طاهر قابيل
طاهر قابيل


يوميات الأخبار

دائما فى قلب الأحداث

طاهر قابيل

الإثنين، 04 أبريل 2022 - 04:42 م

«أخبار اليوم» تتميز بالانفرادات الصحفية وهى دائمًا سباقة فى تغطية الأحداث التى تهم المجتمع والمواطن والكرة الأرضية بأسرها

 فى 12 أكتوبر 1992 عند الساعة الثالثة و9 دقائق عصرًا وقع زلزال.. كان مركزه بالقرب من منطقة «دهشور» على بعد 35 كيلومترًا جنوب غرب «القاهرة».. استمرت الهزة الأرضية نصف دقيقة تقريبًا وأصابت معظم البيوت القديمة بتصدعات وتهدم لأن قوتها بلغت  5٫8 ريختر.. «زلزال أكتوبر» تسبب فى وفاة 545 مصريًا وإصابة 6512 مواطنًا وتشريد حوالى 50 ألفًا أصبحوا وقتها بلا مأوى.. حدثت توابع للزلزال على مدار الأيام الأربعة التالية.. ويعد ذلك الحدث الزلزالى الأكبر والأكثر تدميرًا فى مصر منذ عام 1847.. ويقال إن القاهرة تقع  داخل منطقة انتشار للتصدع الأرضى تنقل الامتدادات الأرضية من صدع خليج السويس إلى الدلتا.. وأنه أدى لتدمير 350 مبنى بالكامل وإلحاق أضرار بـ 216 مسجدًا و350 مدرسة و312 أثرًا تاريخيًا وأن كتلة حجرية سقطت من الهرم الأكبر وأن أغلب الأضرار الجسيمة انحصرت فى المبانى التى بنيت من الطوب... وأن جزءًا من ارتفاع عدد القتلى والجرحى يعود لحجم الذعر وأن الإحساس بالزلزال وصل إلى الإسكندرية وبورسعيد ووجه بحرى والصعيد.

التفاصيل الدقيقة
رغم مضى حوالى 30 عامًا ولكنى أتذكر ذلك اليوم بالتفاصيل الدقيقة والتى أتمنى وأدعو الله ألا يعودها.. فكنت فى ذلك اليوم فى مهمة عمل وعدت أنا وصديقى «على الصفتى» المحرر العسكرى بصحيفة الجمهورية وتركنى بالقرب من مجمع محاكم ونيابات «الأزبكية» ووجدت إحدى عربات الشرطة تهتز بعنف وهى مغلقة وقبل أن أفهم ماذا حدث شاهدت جموعًا من البشر تهبط سريعًا للشارع ويقول الناس إن المبنى ينهار.. أسرعت الخطى لآتى بمصور لنتابع ماذا يحدث وفوجئت بأن المشهد يتكرر أمام «مبنى الأهرام» فقلت لنفسى إنه خبر «الموسم»، أسرعت الخطى لأفاجأ بنفس المنظر أمام دار «أخبار اليوم» فصعدت سريعًا بعد أن اطمأننت تليفونيا على أسرتى والتقيت بالأستاذ أحمد الجندى مدير التحرير فكلفنى باصطحاب مصور والنزول سريعًا للشارع وعلى اصطحاب زميل لى بسكرتارية التحرير وتجولت فى وسط البلد.. والتقيت مع المواطنين أسمع حكاياتهم وهروبهم من الموت وألتقى بزميلة كانت مثلنا تتابع الأحداث وأعرف أن المصابين نقلوا لمستشفى «السيد جلال» ونذهب إليهم لاستكمال التغطية وأعود للأخبار، فأكلف مرة ثانية بتغطية هروب السكان للحدائق والنوادى وأشاهد الناس تفترش الأرض وأسمع الحكايات التى لا تختلف بالمناطق الراقية أو الشعبية وهى الهروب من الموت أسفل الأنقاض أو الإصابة وأنهم جميعا يؤكدون على قضاء الليل بالشارع فهو أفضل لهم.

مرت أيام وتتسابق الصحف بنشر المتابعات وكالعادة تتميز «أخبار اليوم» بتغطيتها وانفراداتها والكل يعمل فى تعاون كأنه جسد واحد لا فرق بين محرر صغير أو كبير، فالكل يبحث ويحقق لنشر الأفضل والمتميز.. ولقلة خبرتى كلفت  بتغطية «تدريب بحرى» بالإسكندرية.. وبصراحة كنت مصابا بالضيق وأتساءل كيف نجرى احتفالا وكل بيت فيه جنازة أو مصاب وجاءنى الرد أن صحفًا عالمية نشرت أن مصر سقطت وتعانى من أزمة شديدة ولن تعود للقيام مرة أخرى.. وأراد المسئولون أن يقولوا لهم إننا بخبر ومازلنا أحياء ونمارس حياتنا بصورة طبيعية ونجرى أنشطتنا  بانتظام.. وكان درسا تعلمت منه هو كيف يكون الرد على الأكاذيب والشائعات بنقل واقعنا الذى نفتخر به وممارستنا لحياتنا الطبيعية.

شاهدت الزلزال
كنت أعتقد أن هذه هى الزلازل، حتى شاهدت ماذا فعل فى تركيا.. ففى عام 1999 سافرت إلى مرمرة أو «إزميد» وكان المصريون يمدون يد المساعدة للمتضررين هناك بالمساعدات الإنسانية والأفراد والمعدات والهيئات الطبية.. فقد أصيبت المنطقة بزلزال بقوة 7٫6 ريختر واستمر 37 ثانية وأدى لقتل 17 ألف شخص وتشريد نصف مليون مواطن وأصبحت مدينة «إزميد» منطقة منكوبة.. شاهدت الخراب والدمار فقد رأيت من نافذة الطائرة التى تقلنى من «اسطنبول» حتى مكان الحدث إحدى القواعد البحرية غارقة أسفل المياه ومبانى شاهقة الارتفاع مهدمة وأراضى بها بقايا المبانى.. وعندما هبطت الطائرة الهليكوبتر على «نجيلة» أحد النوادى أو مراكز الشباب وجدت الخيام تنتشر فى المكان وتتوسطها خيمة مصرية لتصنيع الخبز وتقديمه مجانا وكميات من المساعدات الغذائية توزع على الجميع.. وتجولت فى الشوارع بين المبانى المنهارة ولم أجد مبنى «واحدا» يقف على حيله، فإما أدواره مختفية فى باطن الأرض أو مائلة تستند على مبنى مجاور أو مهدمة.. والأيدى المصرية والمعاول والمعدات تبحث عن أحياء أسفل الأنقاض.. وأذهب إلى مركز طبى فأشاهد علاج المصابين وتقديم الدواء للمرضى.. بعد ذلك تأكدت أن ربنا حفظنا وأن ما حدث كان أمرًا بسيطًا فشاهدته فى إيران وبالتحديد بمنطقة «بام» يؤكد أن الله عز وجل حافظ لبلدنا وكالعادة كانت مصر تسارع فى نجدة المحتاج وتقديم  المساعدات الإنسانية للمتضررين.. فبعد رحلة طيران استغرقت أكثر من 5 ساعات ثم بعدها رحلة برية استغرقت 6 ساعات لسوء الطريق وصلت إلى «بم» وكان المشهد مؤلمًا فالمكان فقير جدًا وليس فيه مبنى سليم فالكل مدمر وحكايات المشردين والمخيمات فى أماكن كثيرة تؤكد كلها أن المواطنين البسطاء ضحايا الإهمال والكوارث والأزمات الطبيعية.

التغير المناخى

«أخبار اليوم» تتميز بالانفرادات وأنها سباقة فى تغطية أى الأحداث التى تهم المجتمع والمواطن والكرة الأرضية.. ومنذ فترة كتبت مقالا بعنوان «تسونامى الدلتا» تحدثت فيه عن أزمة جديدة وهى التغير المناخى وأكدت فيه أن العالم بدأ يهتم بتلك الظاهرة بمؤتمر «استوكهولم» فى بداية السبعينيات من القرن الماضى وقد شد الانتباه لتلك الظاهرة ارتفاع درجة حرارة الأرض والمياه بالبحار والمحيطات وتوقعات بغرق مناطق ساحلية ودلتا الأنهار والتأثير على مخزون المياه الجوفية وجودة الأراضى وانخفاض إنتاجية بعض المحاصيل وزيادة شدة موجات الحر والبرد وتذبذب سقوط الأمطار وذوبان الثلوج والتخوف من اختفاء بعض الكائنات الحية وانتشار سوء التغذية والأمراض.

توقع خبراء البيئة تراجع تدفقات مياه الأنهار ومنها «النيل» بدرجات متفاوتة وأن ذلك يجعل من الضرورى تطبيق أساليب فعالة للتعامل مع الزراعة وتوليد الطاقة الجديدة والمتجددة وتأثر الدلتا والسواحل بالارتفاع فى مستوى مياه البحر مما يؤديه ذلك من خسائر بالأراضى الزراعية واختفاء بعض المحاصيل وغرق أجزاء من رمانة وبورفؤاد والقنطرة والمطرية والمنزلة ودمياط وفارسكور وبلطيم والحامول وسيدى سالم وإدفينا ورشيد ودمنهور وكفر الدوار وأبو قير وأبو المطامير ورغم كل ما قيل عن تآكل السواحل الشمالية إلا أنه حتى الآن لا يتوقع أحد حجم المساحة التى سوف تغمرها مياه «المتوسط « وحددت منظمة أمريكية أن أجزاءً من محافظات بورسعيد والإسماعيلية ودمياط والشرقية والدقهلية وكفر الشيخ والإسكندرية والبحيرة ستغمرها المياه بمعدلات متفاوتة وأنه بعد 100 عام سوف تتراوح ما بين 20 و40 كيلومتراً وقد اتخذنا خطوات جادة للاعتماد على الطاقة الجديدة والمتجددة وعدم الإسراف  فى استخدام مشتقات البترول التى  تضر بصحة الإنسان وبخصوبة التربة وتزيد من الاحتباس الحرارى.

فى الأسبوع الماضى حضرت مؤتمر «أخبار اليوم» عن مستقبل الإسكندرية والتحديات المناخية كأول مؤتمر لمواجهتها شارك فيه خبراء البيئة ومسئولو القطاعين المدنى والخاص واستمعت خلال الجلسات لمناقشات وآراء عن  إجراءات التكيف مع التغيرات المناخية وعن الصناعة والطاقة واستدامة المشروعات ودور منظمات المجتمع المدنى فى الوعى بقضايا المناخ.. وانتهى المؤتمر الذى استغرق يوما وسبقته جلسات تحضيرية بقيادة الكاتب الصحفى أحمد جلال رئيس مجلس الإدارة والكاتب الصحفى خالد ميرى أمين عام الصحفيين العرب ورئيس تحرير «الأخبار» وحضور الكاتب الصحفى خالد النجار رئيس تحرير مجلة السيارات وأعضاء مجلس الإدارة والجمعية العمومية ورجال إعلانات أخبار اليوم والصحفيين المهتمين بقضايا الوطن وقدم المؤتمر التوصيات للحكومة لطرحها بمؤتمر شرم الشيخ cop 27 نوفمبر القادم.

وفى المؤتمر أكد اللواء محمد الشريف محافظ  الثغر أن الأمطار تتضاعف 10 مرات بعد 12 عاما وقال أحمد جلال إن الإسكندرية مركز حضارة العالم والفن والعلوم وأن التغيرات المناخية قضية مصيرية تؤثر فى حياة الشعوب وتهدد سكان الأرض.. وقال خالد ميرى إن «أخبار اليوم» دائما فى قلب قضايا الوطن وآخرها التغيرات المناخية وأوضحت د.فاطمة أبو شوك أن المؤتمر مبادرة مهمة لوضع خريطة عمل لحل قضايا المناخ..

وأوصى المؤتمر بدعم خطة العمل بالسيارات الكهربائية وإعادة هيكلة إدارات الأزمات بالمحافظات وعقد دورات لكل فئات المجتمع للمساهمة لجهود الدولة نحو التكيف مع آثار التغيرات المناخية.. سريعا تركت الإسكندرية لألحق مشاهدة مباراة منتخبنا مع السنغال فى المباراة الثانية.. وأصابنى حزن بعد ما فعله الجمهور السنغالى مع نجومنا وأعتقد أن لكل جواد كبوة.. وكل عام والمصريون بخير بمناسبة شهر رمضان أعاده الله علينا بالخير والبركات.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة