مذكرات كبار الكتاب والأدباء والفنانين
مذكرات كبار الكتاب والأدباء والفنانين


المذكرات المطبوعة تلقى رواجاً دائماً

المشاهير يفضلون الحكي على الورق

سيد علي

الأحد، 28 أبريل 2024 - 05:49 م

تحظى السيرة الذاتية للمشاهير بإهتمام بالغ سواء على مستوى المتلقى- قارئ ، مستمع، مشاهد- أو صاحب السيرة أياً كان مجال عمله، ويكون الهدف منها: إبراز وتوثيق حياة الأفراد البارزين، والمؤثرين فى المجتمع، وإلقاء الضوء على تجربتهم الإنسانية، وصياغتها بدقة وموضوعية، وتقديمها فى شكل قصصى مثير للإهتمام، ممتع وجذاب فى متناول المتلقين، ولا شك أن أهمية هذه السير والمذكرات تتوقف على عدة عوامل، ومدخلات لعل أهمها: مكانة صاحبها، وشهرته بين الناس، وفعالية الدور الذى لعبه فى تخصصه، أو فى الحياة بشكل عام، وما قدمه من أعمال، وأيضاً مدى التزامه بالدقة والأمانة والمصداقية فيما يقص ويحكى.

ومنذ القدم احتلت المخطوطات، والمطبوعات صدارة الوسائل المُستخدمة فى توثيق السير، ومع مرور الزمن والتطور التقنى المذهل ظهرت وسائل، ووسائط أخرى متعددة لحفظ هذه السير كالأفلام و«الفيديو» والكتاب «الإليكترونى»، فضلا عن المسموع، لكن يظل الكتاب المطبوع متربعاً على عرش هذه الوسائل لما له من مميزات لا تتوافر فى غيره، وتمتلئ المكتبات بالعديد من كتب تروى فى طياتها قصص، وحكايات حياة المشاهير، منها -  على سبيل المثال -  وليس الحصر:، «فريد شوقى ملك الترسو» لإيريس نظمى، «مذكرات صلاح أبو سيف» لعادل حمودة، وقد شهدت الأعوام الأخيرة زيادة كبيرة فى أعداد كتب السير والمذكرات سواء كتبها أصحابها، أو كتبها آخرون عن شخصياتٍ بارزة ومؤثرة فى الحياة الإنسانية، مثل: «مذكرات رءوف غبور، خبرات ووصايا»، «الرواية.. رحلة الزمان والمكان» د. مصطفى الفقى، ومؤخراً مذكرات «مجدى يعقوب، جراح خارج السرب»، من هنا حاولنا استخلاص الإجابة عن السؤال : لماذا يفضل المشاهير توثيق سيرتهم الذاتية عن طريق الكتاب المطبوع، وليست الوسائل العديدة الأخرى؟

المطبوع يبقى
البداية كانت مع الخبير فى عالم النشر، محمد رشاد رئيس اتحاد الناشرين العرب: «طبعاً سؤالك مهم جداً، المشاهير أو الساسة والقادة، ومن لهم بصمات، وتأثير كبير فى الحياة العامة، فى أية دولة ، دائما يفضلون الكتاب المطبوع لتوثيق سيرتهم، لأن الكتاب المطبوع يبقى، فنحن نمتلك أكثر من 3 ملايين مخطوطة كُتبت باليد من أكثر من ألف سنة، وما زالت لدينا مخطوطات عن السيرة النبوية من القرن الثانى الهجرى، ومخطوطات قدماء المصريين والأشوريين، أما بالنسبة للوسائل الأخرى سواء «مواقل التواصل» بكافة أنواعها، أو كتاب رقمى أو صوتى أو مدونات موجودة، أعتقد أنها تزال فيما بعد، لكن الكتاب الورقى هو الذى يبقى».

قطعة أثرية
من جانبه، أكد المفكر الكبير، د. مصطفى الفقى، أن المشاهير يفضلون الكتاب المطبوع لأنهم تعودوا عليه، ولأنه ارتبط تاريخياً منذ عصر المخطوطات، وقبل اختراع الطباعة، بأن هناك علاقة حميمية بين الإنسان، وما هو مكتوب على الورق، أما ما نراه على الشاشات بسرعة ويختفى ولا يأتى إلا باستدعائه، فهو أمر آخر، والأجيال الجديدة لم تتعود على القراءة فى الكتب، وما نراه الآن على صفحات «الفيسبوك» و «السوشيال ميديا» وغيرها، يعتبر هو ما تلقفته فى حياتها، ولم ترِ قبله شيئاً آخر، وبالتالى فإن ارتباطها به قوي، إنما سوف يظل الكتاب على عرشه مهما تغيرت الأوضاع وازدادت الاكتشافات وتنوعت الاختراعات، لأن الورقة المطبوعة ليست مجرد وثيقة، ولكنها قطعة أثرية.. ومن جانبه يقول الناقد المتميز د. حسين حمودة: «يفضل المشاهير توثيق سيرتهم الذاتية عن طريق الكتاب المطبوع، وليس عبر وسائل أو وسائط أخرى، ربما لأنهم فى حالة الكتاب المطبوع يستطيعون القيام بعمليات متعددة من التعديل، والحذف والإضافة، والتدقيق، بحيث يتأكدون من أن هذه المذكرات لن تتسبب فى بعض المشكلات المرتبطة ببعض الشخصيات من المقربين منهم أو من غير المقربين، وقد كان هذا هو السبب فى أن «نجيب محفوظ» تردد كثيراً فى كتابة أو نشر سيرة ذاتية خالصة له، واكتفى ببث بعض سيرته الذاتية مع رجاء النقاش، وجمال الغيطاني، وربما أيضاً لأن الكتاب المطبوع أكثر من أية وسيلة أخرى، يسمح لمن يكتب مذكراته بأن يكون هو المسئول الوحيد عنها.

البساطة والإيقاع السلس
أما الكاتب والناشر، حسين عثمان المسئول عن إحدى دور النشر المتخصصة فى نشر السير والمذكرات، فيؤكد قائلا: أننا لا نستطيع أن نقول فى حكم مطلق أن المشاهير يفضلون الكتاب المطبوع، أحياناً نواجه تحدياً مع الشخصيات المشهورة فى مسألة توثيق السيرة أو المذكرات من خلال الكتاب المطبوع، وحجتهم أنه لم يعد هناك من يهتم بقراءة المطبوع، ونحن نحاول أن نقنعهم بأن الورقى سواء كان كتاباً أو صحيفة أو مجلة هو التوثيق، وأن الكتاب المطبوع ما زال له مريدون حتى من الأجيال الجديدة، ويظل، حتى هذه اللحظة، له سحره، وسره، ولا يستطيع أحد أن يفك شفرته، كل وسيلة لها قراؤها، مطبوع أو إلكترونى، ونحن من جانبنا، فى» دار ريشة» ، نحاول طوال الوقت أن نراعى فكرة الإيقاع السلس والبساطة للغة العربية دون الإخلال بالفصحى.

وقالت د. هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع جامعة بنها: « إن الكتاب المطبوع أكثر توثيقاً، وأكثر قدرة على الاستمرارية ويمكن الرجوع إليه بشكل سريع، لكن أعتقد أنه مع تطور وسائل «التواصل الاجتماعى» سيصبح هذا المتغير له صبغة أخرى، وستنشر السيرة الذاتية عن طريق قنوات أخرى غير المطبوع، فالكل يتم تداوله حالياً عن طريق الإنترنت، لكن سيظل الكتاب المطبوع أكثر توثيقاً وأكثر قدرة على الاستمرارية وهذا ما يجعله مفضلاً عند المشاهير».

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة