كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

المفاوضون المصريون الصابرون!

كرم جبر

السبت، 11 مايو 2024 - 07:54 م

لا أدرى من أين حصل مندوب إسرائيل فى الأمم المتحدة جلعاد أردن على "مفرمة الجيب" الصغيرة، التى مزق بها ميثاق الأمم المتحدة، وهل تباع فى المكتبات أم صُنعت خصيصًا لهذا الغرض؟ وكيف هداه تفكيره المريض إلى هذا المشهد الهزلى؟

ولأنه دبلوماسى بدرجة وقح، فقد هاجم هيئة الأمم المتحدة ووصفها بالوقاحة، وهو يصيح "عار عليكم"، رافعًا صورة "السنوار" زاعمًا أن التصويت لصالح عضوية فلسطين فى الأمم المتحدة يعنى العودة إلى النازية، وأن هتلر الجديد "السنوار" سوف يدمر العالم.

كانت ملامح "جلعاد" شيطانية، وتعبيرات وجهه هيستيرية، وكلماته سوقية، امتدادًا لحملات الابتزاز المستمرة، التى ترهب بها إسرائيل وقادتها من يختلف معهم فى الرأي، ومن يتعاطف مع المدنيين الذين يسقطون ليل نهار فى واحدة من أكبر المجازر الإنسانية.

وقاحة مندوب إسرائيل فى الأمم المتحدة تعكس حالة التوتر التى تعيشها بلاده، فى حرب تصورت أنها مجرد نزهة، فصدمتها المقاومة العنيفة لحماس، وجعلتها تفقد أعصابها، وتتمادى فى حرب الإبادة الجماعية.

ليس وحده وليسوا قادة إسرائيل فحسب المصابون بالتوتر، فالرئيس الأمريكى بايدن أصابته نفس العدوى، وصار يقول كلامًا متناقضًا ومتعارضًا وعكس بعضه، تارة يزعم بأنه سيوقف إرسال قنابل القتل إلى إسرائيل، ويستدرك بأن بلاده ليس لديها أدلة على استخدام إسرائيل للقنابل الأمريكية ضد المدنيين.
ولم يسأل بايدن نفسه: كيف قُتل أكثر من 35 ألف فلسطينى فى مجزرة نتنياهو التى تشبه محرقة هتلر إذا لم تكن القنابل الأمريكية هى السبب؟ وأن قنابله الذكية الغبية، لا تفرّق بين مقاتلى حماس والنساء والأطفال.

أمريكا تحاول أن تبرئ نفسها من الجرائم التى ترتكبها قنابلها ضد الإنسانية، وتريد أن ترتدى ثوب الدولة الرحيمة المدافعة عن حقوق الإنسان، بعد أن سقطت كل الأقنعة عن وجهها الآخر الملطخ بالدماء.

وهتلر الجديد الملقب بنتنياهو أعاد للبشرية صورًا من أقبح عصور الهمجية، وصار يمضى إلى نهايته بسرعة صواريخه، ويرتدى قناع السفاح الذى يزعم كذبًا أنه يدافع عن البشرية ضد خطر حماس.

وكان الله فى عون مصر ورئيسها والمفاوضين الصابرين الشجعان، الذين يتحلون بأقصى درجات التحمل وطول البال، لإدارة مفاوضات هى الأصعب مع أطراف يتسلحون بالخداع والمكر والمماطلة، وكأنهم لا يريدون التوصل إلى صيغة توافقية لوقف نزيف الدم وأرواح الشهداء، وتطلق سراح الرهائن الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين.

مصر ستظل على صبرها وإصرارها حتى تصل إلى التهدئة ووقف إطلاق النار، وفتح ملفات القضايا العالقة، وعلى عهدها فى حمل القضية الفلسطينية على أكتافها، والدفاع عن الشعب الفلسطينى حتى ينال حقوقه المشروعة وقيام دولته المستقلة.

الأيام القادمة هى المصيرية، ليس لتحديد مسار القضية الفلسطينية فحسب وإنما الشرق الأوسط برمته، فهل يعود الهدوء والاستقرار إلى دول وشعوب المنطقة، أم تدخل نفقًا مظلمًا لا يعلم أحد نهايته؟
 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

مشاركة