الأحد، 23 يونيو 2024 - 05:51 م

 «نازك الملائكة» الشاعرة العراقية كلنا تعرفنا عليها حين شغلت المشهد الثقافى بإبداعها الشعرى وريادتها إحدى حركات التجديد فى الشعر العربى، لكنها لم تكتفِ بريادتها الشعرية، فلم يبخل قلمها بالمساهمة الجادة فى النقد الأدبى والمجتمعى، فقد أفاضت برؤية نقدية فى كتابها «قضايا الشعر المعاصر»، وطرحت العديد من القضايا المتعلقة بالشعر الحر، والتى ما زالت تشغل الكثير من النقاد والأدباء والباحثين، كما أصدرت «الصومعة» و«الشرفة الحمراء» 1965..(سلسلة محاضرات) و«سيكولوجية الشعر» 1992.

ولم تكتفِ «نازك «بمساهمتها النقدية فى الأدب، فأصدرت نقداً لمجتمعاتنا العربية فى كتابها «التجزيئية فى المجتمع العربى» عن دار العلم للملايين 1974، فكانت مثالاً للمثقف العضوى على حد تعبير «جرامشى»، فتكتب «لو سئلنا أن نصف المجتمع العربى المعاصر بكلمة جامعة تعبر فى إيجاز ووضوح عن حالته الحاضرة، لوصفناه بأنه مجتمع «قلق» ولأمدتنا الكلمة بمعانٍ واسعة تشمل مختلف الجهات العملية والانفعالية والذهنية لهذا المجتمع، والقلق من وجهة النظر الاجتماعية نذير عاطفى يرفع صوته ليدلنا على أن جهة من حياتنا قد فقدت نقطة ارتكازها وبدأت تنهار، فهو أشبه بجرس خطر»، فقد قدمت نقداً لحياتنا وللفكر العربى تحت مسمى «التجزيئية»، حيث نجد الفصل بين القول والفعل، فيقع الفرد فى تناقضات واضحة ومشكلات ما كان ليقع فيها لولا هذه التجزئة، ففى الفصل المعنون «المرأة بين الطرفين السلبية والأخلاق» تشير إلى وجود تجزيئية واضحة فى فكرة الحرية، فإن الناس يحسبون أن من الممكن أن يكون الرجل حراً كل الحرية بينما المرأة أسيرة القيود، ولا تملك حق إبداء الرأى، ولاحق الحياة الكريمة، والواقع أن عبودية المرأة لابد أن تؤثر فى حرية الرجل تأثيرا واضحا، وكيف يكون الرجل حرا وهو ممنوع من إنشاء صلات ودية أخوية كريمة مع مجموعة من النساء المتصفات بالحرية المشروعة، والواقع أن المجتمع الرجالى المحض لا يمكن أن يتمتع بالحرية الكاملة بينما هو محجوب عن وجود المرأة إلى جواره.

اقرأ أيضًا | ابتعد عن التليفزيون.. لتجنب أمراض الشيخوخة

وفى الفصل المعنون» طريق الفرد العربى إلى فلسطين « تشير «نازك» إلى أننا نجد التجزئة نفسها لدى من يقول أقوالاً كبيرة ولا يعمل شيئاً، ومثل هذا الفرد يحس التجزيئية ملء حياته لأنه فى دخيلة نفسه يشعر أنه مجزأ، جزء من نفسه سام براق له مظهر الصدق، وجزء آخر ملوث كله كذب ويستحيل أن ينسجم الجزآن.

ولنازك إسهامات سردية، مثل (الشمس التى وراء القمة) وقد ضمت سبع قصص قصيرة (ياسمين  ضفائر السمراء عالية  منحدر التل  إلى حيث النخيل والموسيقى  رحلة فى الأبعاد  الشمس التى وراء القمة  قناديل لمندلى المقتولة) وإذ لم يختلف النقّاد والباحثون كثيراً فى تقييم تجربة نازك الملائكة الشعريّة، فإنّهم انقسموا أو بالأحرى قسوا فى تقدير تجربتها النقديّة.