الموسيقار محمد عبد الوهاب
الموسيقار محمد عبد الوهاب


اعترافات موسيقار الأجيال

محمد السرساوي

الأحد، 28 أبريل 2024 - 05:51 م

عندما نشاهد الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب يتحدث فى لقاءاته التلفزيونية، نجد أنفسنا منجذبين إلى حديثه، نستمع إلى صوته الوقور، خاصة فى مقابلته مع الإعلامى الراحل مفيد فوزى، التى جرى تسجيلها أثناء أداء أغنية «من غير ليه»، حيث تحدث الموسيقار الكبير، وحوله العازفون والموسيقيون ينصتون إلى الحوار الشيق مع «مفيد»؛ وهذا يؤكد أن شعبنا يحمل محبة خاصة لموسيقار الأجيال، ولذلك تهتم الجموع من مختلف الشرائح السنية بالتعرف على كل تفاصيل حياته سواء الشخصية أوالفنية.

تشبه حياة «عبد الوهاب» القصر الهائل الملئ بالغرف التي لم تفتح بعد، وهنا يفتح الباحث والكاتب الصحفى «محمد دياب» بعض هذه الأبواب المغلقة من خلال كتابه «مذكرات الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب- المنشورة فى مجلتى: «الاثنين» عام 1938، و«الكواكب» عام 1954»؛ المليء بالمغامرات الطريفة للموسيقار الكبير، وقد جمع المؤلف هذه المذكرات فى كتابه الصادر عن دار المرايا من خلال إعادة نشر حلقات   نشرت فى مجلتى: «الاثنين الفكاهية» و«الكواكب» الفنية، تحكى قصة حياة «عبدالوهاب»، وعبرها سرد الموسيقار الفذ عددا من المواقف التى قابلها فى مقتبل عمره، ومن بينها حكاية حدثت فى فترة انضمامه إلى فرقة «عبد الرحمن رشدى» التى احتاجت إلى ممثلة لتؤدى دور فتاة صغيرة اسمها «آدا» فى رواية «الموت المدني»، فاضطروا إلى اختيار «عبد الوهاب» ليؤدى دور الفتاة، وأثناء تمثيله للدور، وقع أحد الجماهير فى غرام «آدا»، وكان شابا وسيما، حسن الطلعة، اسمه أحمد حسن -الذى أصبح كاتبا صحفيا فيما بعد- قابلها فى «الكواليس»، أمسك بيدها، وأخذ يبثها غرامه، ويشرح وجده وهيامه، فقد عشقها من أول نظرة، وطلب أن يقابلها بعد انتهاء العرض، ويقول «عبد الوهاب» فيما يشبه الاعتراف: بعد انتهاء العمل خرجت مرتديا بذلتى «الرجالى» طبعا، وكدت أموت من الضحك حين شاهدت صاحبنا واقفا على نار فى انتظار محبوبته «آدا» التى اختفت من عالم الوجود نهائيا، وتركت وراءها نيرانا مضطربة فى فؤاد ذلك العاشق الولهان، وفى صباح اليوم التالى غادرنا المدينة، ولم يشأ هذا المحب إلا أن يكون فى وداع الفرقة على رصيف القطار، عله يفوز بنظرة واحدة من فتاته المعبودة، ولست أدرى ما غمر فؤاده من الظنون حين لم يجدها معنا فى القطار ؟
ويحكى عبد الوهاب عن بداية خطواته فى تلحين الأغاني، أنه كان يلحن الأخبار الصحفية التى تنشر فى جريدة «المقطم»: وتساءل: لم لا ألج باب التلحين، ولو كتجربة أختبر فيها معلوماتي، وأقف على مقدار ما أفدت من السماع، والاستيعاب؟ صح عزمى على ذلك، ولكن وقفت فى سبيل ذلك عقبة تحتاج إلى التذليل، وهى المؤلف الذى ألجأ إليه ليضع لى القطعة التى أقوم بتلحينها، فمن هو ذلك المؤلف الذى يلتفت أو يهتم لصبى مثلي؟ ومن هو ذلك الكاتب الذى يرضى أن يضيع وقته ليكتب شيئًا يوكل أمر تلحينه إلى غلام فى سنى إذ ذاك؟..هيئ لى الفرصة فوقعت فى يدى يوما نسخة من صحيفة المقطم، وفيما أنا أتلو أنباءها، جالت فى رأسى فكرة؛ هى : لماذا لا أستغنى عن المؤلفين، والتوسل إلى المؤلفين بهذه الصحيفة نفسها؟ ولماذا لا أختار خبرا معينا وألحنه؟!»، ويحكى عبد الوهاب عن روايته المفضلة «ماجدولين» لمصطفى لطفى المنفلوطي، حيث وقع فى حب بطلة الرواية، فرسمها فى مخيلته « إنها خمرية اللون شاحبة الوجه، لا يشوب صفاءه ذلك البريق الكاذب من أصباغ، ومعاجين برعت فى استعمالها السيدات والآنسات فى هذا العصر، بالرغم من أن حياة محمد عبد الوهاب تشبه النهر الممتلئ بالأسرار إلا أنه لم يكشف أسراره بعد، ويعد هذا الكتاب إضافة مهمة وثقت تجربة عاشق الروح.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة