د.عبد العزيز المسلم أثناء توثيق تراث قرية الحلة التاريخية
د.عبد العزيز المسلم أثناء توثيق تراث قرية الحلة التاريخية


رئيس معهد الشارقة للتراث د. عبدالعزيز المسلم: التراث العربي في خطر

أخبار الأدب

الأحد، 27 فبراير 2022 - 05:24 م

مرّت إمارة الشارقة بالعديد من التحولات الكبرى خلال الربع الأخير من القرن ال 20 ، ومع المد الحداثى الذى طال المجتمعات العربية فى تلك الفترة، تنبهت الشارقة لضرورة الحفاظ على إرثها التراثى، باعتبار أن التمسك ،» طوق نجاة « بما هو تراثى بمثابة لإنجاح هذا التحول الجذرى للمجتمع،لتحقيق موائمة وتوازن بين كل الأمور،واستطاعوا فى النهاية وبعد رحلة لازالت » تجربة فريدة « طويلة تقديم حتى اليوم محط أنظار العديد من دول العالم. لم تكتف الشارقة بلعب هذا الدور المحورى داخل دولة الإمارات، فقد حاولت أن تلعب دورا على الصعيد  الإقليمى والدولي؛ فمع ازدياد حجم المشاريع التراثية التى قدمتها تأسس  معهد الشارقة للتراث بموجب المرسوم الأميرى الذى أصدره الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى، حاكم الشارقة، إذ سعى من خلاله إلى تعزيز الميدان الثقافى عبر تأسيس إدارة فعالة للتراث الثقافى لحفظه وصونه، وذلك لخدمة التراث الثقافى الإماراتى والعربى.  تحدثنا مع الدكتور عبدالعزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث، والذى شرح العديد من التجارب التى قدمتها الشارقة فى سبيل حفظ وصون التراث الإماراتى والعربى، وقد تحدث أيضا عن رؤيته وتقييمه لواقع التراث فى الوطن  العربى خلال الفترة الراهنة وما يعانيه من مشاكل، وكذلك تجربته الشخصية التى بدأها مع التراث.

-فى البداية أود أن اسألك، كيف بدأ تعلقك بالتراث؟ بدأ تعلقى بمسألة التراث والهوية خلال مرحلة مبكرة جدا من حياتى، وتحديدا فى المرحلة الإعدادية وكنت فى سن ال 14 من عمرى، إذ بدأت حينها اهتم بجانب من جوانب التراث.

وهو الشعر وكان الشعر هو المدخل الرئيسى الذى قادنى للاهتمام ،» النبطى « ، بالحكاية الشعبية، أتذكر أن أول قصيدة نشرتها كانت سنة 1986 وذلك بمجلة العهد القطرية، وفى سنة 1990 صدرت لى أول مجموعة شعرية، ولازلت أكتب الشعر، فرغم كل الاهتمامات وظروف العمل إلا أن الشعر بالنسبة إليّ لا يزال محببا، لأن مفتاح التراث هو الشعر، فمعرفتى بالشعر الشعبى وتعلقى بالحكاية، ساهم بشكل كبير فى تكوينى الشخصى.

وكان دفعة قوية لى للاهتمام بالجوانب التراثية. التراث « -تبنيت منذ مرحلة مبكرة من حياتك فكرة البحث وراء للمجتمعات، لماذا اخترت هذا التخصص تحديدا؟ » الخرافى هذا كان موضوعى ومشروعى الأساسى الذى بدأته من خلال الدراسات منذ 15 عاما.

فقد أوليت اهتماما بالكائنات الخرافية، والحكايات التى تدور حولها فهذه الحكايات تغنى وتثرى الفكر والواقع السردى للمجتمع، تعلقت بموضوع الكائنات الخرافية والخيالية منذ طفولتى، فنحن تعلقنا بالرسوم المتحركة، وببعض القصص التى قرأنا عنها، لكنى دائما ما كنت أتعلق بموضوع الخيال وما يطلق عليه باللامرئيات، لأن هذا يعطى بعد أخر للإنسان، فالاهتمام بالخيال والخرافة جزء من الوصول للحقيقة. 

وقد استطعت أن أجمع الكثير من الحكايات، ووصلت فى النهاية إلى تحديد حوالى 33 كائن خرافى داخل إمارة الشارقة، فبحثى عن الكائنات الخرافية لم يتوقف أبدا، وقمت بعملية ربط وتأصيل لتلك الكائنات فى الثقافة الإماراتية، وأتمنى أن نؤسس متحفا للكائنات.


الخرافية. - لنتحدث عن معهد الشارقة للتراث والذى كانت مهمته الأولى هى توثيق تراث الإمارات، إلا أنه تفرع وأخذ بعدا جديدا إذ يتبنى أهداف بعينها تخص التراث فى الوطن العربى ككل.. لماذا حدث هذا الربط تحديدا؟ أود أن أشير أن معهد الشارقة للتراث يأخذ بنهج صاحب السمو حاكم فنحن » الأصالة « الشارقة الشيخ دكتور سلطان القاسمي؛ وهو نهج فى المقام الأول، لأن المساهمة » عربى « دائما أردنا أن يكون نهجنا العربية التى نقوم بها لخدمة التراث العربى تعطى بدورها التراث  الإماراتى بعد أكثر عمقا، وكذلك قيمة أكبر فمتى ما ربطنا التراث الإماراتى ببعده الخليجى والعربى فسيصبح ذا قيمة أكبر.

وهذا ما أردنا بالفعل تحقيقه، أمام المد العولمى الذى ضرب المجتمعات العربية. -بمناسبة حديثك عن فكرة المد العولمى داخل المجتمعات العربية كيف تقيم وضع التراث داخل الوطن العربى فى الوقت الراهن؟ التراث العربى فى خطر كبير، والإنسان العربى أيضا فى خطر جيد، » مقلد « كبير، فقد أصبح الإنسان العربى بلا جذور بل وأصبح.


فى نفس الوقت، وأنا أعتقد أن تعلقنا بالتراث هو » أصيل « لكنه غير والذى سيمكن الإنسان العربى من تحقيق الثبات وسط » طوق النجاة « المحيط بنا، فالإنسان بدون أصالة أو بدون تراث » العولمة « تسونامى فحتى الأوربيين ممن ينادون بالعولمة لا زالوا ،» عدم  « يكاد أن يكون يتمسكون بجذورهم، وبتراثهم، وبأصالتهم، لذلك من باب أولى أن نتمسك نحن بتراثنا الغنى، فنحن أصحاب تأثير كبير على العالم، وللأسف بتنا نتأثر بهذا المد العولمى.

لذلك علينا أن ندافع عن تراثنا، وقيمنا المهددة بصورة كبيرة. -هل تعتقد أن المؤسسات الثقافية فى الوطن العربى قادرة على لعب هذا الدور؟ هذا السؤال من الصعب الإجابة عنه ويحتاج لإجابات مركبة، فمراكز التراث العربى دائما ما تأخذ بتوجيهات المسئولين عنها، وأحيانا والرؤية تكون مبتورة نوعا ما، لذلك أنا أرى » ناقص « يكون توجههم.


أن عملية دعم الثقافة والتراث داخل الوطن العربى يجب أن تكون فما دامت القيادة مهتمة بعملية التراث ،» قادة الدول « من جانب وبتعزيزه، فسيكون هناك اهتمام شعبى أيضا بالأمر، وهذا ما ينطبق على الشارقة بشكل خاص، فالقيادة عندنا كانت هى المهتمة بعلمية التراث، والشيخ زايد كان مهتما بالتراث، فلولاه ولولا اهتمامه بالأمر .

علو انسيابى صغير على الجانب الأيسرمن الطريق، يشبه موجة ناعمة فى جسم الأسفلت، تصعده السيارة بجانبها وتهبط فى لحظة. قبل سنوات، وبعدما استلمت السيارة جديدة، مررت فوقه للمرة الأولى وانزعجت بشدة. كنت محتشدًا بأفكار عن السيارات التى تعيش فترات طويلة مع أصحابها دون خدش. يتميز هؤلاء بسمات شخصية لافتة، وتلمع سياراتهم دائمًا كأنها تسير فى الشوارع محصنة. هؤلاء الذين يكتبون فى إعلان بيع السيارة إن الاستبن لم يلمس الأرض، آملت أن أكون واحدًا منهم لأننى أحب السيارات، وأحب أن أبيعها ذات يوم فخورًا بكونها فى أفضل حالات الفابريكة. قلت إن علىَّ الانتباه فيما بعد إلى ذلك المطب، حيث يخفيه كونه على جانب الطريق شبه المظلم. لا أتذكر اللحظة التى تحولت فيها محاولاتى الفاشلة للانتباه إلى تفادى المطب يومًيا إلى محاولات ألا أفوّت المرور فوقه. صرت حريصًا أن أحتذى جانبه والشعور بصعود السيارة والنزول من فوقه بجانبها الأيسر. وعندما جددوا الطريق خشيت أن يختفى، لكننى كنت حسن الحظ ولم يقم مسؤولو الحى
بمهمتهم على أكمل وجه. ظل موجودًا. الأمر يصبح مربكًا إن كانت ثمة سيارة أمامى تسير على الجانب الأيسر من الطريق، سيعنى ذلك الاضطرار إلى التمهل حتى تمر فوق المطب، وربما يبطئ سائقها سرعته محاولاً تفاديه. ذلك التمهل يعوق بينى وبين المرور فوقه على سرعتى العادية المطمئنة، ما يفقد اللحظة كامل شكلها، والحميمية حين تصنعها الإعادة اليومية لذات الفعل الكبير لقسوة الحظ وقت يسوء. لذا أحاول قدر الاستطاعة أن تكون عودتى ليلً، حيث الليل منساب أكثر، وسائقو السيارات الذين يختارون الجانب الأيسر من الطريق عند نقطة المطب قلة. سنوات أمر فوقه وأطمئن أن الحياة لم تتغير جذريًا، أن السيارة لم تعد قديمة جدًا، وأن ذكرى يوم شرائها لا تزال قريبة. أتذكر، فى تلك اللحظة اليومية، كل من ذهبت إلى رؤيتهم للمرة الأولى مستقلً إياها، أحزن كلما انتبهت لرحيل أحدهم وأرتاح لوجود آخرين، وأطمئن إلى أن الموجودين عن بُعد لم يذهبوا إلى الأبد. اللقاءات محتملة طالما أن المطب فى مكانه، وأجتهد كى لا تنقطع عادة المرور من فوقه أبدًا.

اقرأ ايضا | مرّت إمارة الشارقة بالعديد من التحولات الكبرى خلال الربع الأخير من القرن ال 20 ، ومع المد الحداثى الذى طال المجتمعات العربية فى تلك الفترة، تنبهت الشارقة لضرورة الحفاظ على إرثها التراثى

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة