حلا عليان
حلا عليان


الأمريكية الفلسطينية حلا عليان تكتب عن التهجير

رسالة حب إلى فلسطين

أخبار الأدب

الإثنين، 01 فبراير 2021 - 02:27 م

سيناد أوشييه    
ترجمة: بسمة ناجى

كانت حلا عليان، الروائية والشاعرة البالغة من العمر 34 عامًا، قد أنهت للتو روايتها الأولى، «منازل الملح» (2017)، حين راودها حُلم. رأت فيه امرأة تكبرُ فى سوريا ثم تغادرها لتبحث عن الشهرة والثروة فى هوليوود. كانت مغامرتها ملحمية لدرجة أن عليان قامت بتدوين عشر صفحات تصف فيها الرحلة. بعد أربع سنوات، تطور هذا الحلم إلى «مدينة المُخرِبين» المنتظر صدورها أول مارس 2021، وهى ملحمة عائلية تمتد لعقود وتتنقل بين بيروت، بروكلين، أوستن، تكساس، ودمشق.
تبدأ الرواية فى بروكلين، حيث تتلقى آفا، أكبر أبناء عائلة نصر، مكالمة هاتفية من أمها مازنة. تطلب مازنة، المستوحاة من شخصية المرأة العجوز فى حلم حلا، من آفا وإخوتها القدوم إلى بيروت لمنع والدهم إدريس من بيع منزل الأجداد. تم تقسيم الكتاب بعد ذلك بين ذكريات مغادرة الأسرة لبيروت والآثار المترتبة على عودتهم.
«مدينة المُخرِبين»، ذات الحبكة المعقدة، رواية تتعرض للأعراف والمكان بتفاصيل دقيقة للغاية. وهى أيضًا، كما تقول حلا، «رسالة حب» إلى بيروت، حيث عاشت بين عامى 2000 و2006. اعتمدت حلا أثناء كتابة الرواية على مزيج من البحث والذاكرة: «اهتممتُ حقًا بأن يكون كل شيء صحيحًا. كنت بحاجة إلى تصوير الستينيات والسبعينيات بالضبط».
فى روايتها الشهيرة «بيوت الملح»، وصفت حلا حياة آل يعقوب، وهى عائلة فلسطينية ثرية أُجبرت على ترك منزلها، لكن بعد استقرارهم فى الكويت، اضطروا للتهجير مرة أخرى أثناء غزو صدام حسين للكويت. واشتهرت الرواية لكونها تسمح للقراء بإلقاء نظرة على حياة الفلسطينيين الأثرياء الذين تركوا منازلهم الواسعة والكبيرة واضطروا للهجرة، بدلاً من القصص المُعتادة عن الفلسطينيين اللاجئين الفقراء وحياتهم فى المهجر أو فى فلسطين. تقول عليان إن روايتها الأولى، «منازل الملح»، التى فازت بجائزة دايتون للسلام الأدبي، وهى جائزة يتم منحها للمؤلفين الذين يُعتقد بأن كتاباتهم تروج للسلام وجائزة الكتاب العربى الأمريكي، كُتبت فى سلسلة من المقالات القصيرة. فى حديثها عبر تطبيق زووم من منزلها فى بروكلين، أوضحت أن «مدينة المخربين»، بعكس ذلك، مُحَملة بالقصص المتشابكة، حيث تم تخطيط الحبكة بالكامل مسبقًا.
«مدينة المخربين» هى استنطاق لما يعنيه أن تكون مهاجرًا، أن تشعر بالألفة مع العديد من الأماكن بدلاً من الاتصال الوثيق بمكان ما على وجه الخصوص. لم يشعر أبناء نصر بأنهم أمريكيون أبدًا،  رغم ولادتهم فى أمريكا وما يبدو أنهم حققوه من الرخاء والرضا. فى الوقت نفسه، يشعرون بأنهم غربيون أثناء وجودهم فى بيروت.
إنها إشكالية تتعلق بـحلا كفلسطينية أمريكية، وهو شيء معقد أكثر بسبب وضع فلسطين كدولة متنازع عليها. تقول: «أشعر بالذنب»، فى إشارة إلى حقيقة أنها غادرت بيروت، «خاصة بعد انفجار 2020. لكن بصفتك فلسطينيًا فى المهجر، ما حزنك الحقيقي؟ أود أن أشهد بعض الاستقرار فى المنطقة، حتى أتمكن من العودة. أود أن أعيش هناك ثانية، لكن توفر خيارا آخر يُعد امتيازًا كبيرًا أيضًا».
يطرح هذا الشعور بالانفصال نفسه على أنه هَم أساسى فى كتابات حلا عليان. تقول: «أنا مهتمة جدًا بما نَدين به لبعضنا البعض». لقد نشأتُ بين الشرق الأوسط وأمريكا، أنا منقسمة بين المكانين. بمجرد أن تنتمى إلى عائلة، فإنك تظل مرتبطًا بها إلى الأبد، بغض النظر عما تفعله».
تحمل «مدينة المُخرِبين» اكتشافات ممتعة مع تقدم القصة. شخصية مازنة معقدة وتستحق القراءة. ستتغير مشاعر القراء بقضاء وقتهم معها. وبالمثل، يتقدم زواجها الصعب من إدريس. تقول عليان: «كانت إحدى أكبر المفاجآت بالنسبة لى أثناء الكتابة التقدم الذى أحرزته مازنة مع إدريس».
يتعرض الأبناء لتحولات كبرى أيضًا. تثير صراعاتهم التعاطف -حتى صراعات ميمي، شقيق آفا، وهو موسيقى فاشل فى أوستن يخون شريكته ويغار من أختهم الصغرى، ناف، نجمة البوب ​​فى بيروت.
الكتابة هى إحد مساعى عليان المهنية، بالإضافة إلى عملها كطبيبة نفسية إكلينيكية تحاضِر فى جامعة نيويورك. ترى عليان نفسها على أنها شخص يحتاج دائمًا إلى هذا التنوع فى عملها.
تقول: «أود أن أكمل فى كلا الطريقين، فحين يتوافر لى وقت أكبر للكتابة، لا أكتب أى شيء». «عقلى مثل المحرك، أحتاج إلى التحفيز، وأثناء التدريس، يعمل هذا كمحفز. كل شؤونى مرتبطة ببعضها البعض. الشعور بالثبات فى أحدهما يساعد الآخر. إنها مسارات تتطلب نفس الصبر، وربما الاستعداد للتعامل مع  هذا التشابك».
حلا عليان كاتبة وأخصائية فى علم النفس السريري، أمريكية من أصول فلسطينية. ضمن عملها كأخصائية نفسية، تتخصص حلا فى دراسة الصدمات النفسية والإدمان والسلوك النفسى عبر الثقافات، بينما تتمحور كتاباتها وأشعارها حول الهوية وآثار التهجير بين الفلسطينيين فى المهجر. وُلدت حلا فى مدينة كاربوندال بولاية إلينوى عام 1986، وكانت تقطن مع عائلتها فى الكويت، إلا أنهم قاموا بطلب اللجوء السياسى إلى الولايات المتحدة عندما غزت القوات العراقية الكويت. حصلت حلا على درجة الدكتوراة فى علم النفس السريرى من جامعة روجرز، وهى تعمل بدوام جزئى فى مركز العلاج النفسى والصحة بجامعة نيويورك، وتعيش مع زوجها فى بروكلين.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة