أحمد الإمام
أحمد الإمام


عصير القلم

قبل أن تذهب للمحكمة

أخبار الحوادث

السبت، 20 أبريل 2024 - 08:40 ص

‭‬أقر‭ ‬الدستور‭ ‬المصري‭ ‬على‭ ‬حق‭ ‬كل‭ ‬مواطن‭ ‬في‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬القضاء‭ ‬لاستعادة‭ ‬حق‭ ‬مسلوب‭ ‬أو‭ ‬رفع‭ ‬مظلمة‭ ‬تعرض‭ ‬لها،‭ ‬ونصت‭ ‬المادة‭ ‬97‭ ‬من‭ ‬الدستور‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬‮«‬‭ ‬التقاضى‭ ‬حق‭ ‬مصون‭ ‬ومكفول‭ ‬للكافة،‭ ‬وتلتزم‭ ‬الدولة‭ ‬بتقريب‭ ‬جهات‭ ‬التقاضى،‭ ‬و‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬سرعة‭ ‬الفصل‭ ‬في‭ ‬القضايا،‭ ‬ويحظر‭ ‬تحصين‭ ‬أى‭ ‬عمل‭ ‬أو‭ ‬قرار‭ ‬إدارى‭ ‬من‭ ‬رقابة‭ ‬القضاء،‭ ‬ولا‭ ‬يحاكم‭ ‬شخص‭ ‬إلا‭ ‬أمام‭ ‬قاضيه‭ ‬الطبيعى،‭ ‬والمحاكـم‭ ‬الاستثنائية‭ ‬محظورة‭.‬

وإذا‭ ‬كان‭ ‬الدستور‭ ‬المصري‭ ‬قد‭ ‬منح‭ ‬حق‭ ‬اللجوء‭ ‬للقضاء‭ ‬لجميع‭ ‬المصريين‭ ‬بلا‭ ‬تمييز‭ ‬كما‭ ‬ذكرنا‭ ‬لنيل‭ ‬الحقوق‭ ‬ودفع‭ ‬الضرر‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬أساء‭ ‬استخدام‭ ‬هذا‭ ‬الحق‭ ‬بصورة‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬التعسف‭ ‬،‭ ‬وهؤلاء‭ ‬ينقسمون‭ ‬إلى‭ ‬قسمين‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬نفرق‭ ‬بينهما‭.‬

القسم‭ ‬الأول‭ ‬إساءة‭ ‬استخدام‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬متعمد‭ ‬مثل‭ ‬بعض‭ ‬البسطاء‭ ‬الذين‭ ‬يرفعون‭ ‬قضايا‭ ‬أمام‭ ‬المحاكم‭ ‬لأسباب‭ ‬تافهة‭ ‬لا‭ ‬تستحق‭ ‬أن‭ ‬نشغل‭ ‬بها‭ ‬أذهان‭ ‬القضاة‭ ‬ونعرقل‭ ‬بها‭ ‬سير‭ ‬العدالة‭ ‬ونعطل‭ ‬مصالح‭ ‬الناس‭ .. ‬مثل‭ ‬خلافات‭ ‬الجيرة‭ ‬من‭ ‬عينة‭ ‬تنقيط‭ ‬مياه‭ ‬الغسيل‭ ‬وإلقاء‭ ‬القمامة‭ ‬أمام‭ ‬المنازل‭ ‬ولعب‭ ‬العيال‭ ‬في‭ ‬الشارع‭.‬

أما‭ ‬القسم‭ ‬الثاني‭ ‬فهو‭ ‬من‭ ‬يسيئ‭ ‬استخدام‭ ‬حق‭ ‬التقاضي‭ ‬عن‭ ‬عمد‭ ‬مثل‭ ‬القضايا‭ ‬الكيدية‭ ‬المتبادلة‭ ‬بين‭ ‬الأزواج‭ ‬بهدف‭ ‬الانتقام‭ ‬والتشفي‭ ‬،‭ ‬ويندرج‭ ‬تحت‭ ‬نفس‭ ‬المسمى‭ ‬أيضا‭ ‬قضايا‭ ‬الابتزاز‭ ‬والتشهير‭ ‬التي‭ ‬يلجأ‭ ‬اليها‭ ‬بعض‭ ‬ضعاف‭ ‬النفوس‭ ‬وأصحاب‭ ‬الضمائر‭ ‬المنعدمة‭.‬

والنتيجة‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬ضياع‭ ‬وقت‭ ‬المحاكم‭ ‬في‭ ‬الفصل‭ ‬في‭ ‬آلاف‭ ‬القضايا‭ ‬الكيدية‭ ‬والتافهة‭ ‬مما‭ ‬يترتب‭ ‬عليه‭ ‬إهدار‭ ‬حقوق‭ ‬عشرات‭ ‬المتقاضين‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬مصيرية‭ ‬وضياع‭ ‬أعمارهم‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬أحكام‭ ‬منصفة‭ ‬تتأخر‭ ‬لسنوات‭ ‬بسبب‭ ‬تكدس‭ ‬المحاكم‭ ‬بملايين‭ ‬القضايا‭.‬

المستقرعليه‭ ‬فقهًا‭ ‬وقضاءً‭ : ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬لصاحب‭ ‬الحق‭ ‬أن‭ ‬يتعسف‭ ‬في‭ ‬استعمال‭ ‬حقه‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬يلحق‭ ‬ضررًا‭ ‬بالغير،‭ ‬حيث‭ ‬أن‭  ‬درء‭ ‬المفاسد‭ ‬أولى‭ ‬من‭ ‬جلب‭ ‬المنافع‭.‬

الحق‭ ‬في‭ ‬التقاضي‭ ‬مثل‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬الحقوق‭ ‬ينبغي‭ ‬استعماله‭ ‬بطريقة‭ ‬مشروعة‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬التعسف،‭ ‬فاستعمال‭ ‬الشخص‭ ‬لحقه‭ ‬في‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬القضاء‭ ‬ليس‭ ‬مطلقًا،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬مقيد‭ ‬بألا‭ ‬يكون‭ ‬استعماله‭ ‬لهذا‭ ‬الحق‭ ‬بطريقة‭ ‬غير‭ ‬مشروعة‭ ‬تلحق‭ ‬أضرارًا‭ ‬بالغير،‭ ‬–‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬فقهاء‭ ‬القانون‭ ‬–‭  ‬لأنه‭ ‬ممنوع‭ ‬من‭ ‬التعسف‭ ‬في‭ ‬استعمال‭ ‬أي‭ ‬حق‭ ‬من‭ ‬الحقوق‭ ‬التي‭ ‬تثبت‭ ‬له،‭ ‬فلا‭ ‬يجوز‭ ‬استخدام‭ ‬حق‭ ‬التقاضي‭ ‬بقصد‭ ‬الإساءة‭ ‬أو‭ ‬الكيد‭ ‬أو‭ ‬مضايقة‭ ‬الخصم‭.‬

وأكدت‭ ‬محكمة‭ ‬النقض‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬أحكامها‭ ‬ضوابط‭ ‬استعمال‭ ‬حق‭ ‬التقاضي‭ ‬فجاء‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬أحكامها‭ : ‬“إن‭ ‬حق‭ ‬الإلتجاء‭ ‬إلى‭ ‬القضاء‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الحقوق‭ ‬العامة‭ ‬التي‭ ‬تثبت‭ ‬للكافة‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يسوغ‭ ‬لمن‭ ‬يباشر‭ ‬هذا‭ ‬الحق‭ ‬الانحراف‭ ‬به‭ ‬عما‭ ‬شرع‭ ‬له‭ ‬واستعماله‭ ‬كيديا‭ ‬ابتغاء‭ ‬مضارة‭ ‬الغير‭ ‬وإلا‭ ‬حقت‭ ‬مساءلته‭ ‬عن‭ ‬تعويض‭ ‬الأضرار‭ ‬التي‭ ‬تلحق‭ ‬بالغير‭ ‬بسبب‭ ‬إساءة‭ ‬استعمال‭ ‬هذا‭ ‬الحق‭). ‬

وقضت‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬حكم‭ ‬آخر‭ ‬بأن‭ (‬حق‭ ‬الالتجاء‭ ‬إلى‭ ‬القضاء‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬الحقوق‭ ‬التي‭ ‬تثبت‭ ‬للكافة‭ ‬فلا‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬استعمله‭ ‬مسئولا‭ ‬عما‭ ‬ينشأ‭ ‬عن‭ ‬استعماله‭ ‬من‭ ‬ضرر‭ ‬للغير‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬انحرف‭ ‬بهذا‭ ‬الحق‭ ‬عما‭ ‬وضع‭ ‬له‭ ‬واستعمله‭ ‬استعمالاً‭ ‬كيديًا‭ ‬ابتغاء‭ ‬مضارة‭ ‬الغير”‭.‬


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة