محمد الشماع
محمد الشماع


قريباً من السياسة

الدين المعاملة

محمد الشماع

الخميس، 13 يناير 2022 - 05:30 م

ازدواجية المعايير لا تزال ظاهرة واضحة فى عالمنا وحياتنا، ندّعى التقوى ونحمل مسابح الإيمان بأكثر مما يجب، لكن كل هذا ينكشف عندما نأتى إلى بند المعاملات، لا أحد يتذكر الدين ولا قيم الدين، ولا أحد يتذكر الحقوق، عندما يتعلق الأمر بحق الغير أو حق الوطن، وفى القرى أكثر الناس ادعاء للتدين والتمسك بأهداب الدين.


وفى القرى أيضاً لا تزال المرأة تعانى من الحصول على حقها فى الميراث، الكل يسعى إلى أكل حقوق البنات، بينما الكل يدعى التقوى ويتمسك بمظاهر التدين، ولا حاجة لنا إلى التأكيد بأن «الدين المعاملة» وأن مظاهر التدين مثل إطالة اللحية والزبيبة التى تتوسط جبهة المؤمن، كل ذلك ينهار أمام الحقوق والواجبات.


ولعل وحيد حامد، رحمه الله، قد رسم لنا تلك الصورة فى فيلم «الإرهاب والكباب»، فالموظف صاحب الزبيبة والقبقاب يحرص على الوضوء والصلاة، ولكنه فى نفس الوقت وبنفس الحماس يقوم بتعطيل مصالح المواطنين وإزهاق أرواحهم، وتلك هى المسافة التى تتسع يوماً بعد يوم بين ما نحرص عليه من التمسك بمظاهر التدين وبين سلوكنا العملى الذى يتناقض تناقضاً شديداً مع روح الدين.


ولعلنا نتذكر عضو الجماعة السلفية الذى ذهب لإجراء عملية تجميل فى أنفه تكلفت أكثر من مائة ألف جنيه، ثم زعم أن اللصوص قد اعترضوا سيارته على الطريق الدائرى وضربوه على أنفه وأخذوا أمواله، لكى يضرب عصفورين بحجر، فيبرر وضع الضمادات على أنفه بأنها نتيجة عدوان اللصوص، وفى نفس الوقت يأكل فى بطنه أموال الجماعة بحجة أنها سرقت منه!!


ذلك قليل من كثير، لكن علينا أن نقر ونعترف بأن حقوق الناس مصونة فى العالم، وأننا نكتفى بادعاء التقوى والحفاظ على مظاهر التدين بينما لا نتردد فى أكل حقوق الغير أو إهدار وقته وطاقته وتعذيبه وتعطيل مصالحه فى الأجهزة الإدارية التى تعج بالملتحين ولابسات النقاب والإسدال!


مهلاً يا سادة.. بعضا من احترام النفس وبعضا من استيعاب روح التدين، كل ذلك كفيل بأن يردم الفجوة الواسعة التى لا تزال تتسع بين مظاهر التدين التى أصبحت غالبة فى المجتمع وبين أكل حقوق الناس والفساد الذى يعشش فى المعاملات بين الناس!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة