رئيس الجامعة الألمانية بالقاهرة مع محرر الأخبار
رئيس الجامعة الألمانية بالقاهرة مع محرر الأخبار


مطلوب لمسة عصرية فى التعليم الهندسى.. ومبادرة تضعنا على الطريق

رئيس الجامعة الألمانية بالقاهرة: أبحاث الترقي لا تغير الواقع.. والفجوة مع الصناعة «متسعة» |حوار

بوابة أخبار اليوم

الثلاثاء، 18 يونيو 2024 - 04:34 م

لا تحتاج إلى المكث طويلاً مع الدكتور ياسر حجازي، رئيس الجامعة الألمانية بالقاهرة، لاكتشاف أنك أمام مسئول مختلف، إذ بدا لى من الوهلة الأولي، وكأنى أمام إنسان أوروبى بملامح مصرية، فالرجل الذى يقبع على رأس الهرم الوظيفي، اختار منهج البساطة الأوروبية فى كل شيء، فهو يدير الجامعة من مكتب متوسط الحجم، بديكورات بسيطة للغاية، وهو صاحب سلوك بسيط وأدب جم، فلا يجد حرجا فى أن يترك مكتبه ليستقبل زائريه عند باب الدخول، ويصر على اصطحابهم عند المغادرة حتى المصعد.

ومع هذه البساطة، التى تتماشى مع صوته الخفيض للغاية، الذى لم ترتفع وتيرته طيلة الحوار، كان جريئا فى طرح الأفكار والرؤي، والتى لخص بها منذ البداية، وضع البحث العلمي، عندما قال بصراحة لم أعتدها من المسئولين إنه «بعيد جدا عن المأمول».

ولم يترك لى د.حجازي فرصة السؤال عن تفسير تلك العبارة، إذ شرع فى توضيحها قائلا: « نحن لدينا إمكانيات بشرية رفيعة المستوي، لكن تكمن مشكلتنا فى عدم توافر الإمكانيات المساعدة على البحث العلمى فى كثير من المجالات، والمشكلة الأهم هى رؤيتنا الخاطئة لدور البحث العلمي، فلا يزال الباحثون يجرونه فى كثير من الأحيان مضطرين، لأنه أداة للترقى من درجة لأخري، وهذا لا يغير الواقع للأفضل».

ولأن هذه الرؤية القاصرة للبحث العلمي، تقبع فى أدمغة الباحثين، كان من الطبيعى أن تبتعد أبحاثهم عن هموم ومشاكل الصناعة، لتكون الفجوة بين البحث العلمى والصناعة «متسعة»، كما يوضح د.حجازى.

◄ وهم عدم الثقة
ويحاول البعض ترديد أن سبب تلك الفجوة، هى عدم ثقة الصناعة فى المنتج البحثى المحلى، وهو المبرر الذى واجهنا به د.حجازي، فلم يكن مثيرًا لحباله الصوتية كى ترتفع نبرة صوته قليلاً، مكتفيًا بابتسامة مفهومة المغزي، أعقبها بقوله: «إذا وفرت للصناعة منتجا جيدا، قابلا للتصنيع بخامات محلية، فمن المؤكد أنها ستتحمس له».

وبينما يشعر د.حجازى بأن هناك خطوات بدت ملموسة تحاول ترسيخ ثقافة الربط بين البحث العلمى والتصنيع لرأب تلك الفجوة، متمثلة فى صناديق جديدة لتمويل الأبحاث، وتدشين مراكز للإبداع فى الجامعات، ووجود شركات راعية لبعض الأبحاث، إلا أنه يؤكد فى الوقت ذاته على ضرورة العمل على إنهاء سباق التصنيف الذى لا طائل من ورائه.

ويشرح بنبرة صوت لا تخلو من الدهشة تفاصيل هذا السباق، والذى تسعى من خلاله الجامعات إلى إنجاز أبحاث متقدمة تواكب التوجهات العالمية، حتى تتقدم فى التصنيف العالمي، ولأنها لا تملك الإمكانيات لذلك، يسعى باحثوها إلى الانضمام لفرق بحثية عالمية، فتكون مساهمتهم فى البحث هى المشاركة بإضافة نظرية بسيطة للعلم الذى طوره الآخرون، وأنجزوا منه تطبيقات صناعية.

ويرى أن مثل هذه التوجهات ليست مفيدة فى اتجاه رأب الفجوة مع الصناعة، كهدف تسعى إليه الاستراتيجية الجديدة للبحث العلمي، التى أعلنتها وزارة التعليم العالى والبحث العلمى مؤخرا.

وكما كان د.حجازى متحمسًا فى الحديث باستفاضة عن تشخيص المشكلة، كان كذلك فى طرح رؤيته الخاصة للعلاج، والتى استلهم بعضها من أفكار تم تنفيذها فى الجامعة الألمانية، ولم تكلف الجامعة سوى تعديل بسيط تم تنفيذه فى مناهج كلية الهندسة. ويقول: «إذا أردنا تحقيق نتيجة ملموسة فى الربط بين البحث العلمى والصناعة، فعلينا العمل على مبادرة تؤتى ثمارها سريعًا، حتى تضعنا على الطريق الصحيح، ، ولتكن مثلاً فى صناعة الإلكترونيات».

◄ اقرأ أيضًا | وزير التجارة: الصادرات السلعية تُسجل أكثر من 16 مليار دولار خلال 5 أشهر

◄ تجربة الحوسبة السحابية
وقبل سؤاله عن أسباب هذا الاختيار، شرع فى توضيح أن هذا المجال تحديدًا، لدينا تميز واضح به، ومن ثم يمكن للمبادرات فيه أن تؤتى ثمارها».

ويعتمد هذا المجال على ثلاث خطوات، وهى التصميم ثم الاختبار وأخيرًا الإنتاج، ويقول: «لدينا مصممون عالميون، بعضهم أصبح له منتجات باسمه، ولا نحتاج سوى تجميع فكر هؤلاء مع الأفكار الجديدة التى تخرج من الجامعات لبناء صناعة».

وفى المقابل، لا يرى حجازى أن بالإمكان تحقيق نجاح ملموس فى وقت قصير فى مجال مثل إنتاج أغشية  تحلية مياه البحر، وقال: «هذه منتجات تحتاج إلى خبراء لديهم إلمام بأكثر من تخصص هندسي، وتوفير هؤلاء يحتاج إلى إجراء لمسة عصرية فى التعليم الهندسي».

واللمسة العصرية التى يعنيها لا تحتاج سوى أن تكون هناك مواد اختيارية فى مرحلة البكالوريوس، يدرسها الطالب إلى جانب المواد الهندسية التقليدية، مشيرًا إلى تجربة رائدة تم تنفيذها بالجامعة الألمانية لتدريس مادة الحوسبة السحابية إلى جانب المقررات التقليدية، وأصبح كثير من خريجى الجامعة يعملون بهذا المجال.

ويعتبر حجازى تميز الجامعة فى هذا المجال نموذجًا قابلاً للتكرار فى كيفية التعامل بين الجامعات ومجتمع الصناعة، قائلاً: «عرضت علينا إحدى الشركات المتخصصة بالمجال تدريب أساتذة الجامعة المؤهلين  لتدريس هذا التخصص، كما زودتنا بمعمل متخصص، وأتاحت مجانًا اختبارًا عالمياً خاضه طلابنا فى هذا المجال بعد انتهاء المقرر الدراسي، واجتاز أغلبهم الامتحان وتم تعيينهم فى فرع تلك الشركة بالقاهرة، وعندما سألنا الشركة عن وجه استفادتها، قالت إنها ستستفيد بأن يكون هناك مهندسون مؤهلون للعمل بالمجال، يمكنها الاعتماد عليهم». ويخلص من ذلك إلى القول: «يجب أن نبحث عن أفكار جديدة تخلق الرابط مع الصناعة، بدلاً من الدوران فى فلك البحث العلمى الذى لا طائل منه».

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

 

 

 

 
 
 
 

مشاركة