«كلام فى السياسة» أحد البرامج الهامة على شاشات الشركة المتحدة
«كلام فى السياسة» أحد البرامج الهامة على شاشات الشركة المتحدة


مصطفى حمدى يكتب: حكاية ثورة استعادت عافية الإعلام المصرى كيف أنقذت المتحدة الشاشات من نيران الفتنة؟

مصطفى حمدي

الجمعة، 28 يونيو 2024 - 05:28 م

ذات ليلة شتوية عام 2013 كنت جالسا أتنقل بين قنوات التليفزيون، أقفز من «توك شو» هنا إلى حوار ساخن هناك، حتى التقطت شاشة تكسوها اللحى والعمائم فوق مائدة مستديرة تتناول فيما بين ضيوفها فتاوى التكفير واتهامات التخوين والخوض فى الأعراض والذمم واستباحة الدماء، جلس كل ضيف يزايد على الآخر فى ترويج العنف واستعراض قوة تيارهم المظلم، غسيل ممنهج للعقول يغذيه شريانان رئيسيان هما الخاطب الدينى المتطرف والتضليل السياسى.

كان الإعلام هو الشماعة التى تعلق فوقها «حكومة» الجماعة الإرهابية فشلها الذريع فى إدارة شئون الدولة خلال عام حكمهم الأسود، بينما تناسوا عمدا وأخفوا عن العين المبصرة أنهم يمتلكون وقتها أكثر من 20 قناة تبث سمومها على مدار الساعة، منها قنوات انطلقت تحت غطاء دينى وفجأة تحولت إلى منابر لإشعال الفتنة تتحدث بلسان التيارات المتطرفة صراحة ووضوحا، ومنها من خرج مرتديا عباءة يناير قبل أن تتضح النوايا والأهداف باستقطاب الكتلة المحايدة واستغلال حماس الشباب ودفعه للانخراط فى هذا التيار ولو بالتأييد فقط، ولا مجال الآن لسرد قائمة هذه القنوات التى توارت خلف موجات المد الثورى الوطنى فى الثلاثين من يونيو 2013.

لو سألتنى ما أهم مكاسب ثورة يونيو ؟ سأقول لك بلا شك.. إن من بينها استعادة الإعلام المصرى الوطني، وهى خطوة لم تكن سهلة، أو وليدة يوم وليلة، فمثلما سعت دولة 30 يونيو لترميم جسد الوطن المنهك وإعادة بناء مؤسساته، لم تغفل أهمية استعادة الإعلام الوطنى المتزن المعبر عن الهوية المصرية الأصيلة، والانتباه إلى أهمية وجود الصوت المصرى القومى عبر أذرع الإعلام المنتشرة فى ربوع الوطن العربى والشرق الأوسط، وقد كانت البداية بإعادة البوصلة المفقودة للشاشات.

اقرأايضا| «لا يا حبيبي مش هزار» .. ياسمين عز تهاجم تصوير المراهقين داخل المصعد

لماذا نصنع إعلاما ولماذا نطلق قنوات وبرامج تليفزيونية؟ هل بهدف الإثارة وجنى المشاهدات وصناعة فقاقيع تحصد النجومية والشهرة بلا قيمة حقيقية؟ أم من أجل الارتقاء بوعى المواطن وإشراكه فى معرفة حجم التحديات والمخاطر التى يواجهها الوطن؟ هل نصنع إعلاما يشكل عقولا مشهوة بلا هوية وثقافة ومعرفة؟ أم أن واحدا من أدوار الإعلام المهمة هو بناء أفكار و مفاهيم الأجيال الجديدة وحمايتها من الاختطاف الذهنى ؟

تساؤلات أجابت عليها الدولة المصرية بإنشاء كيانات اعلامية وثقافية وفنية على رأسها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية التى تقود الآن قاطرة من القنوات والصحف والمنصات الرقمية وقطاعات الانتاج الفنى والثقافى والإخبارى التى أعادت للإعلام المصرى ريادته فى المنطقة.

بدأت الشركة المتحدة أعمالها فى إعادة إحياء العديد من القنوات التليفزيونية وفق أجندة وطنية تضع مصلحة المواطن والوطن قبل أى اعتبارات أخرى، وتقدم رسالة إعلامية تستند على أسس واضحة أبرزها الحفاظ على الأمن القومى المصرى المحاط ببؤر مشتعلة على جميع الجبهات، وفتح نقاش مجتمعى وسياسى متزن يثرى الوعى الجمعي، بالاضافة الى توفير خدمة إعلامية تثقيفية وترفيهية ترتقى بالذوق العام للمشاهد، وإعادة ترسيخ قيم الأسرة المصرية والحفاظ على تماسكها، والتأكيد على مبدأ المواطنة والتلاحم بين كل أطياف الشعب، وإحياء التاريخ والحضارة المصرية العظيمة، ونشر الخطاب الدينى المستنير الذى يراعى متغيرات العصر ويصون التشريعات الإسلامية والمسيحية ويتفهم القوانين الإنسانية، كل هذا بجانب تقديم التقدير اللائق برموز المجتمع والعقول المعطاءة والمواهب الفذة فى كل المجالات.

انطلقت شبكات قنوات الشركة المتحدة فى رحلة شاقة لتنفيذ هذه المهمة بأيد مصرية لها خبراتها الطويلة والمشرفة فى مجال الإعلام، وقدمت للساحة أجيالا جديدة من الاعلاميين وصناع المحتوى والمحررين والكوادر المختلفة فى مختلف مراحل وعناصر هذه الصناعة الضخمة، وفق خطة مرنة تواجه مستجدات المشهد السياسى والاجتماعى والإقليمى والعالمى أيضا، لم يعد «التوك شو» مسرحا لاستعراض البطولات الوهمية والشائعات والاراء الهشة، وفرض صوت العقل نفسه على اللغة  الإعلامية، ونقت التجربة نفسها عاما بعد الآخر وفقا للمعايير المهنية وأخلاقيات المهنة، وهنا جاءت الاجابة عن سؤال آخر مهم وهو: متى نرى على الشاشة قناة مصرية اخبارية إقليمية تنافس الشبكات الاخبارية الأخرى؟!

فى صناعة الإعلام تتلون الأخبار، تروى القصص بعين صناعها، كل ينفذ أجندته وفقا لمصالحه، هذا العرف الذى فرضه الاعلام الغربى بمؤسساته وأذرعه الضخمة ليصبح منهجا تسير عليه شبكات الاخبار التى تعبر عن سياسات وحكومات دول، وهنا إن لم يكن لك ذراع وصوت يعبر عن أهدافك وأمنك ومصالح شعبك فلن تجدها على شاشات الآخرين.

أسست الشركة المتحدة قطاع القنوات الاخبارية الذى يضم قناة إكسترا نيوز الاخبارية بالإضافة إلى اكسترا لايف التى تقوم على البث المباشر للأحداث، وانضم لهما مولود عملاق هو قناة «القاهرة الاخبارية» التى تحمل اسم عاصمة مصر لتنقل صوت مصر للعالم، استقطبت القناة عشرات المراسلين فى مختلف عواصم العالم الكبرى وبؤر الأحداث المهمة، ورسمت سياسة تحريرية وإعلامية ذات صبغة إقليمية تخاطب المشاهد العربى والعالمى بمهنية قائمة على دقة المعلومة ووطنية التوجه، نجحت القاهرة الإخبارية فى فرض اسمها بين كبرى الشبكات الإخبارية الإقليمية فى وقت قصير، واستطاعت أن تحجز مقعدها بين الكبار خاصة مع اندلاع أحداث السابع من أكتوبر وما أعقبها من حرب غزة، لم تترك «القاهرة» عقل المشاهد -المصرى أولا-، والعربى أيضا فريسة للروايات المضللة التى تصنع رأيا عاما مشوها مشحونا بالزيف والشائعات.

فى الطريق تطورت قواعد اللعبة، وظهر لاعبون جدد فى المشهد الإعلامى أبرزها بالطبع صناعة الأفلام الوثائقية، سبقت شبكات ومؤسسات فى استخدام «الوثائقيات» كأداة جديدة فى تشكيل الوعى وإعادة رواية التاريخ كل وفق أهدافه، ولم يعد التاريخ محايدا كما أخبرونا، حتى التاريخ الحديث الذى عايشناه رأى العين، وهنا كان لزاما أن نملك لاعبا مهما ومؤثرا فى هذا الملعب، وقد كان بإطلاق قطاع القنوات الوثائقية بالشركة المتحدة، ومعه القناة «الوثائقية» التى قدمت مجموعة مهمة تصل إلى ما يقرب من 800 عمل من الأفلام الوثائقية التاريخية والسياسية والاجتماعية وحتى الفنية والرياضية لتخدم قطاعا كبيرا من الجمهور المتابع لهذا النوع من الأفلام.

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 

 

 

 

 
 
 
 


 

مشاركة