السفير محمد صالح الذويخ
السفير محمد صالح الذويخ


بأقلام الأشقاء

الذكرى التى لا تنسى

بوابة أخبار اليوم

السبت، 05 أكتوبر 2019 - 06:20 م

السفير محمد صالح الذويخ

تأتى الذكرى السادسة والأربعين لنصر أكتوبر المجيد هذا العام كشعاع ضوء خافت يشق طريقه بصعوبة بالغة وسط الظلمات التى اشتدت وتكاثرت، وتناثرت نُذرها لتلف معظم أرجاء وطننا العربى الكبير، وكأنها تذكرنا بحالنا قبل النصر الخالد، وكيف كاد اليأس وعار الانكسار يقتل عزيمتنا، لولا بصيص من أمل وبقيّة من تفاؤل، وإيمان لا يداخله الشك بالقدرة على الانجاز من جديد ان اتفقت كلمتنا وتوحدت أهدافنا.
إن مرور هذه السنوات على نصرنا المجيد، لا يمكن أن يؤدى إلى بنا إلى نسيان أهمية وقيمة تلك الانتصارات التاريخية التى حققت لنا العزة والكرامة، وأعادت إلى امة العرب المجد والسكينة، وحققت لأبنائها الكبرياء والكلمة المسموعة بين الامم، فقد حقق لنا النصر الكثير والكثير مما تحفل به مئات المؤلفات، وآلاف المقالات بما أصبح يشكل مادة خصبة لمراكز الأبحاث السياسية والعسكرية المتخصصة حول العالم.. يتدارسها الباحثون بكل الإعجاب والتقدير، وتتناقلها الأجيال الناشئة بمزيج من الفخر والإعجاب.
فى ملحمة النصر المجيد كانت الكويت حاضرة جنبا إلى جنب مع الشقيقة مصر، ومع شركاء الهوية والدين والتاريخ فى الشقيقة سوريا، ولم يكن حضورا شرفيا او عابرا على كلتا الجبهتين، بل كان فاعلا وشاملا ومتعدد الصور، مدفوعة بيقين راسخ بأن المعركة معركتها وأنها ليست قوة دعم ومساندة للمقاتل المصرى والمقاتل السورى، بل قوة أصلية، ولم تفكر كثيرا فى تداعيات هذا الحضور القوى، ولم تلتفت لحسابات الساسة والاستراتيجيين فى مثل هذه المواقف الصعبة، بل اندفعت بكل قواها ملبية نداء الواجب، فزادت من حجم تواجدها على جبهة سيناء - التى ظلت مقرا لكتيبة كويتية عسكّرت فى منطقة كبريت غرب القناة طوال معركة الاستنزاف الباسلة -متمثلة فى لواء اليرموك الذى أستشهد من رجاله البواسل 42 شهيدا امتزجت دماؤهم الشريفة بدماء أشقائهم المصريين لتروى رمال سيناء وتمتزج بمياه قناة السويس، كما بادرت بإرسال قوة حربية إلى الجبهة السورية باسم قوة الجهراء، والتى يسجل التاريخ انها رسمت ببسالتها وعزيمة رجالها علامات من الشرف والبطولة على مدار 84 يوما أمضتها فى منطقة جبل الشيخ، إلى ان عادت مظفرة لأرض الوطن فى سبتمبر من عام 1974، رافعة راية العزة والنصر يسودها شعور الفخر بأداء الواجب الدينى والتاريخى بالأرواح والدماء.
ولم يقتصر الدور الكويتى على الجانب العسكرى وحده، بل بادرت بتزعم الدعوة فى 10 أكتوبر 1973 لاجتماع عاجل لبحث استخدام سلاح النفط وإظهار الدعم الشامل لأشقائها فى مصر وسوريا غير عابئة بضغوط الخارج، وأسفر الاجتماع الذى عقد يوم 17 اكتوبر عن قرار حاسم بتخفيض إمدادات النفط من الدول العربية بنسبة 5 % شهريا، وكان لهذا القرار وقعا كبيرا تسبب فى اهتزاز الأسواق العالمية، وأكد إصرار العرب على استرداد حقوقهم المسلوبة، وإظهار تضامنهم واجتماعهم على كلمة واحدة لجميع دول العالم.
لقد كانت المشاركة الكويتية فى ملحمة اكتوبر المجيدة قرارا إجماعيا لدولة الكويت قيادة وحكومة وشعبا، ساهم فيها الجميع بحماس كبير، وجاءت كحلقة فى سلسلة طويلة من المواقف المشرفة سبقت ملحمة النصر بسنوات، فقد كان عار النكسة فى 1967 يقض مضاجع أبناء الأمة العربية، ويدفع بقوة نحو إلى الاستعداد لمحو آثارها واستعادة أمجاد العروبة.
وإننا ونحن نستذكر معا دلالات النصر العظيم الذى أعاد العزة والكرامة وروح النصر إلى الشقيقة مصر والأمة العربية سواء بسواء، إنما نسعى إلى استعادة أجواء هذه الملحمة الكبرى، لعلها تكون دافعا إلى التضامن من اجل تجاوز المحن الراهنة التى يعانى منها أشقاء لنا فى ربوع وطننا الكبير، وإحياء روح العمل المشترك، كما انها مناسبة لتذكر تضحيات شهدائنا الأبرار التى لولا بطولاتهم ما تحقق الانتصار، علاوة على التأكيد على الثوابت التى تجمع بين بلدينا، والتى تجلت فى عدد من المقابلات التى تمت بين حضرة صاحب السمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح، وفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسى، وكان احدثها الزيارة الناجحة لفخامته فى الشهر الماضى من ان امن مصر من امن الكويت وامن الكويت من امن مصر، وهى العقيدة الإستراتيجية التى توجه مسار التعاون الثنائى الأخوى بينهما والتى تحرص قيادتا البلدين الشقيقين دائما على التمسك بها.
هنيئا لمصر وهنيئا للكويت وهنيئا للأمة العربية بأسرها بهذا النصر العظيم.
سفير دولة الكويت لدى جمهورية مصر العربية

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة