ابرهيم رضا -  بطرس دانيال -  عاصم الدسوقى
ابرهيم رضا - بطرس دانيال - عاصم الدسوقى


سنوات الجمود في مواجهة التنوير.. اختلفت الأديان والمصريون «واحد»

هويدا أحمد

الخميس، 23 ديسمبر 2021 - 08:10 م

«تدين المصريين» يحفظ  العلاقة بين المسلمين والمسيحيين.. ويفشل كل محاولات الفتنة

داعية إسلامى:  جماعات الشر تستفيد من حالات الانقسام

دانيال: الفرق بين المسلم والمسيحى الصلاة فى الجامع أو الكنيسة
 

كعادة المصريين، مسلمين ومسيحيين، يد واحدة، المسجد والكنيسة..الهلال والصليب، دائما ما تجدهم نسيجا واحدا، دوليا عانت الكثير من الدول على مدار سنوات من أزمة التمييز العنصرى خصوصا التمييز الدينى، فهناك من نجح فى إنهاء الظاهرة، وهناك من عجز عن توحيد المجتمع وفضّل التفرقة بين أبناء شعبه، أما فى بلد الـ1000 مئذنة، فقد تصدت القاهرة لتلك الظاهرة، من منطلق دورها الريادى الذى عرفت به على مدار عقود، حيث احتضنت خلال تاريخها الطويل كل الديانات، ولم تسع أبدا للتفرقة فيما بينهم..  الأخبار تحدثت مع الخبراء والمتخصصين لمعرفة كيف حفظ المصريون العلاقة بين مسلميها وأقباطها؟

 فى البداية يقول الشيخ إبراهيم رضا، الداعية الإسلامي، إن الدين يعلمنا التسامح والرحمة وحب واحترام الآخر، ان اخواتنا المسيحيين أهل كتاب وليسوا من الكفار أو المشركين، وذلك بنص القرآن الكريم سورة الممتحنة «لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ». وأكد أن المسيحيين اعتادوا على الطيبة والحنان من أشقائهم المسلمين، منوها بأن هؤلاء شركاء الوطن وليسوا أقلية ولهم حقوق وواجبات.

وأضاف أن الإسلام التقى مع المسيحية فى مواقف رائعة تغمرها الرحمة ويغلفها التسامح والعيش المشترك بل والحماية المتبادلة، حيث تبادل كل منهما موقع حماية الآخر والذود عنه ضد الاضطهاد، وفى وقت قوة كل منهما كان يمنح الآخر حرية العقيدة والعبادة..

وأكد رضا أن جماعات الشر لهم مصالح دولية فى انشاء حالة من الكره والانقسام والشرذمة بين المسلمين والمسيحيين وتحريض على الدولة واستغلال الدين لتنفيذ مخططات مشبوهة للإساءة إلى الدولة المصرية واستخدام الشباب المغرر به كوقود لإشعال نيران الفتنة فى المجتمع، قال الله تعالى :» يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ» .. ويناشد رضا جميع الأسر المصرية بضرورة توعية ابنائهم على احترام الاخر والتعامل مع جميع الاديان بحب وتسامح حتى لا يحدث عنصرية وتفرق فى هذا النسيج الوطنى الواحد.

إيد واحدة

قال الأب بطرس دانيال، رئيس المركز الكاثوليكى للسينما، إن الفرق بين المسلم والمسيحى هو الصلاة فى الجامع والكنيسة، لكننا لا نختلف فى الحضارة ولا التاريخ، نرى اننا عنوان لعيش الأخوة بين المسلمين والمسيحيين وهذا ما أمرنا به الإسلام وحثت عليه المسيحية كما نتشارك كل العادات وتقاليد شهر الصوم ونتقاسم الاحتفالات الدينية منذ بدايتها فى العصر الفاطمى.

وأضاف: "نحن جميعا مصريون وعبارة «مسلم ومسيحى.. إيد واحدة» ليست مجرد شعار، انما حقيقة يرفعها المصريون ليواجهوا بها العالم، فالمسلمون والمسيحيون لهم قلب واحد يتشاركون فى كل المناسبات الدينية، ويحترم كل منهم الآخر فنحن نشارك بعضنا الأحزان والأفراح والأعياد".

وأوضح دانيال أن الدين المسيحى هو مزج وتطبيق لرسالة السيد المسيح الذى أوصى بنشر «المحبة» بين أبناء المجتمع، ومبادئ القديس فرنسيس الأسيزى مؤسس الفكر الرهبانى والتى تقوم تحت شعار «السلام والمحبة».

وأكد أن المجتمع المصرى يتمتع باختلاف وخلق ومحبة وكان من الصعب الفرقة بين المسلمة والمسيحية واستمر هذا الوضع حتى الثمانينيات، واستمر الوضع فى مصر حتى دخول بعض الأفكار الجديدة التى اجتاحت المجتمع المصرى، صيحات حاولت وضع بذور العصبية والتشدد لتفرقة أطياف المجتمع، لكن منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى عاد التوازن والاعتدال بين أبناء المجتمع ولعل بناء كاتدرائية ميلاد المسيح التى حرص الرئيس على تأسيسها بجانب مسجد الفتاح العليم هى خير مثال لهذا الفكر عن طريق العمل وليست الشعارات، كما  يحرص الرئيس فى مختلف المحافل واللقاءات على توحيد الصفوف بين أبناء المجتمع، ولعل لهذا الفعل ما يعطى الرد للجماعة المتطرفة المتشددين.

وأرى أن أسلوب الرئيس السيسى درس لغرس المحبة وتوحيد الشعب وزرع المحبة والسلام بين المصريين، وتعلم أصحاب الفكر المتشدد الذين يرفضون تقديم التهنئة لغير المسلمين او المختلفين عن دينهم.

وأكد ضرورة تربية الأطفال لحب الغير وتقبل الآخر والتسامح ومساعدة أي شخص بعيدا عن كشف هويته، وقال إن المدارس لها دور كبير في تعليم الأجيال الجديدة اهمية حب الغير ومشاركة بعضهم الأحزان والأفراح والأنشطة والمناسبات وغيرها.

وقال د. عاصم الدسوقي، أستاذ التاريخ الحديث، إن مصر بلد لجميع الأديان على مدار التاريخ، فمصر بها صفات التسامح والوسطية والأخلاق وهى حاضنة للجميع الاديان، إن التاريخ فى مصر لم يشهد أى عوامل فتنة بين المسلمين والمسيحيين قائلا: «ما المسلمون المصريون إلا أقباط غيروا عقيدتهم» رغم أن الإخوان كانوا يحاولون إثارة الفتنة بين المسلمين والمسيحيين لتدمير الوحدة الوطنية ولكن فشلوا واستمرت الوحدة الوطنية.

وأوضح أن مصر شهدت محطات مفصلية، لمحاولات لإثارة الفتنة بين أبنائها، ولكنها كانت دائما أقوى من الفتنة بوحدتها الوطنية التى أكدت صلابتها دائما، خصوصا أنها شهدت، عبر تاريخها موجات ومحاولات متعددة لإثارة الفتنة، وهى التى عرفت أنماطا متعددة من التدخل الاستعمارى فى شئونها الداخلية منذ حملة نابليون فى نهاية القرن الثامن عشر وأيضا عندما دخل الإنجليز مصر1882 حاولوا إثارة الفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين وحتى ثورة 23 يوليو 1952.

كان المسيحيون فى مصر قد شاركوا فى قيادة ثورة 1919 فى مصر، واحتل بعضهم مناصب قيادية فى حزب الوفد بقيادة سعد زغلول.

وأضاف عندما ظهر حسن البنا، تنظيم الإخوان حاول من جديد زرع الفتنة بين المصريين بتأسيس جماعة الإخوان وتمويلها من قبل مخابرات بريطانيا.

واعتمد منذ التأسيس على لعبة الفتنة الطائفية والاعتداء على الأقباط ورسخ لهذا المفهوم لدى كل التنظيمات المتطرفة، هو أول من حرّض ضد الأقباط فى مصر، وكل الجماعات والتنظيمات فى مصر سارت على منهجه وتبنت نفس طريقه فى تكفير المختلفين معهم فى العقيدة من أبناء الوطن الواحد، ومازال يتم دعم عناصر التنظيم بالتمويل والدعم السياسى والإعلامى من أجل هدف محدد وهو تفكيك علاقة الانتماء والولاء بين المواطن والوطن وضرب النسيج الوطنى للمجتمع من خلال الفتنة الطائفية لتكون أولى الآليات فى تحقيق هذا الهدف».

ونوه بأن جماعة الإخوان كانت تريد تنفيذ مشروع أسلمة المجتمع لذلك قامت ثورة 30 يونيو لأن قوى خارجية كانت تريد ان يحكم الدول العربية جماعة الإخوان  حتى تحدث فتنة طائفية فى جميع الدول وبعدها تتدخل لتقسيم البلاد، نجحت الثورة فى استعادة الهوية المصرية من جماعة اخوان الشياطين.

توعية الآباء

ويقول الأب لوكاس حلمي «فرنسيسكان بأسيوط» إن الحب فى الدين ينشأ من الأسرة ثم المدرسة التى عليها العامل الأكبر فى توعية الأبناء من خلال ورش وحفلات ثقافية وألعاب رياضية لإنشاء الود والتقارب والمحبة بين الأطفال المسلمين والمسيحيين ، وأكد ضرورة عمل ورش للآباء وليس للأبناء فقط للتوعية وأهمية التربية السليمة على محبة الغير والانفتاح على الآخر ومساعدة الآخرين دون الكشف عن دياناتهم وهذا يبدأ من الأسرة فى تربية أبنائها، الضرورية لبناء جيل واع ومتفتح، يجب نربى أطفالنا على تقبل الاختلاف عنه فى اللون أو الجنس أو الدين أو المعتقدات أو الأفكار، ومنح مساحة للتعرف على الآخرين واكتساب ما يكون فى صالحه، ويثريه فكريا فهذا يشكل له مخزونا معلوماتيا وخبرات كبيرة للغاية، أن يكون مستمعًا جيدًا وتأكد من أن تكون قدوة له فى هذا السلوك من خلال منحه انتباهك عندما يتحدث إليك.

وأكد أن الأفكار المتطرفة القادمة من الخارج الغرض منها تدمير وتفتيت المجتمع المصرى وإنشاء الفتن الطائفية بين مسلمى ومسيحيى مصر ورغم ذلك مازال المسيحيين والمسلمين يرفعون شعار «الهلال والصليب إيد واحدة».


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة