مومياء رمسيس الثاني
مومياء رمسيس الثاني


تزييف ثلاثى الأبعاد

متحف إيطالي يستنسخ مومياء «رمسيس الثاني» .. خبراء: أجساد ملوكنا ليست قطعًا أثرية

حازم بدر

الأحد، 21 أبريل 2024 - 09:44 م

ليس غريبًا أن تقدم بعض الدول على استنساخ قطع أثرية مصرية وتضعها فى متاحفها، وذلك وفق اشتراطات قانونية، ولكن الغريب ما أقدم عليه متحف إيطالى، تعامل مع مومياء «رمسيس الثانى» كقطعة أثرية، وقام باستنساخها وإتاحتها للعرض، وتمكين الزوار من لمسها.

ونشر متحف «الشرق الأدنى ومصر والبحر الأبيض المتوسط»، بجامعة سابينزا فى روما، مقالة علمية فى مجلة التراث الثقافى، توضح تفاصيل التجربة المثيرة للجدل، والتى اعتبرها أثريون «إهانة لأحد ملوك مصر القديمة». 

ووفق ما جاء فى المقالة العلمية، التى اطلعت «الأخبار» عليها، فقد استخدم الباحثون مواد عضوية ومتوافقة حيوياً، لإعادة إنتاج نسخة من المومياء، وذلك عبر ست خطوات قاموا بتوضيحها فى المقالة، وهى: «أولا: تم استخدام الصور المتاحة لحالة جثة رمسيس الثاني المحنطة فى عام 1912، لبناء نسخة ثلاثية الأبعاد من أجزاء جسم المومياء باستخدام أحد البرامج مفتوحة المصدر (Cloud Compare)، وقالوا إن هذا البرنامج أتاح إعادة إنتاج الأشكال والنسب الصحيحة التى تميز أجزاء جسم «المومياء» الأصلية، ثانيا: بعد الحصول على النموذج ثلاثى الأبعاد، تم استخدام تقنية متطورة من الطباعة ثلاثية الأبعاد، لطباعة أجزاء الجسم ثم التجميع اللاحق لها، وتم استخدام مادة «حمض البولى لاكتيك» فى الطباعة، وهو بلاستيك حيوى شائع جدًا يتم إنتاجه من الذرة، ثم تم تجميع جميع القطع بواسطة مسامير خشبية.. ثالثا: تم تغليف المنتج بطبقة سمكها 0.2-0.6 مم من الطين البنى المحمر البلاستيكى المنقى، والتى تم من خلالها تحديد التفاصيل الأكثر دقة يدوياً، وشمل ذلك التفاصيل التشريحية، خاصة وجه الفرعون ويديه وقدميه، حيث تم تشكيلها بعناية من الطين، مع التحكم بمساعدة الكمبيوتر فى مستويات السطح، وأصبحت هذه القاعدة الصلبة جاهزة فى النهاية لإيواء جلد المومياء الاصطناعى المصنوع من السليلوز النانوى.. رابعا: تمت تغطية قاعدة المومياء المطبوعة ثلاثية الأبعاد والمصنوعة من الطين بصفائح نانوية سليلوز ميكروبية، وهى مادة مصنعة حيويا من البكتيريا والخمائر، وتقدم هذه الطبقة من السليلوز النانوى بنية متشابكة ثلاثية الأبعاد مع مصفوفة مسامية فريدة من نوعها، وخصائص ميكانيكية جيدة».. خامساً: أجريت اختبارات التفاعل بين الجلد المجفف وملح النطرون وزيت الأرز وراتنجات شجرة الصنوبر وشجرة الأرز، وأظهرت أن هذه الأملاح والمراهم يمكن أن تحمى من الهجمات الحشرية والفطرية.. سادسا: تم لف «نسخة المومياء» بشريط من الكتان ارتفاعه 0.4 متر وطوله حوالى 10 أمتار، وبأشرطة أصغر ارتفاعها 0.07 متر على الذراعين، وتم صنع تابوت بسيط مصنوع من الورق المقوى المطلى لاستضافة «نسخة المومياء».

وأكد لورنزو نيجرو، مدير متحف الشرق الأدنى ومصر والبحر الأبيض المتوسط بجامعة سابينزا فى روما، أن نسخة المومياء تم إعدادها بمواد صديقة للبيئة، ولم يؤد لمس تلك النسخة من قبل العلماء وزوار المتحف إلى تغيرات ملحوظة فى مظهرها.

من جانبه، وصف زاهى حواس، وزير الآثار الأسبق، النسخة المنتجة بأنها «نسخة رديئة جداً»، ولا علاقة لها إطلاقاً بالملك رمسيس الثانى.
وقال حواس فى تصريح خاص لـ»الأخبار»، إنه «كان يتعين على المتحف الإيطالى الحصول على موافقة المجلس الأعلى للآثار، قبل الإقدام على  الاستنساخ».

 ووصف تلك الخطوة بأنها «خرق واضح لقانون الآثار المصرى الذى يشترط ذلك».

وأضاف أنه تعجب أيضًا من وصف رمسيس الثانى فى المقالة العلمية بأنه «فرعون موسى»، وهذه المعلومة «غير صحيحة»، ولا يوجد عليها أى دليل علمى عليها.

وطالب بضرورة مخاطبة المتحف الإيطالى لرفع هذه النسخة من مومياء رمسيس الثانى.

بدوره، رفض منصور بريك، عالم الآثار المصرى، ما ذهب إليه حواس من التعامل مع المومياء كقطعة أثرية يمكن استنساخها بعد الحصول على الموافقة.

وقال بريك، فى تصريح لـ»الأخبار» : «ملوكنا ليسوا قطعاً أثرية، حتى تستنسخ، فهؤلاء ملوك عظام فى تاريخ الشرق الأدنى القديم، ويجب احترامهم».

وأضاف: «المومياء جسد بشرى محنط، والأقدام على استنساخها هى سابقة فريدة لم تحدث قبل ذلك، ويجب الضغط بكل السبل لوقف هذه المهزلة».

من جهته، استبعد بسام الشماع، كاتب علم المصريات وعضو الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، أن يكون هذا التوجه بعرض نسخ المومياوات، محققاً لأهداف الحملة التى نادى بها منذ سنوات، والتى طالب فيها بضرورة منع عرض المومياوات، باعتبارها أجسام بشرية ينطبق عليها حرمة الموتى.

 وتساءل فى تصريح لـ «الأخبار»: « هل ستوافق إيطالياً مثلاً على عرض نسخة من جسد الملك يوليوس قيصر أو نيرون، ولماذا تهان أجساد ملوك مصر القديمة بهذا الشكل».

واختتم قائلاً: «هذا هراء يجب مخاطبة المتحف الإيطالى بوقفه فورا، وقطع العلاقات العلمية معهم إن لم يستجيبوا لذلك».


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة