أحد المعتقلين في الغرف الخاصة بتناول الطعام
أحد المعتقلين في الغرف الخاصة بتناول الطعام


يوميات محتجز داخل معتقل جوانتانامو

كاميرات في كل مكان.. وسجادة صلاة وسبحة للمعتقلين

عاطف عبداللطيف

الثلاثاء، 06 فبراير 2018 - 10:53 م

‎بعد ساعات من السفر والانتقال من أمريكا إلى كوبا.. فى إطار السبق الصحفى لجريدة ‫"‬الأخبار‫"‬ باعتبارها أول صحيفة عربية تدخل إلى "جوانتانامو" المعتقل الأشهر فى التاريخ.. جاءت اللحظة المنتظرة.. جولة داخل أروقة المعتقل.. معايشة على أرض الواقع للحياة داخل المعسكر.. ورصد ومتابعة كيف يعيش المعتقلون داخل هذا المعسكر وما يتوافر لهم من وسائل للحياة.

 

أسئلة كثيرة تبادرت إلى ذهنى وأنا أستعد لهذا السبق الصحفى.. وتلك الجولة بمعسكر جوانتانمو.. فى مقدمتها بالطبع.. أحاديث التعذيب وانتهاك حقوق الإنسان التى تعشش فى تفكير كثير من الناس خاصة فى الدول العربية والإسلامية.. وكانت أحد أهدافنا من تلك الجولة محاولة الرصد عن قرب حقيقة حديث التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان.


‎ولأنه ليس كباقى المعتقلات أو السجون.. وكونه معسكرا تشرف عليه قوات المهام المشتركة بالجيش الأمريكى وتتم فيه المحاكمات وفقا للقانون الأمريكى.. وانطلاقا من مجموعة القواعد والمحظورات والممنوعات التى تم إبلاغنا بها قبل القيام بالجولة،‫ والتى حرصت على الالتزام بها بشكل دقيق وكامل، ‬بجانب المنع التام لأى أحاديث لنا مع المعتقلين الموجودين حاليا داخل المعسكر وجميعهم مسلمون، ‫و‬باعتبارها أحد الشروط الرئيسية والأساسية لموافقة وزارة الدفاع الأمريكية على قيامنا بتلك الجولة داخل معسكر جوانتانمو‫..‬ لم نتمكن من التحقق صحفيا من مدى صحة تلك الأحاديث أو اختلاقها.... لذا لم يتسنى لنا تحقيق هذا الهدف بشكل موضوعى نستطيع من خلاله إثباتها أو إنكارها.

 

إلا أن مستوى التعاون الكبير لفريق الضباط والمسئولين الذين كانوا بصحبتنا معظم الوقت، وحسن الضيافة التى استقبلونا بها والطريقة الراقية التى تعاملوا بها معنا، وحرصهم الشديد على الإجابة على تساؤلاتنا قدر المستطاع، والمعلومات التى وفروها لنا.. كل هذا أتاح لنا الفرصة للتعرف عن قرب عن كيفية الحياة داخل المعتقل.. وما يتوافر للمعتقلين بداخله. وكيف يقضون يومهم.. وكيف يمارسون طقوس حياتهم. وهذا ما سوف نقدمه فى هذه الحلقة من السبق الصحفى للأخبار داخل معتقل جوانتانمو.


هجمات سبتمبر

يختلف المشهد بمعتقل جوانتانمو عن أى مكان آخر، وبالرغم من وجود المئات بل الآلاف من السجون والمعتقلات السرية فى العديد من دول العالم، إلا أن الصورة بمعسكرات الاعتقال بجوانتانمو لها طبيعة خاصة فى العديد من الجوانب. أحد تلك الجوانب هى الصورة الموجودة فى أذهان الناس والتى تكونت عبر السنين وخلقت صورا وتخيلات متشابكة عن الحياة داخل المعتقل. من ناحية أخرى، يختلف المشهد فى معتقل جوانتانمو لأسباب تتعلق بطبيعة عمليات الاعتقال للمحتجزين خلف جدرانه والقضايا التى يواجهونها، والبيئة التى يعيش فيها المعتقلون داخل المعسكرات.. التكلفة السنوية المقدرة لتشغيل المعتقل تبلغ حوالى ٤٤٥ مليون دولار، بما يعنى أن التكلفة السنوية لكل معتقل داخل السجن تزيد على عشرة ملايين دولار.

 

لا تختلف الصورة الخارجية للمعتقل عن أى سجن عادى قد نراه فى أى مكان، بدا المنظر طبيعيا وهادئا فى الساحة الخارجية المواجهة للمعتقل.

 

على أسوار المعسكرات تجد كاميرات المراقبة فى جميع الاتجاهات، والسلوك الشائكة تحيط بكل جوانب المعسكرات، وإجراءات مشددة للحراسة والتأمين. «الأخبار» سعت لإلقاء الضوء على بعض جوانب الحياة داخل معسكرات الاعتقال بجوانتانمو. وسنعرض فى السطور اللاحقة بعض جوانب الحياة داخل المعتقل، دون الدخول فى تفاصيل طريقة معاملة المعتقلين أو أوضاعهم القانونية، وذلك طبقا لما توافر لدينا من معلومات موثقة وصور من أرض الواقع.. كما سنلقى الضوء على إحدى أشهر القضايا المعروضة حاليا أمام محكمة جوانتانمو لأبرز المعتقلين الذين يواجهون تهم القتل والتآمر.


معسكر إكس راى
أنشأت الولايات المتحدة معسكر «إكس راى» عام ٢٠٠٢ كوحدة اعتقال مؤقتة للمهاجرين، وهو أول معسكر يطلق عليه معتقل جوانتانمو، وتم استخدامه لعمليات الاعتقال التى تقوم بها القوات المسلحة للمحاربين الأعداء، وذلك خلال الفترة من يناير حتى إبريل ٢٠٠٢.

 

وكانت الولايات المتحدة فى ذلك الوقت تقوم ببناء وحدات معسكرات جديدة تتضمن أماكن مفتوحة لإعادة تأهيل المعتقلين. وصل أول معتقل إلى معسكر إكس راى فى يناير ٢٠٠٢، وقامت اللجنة الدولية للصليب الأحمر فى ذلك الوقت بزيارة المعتقل، وتقوم حاليا بزيارات ربع سنوية لمعسكرات الاعتقال للتأكد من طريقة معاملة المحتجزين.


فى فبراير ٢٠٠٢ قامت قوات المهام المشتركة ١٧٠ بإنشاء قوات مهام الاستخبارات للعمل بجانب قوات المهام المشتركة ١٦٠ فى الإشراف على المعتقل، فى ابريل ٢٠٠٢ تم الانتهاء من بناء ثلاث معسكرات (دلتا) بإجمالى طاقة استيعابية تصل إلى ٤١٠ محتجزين. وتم نقل المعتقلين الموجودين من معسكر إكس راى، الذى تم إغلاقه، إلى المعسكرات الجديدة.. وفى نوفمبر ٢٠٠٢ تم دمج قوات المهام المشتركة ١٦٠، ١٧٠ لتتشكل قوات المهام المشتركة جوانتانمو.


مايو ٢٠٠٤ تم فتح معسكر ‪V‬ والذى يوفر أعلى درجات الأمان. وتم إضافة معسكر ‪VI‬ عام ٢٠٠٦ والذى يوفر منطقة مفتوحة للمحتجزين بهدف توفير مساحة أكبر من الحرية.. يتم مراجعة طريقة معاملة المحتجزين والبيئة التى يعيشون بها داخل المعتقل بصورة دورية من السلطات الأمريكية واللجنة الدولية للصليب الأحمر. وطبقا لما جاء بتقرير «والش» الذى صدر فى فبراير ٢٠٠٩ حول أوضاع المحتجزين بمعتقل جوانتانمو، فإن التقييم الشامل الذى قامت به إدارة الرئيس السابق باراك أوباما لمعتقل جوانتانمو أكد أن المعتقل يتوافق مع كافة متطلبات القانون الأمريكى، وهناك عمل مستمر لتحسين الظروف التى يعيش فيها المحتجزون داخل المعتقل مع مراعاة متطلبات الأمن. وجارى حاليا تجديد معسكر ‪V‬ ليتم تحويل أحد أجنحته إلى وحدة طبية للمعتقلين.


تم الانتهاء من إنشاء معسكر ‪VI‬ فى أكتوبر عام ٢٠٠٦، جميع الوحدات داخل المعسكر مكيفة. ويتضمن المعسكر منطقة خارجية لإعادة تأهيل المعتقلين، ويشمل وحدة طبية بها غرفتان للاختبارات الطبية وغرفة أخرى لاختبارات الأسنان. وتقدم الوحدات الطبية عناية فورية سواء فيما يتعلق بأمراض الجسم أو تعب الأسنان. الهدف الأساسى من توفير المنطقة المفتوحة بمعسكر الاعتقال هو توفير درجة أكبر من الحرية للمحتجزين بما يساعد فى تحسين الجو العام والحالة النفسية للمعتقلين بما يؤدى إلى تحقيق درجة أعلى من إعادة التأهيل وتغيير السلوك. تحتوى المنطقة المفتوحة (منطقة إعادة التأهيل) على أماكن لتناول الطعام بصورة جمياعية ويشمل ذلك طاولات مثبتة لتناول الطعام تكفى لستة أفراد، بالإضافة إلى مجموعة من الكراسى الموجودة فى أماكن مختلفة فى المنطقة، وبعض وسائل الترفيه.


داخل الزنزانة
تحتوى غرف المعسكر على مكيفات هواء بهدف تهيئة الجو ومواجهة ارتفاع درجات الحرارة داخل المعسكر. لم تكن هذه الوسيلة متاحة قبل ذلك عند نشأة المعتقل بداية عام ٢٠٠٢، حيث بدأ إضافتها فى معسكر ‪VI‬ عام ٢٠٠٦. تتكون كل زنزانة داخل معسكر الاعتقال من سرير يكفى لشخص واحد، مرتبة، وفرش للسير وغطاء، صنبور مياه جارية وحمام. يقدم لكل محتجز مجموعة من الأدوات الشخصية تتضمن ملابس، وحذاء، ومواد للنظافة الشخصية، معجون أسنان، وفرشاة أسنان، صابونة وشامبو. بالإضافة لذلك يحصل كل محتجز على سجادة للصلاة وسبحة من الخرز لختم الصلاة. ولكل معتقل الحق فى مشاهدة تليفزيون يعرض مجموعة من القنوات عبر الأقمار الصناعية.


تقدم قوات المهام المشتركة للمعتقلين وسائل للتواصل مع ممثليهم القانونيين، ويشمل ذلك مكالمات هاتفية واجتماعات يتم تنسيقها بين المحتجزين وممثليهم لإتاحة الفرصة للمعتقلين لمتابعة موقفهم القانونى فى القضايا المرفوعة والتهم التى يواجهونها. وتتضمن وسائل التواصل أيضا إمكانية إرسال واستقبال رسائل البريد لتسهيل عمليات المراسلات التى تتعلق بالدعاوى القضائية لكل معتقل. جميع هذه الوسائل تراعى احترام سرية المراسلات بين المعتقلين والمحامين طبقا للقانون الأمريكى، والقواعد العسكرية، وأحكام المحكمة، والمعايير الأخلاقية.


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة