احتفاليه الثقافه : أثر صلاح عبد الصبور لا يزول
احتفاليه الثقافه : أثر صلاح عبد الصبور لا يزول


احتفاليه الثقافة: أثر صلاح عبد الصبور لا يزول

أخبار الأدب

الإثنين، 27 سبتمبر 2021 - 12:18 م

بدأت فعاليات الاحتفاء بصلاح عبد الصبور بمناسبة مرور 40 عاماً على رحيله، وذلك عبر مؤتمر «فارس الكلمة» الذى انعقد فى المجلس الأعلى للثقافة، وحضره عدد من المثقفين والنقاد والشعراء والمسئولين، على رأسهم د. إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة، التي قالت إن «الاحتفاء به لن يكون عبر مؤتمر واحد أو أمسية نقدية وشعرية واحدة، بل عبر عدة فعاليات تشارك فيها قطاعات وزارة الثقافة المتعددة على مدار شهرين من الآن فى مواقع متنوعة».

وأضافت أن الفعاليات ستصل إلى مسقط رأس عبد الصبور مدينة الزقازيق، يوم ٢٨ أكتوبر المقبل، باحتفالية مسرحية كبرى تحت عنوان «الفارس لا يغيب» تقام بقصر ثقافة الزقازيق وتنظمها الهيئة العامة لقصور الثقافة، وأعلنت عن مسابقة صلاح عبد الصبور للمسرح الشعرى التى ينظمها قطاع الإنتاج الثقافى، حيث تتمثل الجائزة الأولى فى إنتاج العمل المسرحى الفائز وعرضه على أحد المسارح التابعة للبيت الفنى للمسرح، بالإضافة إلى جوائز مالية يقدمها المركز القومى للمسرح للمساهمة فى إعادة إحياء المسرح الشعرى.

كما سيتم إطلاق بث لقصيدة فصول متنوعة من ديوان شجر الليل مترجمة إلى اللغات «الإنجليزية، الفرنسية، الألمانية، الإسبانية، الإيطالية» والتى أعدها المركز القومى للترجمة بالتعاون مع قطاع العلاقات الثقافية الخارجية لتبث من خلال مكاتبنا الثقافية فى دول العالم، أما دار الكتب والوثائق القومية فأصدرت بيبلوجرافيا عن أعمال صلاح عبد الصبور إلى جانب إعلان الهيئة للكتاب عن تخفيض على كافة إصدارات صلاح عبد الصبور لتتاح للجمهور بأسعار رمزية، إضافة إلى إصدار المركز القومى للمسرح عدد خاص من مجلة المسرح عن المسرح الشعرى عند صلاح عبد الصبور مطلع أكتوبر المقبل، وتنظيم عدد من الندوات الفكرية والأمسيات الشعرية والعروض المسرحية والمسابقات الشعرية من خلال قطاعات الوزارة.

وشهد المؤتمر تقديم شهادات حول إبداع صلاح عبد الصبور، كانت أبرزها شهادة الشاعر أحمد الشهاوى بعنوان «صلاح عبد الصبور والحلاج.. المأساة تتكرر فى الكلمة والموت»، إذ يرى أن الحلاج كان معادلاً للشاعر داخل صلاح عبد الصبور، الذى آمن بقول ت. إس. إليوت: «الطريقة الوحيدة للتعبير عن العواطف بشكل فنى تكمن فى إيجاد معادل موضوعى لها»، فالحلاج عند صلاح عبد الصبور ليس صوفياً فحسب، ولكنه شاعر أيضاً، والتجربة الصوفية والتجربة الفنية تنبعان من منبع واحد، وتلتقيان عند الغاية نفسها، وهى العودة بالكون إلى صفائه وانسجامه بعد أن يخوض غمار التجربة.

 

 

يضيف: «لقد تأمل صلاح عبد الصبور ذاته، وتأمل تراثه، اهتم به، ورأى أنه الأساس للحياة، وليس للتحنيط أو للتكفين.. وأن الشاعر الحقيقى لا بد أن يصدر من التراث، واستلهم ما توافق مع روحه، والمعرفة التى يحمل، فهو مسكون بلذة الكشف، وقد كان سباقاً فى تقديم الحلاج، بل هو من الأوائل الذين نبهوا إلى نصوصه ومأساته، حيث شغف بالطواسين، وأخبار الحلاج، ولم يتجه نحو الماضى إلا ليجدد». وأشار الشهاوى إلى أن أدونيس وعبد الوهاب البياتى ومحمد الفيتورى وسواهم ذهبوا نحو التصوف بعد نجاح عبد الصبور فى مسرحيته الشعرية الأولى «مأساة الحلاج»، حيث فتح طريقاً كان مهملاً أو منسياً لدى الشعراء والكُتّاب المنشغلين بالقضايا السياسية، وبما هو آت من الغرب. 

وتطرق الناقد الدكتور أحمد مجاهد إلى مسرح صلاح عبد الصبور، الذى يعد الإنجاز الأكبر له، فصحيح أن الريادة لأحمد شوقى وعزيز أباظة وعبد الرحمن الشرقاوى، «لكننى أرى أن ما قدمه صلاح يمثل نقطة فارقة فنيا بين الشعر المسرحى والمسرح الشعري.. وأعتقد أن انتقال صلاح عبد الصبور من كتابة القصيدة العمودية إلى كتابة شعر التفعيلة لم يكن قفزة موسيقية فى الهواء، أو مجرد توزيع للكلمات المكتوبة فوق بياض الصفحة بطريقة جديدة، بل كان محاولة لإحداث تحول نوعى ينقل القصيدة العربية من الغنائية المفرطة إلى الدرامية، وقد توج هذا التوجه بكتابة مسرحياته الشعرية الخمس».

وأشار مجاهد إلى أنه بالرغم من ابتعاد صلاح عبد الصبور عن السياسة فى دواوينه الشعرية، فقد أوقف مسرحه الشعرى كله على قضية سياسية محورية واحدة تتمثل فى صراع المثقف والسلطة، من أجل تحقيق الحرية والعدل، حيث يتجلى هذا الصراع فى صور متعددة، ينتصر فيها المثقف حيناً بواسطة رموز ثقافية وفنية، وينهزم أحياناً أمام سيف السلطان. ففى «مأساة الحلاج» صلبت السلطة «الحلاج/ المثقف» عندما خلع خرقة الصوفية وقرر القيام بدوره التنويرى تجاه الشعب. وفى «مسافر ليل» ساعد «الراوي/ المثقف» عامل التذاكر الديكتاتور، فى حمل جثة «الراكب/ الشعب» وفى «الأميرة تنتظر» قام «القرندل/ المؤرخ» بقتل «السمندول/ الديكتاتور» بالخنجر/ الأغنية. وفى «ليلى والمجنون» حاول «سعيد/ الشاعر» قتل «حسام/ جاسوس السلطة» بضربه بالتمثال/ مطفأة السجائر. وفى «بعد أن يموت الملك» قام الشاعر بفقء عين الجلاد بالناى/ السيف.

وقال مجاهد، إن أهم ما يميز مسرح صلاح عبد الصبور أن لغة الشعر كانت فى خدمة الدراما، وأن صوت الشاعر توارى خلف شخصياتها، وإن كان هذا لم يمنع من أن يكون بعض أبطال مسرحياته شعراء، فهو شاعر فى المقام الأول.

بينما تركزت شهادة الناقد الدكتور أحمد عبد الحى على العلاقة بين صلاح عبد الصبور وعبد الحليم حافظ، فالاثنين جمعتهما نفس الظروف، إذ كانا أبناء مدينة واحدة، ويعانيان من المعيشة الصعبة وضيق الأفق، والاثنان كانا محبان للفن، رغم اختلاف توجههما، لذلك ربطتهما صداقة قوية، وفى الزقايق تعرفا على تاجر بطيخ وهو مرسى جميل عزيز، الذى صار فيما بعد واحداً من أهم الشعراء الغنائيين، فطلب عبد الصبور منه أن يكتب لعبد الحليم أغنية ليتقدم بها للإذاعة، لكن مرسى تباطئ، فما كان أمام عبد الصبور سوى أن يكتب له، فكانت أغنية لقاء، التى لحنها كمال الطويل.

يواصل عبد الحي: «بعد ذلك، قرر الاثنان؛ عبد الصبور وعبد الحليم، أن يتركا الزقازيق، ويذهبا للقاهرة، لكى يشقا طريقهما فى التدريس، لكن حب الفن داخلهما كان قوياً، فاتجه عبد الصبور للكتابة، وعبد الحليم للغناء، فإذا كان غناء عبد الحليم وثيقة تمجيد للحب، فإن شعر عبد الصبور وثيقة تمجيد لقيم الحب والحق والعدالة».

أما بالنسبة للشهادات الشخصية، فقد حكى الشاعر أحمد درويش عن موقف يربطه بالشاعر الراحل، فحين كان طالباً فى كلية دار العلوم، تم تنظيم مؤتمر للشعر حضره صلاح عبد الصبور، وبعد أن ألقى الأخير قصائده، استمع لقصائد الطلبة، فلفت انتباهه ثلاث، وسأل عميد الكلية حينها الدكتور أحمد هيكل عنهم، وحين علم أنهم ليس لديهم دواوين قرر أن ينشر قصائدهم فى ديوان واحد، وكان هؤلاء الطلاب هم أحمد درويش وحامد طاهر ومحمد حماسة عبد اللطيف. 

وحكى الناقد الدكتور محمد بدوى أن بداية معرفته بصلاح عبد الصبور كانت خلال عمله بمجلة «فصول»، حيث كان يتعرض لهجوم من قبل شعراء السبعينيات فقد كان تياره معادياً تماماً لهم، فقرر بدوى أن تكون رسالة الماجستير الخاصة به عن شعر صلاح عبد الصبور، واكتشف أنه شاعر كبير، وأنه يهتم بالبساطة ويخشى المجاز ويبتعد عن الإيقاع الصوتى، لأن طبيعته وشعره أكثر تعقيداً من تلك الكثافة المدعاة، فهو امتداد لخط قديم، وأضاف أن عبد الصبور كان مشدوداً إلى القلق الذى يسود المجتمع لذلك انحاز للفقراء والمهمشين.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة