السبت، 19 مارس 2022 - 09:58 م

«اليوم عيدك يا أماه.. دخلت أشعة الشمس من النافذة.. لتقبل جبينك وتباركك فى يوم عيدك.. استيقظت طيور الحديقة مبكرة لتغرد لكِ فى عيدك.. تفتحت زهور اللوتس فى البحيرة لتحييكِ.. الفراش يرقص فرحاً متنقلاً بين الزهور مهنئاً بعيدك.. اليوم عيدك يا أماه فلا تنسى أن تدعى لى فى صلاتك للرب».

هذا ما جاء فى إحدى برديات تل العمارنة على شكل رسالة كتبها طفل لأمه فى عيد الأم ليكتشف العالم أن المصريين القدماء هم أولى الحضارات التى قدست الأم وخصصت لها يوما للاحتفال بها، وجسدوا معانى الأمومة وقيمة المرأة فى عدة صور وجسدوها على المعابد لتظل خالدة عبر العصور.

هذا ما أكده خبير الآثار د.عبدالرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار، ويقول إنه ورد ذكر عيد الأم فى أكثر من بردية من برديات كتب الموتى، خاصة كتابى انى ونبستى وقد وجدت ضمن مقابر الدولة الحديثة كثير من البرديات ونماذج من النصوص التقليدية للدعاء للأم فى عيدها طبقًا لما جاء فى كتاب د. سيد كريم «لغز الحضارة المصرية».

ويضيف د. ريحان أن موعد عيد الأم فى مصر القديمة كان فى آخر شهور فيضان النيل عندما تكون الأرض الخصبة معدة لبذر البذور وهى بذور الحياة التى تبعث الحياة فى الأرض هو شهر هاتور فى التقويم المصرى القديم وهاتور أو حتحور هى معبودة الجمال ومعنى حت – حور أى مرضعة المعبود حور لذلك شبهوا الأم بنهر النيل الذى يهب الحياة والخصب والخير واعتبروا تمثال إيزيس التى تحمل ابنها حورس رمزًا لعيد الأم فيضعونه فى غرفة الأم ويحيطونه بالزهور ويضعون حوله الهدايا المقدمة للأم فى عيدها.

وأوضح أن الاحتفال يبدأ مع شروق الشمس ويعتبرون نورها وأشعتها رسالة من السماء لتهنئتها وشملت برديات الحكماء نصائح للأبناء بطاعة الأم ومنها الحكيم سنب حوتب.

ويقول: «ضاعف لها العطاء فقد أعطتك كل حنانها وضاعف لها الغذاء فقد غزتك من عصارة جسدها وأحملها فى شيخوختها فقد حملتك فى طفولتك.. أذكرها دائماً فى صلواتك ودعواتك للإله الأعظم». وكانت مكانة الأم مقدسة عند قدماء المصريين منذ بداية الأسرات وعبروا عنها بالمعبودة «نوت» التى تظل الكون وترعاه والتى ولدت آلهة الخصب والخير والبركة فخلدوها فى معابدهم وفى متون الخلق والتكوين وفى الأساطير والبرديات المقدسة كما اختاروا العدد الأكبر من آلهتهم من الأمهات.