صابر شوكت
صابر شوكت


بين الصحافة والسياسة

ما وراء الحجب المجاذيب والأولياء والخلوة «٧ - ١٠»

صابر شوكت

الجمعة، 18 ديسمبر 2020 - 06:50 م

الذين اطلعوا على ما وراء الحجب وتغيروا بعدها؛ كثيرون منذ بدء الحياة.. ومستمرون معنا حتى نهاية الزمان.. وكما ذكرنا هم ثلاثة أنواع.. أولهم الذين لم يكونوا مستعدين واختارهم الله لحكمة عنده ليكشف لهم ما وراء الحجب فجأة.. فمنهم من لم يتحمل هول ما شاهده فى ملكوت الله وراء الحجب.. وقد يضيع عقله تماماً.. ويهيم على وجهه بيننا.. لا يريد شىء من الدنيا سوى الخروج من ضيقها إلى آفاق الكون الذى شاهده وحده من عظمة خلق الله الذى أنعم به عليه.. فى الحقيقة المؤكدة نحن نتخيله فقد عقله.. والحقيقة أنه وصل إلى الحقيقة الكاملة والعقل الكامل الذى يؤكد له.. أن هذه الدنيا وما عليها زينة وفتنة لا تساوى شىئا بالمرة فى حقيقة وعظمة ما ينتظر البشر فى حياة البرزخ التى شاهد جزء صغير منه فى تطلعه لما وراء الحجب ولم نره نحن.. لذلك يسمى مجذوبا.. أو منجذبا إلى هذه المتعة الربانية التى شاهدها وحده.. ومن أشهر هؤلاء فى التاريخ.. كان العلامة الفيلسوف «الحلاج» فى زمن الخلافة الأموية.. حين تغير فجأة بعد كشف ما وراء الحجب.. وصار يردد جملة واحدة يقول لمن حوله «ما فى الجبة إلا الله» وانقلب حاله إلى شبه مهووس بين المارة يسير بينهم وهم يسألونه فى سخرية ماذا يوجد فى الجبة؟ يعنى ماذا يوجد داخل جلبابك.. فيرد بثقة ما فى الجبة إلا الله اعتبروه فقد عقله ونكلوا به وسجنوه باعتباره كافراً.. ويدعى أنه الله.. بينما هو يقصد أنه من شدة إيمانه بالله وعظمته توحد فى ملكه الرائع الذى شاهده وحده وراء الحجب مع سائر خلقه.. وصار عبرة لشيوخ وعلماء الإسلام من بعده.. لعدم التحدث فيما يكتشفونه فيما وراء الحجب.. وكثيرون منهم استعدوا لهذه الهبة الإلهية.. بالتريض والصوم والقيام بين يدى الله فى خلوات ربانية لينعم عليهم الله برؤية فيض فى ملكوته يكشفه لهم وراء الحجب.. وأكثر هؤلاء صاروا علماء أفذاذا بعلوم خطيرة كشفها لهم الله فى هذه الومضات الإلهية وكان أغلبهم يعيش فى عصر ظلام واضمحلال الخلافة الإسلامية التى سبقت سقوط الأندلس.. فقاموا بتشفير مخطوطاتهم وتركوها لتلاميذهم ومريديهم تتناقل إلى الأجيال حتى تصل لعباد صالحين.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة