صورة ارشيفية
صورة ارشيفية


من أجل تحقيق أحلامهن البسيطة.. قصص مؤثرة لـ غارمات خلف القضبان

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 31 يناير 2021 - 09:55 م

كتب: شاهندة أبو العز
ام محمود دخلت السجن بتوك توك وامانى خلف القضبان خوفاً من العنوسة
مشروع صناعة اكسسوارات نورهان وهنا يوفر 20 فرصة عمل للغارمات
ايمان عبدالله:نتائج زيادة معدلات الفقر ..خطيرة وعلى المجتمع المدنى تحمل مسؤلياته
جمال فرويز:رفض الاوضاع القتصادية والاجتماعية من بعضهن..السبب والعمل افضل من الاقتراض 


الحاجة لتوفير فرصة حياة كريمة، أو تحمَّل إعالة أسرة بأكملها، في ظل الظروف الحياة الصعبة جعلت بعض السيدات المعيلات الدخول إلى عالم الاستدانة، والاقتراض، ليواجهن مصير مجهول لا يعرفن مخاطره وكيف يقمن بتسديد تلك المبالغ، التي تكون بعضها صغير جداً ولكن عدم وجود فرصة عمل ثابتة أو كثرة متطلبات الحياة للأسرة يجعلهن يتعثرن في سداد الدين، وتنفيذ أحكام قضائية بالسجن ضدهم.

"الأخبار المسائي" ترصد بعض الأحلام بسيطة والمشروعة للغارمات ولكن تسببت في سجنهن

التوك توك.. وسيلة أم محمود للسجن

عدم حصول "أم محمود" وزوجها على شهادة تعليمية جعلت من فرصة وجود عمل مناسب لهما ضئيلة جداً وانحسرت الاختيارات في العمل باليومية، أو قيادة توك توك، حيث نصح أبناء المنطقة الزوج بالاشتراك معهم في شراء "توك توك" وتقسيم الورديات بينهم، 5 آلاف جنيه نصيب كل فرد مشترك لشرائه.

تقول أم محمود: "بعد ما دفعنا الفلوس عشان يشتري التوك توك، اتنصب علينا والراجل هرب بالفلوس، مكناش عارفين نعمل إيه".                                                                                                  

وتابعت: "انقلبت الموازين رأسا على عقب، وطالب مالك محل الملابس بسداد ايصالات الأمانة التي كتبتها أم محمود خصوصاً بعدما علم بما حدث لهم من عملية النصب وصعوبة في دفع المبلغ، ليقرر تقديمها للنيابة، والقبض عليها".

وتعلمت أم محمود الخياطة والتفصيل في أثناء فترة السجن، لكنها قوبلت بالرفض المجتمعي بعد خروجها منه، وخوف الجميع من توفير فرصة عمل لها، تتمنى فرصة ثانية لكي تستطيع توفير مصاريف أولادها.

اقرأ أيضا| في غفلة من «الإسكان».. الجمعيات التعاونية تبيع الوهم للمواطنين| مستندات


الخوف من العنوسة

سنوات كثيرة خاضتها "أماني" في خدمة أسرتها وتوفير قوت يومهم حتى بلغت من العمر (28 عاما) حينها، شعرت بأن قطار الزواج فاتها، ما جعلها تقبل بأول عريس يدق بابها بعد 5 أشهر من الزواج، بدأت المشاكل حتى قررا الطلاق وهي في شهور حملها الأولى.

عملت "أماني" مع والدتها – خادمة بالمنازل - تدبر مصاريف الولادة، وتوفر مصاريفها الشخصية وقيمة إيصالات الأمانة التي كتبتها على نفسها لشراء الثلاجة والغسالة، حتى تراكمت الديون عليها وتعثرت في دفع المبالغ المالية وتم القبض عليها بعد ولادة طفلتها بعدة أشهر.خرجت أماني من السجن، بعدما سدد أحد الخيرين المبلغ المالي، ولكن ظلت فكرة عدم وجود عمل تطاردها

رد سجون

بعد حصول أميرة 25 سنة على دبلوم تجارة، بدأت العمل ولكن مصاريف أسرتها زادت بعد طلاق شقيقتها الكبرى وعودتها  لمنزل والدتها بأبنائها الثلاثة.                                                                                                          

قرر الأخ الأكبر لأميرة الزواج والعيش معهم في نفس المنزل، وقررت الأم شراء الأجهزة الكهربائية لتجديد المنزل، وحررت إيصالات أمانة على نفسها على أمل تسديدها هي وابنتها الصغرى "أميرة". 

تقول أميرة: "تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، بعدما قرر شقيقي مساعدتنا بالمال لتسديد الدين، ودخل في شجار مع أحد الأشخاص بعد الزواج بـ 3 أشهر، دخل على إثره السجن وحكم عليه في قضية شروع في قتل، والحمل زاد في زيارات السجن بجانب شراء الطعام وهو داخل السجن".

وعملت أميرة طيلة اليوم، وباعت الوالدة كل الأجهزة والعفش، ولكن دون فائدة حتى تم سجنها هي الأخرى كإحدى الغارمات.   

وتعاني أميرة حالياً من وقف حالها، بعدما دخلت أسرتها السجن، وتحاول العمل في مجال الخياطة لتوفير نفقاتها الشخصية ونفقات شقيقتها وأبنائها دون جدوى.

من دار الأيتام لسجن القناطر

عاشت منال (28 عاما) طيلة حياتها يتيمة محرومة من الجو العائلي حيث كانت نشأتها في إحد ملاجئ الأيتام، حتى تزوجت بأول شخص احتوى قلبها ونقل لها شعور الأمان والدفء العائلي، وتكللت فرحتها التي لم تتسع الدنيا بعد إنجابها أول مولود أحمد ثم مصطفى.

ظروف الزوج في - العمل بالفاعل -  كانت توفر لهم قوت يومهم بالكاد حتى اكتشفت إصابة زوجها بـ فيروس في الكبد جعلته طريح الفراش.                                                                                                                

قررت منال وزوجها فتح كشك لبيع البقالة، ووقعت ايصالات أمانة بمبلغ الكشك ومنتجات البقالة، ولكن كان القدر له رؤية أخرى، حيث تعرضت منال للسرقة وتوقف حال المشروع ولم تستطع تسديد المبلغ المالي، حتى تم تنفيذ حكم قضائي عليها بالسجن.                                                                      

لم تقضِ منال فترة بسجن القناطر دون عمل، بل تعلمت مهنة الخياطة والتطريز، لكي تساعدها بعد خروجها، ولكن رفض الجميع عملها مرة أخرى، حتى بعد عملها عاملة نظافة في إحدى الحضانات تم رفدها بعد معرفة قصتها بالسجن.

نورهان وهنا.. طاقة نور للغارمات

شراء قطعة تساوي حياة غارمة فالغارمات للغارمات، شعار نورهان نبيل وهنا معتز، خريجي كلية إعلام جامعة القاهرة، حب صناعة الاكسسوارات "الهاند ميد" وتصميم الملابس جمع نورهان وصديقتها، حتى قررا عمل مشروع خاص بهن.

منذ عام بدأت الفكرة تتبلور وجعل المشروع مختلف وسط مشاريع الهاند ميد والمنتشرة على الساحة ومن جانب آخر يسبب المشروع تأثير مجتمعي ويساعد البعض في تلبية مصاريف الحياة. 

اهتمام نورهان وهنا بمواضيع الغارمات وعدم تقبل المجتمع عودتهن للعمل مرة أخرى، أثناء فترة دراستهم جعلتهم يفكرون كيف يكون مشروعهم رسالة لرجوع الغارمات للمجتمع وتقبلهم مرة أخرى.                

تقول نورهان نبيل: "لما فكرنا من سنة في مشروع، كانت العقبة إزاي نوصل للستات الغارمات، بدأنا الأول عن طريق الجمعيات الخيرية عشان نوصل، وكانت العقبة الثانية إقناعهم بالعمل وبفكرة المشروع".              

وتابعت نورهان: "تحمسنا للمشروع، ولكن أوقات كان يراودنا الخوف خاصة أننا فتاتين نزور سيدات لا نعرف عنهن شيء، لكن اليوم وبعد عام من إطلاق أعمالنا اليدوية لصناعة الإكسسوارات والملابس، استطاع المشروع توفير فرصة عمل لـِ 20 سيدة غارمة وتوفير دخل شهري ثابت لهم، مع كتابة رسالة لكل طلبية تخرج من المشروع تحت شعار "شراء قطعة تساوي المساهمة في بناء حياة غارمة".

فيما قالت الدكتورة إيمان عبدالله استشاري علم النفس والعلاج الأسري إن أحد نظريات التفكك الاجتماعي أرجعت زيادة معدلات العوز والحاجة لدى الإنسان إلى ارتباطه بالبيئة والمجتمع الذي يعيش فيه، كلما كانت البيئة تتسم بالفقر كلما زادت تلك المعدلات.

وتابعت عبدالله أن الغارمات يخرجون من خلف الأسوار ويدخلون السجن المجتمعي بعدم الوثوق بهن، ما يجعلهن عرضة لكراهية المجتمع ويتغير سلوكهم للعدوانية.  

وترى عبدالله أن الدور المجتمع المدني في تقديم يد العون للغارمات ومساعدتهم وتوفير فرص عمل لهم، يساعد في بناء المجتمع ويساند مبادرة الرئيس السيسي "سجون بلا غارمات"، ليس فقط الغارمات بل المرأة المعيلة التي تتحمل المسؤولية بمفردها على عاتقها مساندتها وتوفير فرص عمل حقيقية توفر لها دخل يساهم في تقليل الغارمات والقضاء على هذه الظاهرة.

بينما يقول الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي، إن بعض الغارمات يستسهلون الدين من أجل الوصول إلى رغباتهن دون النظر إلى العواقب، بجانب تطلع بعض الغارمات في حياة مختلفة تماماً رافضين تقبل الوضع الأجتماعي لهم، مضيفاً: "في بعض الغارمات لديهم نقم على المجتمع، لذا يلجأون للاقتراض لتحسين أوضاعهم الاجتماعية دون حساب أن هذه الديون سوف تسبب في إدخالهن السجون".


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة