إبراهيم عبد المجيد
إبراهيم عبد المجيد


مصر الجديدة:

جنون أسعار الورق ومأساة النشر

إبراهيم عبدالمجيد

الخميس، 15 سبتمبر 2022 - 06:30 م

الأسعار ترتفع فى كل شىء بسبب ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصرى. لكن هناك شيئا يبدو هامشيا فى كل الأحاديث بينما هو هام جدا، لأنه جزء من الحياة العادية للكثيرين في جانب، وهو جانب التعليم، وجزء من الحياة شبه الخاصة بين القراء، وأعنى به أسعار الورق. ارتفاع أسعار الورق يؤثر على سعر طباعة الأوراق العادية وملازم الدروس والكراسات المدرسية، مما يعرفه الناس مع بدء الدراسة، وأيضا الكتب الخارجية المساعدة، ولن يتوقف الناس عن شرائها مضطرين. لكن صناعة النشر للكتب العامة من آداب وفكر وعلوم وتاريخ وكتب للناشئة والأطفال وغيره، فى النهاية تحت رحمة القارئ وقدراته. منذ عام 2016 مع أول تعويم للجنيه قفزت أسعار الورق قفزة كبيرة، فتجاوز سعر طن الورق عشرين ألف جنيه. أتحدث هنا عن الورق المستورد، لأن المنتج المحلى لا يكفى خمسين بالمائة من المطلوب للنشر، وأيضا المنتج المحلى ارتفعت أسعاره، فصارت أقل بألف أو ألفين جنيه عن المستورد. يعنى لا فرق كبير. ارتفت الأسعار شيئا فشيئا بعد عام 2016، ثم قفزت منذ أسبوعين إلى خمسة وثلاثين ألف جنيه للطن. حين ارتفعت أول مرة ارتفاعا مضاعفا وحدثت بعدها الكورونا بثلاث سنوات ارتفع سعر الكتاب من جهة، وقلت المعارض العربية من جهة، فأغلقت نحو 30% من دور النشر الصغيرة أبوابها، وفقا لإحصائية اتحاد الناشرين العرب. كثير من دور النشر أو كلها قللت إنتاجها، فرأس المال وقلة الإقبال على الشراء، لم يساعداها أن تستمر فى نشر العدد الذى كانت تنشره كل عام. الآن وصل طن الورق إلى خمسة وثلاثين ألف جنيه، وسيرتفع فى الأيام القادمة، وربما يكون قد ارتفع وأنا أكتب المقال، والطبع تقريبا شبه متوقف الآن، انتظارا لما سيحدث أو عجزا، ولقد بدأت دور نشر كثيرة تعتذر عن عدم قبول أعمال جديدة لنشرها. سعر الكتاب لا يحدده سعر الورق فقط، لكن أيضا سعر الطباعة التى ارتفعت بدورها لارتفاع أسعار أدواتها، وأجر مُنسِّق الكتاب ومصمم الغلاف وورق الغلاف والمدقق اللغوى، كما أن مكتبات التوزيع تحصل على نسبة ما بين خمسة وثلاثين إلى خمسين بالمائة من سعر الكتاب، بالإضافة إلى النسبة مما تتكلفه دار النشر من عمل وموظفين ومكان. ومن ثم فستجد أن الكتاب الذى تصل صفحاته إلى عشر ملازم - أى مائة وستين صفحة - سيصل سعره لسبعين جنيها، وستجد كتابا متوسط الحجم فى ثلاثمائة صفحة بمائتى جنيه فى معرض الكتاب القادم، وأكثر من ذلك قد يصل إلى ثلاثمائة جنيه أو يتجاوزها. صار سعر الطباعة والورق فى مصر أضعافه خارجها حتى فى بيروت بما فيها من أزمة. أعرف أن الدولة لن تستثنى سعر الورق من الضرائب، ولا سعر الدولار الجمركى، فشأنه شأن غيره، ودور النشر الحكومية رغم الدعم المتوافر لها، ستقل أعداد الكتب فيها، وتتأخر بعض السلاسل في الصدور، لكن الأزمة فى القطاع الخاص الذى ينشر على الأقل تسعين بالمائة من الكتب، باتت طاحنة. ما المخرج؟ لا أعرف.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة