الشاعر فرانثيسكو برينيس
الشاعر فرانثيسكو برينيس


قصائد لـ فرانثيسكو برينيس

أخبار الأدب

الإثنين، 25 يناير 2021 - 12:35 م

ترجمة: محمد الرشيدى

عودة العالم
أفتحُ عينيّ بعد أن يحبِس
الليل النجوم فى كهفه الخالى الفسيح،
وأشاهد، من خلف الزجاج، العصافير
-فى قنديلِ الشمسِ الذى لا يزال شاحبًا-
تقفزُ على الأغصان.
لى قبة الهواء التى تُهْدِينيها الأغانى.
ولى شُعورى بأن فى صدري
قلب طفلٍ لا يزال يخفق،
ولى أن أُحِب، فى الصباح،
الحياةَ التى مرت
أن أُحِب هذه الدهشة بأنني
لا زلت أحِب العالم فى الصباح.
وباسم البحر الأزرق القاصي
المُمتد أبدًا من فجر العالم البعيد
أرسم الصليب على جبهتى،
ثم على صدري
وعلى أكتافى الهزيلة التى ألمسها الآن،
وأقبِلُ بِشِفتيّ الطفل المُفتدَى
هذا العالم القديم
الذى لا أستطيع اليوم
أن أعرفَ لماذا،
لو أن الحُب لم يمُت بعد،
يريدُ أن يهجرنى؟

 كلمات فى نظرة واحدة
تنظرين، بعينين وضّاءتين، إلى عينيّ
بينما أتحدث.
شَعرك من حرير ونار،
ومتاهةُ الأذن الورديّة
كانت تهذى فى الليل،
قانعةً بكل ما أقول عن
الحياة التى فقدت بهجتها
وراحت أحلى سِنِيّها.
كيف ترانى عيناكِ؟
أعرف، لأنّكِ قريبة،
أن شفتيَّ تبتسمان،
وأنّ الشباب بداخلى متوقد.
بريئةً تنظرين إليّ، ولا أريد أن أعرف
لو أننى أكثر المنافقين حظًا!
ضلال لو قلت لكِ
إنَّ الخائنَ من سبَقَ الآخر إلى الشيخوخة،
لأنه ضحى بحياته
أو بذل روحه،
بدافع الملل،
أو رغبة فى نعيم البال،
وليس فقط من أجل المتعة؛
ومرات قليلة فقط كانت فى سبيل الحب.
أدنيتُ من شفتيكِ شفتيّ،
وتركتُ فى لهيبهما دفئى،
وكامنًا كنت فى الليل،
أختلسُ النظر إليكِ
فلا أرى سوى الشيخوخة وخيبة الأمل.

صيف فى شبابى
وما الذى تبقّى من ذاك الصيف البعيد
على سواحل اليونان؟
ما الذى بقى فى داخلي
من صيف حياتى الوحيد؟
آهِ لو كان بإمكانى أن أختار من بين كل ما مررتُ به
مكانًا، يتوقف عنده الزمان،
وتشدنى صُحبته الرائعة إلى هناك،
وتدوم التجربة طويلًا كأنها غرفة مغلقة فى الطفولة؛
حيث كان الشعور بالسعادة السبب الطبيعي
للبقاء على قيد الحياة.
لم تعد للأيام المتتالية ذكرى
فى تعاقب السنوات البائس هذا.
أعيش اليوم هذا الخواء،
وأبحث عن مخرج ينتشِلنى من هذه الورطة
ويسمح لى بالنظر إلى العالم
بحُب غير مشروط؛
لأكون جديرًا بأن أحلم بالحياة.
كم كنتُ مُنعّمًا فى ذاك المكان
المُترع بالسعادة!
قابضًا دائمًا على نفس الصورة بقوة:
شعرها المنطلق فى الهواء
ونظرتها المحدّقة فى البحر.
لا شىء عالق فى تلك اللحظة الفريدة
سوى الحياة.
علَة الحُب
عندما سألونى عن علة الحب
لم أقل أبدًا: أنتم بالفعل تعلمون كم هو جميل!
(ربما هناك وجوه أجمل)
ولم أصف بعضًا من خصال روحها
التى كانت تظهر فى عاداتها،
أو فى استعدادها للصمت أو الابتسام
مثلما كنت أرغب فى داخلى.
كانت أمورًا تتعلق بالروح،
عنها لم أقل شيئًا.
(ويجب أن أضيف أننى التقيت بأرواح أسمى)
إننى أعرف الآن حقيقة حبى:
كان وجوده يطغى على النقص الإنسانى،
ومجرد التفكير فى أن
الروح والجسد لا ينسجمان فينا
يبدو فظيعًا،
فالجسد يحجب
ملاحة الروح،
وضوحها،
خلاصة التجربة الحزينة،
والطيبة نفسها.
ثمّة أحداثٌ هامة لا نكتشفها أبدًا،
أو نكتشفها متأخرًا.
يكذب الجسد، وفى أحيان أخرى،
الدفءُ العاصف،
الضوءُ المَهْزُوز،
البرودة الشديدة؛
ويكشف الألم لنا
عن زيفه الجاف.
فلتعرفوا الآن حقيقة حبى:
فيه ائتلفت الروح والجسد
كالضوء حين يسقُط على المرآة
(كان ضوءًا شحيحًا وكانت مرآة صغيرة جدًا)؛
كان عالمًا مثاليًا محفوفًا بالمخاطر.
كائنًا يكبر بجانبى ويرتب فوضاي؛
فأحببتُ كماله المحدود.

الكأسُ المكسورة
هناك أوقات تنكسر
الروح فيها مثل كأس،
لذا قبل أن تنكسر
وتموت (لأن الأشياءَ
تموتُ أيضًا)
املأها بالماءِ
واشرب،
أعنى أنْ تتركَ
الكلمات بالية
ومغسولة جيّدًا
فى أعماق روحِك المكسورة
وأنْ تتركَها -إذا كان ممكنًا- تُغنّى.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة