولية إيجاد الحل من فوق كتافك لأكتافه.. وتدريجياً لما هتفهم إن ده نمطه الخاص عشان يحس بالأمان هتلاقى كلامه السلبى مبقاش يأثر فيك زى الأول.. وغالباً لما هيلاقى دى طريقتك معاه علطول هيبحث عن شخص تانى يمارس عليه اللعبة دى لإنك لما فهمت لعبته أصبحت شخص غير مناسب بالنسباله..

ثانى لعبة نفسية منتشرة جداً «شوف انت خليتنى أعمل ايه؟!»..

فى اللعبة دى الطرف الأول بيُسقط كل سلوكياته الخاطئة وانفعالاته وردود أفعاله المتسرعة على الآخرين..

زوج يتعصب جداً على زوجته ويفقد أعصابه على سبب تافه وكل مرة يلوم زوجته ان هى السبب فى عصبيته ويُلقى كل اللوم عليها كإنه معملش حاجة..

الخلافات الزوجية

أم تضرب أولادها وتهينهم بسبب خلافات مع جوزها ولما حد من ولادها ينقص درجة فى امتحان تضربه لحد ما يتعور وبدل ما تندم وتعتذر وتقرر انها متعملش كده تاني، تقول لولادها: شوفتوا انتوا وصلتونى لإيه؟! وتتجاهل السبب الرئيسى اللى وصَّلها لكده !

فى الحالة دى الطرف اللى بيلعب اللعبة دى بيكون جبان ولا يتحمل المسئولية.. عايز يرمى أى غلطة بيعملها على أى شخص تاني، لإنه لا يسمح ان الآخرين يلوموه أو يحاسبوه أو يراجعوه فى سلوكياته..

وللأسف الأطراف الأخرى لو معندهاش وعى باللعبة النفسية دى بيحسوا بالذنب وبيقتنعوا انهم السبب فعلاً فى أى حاجة غلط بتحصل حتى لو مش ذنبهم ولا ليهم دخل فيها، بتنعدم ثقتهم فى نفسهم وتلاقيهم بيعتذروا على أخطاء غيرهم ودائماً بيحسوا انهم عقبة فى طريق أى حد يعرفهم.. دائماً بيحاسبوا على فواتير مش بتاعتهم.. دائماً بيحسوا ان فيهم حاجة غلط وده بيقلل تقديرهم لذاتهم.

والمفروض الأشخاص دى لما يكون عندهم وعى باللعبة دى يوقفوا لومهم الداخلى ويقتنعوا من جواهم ان الغلط مش من عندهم ويبعدوا قد ما يقدروا عن الأشخاص دى لو فى إمكانية..

البعد والقرب

ثالث لعبة نفسية «لا أحبه ولا أقدر على بُعده»: هتقابل أشخاص يحيروك فى تعاملهم معاك، لما تقرب منهم وتتودد ليهم يبعدوا عنك وينفروا منك، ولما تقرر تبعد وتاخد جنب يعملوا كل حاجة عشان يرجعوك ليهم تاني… بعد ما ترمى طوبتهم يعملوا كام حركة يحسسوك ان العشم بينكم ملوش حدود عشان ترجع تقرّب أكتر من الأول، وأول ما يضمنوا قُربك يرجعوا للإهمال والنبذ والمعاملة السيئة ويخلفوا كل وعودهم معاك.. ويتكرر هذا النمط باستمرار طول ما الشخصيات دى فى حياتك.. الأشخاص اللى بتمارس اللعبة دى بيسببولك حيرة ولخبطة ملهاش حدود.. بيفقدوك احساسك بقيمتك.. تبقى مش عارف هل انا كويس والا وحش؟ أستاهل أتحب والا أتساب؟ بيدخلوك فى دوامة خصوصاً لو انت حبيتهم واتعلقت بيهم ووجودهم بقى مهم فى حياتك..

ونيجى هنا لسؤال مهم.. هى الناس دى بتعمل كده ليه؟ غالباً بيكونوا اتعرضوا لأزمات نفسية وهما صغيرين.. تعرضوا للهجر والخذلان فى صغرهم من أقرب الناس ليهم، فا هُما نفسهم عايشين فى نفس الدوامة اللى بيعيشوا اللى حواليهم فيها..

هما نفسهم مضطربين ومش عارفين يقربوا والا يبعدوا؟ 

يحبوا والا يكرهوا؟ 

يكمّلوا والا يهربوا؟

دور المنقذ

طيب ايه الحل؟ الحل إن اللى عنده مشكلة يتعالج منها عند مختص، مش دورنا ندمر حياتنا عشان ننقذ حياة شخص تانى علاجه مش فى ايدينا.. ممكن نساعده يوصل للى يساعده، نقف جنبه لكن نحبه ونقرَّب منه ونرتبط بيه طول عمرنا ونعيش دور المُنقذ.. هندفع التمن من صحتنا وسنين عمرنا..

المؤذى الممتع!

رابع لعبة نفسية «المؤذى الممتع»: شخص دائم النقد ونقده لاذع وبيوجع بس بيستخدمه فى إطار الهزار والتريقة والضحك.. بيدس السم فى العسل ولو زعلت يقولك انت اللى بتتقمص وانت اللى بتزعل من أى حاجة.. ويتجاهل تماماً طريقته الجارحة وكلامه المؤذى واحراجه ليك وسط الناس.. النموذج ده بنلاحظه كتير بين بعض المتزوجين فى التجمعات العائلية.. الزوج يوجع مراته بكلام قدام قرايبهم ويتفنن فى اظهار عيوبها -والعكس صحيح- ويضع ده فى قالب الهزار والضحك وانه ميقصدش.. الشخص ده بيلعب اللعبة النفسية دى عشان يحس دايماً انه الطرف الأقوى اللى مش بيغلط ومستحمل عيوب الطرف الآخر وده بيحسسه بثقة مزيفة وبالأمان.. والشخص ده استحالة يسمح لأى انسان يستعمل معاه اللعبة دى لإنه فاهم كويس أبعادها..

الحيل النفسية كتيرة، ولسه هنكملها.. ودورنا يكون عندنا وعى بيها عشان نحمى نفسنا ومنكونش فريسة للى حوالينا.. ونفهم شخصيات اللى بنتعامل معاهم عشان نعرف نتعامل معاهم صح ونكسر النمط المؤذى.. احنا لو اكتشفنا الألعاب دى دورنا نبعد ولا نسمح انها تأثر علينا، دورنا نحمى نفسنا لإن دى الأولوية.. و لو هنساعد الطرف الآخر ميكونش من خلالنا، احنا مش دورنا نلعب دور المُنقذ.. دورنا نساعد بالتوجيه لمختص ومرشد سلوكى يقدر يساعد بجد على أسس علمية، احنا ممكن ندعمه بالحد اللى لا يلحق بينا الضرر ولا يأثر على حياتنا ونفسيتنا..

ودورنا الأهم اننا لو كنا الشخص اللى بيلعب اللعب النفسية دى بدون وعى، نراجع نفسنا ونوقف اللى بنعمله، ولو مقدرناش نطلب المساعدة ومنكابرش..
أحياناً بنكون احنا أساس المشكلة مش غيرنا وقمة الوعى إنك تدرك ان عندك مشكلة وتقرر تحلها..

هستناكم اليوميات القادمة ان شاء الله فى الجزء الثانى من ألعاب وحيل نفسية.. وكل سنة وحضراتكم طيبين وبخير وفى أحسن حال.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة