مهرجان كان السينمائى
مهرجان كان السينمائى


عن النجوم والأفلام وحرية التعبير خيبة الأمل فى مهرجان كان السينمائى السابع والسبعين

هويدا حمدى

الثلاثاء، 21 مايو 2024 - 05:19 م

بين زحام عشاق السينما والنجوم وصخب المدينة الساحرة، التى تحتضن أحد أهم وأعرق المهرجانات السينمائية فى العالم، تتوالى عروض أفلام الدورة السابعة والسبعين لمهرجان كان التى بدأت فعالياتها الثلاثاء ١٤ مايو وتستمر حتى ٢٥ مايو ٢٠٢٤، ليلة الختام وإعلان الجوائز، وتتويج الفائزين بسعفة كان المرموقة.

حظيت الدورة الحالية بمشاركة أسماء كبيرة ونجوم ساطعة فى عالم السينما، رفعت من سقف التوقعات بدورة استثنائية وأفلام مبهرة، لكن مع مرور الأيام والعروض، تبدو التوقعات حلما أتلفته اختيارات المهرجان الذى ربما انبهر بالأسماء والموضوعات المفضلة لديه دائما، فخيبت اختياراته الآمال، وجاءت أفلام المسابقة مهما كان صانعها - حتى اليوم السابع للمهرجان - محبطة، ليس بها سوى بريق النجوم الذى لن يبقى فى الذاكرة بعد الختام.

لم يكن الإحباط من الأفلام فقط، لكن خيب المهرجان توقعاتنا بفرضه حصارا شديدا على ضيوفه من الصحفيين والنقاد وصناع الأفلام، حصارا سياسيا يتنافى مع حرية الرأى التى طالما تباهى بها المهرجان العريق. قبل انطلاق دورته السابعة والسبعين أعلنت إدارة المهرجان حظر أى تظاهرات أو وقفات احتجاجية تضامنا مع فلسطين، على سجادته الحمراء الشهيرة، أو أمام قصر المهرجانات وفى المدينة بشكل عام!

قرار تعسفى ينافى الحريات التى يزعم منظمو المهرجان دعمهم لها، خاصة وكل مهرجانات العالم التى أقيمت هذا العام سمحت بالتعبير والتضامن مع أى من الجانبين الفلسطينى أو الإسرائيلى وبحرية تامة، فقط كانت هناك قواعد تنظم الوقفات وتضمن عدم تجاوز أى من الجانبين، حدث هذا فى صندانس وبرلين وغيرهما فى أوروبا وأمريكا على حد سواء، بل سمحت السلطات الأمريكية بتنظيم الوقفات الاحتجاجية فى هوليوود ليلة الأوسكار فى مارس الماضى، أما مهرجان كان والذى تضامن مع أوكرانيا بمختلف الأشكال العامين الماضيين، وتضمن حفل افتتاحه خطابا سياسيا لرئيس أوكرانيا الدورة قبل الماضية، قرر أن يتعامل بازدواجية صارخة مع ما يحدث الآن، متجاهلا حرب الإبادة التى تتم فى غزة، ومطالبا الجميع بالصمت.

اقرأ أيضاً| كيت بلانشيت.. أسترالية بقلب فلسطينى

لم يغفر للمهرجان اختيار الفيلم الفلسطينى "إلى أرض مجهولة" لمهدى فليفل للمشاركة فى مسابقة "نصف شهر المخرجين" والذى سيعرض فى التاسعة إلا الربع صباح اليوم، ولا أعرف كيف سيمر العرض واليوم دون أى شكل من أشكال التضامن والتعبير عن الغضب.. الغريب، اختارت إدارة المهرجان فيلما وثائقيا فرنسيا عن غزة، سبق عرضه، الفيلم الفلسطينى بعنوان "جميلة من غزة" للمخرجة الفرنسية يولاند زوبرمان عن هروب فتيات متحولات جنسيا من غزة إلى تل أبيب بحثا عن الحرية!! فهل كان اختيار الفيلم المتواضع جدا للمشاركة ضمن العروض الخاصة محض صدفة؟ لا أعتقد، وفى كل الأحوال لم يكن اختيارا موفقا، بل غريبا وصادما، إلا إذا كان المهرجان يدعم الحق فى الحرية الجنسية ولا يدعم الحق فى الحياة والوطن!

رغم كل التحفظ والحظر الذى يبدو أنه وافق هوى النجوم وصناع السينما فى كان، إلا أن عددا قليلا جدا عبر عن موقفه فى صمت، بارتداء شارة تحمل رمز المقاومة الفلسطينية، هى فى الواقع صورة للبطيخ والذى أصبح رمزا لأنه بألوان علم فلسطين الأخضر والأحمر والأسود.

من يفوز بالسعفة الذهبية؟

ضمت مسابقة المهرجان أفلام عمالقة، لن تسمح المساحة الآن بالكتابة عنها، وإنما سيكون ذلك فى الأعداد القادمة على التوالى. فى المقدمة كان فرانسيس فورد كوبولا وفيلمه المنتظر"ميجالوبوليس" فيلم أحلامه الذى عمل عليه لسنوات طويلة، وبالتأكيد توقعنا ملحمة فنية رائعة جديدة تنضم لإنجازاته الفنية الخالدة، لكن الحلم تبخر، والفيلم الذى حشد له كوبولا كل الإمكانات والنجوم لم يكن أكثر من صرح من خيال، خيب آمالنا ونحن نتابع التخمة التى أصابت الفيلم بعدما وضع المخرج المخضرم كل ما لديه من أفكار وتكنيك فى فيلم واحد، فخرج الأمر عن السيطرة، وأصبح مجرد صخب فنى عالى النبرة.. الفيلم بطولة آدم درايفر وفورست ويتكر وجون فويت وشيا لابوف وكثير من النجوم.

ولم يختلف الأمر مع جديد يورجوس لانثيموس، المخرج اليونانى المتميز، فقد خيب فيلمه "أنواع من اللطف" الآمال، بعدما حشد فيه كل الغرائب، والتى بدت أفعالا وأحداثا لا منطق لها إلا إذا كانت محاولة للمخرج للتفوق على سادية الحياة الآن. الفيلم بطولة نجمته المفضلة إيما ستون ووليام دافو.

وكان الحال أسوأ مع أفلام تبدو الغاية فى اختيارها لأنها تخدم توجهات سياسية خاصة، مثل فيلم "Limonov: The Ballad of Eddie" لكيريل سريبرينكوف، وهو عن حياة الشاعر السوفيتى إدوارد ليمونوف، أدى الشخصية ببراعة بن ويشا وكان من أفضل عناصر الفيلم.

مرورا بأفلام أخرى اختيرت لدواعى وجود النجوم على الريد كاربت، منها إفلام الخيال العلمى "Substance" بطولة ديمى مور،و"The Shrouds" بطولة فانسان كاسيل وديان كروجر، و"Oh, Canada" بطولة ريتشارد جير وأوما ثورمان، و”Emilia Perez” بطولة زو سالدان وكارلا صوفى المتحولة جنسيا ولعبت دور إمبراطور مخدرات متحول جنسيا أيضا وسيلينا جوميز.

ويخرج من هذه الدائرة فيلمان متميزان، لم يصلا لسقف الطموحات العالية، لكنهما متميزان، وهما " The Girl with the Needle” للمخرج السويدى المتميز ماجنوس فون هورن، وفيلم "Apprentice” للمخرج الإيرانى على عباسى عن رحلة صعود الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب وعلاقته بالمحامى الفاسد روى كوهين، وهى القضية المتداولة الآن فى أمريكا.

وتستمر العروض والمنافسة حتى السبت ٢٥ مايو، لنرى من يفوز بالسعفة الذهبية للدورة السابعة والسبعين.

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 

مشاركة