تصوير جدارى من مقبرة ثيودوسيا
تصوير جدارى من مقبرة ثيودوسيا


دعاء بهي الدين تكتب: مراحل تطور الزي القبطي

أخبار الأدب

السبت، 12 مارس 2022 - 04:40 م

بعدما تم إدراج النسيج اليدوى بالصعيد على قائمة التراث الثقافى العالمى غير المادى باليونسكو يجدر بنا إلقاء الضوء على إحدى أهم الصناعات التى برع فيها المصرى عبر تاريخه وهى صناعة النسيج التى تزخر متاحف العالم فى أوربا والولايات المتحدة الأمريكية بالآلاف من القطع والمجموعات النسجية.


وتوفر المنسوجات بشكل عام مصدرًا للمعلومات حول الطبقات الاجتماعية والحياة اليومية والمعتقدات والعادات للأشخاص الذين ارتدوها. من بين الأنواع المختلفة من المنسوجات المعروفة الملابس الكاملة، وخاصة الستر، أو أجزاء من الملابس مثل الزخارف والستائر والوسائد والأغطية وأجزاء من الأكفان.


وقد تم تقسيم تاريخ المنسوجات فى القرون المبكرة إلى ثلاث مراحل؛ المرحلة الأولى ويطلق عليها نسيج العصر اليونانى الرومانى ويمتد من القرن الثالث إلى الخامس الميلادى، وتمتاز منسوجات تلك الفترة بكثرة استخدام الرسوم الآدمية والحيوانية بجانب العناصر النباتية والهندسية واستمر التحول التدريجى من الطراز الرومانى إلى المسيحى من القرن الثالث وحتى السادس الميلادي.

 

أما المرحلة الثانية فتُعرف بعصر الانتقال ويؤرخ من القرن الخامس إلى السادس حيث نجد أن تأثير العناصر اليونانية الرومانية مازال ممتدًا فى تلك المرحلة مع ظهور لبعض الرموز المسيحية ذات المغزى الدينى، أما المرحلة الثالثة فهى التى بدأت من القرن السادس الميلادى وهى المرحلة القبطية الخالصة التى بدأ يتضح فيها ملامح الملابس القبطية التى مازالت مستخدمة حتى اليوم فى الإطار الكهنوتى.


جذور قديمة
كان لظهور الديانة المسيحية أثر واضح على أزياء الأقباط فعلى الرغم من أن الأزياء القبطية تنتمى جذورها إلى العصر الفرعونى ثم اليونانى والرومانى إلا أن الأزياء القبطية اتسمت بالاحتشام الواضح وهو التأثير الذى فرضته تعاليم الديانة المسيحية. 


مرت الأزياء البيزنطية بفترة انتقالية امتدت من القرن الثالث إلى السادس الميلادى واعتبرت فترة تحول تدريجى من طراز الأزياء الرومانية إلى الطراز القبطي، والتى أطلق عليها الفترة الانتقالية للأزياء لتصل الفجوة بين الأزياء الرومانية والقبطية.


إذا ما تتبعنا نشأة النسيج القبطى سوف يتبين لنا أنه وجد منذ العصر الفرعونى واستمر فى مصر عبر عصورها التاريخية اليونانية والرومانية ثم القبطية والإسلامية، وقد ذكرت لنا المصادر المختلفة على مر التاريخ مدى دقة صنع وشهرة النسيج المصرى وذكروا منه على وجه الخصوص نسيج البيسوس.


مواد خام
كانت الألياف الرئيسية المستخدمة فى صناعة المنسوجات هى الكتان والصوف فى مصر القديمة وهو ما استمر فى العصر البطلمي، وعرفت المنسوجات الحريرية فى العصر الرومانى الذى قصر استخدامه على القصر الإمبراطوري، وكان الكتان والصوف من المواد الأساسية فى عملية النسج وقد يكون كامل الثوب من الكتان والجامات (الأشرطة) أو الجزء المزخرف من الصوف،  وتم اشتقاق الأصباغ من المصادر النباتية والحيوانية والمعدنية. 


مراكز الصناعة
امتدت مراكز صناعة النسيج والملابس بطول مصر وكانت أهم مراكز المنسوجات الكتانية؛ الإسكندرية والأشمونين وأنصنا وتنيس، أما مدن مصر العليا فقد تميزت بصناعة المنسوجات الصوفية مثل أخميم والشيخ عبادة وأسيوط وأهناسو البهنسا والفيوم، وكان لكل مركز منها الطراز الخاص به.


لدينا فى المتحف القبطى مجموعة الملابس اختلفت فى اتساعها وأطوالها وأطوال أكمامها وزخارفها منها للرجال وأخرى للنساء والأطفال.


طرز الأزياء
 «التونيك» هو الثوب الرئيسى للرجل والمرأة على حد سواء وهو ثوب واسع بدون أكمام يتخذ شكل حرف T ومن الممكن أن يوضع حزام حول الخصر، وكان أطول قليلا عند الرجل وتكون له فتحة عند العنق.


وكان القميص أو التونيك فى العصر القبطى يصل إلى القدم وفوق التونيك يرتدى الكالبيوم وكان له فتحة أكمام واسعة، أما زخارفه فهى تغطى الثوب بالكامل، بينما استخدم الرجال الباليوم التى وهى عبارة عن قطعة قماش مستطيلة يتم لفها حول الجسم.

وهو ما يعرف حاليًا بالتونية وأصبح لباسًا دينيًا بداية من القرن الخامس الميلادى ويطلق عليه أيضًا كلوبيون، والتونية الحديثة هى عبارة عن رداء أبيض من الكتان والحرير من الرقبة إلى القدم ويرتديها كل من الشماس والكاهن والأسقف.


أما الدالماتيك فهو رداء خارجى ارتداه الأقباط فوق التونيك وارتداه كل من الرجال والنساء وهو ثوب واسع بدون حزام ويزين بالأشرطة التى تمتد من الأكتاف حتى نهاية الثوب، وله عادة شريطان متوازيان على طرف الأكمام.


كان الثوب يزين بأشرطة أو جامات على الاكتاف من الامام والخلف وحول الرقبة وسميت هذه الاشرطةClavi،وقد نفذت تلك القطع الزخرفية من خيوط الصوف الملونة ثم تخاط على الرداء، وفى بعض الأحيان كانت تنسج فى نفس الوقت مع الرداء.

وفى هذه الحالة كانوا يغطون الرسومات المراد تكوينها على الرداء بطبقة من الشمع ثم يصبغ الثوب بأكمله وبعدها يتم إزالة الشمع لتظهر الرسومات بنفس لون الثوب الأصلي، كما وجد فى كثير من الأحيان أشرطة مقصوصة من ثياب قديمة ومضافة إلى ثياب جديدة وهذه الأشرطة المزخرفة كانت تستخدم فى بعض الأحيان للتأريخ.

والـClaviأصبحت حاليًا هى البطرشيل أو الصدرة وهو عبارة عن شريط طويل من القماش المزركش يتدلى بعرض الصدر ومن الاكتاف الى القدم ويزين بالصلبان ويسمى حاليًا بالصدرة، وكان البطرشيل لباسًا خاصًا بالشماس وحده دون الكاهن.


العباءة أو المشملة
ارتدى الأقباط بعض العباءات التى كانت شائعة فى الإمبراطورية الرومانية والبيزنطية والعباءة التى كانت ترتدى فوق الثياب خارج وداخل المنازل وهى إما سادة أو مزخرفة، وضعت أحيانا فوق الرأس وهى مستطيلة وأحيانا مستديرة وتثبت على الكتف الأيمن بواسطة مشبك،كانت تستعمل بأشكال متعددة من الصوف.


الكوفية «الملفحة»
استخدمت ملفحة أو كوفية أشبه بشال فضفاض يكسو الرأس وإحدى الكتفين ثم يلف الجسم ببقية أجزائه، واستخدم للنساء بشكل أكبر. 


الهيماتيون
هو عبارة عن عباءة للخروج للرجال والنساء وهى قطعة مستطيلة من قماش صوف أو كتان يتم تعليقها على إحدى الكتفين.


الباليوم
وهى العباءة التى تنسدل للأمام من الكتف اليسرى وتجلب من من الخلف من أسفل الذراع اليمنى بحيث يوضع ويثبت جزء منه على الكتف اليمنى ثم تلقى على الذراع اليسرى، وأصبح الباليوم من العباءات الهامة فى الإطار الكنسى فأصبح رداء البطرك وكان يقابله البالا عند النساء.


وعادة ما نفذ التونيك والعباءة من نفس اللون مما يرجح انه تم تنفيذهما فى نفس الوقت وفى أمثلة أخرى وقد ظهرت العباءات متناسقة مع الثوب أو التونيك إما أن تكون أغمق أو أفتح من الثوب نفسه، مما يؤكد مدى تطور ورش العمل فى تلك الفترة.


مكملات الملابس
اعتبرت مكملات الملابس جزءاً لا يتجزأ عن الشكل العام للزى، كانت الأقراط والدلايات من المكملات الأساسية للملابس القبطية ومن الواضح أن المرأة القبطية كانت مهتمة بأن تظهر أنيقة، وكان للحلى شأن عظيم عندها ولذلك تعددت أنواع الحلى التى استخدمتها النساء فى العصر القبطى فمنها الأقراط، والمشابك، والأساور.

والأحزمة ذات الطرف المزين بالجواهر، وصلبان الصدر، ودبابيس الشعر، والخواتم التى كانت عادة ترصع بالجواهر. حيث كان لانتشار صناعة الحلى أثر واضح على مكملات الأناقة التى اتسمت بالفخامة والعظمة.

 

وكانت النساء يصورن فى الغالب وهن يتحلين بأقراط وعقود حيث حرصت سيدات الطبقة الأرستقراطية على التحلى بالأقراط والعقود والأساور والتى تظهر مدى ثرائهن وقد عثر على مجموعة من المشغولات الذهبية لإحدى سيدات تلك الطبقة فى الواحات البحرية وتتضمن العديد من الأقراط والعقود والأساور فضلا عن المكاحل التى كانت تصنع إما من العظم أو الخشب أو العاج.


كما حرصن على اقتناء الدلايات بأشكال متنوعة ولم يكن اقتناء تلك الدلايات بغرض التحلى فقط بل أيضًا مرجعه إلى المعتقد المتوارث منذ القدم بأنها تحميهن من القوى الشريرة وتنوعت أشكالها فيما بين أشكال للصليب أو للسيدة العذراء تحمل السيد المسيح أو أحد القديسين وصنعت من المعدن أو الذهب أو النحاس أو الجلد.

اقرأ ايضا | بمناسبة أعياد الميلاد.. «أنشودة فرح» معرض أثرى بالمتحف القبطي


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة