مشهد من عرض «العيال فهمت»
مشهد من عرض «العيال فهمت»


صناعة البهجة في «صوت الموسيقى» و«العيال فهمت»

عاطف النمر

الأحد، 23 يونيو 2024 - 06:33 م

مَن منا لا يتذكر الفيلم الأمريكى «صوت الموسيقى» الذى حقق شعبية جارفة فى جميع أنحاء العالم منذ عرضه الأول فى شهر مارس 1965 بدور السينما الأمريكية والأوروبية ومنها إلى دور السينما فى جميع أنحاء العالم محققا ايرادات خرافية سبقتها الإيراداتُ التى حققها الفيلم الأشهر «ذهب مع الريح»، ولقيمة مفردات الفيلم الذى شارك فى بطولته «جولى آندروز» و»كريستوفر بلامر» تم ترشيحه لـ 10 جوائز فى مسابقة الأوسكار فاز بخمس جوائز منها من أهمها جائزة أفضل فيلم، وجائزة أفضل إخراج لمخرجه ومنتجه «روبرت وايز»، ورشح ألبوم أغانى الفيلم التى كتبها «ريتشار رودجر» لـجائزة «جرامي»، وفى 2001 اختير للحفظ فى سجل الأفلام الوطنية بمكتبة الكونجرس الأمريكية لقيمته الثقافية والتاريخية والجمالية.

الفيلم مأخوذ عن مذكرات «ماريا فون ترامب» التى تحولت لعرض مسرحى غنائى عام 1959 يروى قصة الراهبة النمساوية التى تركت الدير لتصبح مربية لسبعة أطفال لضابط بحرى رحلت زوجته عن الدنيا، وعند وصولها لمنزل الضابط تكتشف صرامته الشديدة فى تعامله مع أبنائه وبناته الذين يفرض عليهم ارتداء زى موحد ويتعامل معهم كأفراد فى كتيبة عسكرية، يجمعهم بصفارة وغير مسموح لهم اختيار دراستهم وهوايتهم فهو من يختار لهم ذلك، وغير مسموح لهم باللعب أو الغناء وسماع الموسيقى، ويريدهم جميعا أن يكونوا نموذجا موحدا مستنسخا منه، فهو يرغب ان يكون لهم القائد والقدوة، وينتزع منهم شخصيتهم، لا حوار، لا نقاش، أوامر تنفذ، ولوائح تطبق فى المأكل والمشرب والملبس والتفكير يجعلهم وكأنهم فى سجن نفسى لا فكاك منه إلا فى فترة سفره للعمل كقبطان للسفينة التى يعمل عليها، وتستطيع المربية أن تكون أمًا بديلة وتسعى لتغيير تلك الأوضاع، وتعيد التوازن الطبيعى لشخصية كل منهم والحلم الذى يعيشه ويتمناه، وتزرع فى نفوسهم كل الايجابيات عن طريق تعليمهم الغناء والموسيقى، لكن الكابتن يستاء جدا من تصرفاتها عند عودته ويطالبها بالعودة إلى الدير الذى أتت منه، وبعد أحداث متلاحقة يكتشف أنه كان على خطأ فى فهم أولاده ويعترف بأنه قصر فى حقهم عندما سلبهم حريتهم فى التعبير عن أنفسهم ويحزنه اختفاء الابتسامة من وجوههم فى غياب المربية التى غيرت حياتهم بالكامل. 

اقرأ أيضًا | رحيق السطور| الوجه الآخر لـ «نازك الملائكة»

وتلك هى نفس الحكاية التى استلهمتها فرقة ثلاثى أضواء المسرح عن فيلم «صوت الموسيقى» وقدمتها فى عرض بعنوان «موسيكا فى الحى الشرقى» أعدها للمسرح فهيم القاضى وماهر إبراهيم وكتب استعراضاتها وأغانيها حسين السيد ولحنها حلمى بكر، وشاركت فى بطولتها صفاء أبو السعود إلى جوار سمير غانم وجورج سيدهم، وأخرجها القدير حسن عبد السلام عام 1971، وها هى فرقة المسرح الكوميدى التابعة للبيت الفنى للمسرح برئاسة الفنان ياسر الطوجى تقدم حاليا نفس الحكاية المستلهمة من فيلم «صوت الموسيقى» على مسرح ميامى فى العرض الغنائى الاستعراضى الكوميدى «العيال فهمت» الذى أعده أحمد الملوانى والشاعر طارق على الذى ابدع فى كتابة الأغانى والاستعراضات التى فتحت مساحات من التخيل للملحن المتميز أحمد الناصر الذى فتح بموسيقاه مساحات إبداعية لمصمم الرقصات دارين وائل، وأظهرت جماليات تصميماته دراميا وبصريا الإضاءة المبهرة الواعية لمحمود الحسينى، واكتملت سيمفونية الإبهار البصرى بديكور د. حمد عطية مع دلالات الملابس التى صممتها شيماء محمود. 

التدفق فى إيقاع العرض يرجع للمخرج القدير شادى سرور صاحب الخبرة والرؤية التى يحقق بها المتعة البصرية والذهنية التى تفجر ضحكات المتفرج طوال العرض بلا تكلف أو إسفاف أو ابتذال أو الشعور بلحظة ملل اعتمادا على كوميديا الموقف، وصدق انفعالات الفنان القدير رامى الطومبارى بتلوينات صوته المسرحى الرخيم الذى يترجم التحولات التى تمر بها شخصية الأب الصارم القاهر المتسيد والمستبد، ويبهرنى الكوميديان القدير عبد المنعم رياض الذى حباه الله وجه وصوت وانفعالات الراحل القدير عبد المنعم إبراهيم وكأنه مستنسخ من مدرسته العظيمة فى الأداء، أما المطربة رنا سماحة التى تتمتع برشاقة ووجه مسرحى جميل لم أكن أتبين كلمات كثيرة من حوارها رغم ان المخرج حرص على أن يكون برفقتها ميكروفون «أف أم» وربما يكون ذلك نتيجة إرهاق من عروض ليالى العيد، وأود أن أوجه التحية للمخرج شادى سرور الذى يقدم فى هذا العرض البديع مجموعة من الوجوه الجديدة التى درَّبها فى ورشة أقامها لهم ومنهم «محمد على ونور شادى وجيسى أسامة وأحمد هاشم ورحيم رزق وندى محمد وروضة عز العرب ورانيا النجار وأميرة فايز ومنة الحسينى وسعيد محمد ومحمود الهنيدى وايهاب شهاب، وتحية خاصة للطفل الموهوب على شادى»، وجميعهم مواهب سوف تلمع قريبا فى شرايين الدراما المصرية. 

لكل من يبحث لنفسه عن ابتسامة وضحكة نظيفة ورؤية بصرية تمتع الذهن وتجعله يفكر بإيجابية، فليتوجه لمسرح ميامى ليستمتع بالعرض الكوميدى الاستعراضى «العيال فهمت» الذى يناقش قضية اجتماعية هامة بين الآباء والأبناء لبناء مجتمع صحى سليم تترجمه كلمات الاستعراض الختامى التى تقول: «عيش لحلمك هو أولى.. واوعى تيأس م المحاولة.. حتى لو خسران ف جوله.. قوم وكمِّل للنهاية.. واوعى تستسلم لخوفك.. خللى كل الناس تشوفك .. ع الافيش بطل الحكاية». 

فليحلم كل منا بحاضر تصنعه السعادة ومستقبل تصنعه الآمال فى وطن نعشقه ونحبه جميعا.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

 

 

 

 
 
 
 


 

مشاركة