د. أحمد فؤاد أنور
د. أحمد فؤاد أنور


بدون رتوش

الثابت والمتغير في الانتخابات الإسرائيلية.. وهل «الخامسة» هى الحل؟

بوابة أخبار اليوم

الأربعاء، 24 مارس 2021 - 09:36 م

بقلم: د. أحمد فؤاد أنور

فور إغلاق صناديق الانتخابات الرابعة خلال عامين في إسرائيل احتفل بنيامين نتنياهو وسط أنصاره بما اعتقد أو روج أنه "فوز ساحق".. لكن رويدا رويدا وحتى قبل الانتهاء من الحصر الكامل للأصوات ظهر أن نتنياهو لم يتقدم كثيرا عن الانتخابات السابقة (الثالثة في مارس 2020) رغم تفتت كتلة أزرق أبيض، ورغم اللطمة الشديدة التي تعرضت لها القائمة العربية المشتركة أو بالأحرى الضربة تحت الحزام التي تعرضت لها على يد صديق نتنياهو منصور عباس.

كالعادة ألقى نتنياهو يوم الانتخابات بأطواق نجاه افتراضية فكما حرّض في انتخابات سابقة على "العرب" (فلسطيني الـ48 الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية ويلتزمون بالقوانين الإسرائيلية)،  وروج على ما يبدو لدى أبواق إعلامية مؤثرة أن غريمه ومنافسه الرئيسي يائير لابيد يبلغ من العمر 75 عاما (ليصبح أكبر من نتنياهو بثلاث سنوات) في حين أن لابيد لم يتجاوز الثامنة والخمسين فقط. وعلى نفس المنوال يمكن الربط بين تصريحات رسمية في اليونان وقبرص تؤكد قبولهم استقبال عشرات الآلاف من السائحين الإسرائيليين بعد حصولهم على التطعيم، وهو ما تواكب مع تصريحات لقيادات الشركة المصنعة لمصل فايزر المضاد للكورونا يشيد فيها بالتجربة الإسرائيلية. وهنا يمكن أن نوضح أن "انجاز" حصول نحو 4 مليون إسرائيلي على جرعتين من المصل المضاد للكورونا يقابله فشل إسرائيلي حقيقي في أعداد الوفيات حيث تجاوزت الستة آلاف بمعدلات تفوق انجلترا التي قلدتها تل أبيببقيادة نتنياهو في عدد مرات الإغلاق التام، كما لا تقارن بأعداد الوفيات في قبرص (حوالي 200 فقط)أو حتى تايوان الأكبر في عدد السكان بعدة أضعاف (10 فقط). 

خطأ نتنياهو الرئيسي والذي جعل سقف طموحاته "حكومة ضيقة للغاية ويسهل ابتزازها" أو الابتعاد السريع والكامل عن المشهد السياسي في إسرائيل.. هو لهاثه خلف التناقضات غير القابلة للاستيعاب فقد قفز باندفاع إلى "هامش الهامش" متحالفا مع الصهيونية الدينية وهو حزب من أنصار مؤسس حركة كاخ المحظورة وفقا للقانون الإسرائيلي نفسه ولأحكام صدرت في 1988 و1992 و1994 وآخرها العام الماضي، متغاضيا عن تحريض ودعوات للعنف وعنصرية مكان أصحابها الحقيقي هو السجن وليس الكنيست. وفي نفس الوقت اندفع في سلسلة مجاملات وترتيبات علنية لصالح الحركة الإسلامية في إسرائيل وذراعها السياسي متمثلا في "القائمة الموحدة"، وكرد للجميل أو جزء من الصفقة انسحبت "الموحدة" من المشتركة" مما حول الأخيرة من ثالث قوة حزبية في إسرائيل إلي حزب هامشي فقد أكثر من نصف قوته بين الانتخابات الثالثة والرابعة.   

وظهر نتنياهو على هذا النحو كحارس مرمى يحاول صد ضربة جزاء بطريقة غير منطقية بالطيران لخارج حدود المرمى يمينا وخلال قمة الاندفاع يحول اتجاه نحو خارج المرمى يسارا، وهذا وضع خارق لقواعد الطبيعة والفيزياء .. ونتيجته الحتمية دخول الكرة المرمى بسهولة، بل واصابة الحارس. وبالفعل بدأت ضغوط من جهة نفتالي بنِت، وايتمار بن جبير في حزبي "إلى اليمين"، و"الصهيونية الدينية" لعدم اتمام التنسيق أو الارتكان على "منصور عباس وقائمته الخماسية حتى ولو كان التأييد من الخارج وفيه انقاذ نتنياهو من الفشل وتسليم سدة الحكم لرئيس وزراء جديد، بعد خمس ولايات أو التوجه لانتخابات خامسة.

الانتخابات الرابعة قلت فيها نسبة المشاركة عن الثالثة وقد صب هذا نوعا ما لصالح نتنياهو وربما كانت النتيجة بالنسبة له كارثية لو حدث العكس وزادت نسبة المشاركة لأن من لا يلتزمون بالاجراءات الاحترازية ولا يخشون الكورونا هم المتدينين من أنصاره وأنصار معسكره سواء أكانوا اتباع وزير الدفاع نفتالي بنت أو بن جبير أم حريديم تابعين لشاس أو يهودية التوراة.. فهم يشاركون في الانتخابات وفق فتاوي حاخامية بذلك مهما كانت المخاطر وعلى هذا كانت مشاركتهم في الانتخابات الثالثة والرابعة متماثلة، وهذا يعني أن نزول أعداد أكبر كانت ستكون بالتأكيد من المعسكر المضاد لنتنياهو.  

الخلاصة في ضوء ما سبق هى:

1- نتنياهو سقط وإن بقى.. وأنه لن يفلت كثيرا من مصيره المحتوم.

2- سيكون للسوابق التي حدثت في الانتخابات الحالية انعكاسات مستقبلية مستمرة، وعلى رأسها القضاء نهائيا على ثنائية اليمين واليسار -التي استفاد منها الفلسطينيون لبعض الوقت- فالحديث أصبح عن نتنياهو وسبل ازاحته بين مناصرين ومعارضين وليس تنافساتقليديا معتادا بين اليمين واليسار.

3- منح الشرعية لأتباع كاهانا لأول مرة بدخول المعترك السياسي واضفاء مشروعية على خططهم وأنشطتهم بل، وتولى أحدهم وزارة العدل تحديدا!

4- بات من الصعب التنبوء بنتائج الانتخابات مسبقا بناء على نسب التصويت في المجتمع العربي الفلسطيني، أو القدس والأطراف (يتركز فيها رأي عام يميني متشدد) وتل أبيب (يتركز فيها رأي عام يساري معتدل نسبيا) فالصوت العربي تم اختراقه في سخنين والنقب بواسطة الحركة الاسلامية التي استقطبت بشعاراتها أصوات من فلسطيني ال48 ستصب -إن اتيح لزعيمها عباس منصور- ذلك في معسكر نتنياهو!! بدعم حكومة أقلية بخمسة أصوات من الخارج تمنع اسقاط حكومته وسحب الثقة في تصويت في الكنيست، وبات من الصعب الارتكان لشعبية الليكود في القدس لأن جدعون سعار أيضا له أرضيه هناك بجانب نفتالي بينت.

5- قد يطلق وزير الدفاع السابق والأصغر سنا من نتنياهو بفارق ملموس (49 سنة) وصاحب الشعبية وسط المستوطنين رصاصة الرحمة على نتنياهو ويتولى هو رئاسة الوزراء متحالفا مع كارهي نتنياهو.6-السيناريو الافتراضي الأخير هو انضمام منصور عباس -بضغط من الشارع الفلسطيني وبناء على رفض المتطرفين أتباع كاهانا له- لمعسكر لابيد سعار.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة