صورة تعبرية
صورة تعبرية


عُرس ينتهى بمأساة داخل الترعة .. أم وبناتها الثلاث لقين مصرعهن غرقًا

أخبار الحوادث

الخميس، 27 يونيو 2024 - 02:25 ص

الشرقية:‭ ‬إسلام‭ ‬عبدالخالق

غيب الموت أما وبناتها الثلاث، غرقى في مياه ترعة الغزالي التابعة لنطاق مركز فاقوس في محافظة الشرقية؛ وذلك أثناء زيارة الأسرة لأحد أقاربها لحضور حفل زفاف هناك خلال اليوم الرابع من أيام عيد الأضحى، فيما كانت الكواليس حافلة بتفاصيل أشد حزنًا.

على بُعد أمتار من وسط بندر مركز مشتول السوق أقصى جنوب محافظة الشرقية، وبينما تستعد الشمس لتوسط صفحة سماء اليوم الرابع من أيام عيد الأضحى المبارك، كانت «ناهد» المرأة التي توشك على إتمام عامها التاسع والثلاثين بعد اسابيع قليلة، تقف كغيرها من النسوة في «طابور العيش» أمام أحد المخابز التموينية.


عادت الأم إلى منزلها تحمل الخبز لبناتها الأربعة كي يتناولن وجبة الإفطار قبل رحلتهن المنتظرة لحضور حفل زفاف ابنة خالة الأم، وفي ظرف دقائق تناول الجميع وجبة الإفطار واستقلوا إحدى السيارات يقصدون مركز فاقوس في رحلة استغرقت نحو ساعتين من الزمان، وليتها ما تمت لكنه القدر الذي كان اسبق من الجميع.

وصلت الأم وبناتها إلى مدخل مركز فاقوس، وهناك ساق القدر خطيب ابنتها الكبرى، والذي كان يستقل سيارته رفقة شقيق الأم الذي يعمل إماما وخطيبا في الأوقاف، واستقل الجميع السيارة في طريقهم إلى منزل خالتها، لكن فور مرور السيارة بجوار شط ترعة الغزالي على مقربة من قرية منشية القاضي في نطاق مركز فاقوس، وهناك كان القدر في انتظار الجميع، كان قد كتب تفاصيل المأساة؛ إذ انحرفت عجلة القيادة في يد خطيب الابنة الكبرى لتسقط السيارة في مياه الترعة، وفي ظرف ثوانٍ فارقت ثلاث من البنات الحياة لفظن أنفاسهن الأخيرة، في الوقت الذي نجح خلاله الخطيب وشقيق الأم في القفز خارج السيارة وهم يحملون الابنة الرابعة «مكة»، فيما كانت الحياة وأنفاسها صعبة على الأم وحالتها حرجة.

هرع الأهالي لنجدة المنكوبين، واتحدت جهودهم مع رجال الإنقاذ النهري، الذين حضروا وتمكنوا من انتشال جثامين الموتى الثلاثة وكذلك الأم وابنتها وخطيب ابنتها الكبرى «مريم» وشقيقها المصابين، وفي غضون لحظات سارت عربات الإسعاف تحمل المصابين إلى مستشفى فاقوس المركزي لأجل إسعافهم ومحاولة إنقاذ حياتهم، ونُقلت جثث الموتى إلى ثلاجة حفظ الموتى في المستشفى.

داخل المستشفى

فور وصول المصابين المستشفى، وما أن تم نقل المصابين إلى أسرة الاستقبال والطوارئ حتى فارقت الأم الحياة لتلحق ببناتها الثلاث، فيما كان القدر رحيمًا بابنتها وباقي المصابين الذين كُتبت لهم النجاة.

قبيل انتصاف الليل وميلاد اليوم الجديد، انتهى رجال الطب الشرعي من معاينة الجثامين الأربعة تنفيذًا لقرار النيابة العامة، التي صرحت بالدفن عقب الانتهاء من الإجراءات القانونية، وسارت عربات تكريم الموتى تحمل جثث الضحايا إلى مثواها الأخير في مقابر مشتول السوق.

مشهد مهيب لا تصفه الكلمات من فرط الوجع الذي أحدثه في قلب كل من عرف الضحايا أو لم يعرفهم، ذاك ما كان في جنازة الأم وبناتها الثلاث؛ حيث سارت النعوش الأربعة محمولة على أكتاف المشيعين في طريقهم إلى مقابر الأسرة، وسط حزن وبكاء النسوة وتأثر الرجال وهمهمات بالكاد يحوقل أصحابها حزنًا وتأثرًا على ما أصاب البلدة وأهل الموتى.

دموع الأب

        اسرة‭ ‬الضحايا‭ ‬خلال‭ ‬حديثهم‭ ‬مع‭ ‬أخبار‭ ‬الحوادث

الأشد ألمًا في وصف المصاب ما جاء على لسان والد البنات الثلاث «زينهم» وهو يشيع جنازتهن ووالدتهن؛ إذ بدا الرجل واجمًا وكأنه ليس من أهل الحياة وبدأ الأب يستغفر ربه وهو يتذكر كيف ذهب رفقة ابنته الكبرى «مريم» وحضر الجميع شراء مصوغات شبكتها الأسبوع الماضي، وكيف كان الجميع يستعد لحضور حفل خطوبتها يوم الجمعة التالية لإجازة العيد، وما بين هذا وذاك بدأ الرجل في الانهيار وكأن كل الكلمات والمشاعر لا يمكن لها أن تسع مقدار حزنه وآلامه على فقدان زوجته وثلاث من بناته.

إلى جوار الأب المكلوم كان يقف شقيقه «فارس» الذي تذكر بأسى كيف رأى وجه زوجة شقيقه المتوفاة كما لو كان يخرج منه نورًا وقتما كانت في «طابور العيش»، مضيفًا: «وشها كان منور زي البدر».

وتابع الرجل حديثه متذكرًا مصابهم: «البنات خرجوا ميتين وماسكين إيدين بعض من مياه الترعة، وبعدها لحقتهن الأم أول ما وصلت المستشفى.. ربنا يصبرنا ويصبر أخويا ويلطف بقلبه».

يلتقط الابن الأكبر أطراف الحديث، ليؤكد لـ «أخبار الحوادث»؛ على أن والدته قبيل ذهابها طلبت منه الاعتناء بالمنزل وكأنها تودعهم، منوهًا بأن الكلمات لا يمكنها وصف حالة الحزن الذي أصابهم جراء فقد والدته وشقيقاته الثلاث، قبل أن يُطالب الجميع بالدعاء لشقيقته وخاله اللذان يرقدان في المستشفى وحالتهم حرجة للغاية.

الحادث والبلاغ

الحادث الذي وقع عصر اليوم الرابع من أيام عيد الأضحى المبارك أودى بحياة كلًا من: «مريم زينهم» 17 سنة، طالبة بالصف الثاني بمرحلة الدبلومات الفنية، وهي عروس كانت تستعد لحفل خطبتها يوم الجمعة التالية لعيد الأضحى المبارك، وشقيقتيها «بسملة زينهم» 12 سنة، طالبة بالصف الخامس الابتدائي، و«سجدة زينهم» 5 سنوات، ووالدتهن الأم «ناهد علي» 38 سنة، ربة منزل، فيما أصيب جراء الحادث شقيق الأم «الهادي علي» 35 سنة، إمام وخطيب بالأوقاف، وابنتها «مكة زينهم» 8 سنوات، طالبة بالصف الثاني الابتدائي، إصابات بالغة نُقلوا على إثرها المستشفى لتلقي الإسعافات الطبية والعلاج اللازم داخل المستشفى.

البداية كانت بتلقي الأجهزة الأمنية في مديرية أمن الشرقية، إخطارًا يفيد بورود بلاغ بوقوع حادث انقلاب سيارة ملاكي داخل مياه ترعة الغزالي أمام قرية منشية القاضي التابعة لنطاق ودائرة مركز شرطة فاقوس، ما أسفر عن مصرع كلًا من: «مريم زينهم» 17 سنة، طالبة بالصف الثاني بمرحلة الدبلومات الفنية، وشقيقتيها «بسملة زينهم» 12 سنة، طالبة بالصف الخامس الابتدائي، و«سجدة زينهم» 5 سنوات، وإصابة والدتهن «ناهد علي» 39 سنة، ربة منزل، مقيمة في نطاق مركز شرطة مشتول السوق، وشقيق الأم ويُدعى «الهادي علي» 35 سنة، إمام وخطيب بالأوقاف، مقيم في نطاق مركز شرطة فاقوس، وابنتها «مكة زينهم» 8 سنوات، طالبة بالصف الثاني الابتدائي، أصيبوا بكدمات وجروح وإصابات بالغة في أنحاء متفرقة من الجسد.

تم انتشال جثامين الفتيات المتوفيات، فيما تم نقل المصابين الثلاثة إلى مستشفى فاقوس المركزي لتلقي الإسعافات اللازمة، حيث فارقت الأم الحياة فور وصولها المستشفى متأثرة بإصاباتها، وتم التحفظ على جثامين المتوفين في ثلاجة حفظ الموتى بالمستشفى تحت تصرف النيابة العامة، التي صرحت بدفن جثامين المتوفين الأربعة عقب الانتهاء من الإجراءات القانونية، وطلبت تحريات المباحث حول الحادث وملابساته وكيفية وقوعه.

وفي الساعات الأولى من صباح الخميس، شيع أهالي مركز مشتول السوق في محافظة الشرقية جثامين المتوفين (الأم وبناتها الثلاث)؛ إذ شهدت الجنازة حضور مهيب من جانب أهالي مشتول السوق والمناطق المجاورة لها، حيث خرجت الجثامين إلى مثواها الأخير محمولة في 4 نعوش وسط بكاء وحزن المشيعين.

اقرأ أيضا : البحث عن شاب غرق في ترعة بقنا

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 

 

 

 

 
 
 
 


 

مشاركة