بستان الكتب
بستان الكتب


منصورة عز الدين تكتب مقالات مونتينى وترجمة الفكر

أخبار الأدب

السبت، 01 يناير 2022 - 04:10 م

لعل‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬إصدارات‭ ‬2021،‭ ‬مقالات‭ ‬الفيلسوف‭ ‬والمفكر‭ ‬الفرنسى‭ ‬ميشيل‭ ‬دى‭ ‬مونتينى‭ ‬التى‭ ‬ترجمها‭ ‬المترجم‭ ‬المغربى‭ ‬فريد‭ ‬الزاهى‭ ‬وصدرت،‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬كاملة‭ ‬فى‭ ‬ثلاثة‭ ‬أجزاء،‭ ‬عن‭ ‬منصة‭ ‬ودار‭ ‬نشر‭ ‬معنى‭ ‬بالتزامن‭ ‬مع‭ ‬معرض‭ ‬الرياض‭ ‬الدولى‭ ‬للكتاب،‭ ‬ضمن‭ ‬إصدارات‭ ‬فلسفية‭ ‬عديدة‭ ‬تُرجِمت‭ ‬عن‭ ‬لغات‭ ‬مختلفة‭ ‬فى‭ ‬خطوة‭ ‬معنى‭ ‬الأولى‭ ‬كدار‭ ‬نشر،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬عرفها‭ ‬القراء‭ ‬المهتمون‭ ‬بالفلسفة‭ ‬كمنصة‭ ‬إلكترونية‭ ‬مهتمة‭ ‬بالمقالات‭ ‬الفكرية‭ ‬والفلسفية‭.‬

لقد‭ ‬ظل‭ ‬مونتينى‭ ‬غائبًا‭ ‬عن‭ ‬قراء‭ ‬العربية‭ ‬لقرون،‭ ‬فمع‭ ‬أنه‭ ‬أحد‭ ‬المؤسسين‭ ‬للفكر‭ ‬السياسى‭ ‬والفلسفى‭ ‬الغربى‭ ‬وعاش‭ ‬فى‭ ‬القرن‭ ‬السادس‭ ‬عشر،‭ ‬إلّا‭ ‬أن‭ ‬مقالاته‭ ‬لم‭ ‬تُترجم‭ ‬كاملة‭ ‬سوى‭ ‬هذا‭ ‬العام،‭ ‬وهو‭ ‬تأخر‭ ‬كاشف‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬تجاهلنا‭ ‬لترجمة‭ ‬أمهات‭ ‬الكتب‭ ‬الفكرية‭ ‬المؤسسة‭ ‬فى‭ ‬الثقافات‭ ‬الأخرى،‭ ‬فى‭ ‬مقابل‭ ‬الاهتمام‭ ‬بترجمات‭ ‬أخرى‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬أقل‭ ‬أهمية‭. ‬لا‭ ‬أتكلم‭ ‬هنا‭ ‬عن‭ ‬دور‭ ‬النشر‭ ‬الخاصة‭ ‬والمستقلة،‭ ‬بل‭ ‬أقصد‭ ‬مشاريع‭ ‬الترجمة‭ ‬الرسمية‭ ‬المختلفة‭ ‬أو‭ ‬الدور‭ ‬المدعومة‭ ‬ماديًا‭ ‬من‭ ‬الحكومات،‭ ‬فهى‭ ‬الأنسب‭ ‬لترجمة‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المؤلفات‭ ‬المرجعية،‭ ‬خاصة‭ ‬أنها‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تلقى‭ ‬اهتمامًا‭ ‬من‭ ‬عموم‭ ‬القراء،‭ ‬إذ‭ ‬رغم‭ ‬أهميتها‭ ‬القصوى‭ ‬تنحصر‭ ‬قراءتها،‭ ‬فى‭ ‬الغالب،‭ ‬داخل‭ ‬دوائر‭ ‬معينة‭.‬

وعن‭ ‬أهمية‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الترجمات‭ ‬يقول‭ ‬المترجم‭ ‬فريد‭ ‬الزاهى‭: ‬‮«‬الأمر‭ ‬لا‭ ‬يتعلق‭ ‬بإغناء‭ ‬المكتبة‭ ‬العربية،‭ ‬كما‭ ‬يحلو‭ ‬القول،‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬اعتبرنا‭ ‬ذلك‭ ‬مجازًا‭. ‬الأمر‭ ‬يتعلق‭ ‬أكثر،‭ ‬كما‭ ‬ألح‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬العروى‭ ‬والشدادى،‭ ‬بإخصاب‭ ‬الفكر‭. ‬فبما‭ ‬أننا‭ ‬لم‭ ‬نحقق‭ ‬نهضتنا‭ ‬ولا‭ ‬عصر‭ ‬أنوارنا‭ ‬فإن‭ ‬مؤلفين‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬مونتينى‭ ‬ومونتسكيو‭ ‬وروسو،‭ ‬رغم‭ ‬تجاوز‭ ‬الفكر‭ ‬الفلسفى‭ ‬والسياسى‭ ‬لهم‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬بعيد،‭ ‬مؤلفون‭ ‬لا‭ ‬زالت‭ ‬راهنيتهم‭ ‬قائمة‭. ‬فالمترجم‭ ‬وهو‭ ‬يُصدر‭ ‬كتابا‭ ‬لأحد‭ ‬هؤلاء،‭ ‬كأنه‭ ‬يدعو‭ ‬لإعادة‭ ‬تأسيس‭ ‬الفكر‭ ‬السياسى‭ ‬والفلسفى‭ ‬والثقافى‭ ‬العربى‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬جديدة،‭ ‬وسد‭ ‬الثغرات‭ ‬التى‭ ‬تركناها‭ ‬وراءنا‭ ‬وإعادة‭ ‬النظر‭ ‬فى‭ ‬فكرنا‭ ‬وثقافتنا‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬جديدة‭. ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬لفكر‭ ‬جديد‭ ‬أن‭ ‬ينبنى‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬القطيعة‭ ‬وإنما‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬قراءة‭ ‬السابقين‭ ‬وتحديث‭ ‬فكرهم‭.‬‮»‬

ولأن‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لفكر‭ ‬جديد‭ ‬أن‭ ‬ينبنى‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬القطيعة‭ ‬وإنما‭ ‬أيضًا‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬قراءة‭ ‬السابقين‭ ‬وتحديث‭ ‬فكرهم،‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬الزاهى،‭ ‬نأمل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬مشروعات‭ ‬كبرى‭ ‬مخصصة‭ ‬لترجمة‭ ‬هذه‭ ‬الكتب‭ ‬المؤسِسة‭ ‬وإخصاب‭ ‬الفكر‭ ‬العربى‭ ‬بها‭.‬

م‭.‬ع

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة