من «الجنائية» إلى «العدل».. تل أبيب فى قفص الاتهام
من «الجنائية» إلى «العدل».. تل أبيب فى قفص الاتهام


من «الجنائية» إلى «العدل».. تل أبيب فى قفص الاتهام| أسبوع أسود على إسرائيل

أسامة الأزهري

السبت، 25 مايو 2024 - 06:30 م

لن أبالغ إذا قلت إن إسرائيل تعيش أصعب فترات وجودها بعد تعدد التحديات وتنوع الإخفاقات، فشل مستمر من أكثر من سبعة أشهر على الصعيد العسكرى حيث لم تحقق أياً من أهدافها المعلنة مع بداية طوفان الأقصى والذى انعكس على خلاف غير مسبوق على المستوى العسكرى والسياسى وانقسام داخلى بين قطاعات الشعب واكتساب القضية الفلسطينية أرضاً جديدة وأنصاراً بالعشرات.

ومن ذلك التصويت غير المسبوق فى الأمم المتحدة على أحقية قبول فلسطين كدولة عضو فى المنظمة الدولية والجديد هو اعتراف ثلاث دول أوربية مجتمعة على الاعتراف بالدولة الفلسطينية فى انتظار دول أخرى فى الطريق.

لم تتوقف الأمور عند ذلك الحد حيث دخلت منظمات الشرعية القانونية الدولية على الخط فى منتصف الأسبوع بقرار استثنائى بملاحقة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية ومسؤوليتهما.

معاً عن كل ما يجرى على الأرض من عدوان واستهداف للمدنيين وخاصة النساء والأطفال وجاءت اللطمة الثانية من محكمة العدل الدولية فى القضية التى رفعتها جنوب إفريقيا  فى التاسع والعشرين من ديسمبر الماضى  ودعمتها  العديد من دول العالم حيث أمرت إسرائيل بوقف عملياتها العسكرية أو أى أعمال أخرى فى رفح جنوب القطاع.

وفتح معبر رفح لدخول المساعدات الإنسانية، وضمان وصول أى لجنة تحقيق أو تقصى حقائق بشأن تهمة الإبادة الجماعية، وأن تقدم للمحكمة خلال شهر تقريراً عن الخطوات التى ستتخذها فى هذا الشأن واعتبر الحكم   أن الهجوم العسكرى فى رفح تطور خطير يزيد معاناة المواطنين.

لا سيما أنه تسبب بنزوح نحو ٨٠٠ ألف شخص من رفح منذ بدء الهجوم البرى فى السابع من مايو الجاري وهذه محاولة للإجابة على العديد من التساؤلات ومنها على سبيل المثال لا الحصر كيف ستتعامل تل أبيب مع هذه الأحكام وهل هى ملزمة وهل هناك خطة جاهزة لذلك وما هو تأثير تلك الأحكام على الداخل الإسرائيلى وعلاقاتها مع دول العالم وكذلك على مواقف الدول الداعمة لها وفى القلب منها واشنطن؟!

اقرأ أيضاً| ماذا يحدث داخل جيش الاحتلال الإسرائيلي؟.. مسؤول بمنظمة التحرير يجيب

 

الدعم الأمريكى.. هل ينقذ حكومة نتانياهو من الزلزال؟

محمد نعيم

برامج عقابية واحترازية تصيغها إسرائيل ضد السلطة الفلسطينية، للحيلولة دون صدور قرار من المحكمة الجنائية الدولية، يقضى باعتقال قادة الدولة العبرية على خلفية جرائم الحرب والإبادة الجماعية الإسرائيلية فى قطاع غزة. وتضع تل أبيب السلطة الفلسطينية محورًا مهمًا فى برامجها المزدوجة، ففى حين تسعى لفرض سياسات عقابية، تتحرك بوتيرة سريعة لمحاصرة رام الله، وإجبارها على مطالبة المحكمة الجنائية الدولية بالتراجع عن إصدار قرار مناوئ لإسرائيل، واستخدمت فى ذلك أكثر من ورقة ضغط:

أولًا: إلغاء ما يوصف بـ«فك الارتباط» الكامل عن الضفة الغربية، وهو ما يبتلع مساحة ليست بالقليلة من أراضى شمال الضفة، ويشرعن النقاط الاستيطانية غير القانونية هناك.

ثانيًا: الشروع فى قطع قنوات الاتصال بين منظومة البنوك الفلسطينية ونظيرتها الإسرائيلية، وهى خطوة قد تغلق شريانًا حيويًا يغذى الاقتصاد الفلسطيني، حسب اعتراف وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين. ثالثًا: تجميد تحويل عائدات الضرائب الفلسطينية للسلطة (المقاصة)، لاسيما بعد تأكيد وزير المالية بتسلئيل سيموتريتش أن وزارته «لن تمدد علاقات التعاون الممنوحة للبنوك الإسرائيلية، التى تحوِّل الأموال إلى البنوك الفلسطينية فى الضفة الغربية».

وبينما تتوقع إسرائيل تجاوبًا فلسطينيًا مع الضغوط الثلاثة الأخيرة، ردت استباقيًا ونيابة عن السلطة الفلسطينية على سؤال: ما المبرر الذى تقنع به رام الله المحكمة الجنائية الدولية للتراجع عن صدور قرارات ضد إسرائيل؟، وأشارت إلى إمكانية تبرير السلطة الفلسطينية طلبها بـ«الخوف من تصعيد العمليات العسكرية الإسرائيلية فى غزة، أو إلحاق ضرر جسيم بالسلطة الفلسطينية».

المحرر العسكرى لصحيفة «يديعوت أحرونوت» رون بن يشاي، لم يوص بالتعامل مع الأزمة من خلال «عقاب» السلطة الفلسطينية، وإنما رأى أنه لابد من تعاون إسرائيلى سريع مع أطراف دولية تدعم المحكمة الجنائية مثل ألمانيا؛فالأخيرة على عكس الولايات المتحدة وإسرائيل، عضو فى المحكمة، وإذا عارضت صدور قرار اعتقال ضد نتانياهو ووزير دفاعه جالنت مثلًا، فسيكون لمعارضتها وزن كبير.

ولا تخلو وصايا بن يشاى من وصايا اعتبرها مراقبون فى تل أبيب متأخرة، ومنها: منع جنود الاحتلال من تحميل ونقل صور وتسجيلات إلى شبكات التواصل الاجتماعي، سواء كانوا هم أنفسهم أو أصدقاءهم. وأشار إلى أن ذلك يتيح للفلسطينيين ومناصريهم توجيه اتهامات لجنود الجيش الإسرائيلي، وقال نصًا: «أى رقصة إسرائيلية فى غزة تذهب إلى «التيك توك» يمكن استغلالها ضد إسرائيل»..

إلى ذلك، أفادت تسريبات عبرية موثقة بأن إحدى اللجان السريًّة الإسرائيلية المعنية بوضع حلول لتفادى قرارات ضد إسرائيل فى المحكمة الجنائية الدولية، صاغت هى الأخرى وصايا تقضى بممارسة ضغوط على الإدارة الأمريكية من خلال أعضاء فى (الشيوخ والنواب) بموجب قانون تحصين قادة الجيش الأمريكي، وتطبيق القانون ذاته على جنرالات جيش الاحتلال بداعى أن «إسرائيل حليف رئيسى للولايات المتحدة من خارج حلف شمال الأطلسي».

وبعيدًا عن البيت الأبيض، ارتأى جدول أعمال اللجنة الإسرائيلية بأنه يجب على حكومة نتانياهو تسريع وتيرة التوقيع على «اتفاقيات ملزمة بعدم تسليم المجرمين الإسرائيليين»، وينبغى التركيز فى هذه الخطوة على ثلاث دول: الهند، وأوكرانيا، والأرجنتين، لاسيما أن هذه الدول ذات أهمية استراتيجية، بالإضافة إلى صداقتها القوية بإسرائيل؛ فالهند على سبيل المثال ليست عضوًا فى اتفاقية روما التى قامت على أساسها المحكمة الجنائية الدولية، كما أنها «لا تبارك الصلاحيات الواسعة الممنوحة للمحكمة».

ومن المرجح، حسب تقرير نشره موقع «نتسيف» العبرى أن تتمكن إسرائيل من إقناع الهند بالتوقيع على «اتفاقية عدم تسليم المجرمين».. وتظن تقديرات المواقف الإسرائيلية أن الهند التى تعد إحدى الدول الرائدة فى جنوب العالم، وتريد الحفاظ على مكانتها فى ظل التقلبات الدولية الهائلة، لن تتردد فى زيادة فتح آفاق التقارب مع الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة.

والدول الأوروبية من جهة أخرى عبر توقيع اتفاق «عدم تسليم المجرمين» إلى المحكمة، وحسب تقرير الموقع العبرى ذاته، «إذا أدركت كل هذه الدول أن نيودلهى تعارض الإجراء المحتمل من جانب المحكمة ضد إسرائيل، فإن ذلك سيساعد تل أبيب فى إقناعها بكبح جماح المحكمة».

وإلى جانب الهند تعوِّل إسرائيل كثيرًا على أوكرانيا، فالأخيرة ليست عضوًا فى معاهدة روما، لكنها فى المقابل تعترف باختصاص المحكمة الجنائية الدولية. وفى نظر أكثرية دول الغرب، حسب المعتقد الإسرائيلي، تعد أوكرانيا رمزًا لـ«دولة تدافع عن نفسها ضد عدوان غير قانوني»، و«اتفاق عدم تسليم المجرمين» معها، سيكون بمثابة تعبير عن الثقة والدعم لإسرائيل. ولا ترى اللجنة الإسرائيلية المعنية مانعًا إزاء إمكانية إمداد حكومة كييف مقابل موافقتها على الصفقة مع إسرائيل بـ«كميات هائلة من الأسلحة الفتاكة»، التى يمكن الاعتماد عليها فى الحرب الدائرة مع روسيا.

أما الأرجنتين فتضعها إسرائيل فى طليعة الدول التى يمكن استغلالها فى تحصين جنرالات الاحتلال، لاسيما أنها ساهمت فى صياغة اتفاقية روما التى أنشأت محكمة العدل الدولية، وهو ما يجعل اتفاقية عدم تسليم المجرمين مع الأرجنتين بمثابة «ضربة ثالثة ومهمة لشرعية المحكمة فى العمل ضد إسرائيل».

ويرى دهاة السياسة الإسرائيلية أنه «لحسن الحظ أن الرئيس الحالى للأرجنتين هو أحد أكثر السياسيين المؤيدين لإسرائيل واليهود فى العالم حاليًا.

وينبغى استغلال فترة ولايته للحصول على اتفاق عدم تسليم المجرمين».

أول الغيث.. اعتراف أوروبى بدولة فلسطين

يعكس القرار الذى اتخذته أسبانيا والنرويج وأيرلندا الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة سخط أوروبا والرأى العام العالمى ضد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو المتزايد بشكل خاص وتجاه إسرائيل بشكل عام، حتى من جانب الأصدقاء التقليديين، ويشير أيضًا إلى أن الضغوط الدولية عليه سوف تتزايد.

وفى الأثناء، كان الحكم الذى أصدرته محكمة العدل الدولية أمس الأول والذى أمر بوقف فورى للهجوم الإسرائيلى على رفح، بمثابة توبيخ مذهل لمواصلة القيادة الإسرائيلية الحرب على غزة، بما فى ذلك قرار اجتياح برى بقوات ودبابات لمدينة يعيش فيها أكثر من مليون لاجئ فلسطينى هربًا من القصف الغاشم على شمال القطاع منذ أكتوبر الماضي.

وأوضحت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أنه فى حال قررت أوروبا اتخاذ قرار موحد تجاه القضية الفلسطينية، وانضمت الدول الكبرى إلى الاعتراف بفلسطين، وتركت الولايات المتحدة معزولة فى رفض مثل هذه الخطوة، فقد يكون لها تأثير أعظم.

فى هذا السياق، قال وزير الخارجية الفرنسى ستيفان سيجورنى فى بيان حول الاعتراف المحتمل: «هذا القرار يجب أن يكون مفيدا، أى السماح بخطوة حاسمة للأمام على المستوى السياسي». وبعبارة أخرى، فإن فرنسا سوف تنتظر.

أما ألمانيا، يرجع جذور دعمها لإسرائيل إلى ما تسميه التكفير عن المحرقة، فى المرتبة الثانية بعد دعم الولايات المتحدة. وأوضح القرار الذى اتخذته أسبانيا والنرويج وأيرلندا أمراً واحداً: لن تكون هناك وحدة أوروبية، أو على الأقل توقيت متسق، بشأن مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية قبل أن تنشأ مثل هذه الدولة على الأرض..

وقال زعماء الدول الأوروبية الثلاث التى تعترف بفلسطين إنهم عازمون على إبقاء فكرة حل الدولتين حية. وقال بيدرو سانشيز، رئيس الوزراء الإسباني: «لن نسمح بتدمير إمكانية حل الدولتين بالقوة».. ومن شأن القرار الأوروبى الثلاثى بفلسطين أن يوفر دفعة معنوية للفلسطينيين الذين يسعون إلى حقهم فى تقرير المصير..

لكن وجب التذكير أن الدور الأوروبى يعتبر هامشياً منذ أن أسفرت محادثات السلام فى أوائل التسعينيات عن اتفاقيات أوسلو. والصوت الوحيد الذى ستستمع إليه إسرائيل اليوم هو الصوت الأمريكي.

ويأتى هذا الاعتراف فى غضون أسبوع عندما طلب المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه، يوآف جالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية فى غزة.

ورداً على الدعوى التى رفعتها جنوب أفريقيا، أمرت محكمة العدل الدولية، التى تحكم فى القضايا بين الدول، وليس الأفراد، إسرائيل بمنع قواتها من ارتكاب أعمال الإبادة الجماعية أو التحريض عليها.

وبعبارة أخرى، فإن الضغط على إسرائيل يتزايد. وكذلك عزلتها.. فى الوقت نفسه، تشير الاعترافات الأوروبية بفلسطين إلى تآكل «ملكية» الولايات المتحدة لعملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية وفتح الطريق نحو إقامة الدولة.

وتوقع رئيس الوزراء الأيرلندى سيمون هاريس أن تنضم الدول الأخرى فى الاعتراف بالدولة الفلسطينية فى الأسابيع المقبلة.

وكانت السويد هى أول دولة أوروبية تعترف بفلسطين عام 2014 وهى دولة عضو فى الاتحاد الأوروبي. واعترف عدد من الدول الأوروبية-بما فى ذلك بلغاريا وقبرص وجمهورية التشيك والمجر وبولندا ورومانيا-بفلسطين فى أواخر الثمانينيات، قبل وقت طويل من انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي.

واعترفت حوالى 140 دولة من الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة بالدولة الفلسطينية منذ عام 1988.. لقد اعترفت عشرات الدول بالفعل بفلسطين كدولة مستقلة، لكن الزخم نحو الاعتراف بها، وخاصة بين الدول الأوروبية، سيكون له آثار مهمة.

كما أشارت المملكة المتحدة إلى أنها قد تفكر فى الاعتراف بفلسطين وسط إحباط أعمق بسبب رفض إسرائيل الطويل ــ وخاصة خلال عهد نتنياهو

التقدم نحو حل الدولتين، خاصة مع استمرار إسرائيل فى الاستيلاء على الأراضى الفلسطينية لبناء مستوطنات..ووجد نتنياهو نفسه معزولاً بشكل متزايد على الساحة العالمية وسط تحديات قانونية مختلفة وتوتر الرأى العام العالمي، وفى الوقت نفسه، يصر زعيم حكومة إسرائيل على استمرار العدوان الغاشم على الفلسطينيين والمدنيين فى قطاع غزة..

ويجد نتنياهو وحكومته أنفسهم محصورين على نحو متزايد فى الزاوية، فيما تستمر الحرب المستعرة على غزة والتى أثارت غضب الرأى العام العالمى ووضعته وحكومته أمام اثنتين من أهم المحاكم فى العالم، بحسب تقرير مطول نشرته صحيفة ذا واشنطن بوست أمس الأول..

وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن ثقل الأدلة التى تدين نتنياهو وجالانت يحيط باستخدام إسرائيل للمجاعة كسلاح فى الحرب، وعرقلتها الموثقة لوصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وسلوك إسرائيل خلال الحرب، التى تسببت فى أضرار واسعة النطاق وواسعة النطاق.

وإذا أصدرت الغرفة التمهيدية فى المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت، فإن الدول الأعضاء فى المحكمة البالغ عددها 124 دولة سيكون عليها التزام بموجب المعاهدة بالقبض على الإسرائيليين إذا وطأت أقدامهم أراضيها. واعترف البيت الأبيض الأسبوع الماضى بأن إسرائيل على خلاف متزايد مع الجزء الأكبر من المجتمع الدولي.

مواجهة بين الجمهوريين وبايدن حول الدعم العسكرى

 مروى حسن حسين

مازالت المعارك مستمرة بين الجمهوريين والديمقراطيين، ففى الوقت الذى يتصاعد فيه الخلاف بين إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، وحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، حول الحرب فى غزة، بدأ جدل مواز داخل الأروقة السياسية الأمريكية بين الديمقراطيين والجمهوريين بشأن موقف نتنياهو من تلك الحرب..

فالديمقراطيون يواصلون توجيه الانتقادات لنتنياهو، واعتبر بايدن، أن الرد العسكرى الإسرائيلى فى قطاع غزة على الهجوم الذى شنّته حركة حماس «جاوز الحد»، فيما يسعى الجمهوريون لإظهار الدعم لرئيس الوزراء الإسرائيلي، فيما يرى مراقبون أن الطرفين يستخدمان حرب غزة ورقة انتخابية فى السباق نحو البيت الأبيض.

وفى الأسبوع الماضى مرر مجلس النواب الأمريكي، مشروع قانون يعد بمثابة «توبيخ» للرئيس جو بايدن على قراره بتعليق شحنة أسلحة لإسرائيل، وسط انتقادات ديمقراطية وصفت التصويت الجمهورى «الرمزي» على مشروع لن يمر فى مجلس الشيوخ، على أنه «محاولة لاستخدام إسرائيل فى الصراع السياسى بأمريكا».

وصوت مجلس النواب الذى يسيطر عليه الجمهوريون، بأغلبية 224 صوتاً مقابل معارضة 187، على القرار الذى يقيد سلطات بايدن فى تعليق إرسال الأسلحة إلى إسرائيل، ويلزمه بإرسال الأسلحة التى وافق الكونجرس عليها ضمن حزمة المساعدات.

سبق أن أعلن بايدن أنه سيستخدم «الفيتو» ضد مشروع القانون، فى حال مررته غرفتا الكونجرس، وهو الأمر المستبعد إذ أعلن زعيم الأغلبية الديمقراطية بمجلس الشيوخ تشاك شومر أن مشروع القانون «سيصل المجلس ميتاً»، وأنه لا ينوى عقد تصويت على المشروع.
وقد علق بايدن، إرسال شحنات قنابل كانت متجهة إلى إسرائيل، قبل أن يوافق مؤخراً على تقديم أسلحة أخرى، وبينما يهدد الرئيس الأمريكى بقطع المزيد من الشحنات حال أقدمت إسرائيل على اجتياح رفح، إلا أن ذلك يتعلق فقط بالأسلحة ذات الطبيعة الهجومية، وفق مجلة «بوليتيكو».

بعد أكثر من 7 أشهر من المجازر وجرائم الإبادة، هدد الرئيس الأمريكى جو بايدن بوقف إرسال شحنات أسلحة «مؤقتاً» إلى إسرائيل إذا مضت البلاد قدما فى غزو برى مخطط له منذ فترة طويلة لمدينة رفح. مما أدى إلى انقسام واسع داخل الكونجرس. فقد أيدته تيارات يسارية وتقدمية داخل الحزب الديمقراطي، بينما عارضه مؤيدون لإسرائيل ومشرعون جمهوريون اتهموا البيت الأبيض بتقويض جهود إسرائيل ضد «حماس» والتخلى عن إسرائيل.

كانت تصريحات بايدن هى المرة الأولى التى يهدد فيها بحجب المساعدات العسكرية الأمريكية عن إسرائيل منذ أن بدأت الحرب الإسرائيلية على غزة قبل سبعة أشهر. أثار الخط الأحمر الذى رسمه الرئيس حديثا رد فعل سلبى من الجمهوريين-بمن فيهم الرئيس السابق دونالد ترامب، المرشح الجمهورى الذى من المحتمل أن يواجهه بايدن فى نوفمبر-وردود فعل متباينة من الديمقراطيين، الذين انقسموا حول كيفية رد الولايات المتحدة على حرب إسرائيل على غزة.

قال بايدن إنه سيوقف شحن الأسلحة الهجومية الأمريكية إلى إسرائيل،-معترفا بأن هذه الأسلحة استخدمت لقتل المدنيين-إذا مضت البلاد قدما فى غزوها لرفح، جنوب غزة والتى تؤوى أكثر من مليون فلسطيني.

والشحنة التى تم تعليقها تتعلق بأكثر من 2500 قنبلة زنة ألفى رطل و500 رطل، التى استخدمتها إسرائيل مراراً فى مناطق سكنية فى قطاع غزة.

حسب صحيفة «واشنطن بوست» فإن الرئيس بايدن شدد على أن الولايات المتحدة ستواصل تزويد إسرائيل بأسلحة دفاعية فقط، بما فى ذلك أسلحة نظام القبة الحديدية المضاد للصواريخ، حتى تتمكن من حماية نفسها، لكن لن توفر أسلحة هجومية للتوغل الكبير فى المناطق المدنية فى رفح. وكانت تصريحات بايدن بمثابة تحول ملحوظ بالنسبة للرئيس، الذى كان لديه ارتباط عميق بإسرائيل منذ فترة طويلة، وقاوم الضغوط المتزايدة من الديمقراطيين البارزين وأجزاء رئيسية من قاعدته لفرض شروط على المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل أو تعليقها تمامًا.

لطالما أشار بايدن إلى دعمه الثابت لإسرائيل خلال حملتها العسكرية، ومع احتدام موسم الحملات الانتخابية، أصبح بايدن محاصرا سياسيا بشكل متزايد بإسرائيل، حيث تعرض لضغوط من الجمهوريين وبعض زملائه الديمقراطيين الذين يدفعونه للبقاء صامدا فى دعم البلاد، والقاعدة الناشطة لحزبه، مما دفعه إلى فرض شروط أو تعليق المساعدات العسكرية تماما. وبينما حاول بايدن وكبار مساعديه فى الأشهر الأخيرة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار من شأنه أن يوقف القتال لعدة أسابيع وينص على إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المتبقين الذين تحتجزهم حماس، تعهد نتنياهو بالمضى قدما فى غزو رفح بغض النظر عما إذا كان سيتم التوصل إلى اتفاق أم لا.

ترى صحيفة الجارديان البريطانية، أن الكارثة التى (بدأت فعلا) وتخيم على جميع سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة، تُمثل أيضا مشكلة كبيرة لبايدن خاصة أنه فى عام إعادة انتخابه، ويسعى إلى إعادة تجميع القاعدة الانتخابية التى جلبت له الفوز فى عام 2020. كانت الفئة الانتخابية الحاسمة هى الشباب، حيث كان الناخبون تحت سن الثلاثين يفضلون بايدن على دونالد ترامب بفارق 25 نقطة، فيما لم يعد هذا هو الحال الآن بسبب غضب الشباب الأمريكى من المحنة التى يعيشها قطاع غزة. لهذا نرى بايدن يلعب لصالح قاعدته الانتخابية وهو يتجه نحو انتخابات يتأخر فيها فى استطلاعات الرأي.

استمرت استطلاعات الرأى المتعددة فى إظهار أن بايدن وترامب ، المرشحين الرئاسيين المفترضين لحزبيهما، يخوضان سباقا محموما لانتخابات نوفمبر. وأظهر استطلاع للرأى أجرته شبكة «سى إن إن» فى أواخر الشهر الماضى أن تعامل بايدن مع حرب إسرائيل ضد حماس هو القضية التى حصل فيها على أسوأ معدلات تأييده، حيث قال 28 فى المائة من المستطلعين إنهم يوافقون و71 فى المائة قالوا إنهم لا يوافقون..

ومع ذلك، أظهر الاستطلاع نفسه أيضا أن معظم الأمريكيين صنفوا العملية العسكرية الإسرائيلية فى غزة فى مرتبة متدنية فى قائمة أولوياتهم الانتخابية.

منذ عملية «طوفان الأقصى»، فى 7 أكتوبر، فتحت واشنطن كل الإمكانيات أمام إسرائيل للوصول إلى مخزوناتها من الأسلحة فى إسرائيل، والتى كانت تحتوى على ذخائر بقيمة 4.4 مليار دولار والحقيقة هى أن الفئة المحدودة من الأسلحة التى يغطيها قرار بايدن (الوقف المؤقت) تترك أنواعاً أخرى من الأسلحة مُتاحة على ما يبدو لإسرائيل، بما فى ذلك قذائف الدبابات وقذائف المدفعية.

إذا ما قرّرت إسرائيل المضى قدماً فى قرارها اجتياح رفح فإنها ستفعل ذلك فى الأمد القريب، لأنها ببساطة قادرة على أن تفعل ذلك بمفردها كما صرح أكثر من مسئول إسرائيلى ويكاد يكون ذلك مؤكداً. هى ستفعل ذلك برغم التلويح الأمريكى بوقف شحنة القنابل الثقيلة، وبرغم كل الإدانات الدولية. إسرائيل ستجتاح رفح «إذا قرّرت» غير آبهة بكل التحذيرات الدولية من أن كارثة إنسانية حقيقية ستقع.

إسرائيل ستجتاح رفح حتى لو أثر ذلك سلبا على الإمدادات العسكرية الأمريكية. فوقف الإمداد «مؤقت»، كما قال بايدن، والمخزون الموجود فى إسرائيل يكفى لرفح وغير رفح.

ما يعنى أن قرار وقف الشحنات إذا كان جدياً، وإذا نفذ، لن يؤثر على قرار رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو إن هو أراد اجتياح رفح.
 

عزلة لواشنطن..وتسونامى دبلوماسى دولى| تحذيرات فلسطينية من الالتفاف على القرارات

نوال سيد عبدالله

طالبت القوى والفصائل الفلسطينية بتنفيذ القرار الذى أصدرته محكمة العدل الدولية أمس الأول بشأن الهجوم الإسرائيلى على محافظة رفح. وحذرت القوى الوطنية من أى صيغة للالتفاف على قرار المحكمة داعية للعمل على انسحاب الاحتلال من معبر رفح وإعادة تشغيله باعتباره معبرا فلسطينيا مصريا.

ورأت أن فتح المعابر حاجة ملحة فى ظل تفاقم الأزمة الإنسانية مؤكدة أن الحديث عن إدخال المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم من خلال الأمم المتحدة خطوة صغيرة لا تنهى المأساة الإنسانية الناتجة عن إغلاق المعابر.

وفى بيان منفصل، رحبت حركة المقاومة الإسلامية حماس بقرار المحكمة، وحثت على مطالبة الاحتلال «بوقف كافة الإجراءات التى تؤدى إلى الإبادة». 

واستدركت الحركة أنها كانت تتوقع من المحكمة إصدار قرار بوقف العدوان والإبادة فى كامل قطاع غزة، وليس فى محافظة رفح فقط، مشيرة إلى أن ما يحدث فى شمال القطاع وغيرها من المحافظات لا يقل إجراما وخطورة عما يحدث فى رفح.

بدورها رحبت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بقرار المحكمة، داعية إلى إلزام إسرائيل بتطبيق القرار على أرض الواقع، فى كامل قطاع غزة.
وجاء فى بيان للجبهة: «هذا الموقف المتقدم لن يرى النور إن لم يجر تحويله إلى آليات ملزمة للاحتلال لتطبيقه على أرض الواقع، بهدف وقف عدوانه الشامل على القطاع فى ضوء إصراره على مواصلة الجرائم».

وشددت الجبهة على أن «القرار الجديد من محكمة العدل الدولية يجب أن يسهم فى مزيد من العزلة لهذا الكيان الصهيونى المارق الذى لا يلتزم».
أما حركة الجهاد الإسلامى فقالت إن القرار «ورغم أنه لا يلبى طموحات شعبنا بوقف العدوان على كامل القطاع، ولا يوفر فتح المعابر وإدخال المساعدات، فإنه يعرّى الكيان الصهيونى على المستوى القانوني».

وكانت محكمة العدل الدولية أمرت إسرائيل بالوقف الفورى لهجومها العسكرى وأى أعمال قتالية أخرى فى رفح. وقوبل القرار بتنديد واستنكار من إسرائيل، وعقد رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو اجتماعا طارئا، وزعم أن مزاعم جنوب أفريقيا كاذبة ومثيرة للاشمئزاز، على حد وصفه.

وقال الوزير فى حكومة الحرب الإسرائيلية بينى جانتس، فى بيان، بعد صدور حكم العدل الدولية: «إسرائيل ملتزمة بمواصلة القتال لإعادة مواطنيها وضمان الأمن لهم، أينما ووقتما كان ذلك ضروريا، بما فى ذلك فى رفح».

فى المقابل، شدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش على إلزامية قرارات المحكمة للأطراف المعنية.

فى الأثناء، اعتبرت وكالة «أسوشيتد برس» الأمريكية أن حكم «العدل الدولية» أدى لتعميق انفصال تل أبيب عن واشنطن فى حرب إسرائيل على غزة التى تواجه إدانة دولية متزايدة.

وأشارت الوكالة إلى أن القرار يزيد من الضغوط التى تواجه إسرائيل، ويأتى بعد أيام قليلة من إعلان النرويج وأيرلندا وإسبانيا الاعتراف بدولة فلسطينية، وطلب المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو.

وقال وزير الخارجية الإسبانى خوسيه مانويل ألباريس أن «قرارات العدل الدولية ملزمة ونطالب بتنفيذها. ونطالب بوقف إطلاق النار والإفراج عن الاسرى والسماح بوصول المساعدات الإنسانية لغزة.»

من جانبها، دعت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بفلسطين فرانشيسكا ألبانيز إلى فرض عقوبات على إسرائيل، موضحة أن الاحتلال كثف هجماته على رفح بعد أن أمرته محكمة العدل الدولية بوقف العدوان على المدينة. وأضافت: «الأنباء التى تصلنى من الناس المحاصرين فى مدينة رفح مروعة». 

وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن رئيس الوزراء الإسرائيلى السباق إيهود باراك حذر عام 2011، من «تسونامى دبلوماسى سياسي» من الانتقادات قد يواجه إسرائيل إذا لم يتم حل القضية مع الفلسطينيين، واليوم يرى محللو السياسة الخارجية الإسرائيلية، أن هذا التسونامى يبدو أقرب من أى وقت مضى.

وأوضحت الصحيفة أن أمر محكمة العدل الدولية، يضاف إلى قائمة متزايدة من التحركات الدبلوماسية والقانونية التى تقوض مكانة إسرائيل الدولية. ووصف ألون بينكاس، القنصل العام الإسرائيلى السابق فى نيويورك هذه التحركات بأنها «هذه ليست مستويات العزلة فى كوريا الشمالية ولا بيلاروسيا وميانمار ولكنها عزلة. إنها تخلق شعورا هائلا بالضغط».

ومع أن الخطوة الأخيرة التى اتخذتها محكمة العدل الدولية قد لا تكون لها آثار عملية فورية، فإن هذه التحركات ضد إسرائيل مجتمعة، لا تظهر فقط-انحسار سمعة إسرائيل الدولية، بل أيضا تضاؤل النفوذ الأمريكى -كما يقول سفير إسرائيل السابق فى واشنطن إيتامار رابينوفيتش.
وتبنت الولايات المتحدة وغيرها من حلفاء إسرائيل مثل ألمانيا، لهجة أكثر انتقادا للحكومة الإسرائيلية، حتى وهم يحاولون الدفاع عنها ضد الإدانات الأجنبية.

وعلى المستوى الثقافى والأكاديمي، ففى الأشهر الأخيرة أعلنت جامعات فى دول من بينها أيرلندا وهولندا والنرويج وسلوفينيا وإسبانيا أنها قطعت علاقاتها مع نظيراتها الإسرائيلية أو تفكر فى القيام بذلك. ووقع آلاف الفنانين رسالة مفتوحة فى شهر فبراير الماضى يطالبون فيها منظمى بينالى البندقية، أحد أهم المهرجانات الفنية فى العالم، بمنع إسرائيل من المشاركة فى تجمع هذا العام.
 

القانون ينتصر لأصحاب الأرض| موقف «العدل الدولية» خطوة جديدة لوقف جرائم الاحتلال
الحكم واجب التنفيذ.. وتخوفات من الضغط الأمريكى

محمد قنديل

فى خطوة جديدة لوقف الانتهاكات بحق الفلسطينيين، أمرت محكمة العدل الدولية، أمس الأول، إسرائيل بوقف هجومها على رفح جنوبى قطاع غزة فورًا، وذلك فى إطار قضية أوسع تتهم حكومة الاحتلال بارتكاب جرائم إبادة جماعية.

المحكمة أمرت إسرائيل أيضًا بفتح معبر رفح أمام المساعدات الإنسانية، مؤكدة أن عليها تقديم تقرير بالإجراءات المتخذة فى غضون شهر، كما طالبت باتخاذ التدابير اللازمة لضمان وصول المحققين دون عوائق إلى غزة للحفاظ على الأدلة.

وأكدت «العدل الدولية» أن الشروط مستوفاة لاتخاذ إجراءات طارئة جديدة فى قضية اتهام إسرائيل بالإبادة الجماعية داخل قطاع غزة، إذ قال رئيس المحكمة القاضى اللبنانى نواف سلام، إن الظروف المعيشية لسكان غزة تتدهور والوضع الإنسانى بات كارثيًا، وفى رفح تدهور أكثر منذ أمر المحكمة الأخير.

ونزح نحو 800 ألف شخص من رفح منذ بدء الهجوم البرى فى 7 مايو الجارى، وفقًا لرئيس المحكمة الذى قال: «المحكمة تعتبر الهجوم العسكرى فى رفح تطورًا خطيرًا يزيد من معاناة السكان، وعلى إسرائيل أن تمتنع عن أى أعمال تمثل خطرًا على الفلسطينيين.

المحكمة أكدت أيضًا أن إسرائيل لم تؤمن معلومات كافية بشأن سلامة المواطنين خلال عمليات إجلاء الفلسطينيين فى قطاع غزة، وذكرت بأن الإجراءات المؤقتة التى أقرتها فى مارس الماضى «لا تستجيب» تمامًا للتطورات الأخيرة.

جرائم الاحتلال

فى هذا الصدد، قال د. أحمد رفعت، أستاذ القانون الدولى، إن قرار المحكمة جاء ليلزم إسرائيل بوقف هجومها العسكرى على رفح لإمكانية إدخال المساعدات، وهو حكم جديد يثبت جرائم الإبادة التى ترتكبها قوات الاحتلال فى قطاع غزة، وكذلك تأجيج أزمة التهجير وارتكاب المذابح.
وأضاف أن رئيس محكمة العدل الدولية أكد فى تصريحاته أن كل الأدلة تشير لتورط إسرائيل فى الجرائم مما يستوجب اتخاذ كافة الإجراءات الرادعة تجاهها..

وتابع «رفعت» بأن الخطوة المقبلة بعد إعلان إسرائيل رفضها للحكم، تتمثل فى تصويت مجلس الأمن على القرار مع توقعات بفشله كالعادة بسبب اعتراض أمريكا، لكن هناك خطوة إيجابية يمكن أن تحدث، بأن يُنقل الملف حال فشل مجلس الأمن للمرة الرابعة فى ردع إسرائيل، بناءً على طلب إحدى الدول الأعضاء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، بشرط موافقة 9 أعضاء من إجمالى 15 عضوًا بالمجلس دون تأثير حق «الفيتو» على قرار النقل..

وأوضح أستاذ القانون الدولى، أن بعد نقل القضية إلى الجمعية العامة، يمكن استخدام ما يسمى بقرار «الاتحاد من أجل السلام» الذى أقرته الأمم المتحدة عام 1959 للتدخل ووقف الحرب بين كوريا الجنوبية وجارتها الشمالية، وتستطيع الجمعية العامة بموجب هذا القرار اتخاذ ما يلزم من تدابير ويكون لها كافة اختصاصات مجلس الأمن الدولي، وتخرج القرارات بموافقة ثلثى الأعضاء الحاضرين، والتوقعات ستكون فى صالح فلسطين نظرًا لأن هناك 143 دولة صوتت لصالح منح الدولة الفلسطينية العضوية الكاملة بالأمم المتحدة..

ويشرح «رفعت» قرار «الاتحاد من أجل السلام»: ينص على أنه فى حالة إخفاق مجلس الأمن، بسبب عدم تمكن الإجماع بين أعضائه الخمسة دائمى العضوية، فى التصرف كما هو مطلوب للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، يمكن للجمعية العامة أن تبحث المسألة بسرعة وقد تصدر أى توصيات تراها ضرورية، لكن لم يتم استخدام هذا القرار ضد إسرائيل حتى الآن، وربما بسبب الضغوطات الأمريكية.

واجب التنفيذ

بدوره، علق د. نجاح الريس، أستاذ العلوم السياسية، بأن قرار محكمة العدل الدولية ملزم بصفته حكمًا قضائيًا واجب التنفيذ، ويأتى ضمن دعوى جنوب أفريقيا بشأن جرائم الإبادة الجماعية التى تنفذها إسرائيل بحق أهالى فلسطين.

وأكد أن إسرائيل أعلنت عدم التزامها بالحكم الصادر فى خطوة معتادة، إذ تضرب بالقرارت الدولية عرض الحائط، كما أشارت إلى إصرارها على تنفيذ خطة اجتياح رفح دون النظر للنتائج الإنسانية الكارثية، وهنا سيذهب قرار المحكمة إلى مجلس الأمن الدولى للتصويت على إلزام إسرائيل بتنفيذ الحكم الصادر بحقها..

وأوضح أستاذ العلوم السياسية، أن العائق أمام تنفيذ الحكم يتمثل فى الموقف الأمريكى الداعم المطلق لإسرائيل واستخدام حق «الفيتو» ضد أى قرار ليس فى صالح دولة الاحتلال، مما يستلزم الضغط الدولى لردع إسرائيل خاصة فى ظل وجود تغير فى الرأى العام العالمى بسبب الجرائم المستمرة فى قطاع غزة، وحالة السخط الدولى الكبير تجاه إسرائيل.
 
 

 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 

 

 
 
 
 
 

مشاركة