محمود الورداني يكتب : عن المخزنجى فى عُزلته (4)
محمود الورداني يكتب : عن المخزنجى فى عُزلته (4)


الوزارة وأشياء أخرى

محمود الورداني يكتب: عن المخزنجي في عُزلته (4)

أخبار الأدب

السبت، 28 مايو 2022 - 04:46 م

أريد أن أعتذر أولا عن أخطاء وردت فى المقالات السابقة، بعضها فادح بسبب الذاكرة اللعينة لكنها لا تمس جوهر ما تتضمنه تلك الأوراق. وهى أخطاء من نوع تاريخ صدور هذا الكتاب أو ذاك، أو التاريخ الدقيق لبعض الوقائع. 


 وأريد أن أشير أيضا إلى أن ما ذكرته من عناوين كتبه ليس هو كل ما كتبه، فله كتاب جميل عن الدكتور محمد غنيم هو السعادة فى مكان آخر، وعملان قصصيان هما «صياد النسيم» والنوفيلتان الساحرتان اللتان ضمهما فى كتاب واحد: بيانو فاطمة، وشكل جديد اخترعه المخزنجى وسمّاه تكريسة، أطلق فيه العنان لنفسه للمرة الأولى وفرش فيها الملاية للصوص والمتنفذين وأمناء اللجان وسارقى الأرض ومنتهكى الوطن. التكريسة عنوانها «البحث عن حيوان رمزى جديد للبلاد»، وهى تحتاج لكتابة مستقلة أما باقى سطور هذا المقال فأخصصها للكتابة عن عُزلته الاختيارية. أعتقد بداية أن جانبا من هذه العزلة يعود إلى حيائه الشخصى وتجنبه الثرثرة والكلام الفارغ، وحرصه على الابتعاد عن أى إساءة شخصية. وعزلته تلك ليست حلية ولا تعاليا فهو فعلا يتجنب مقاهى المثقفين والندوات وحفلات التوقيع من أجل أن يتأمل جيدا. وعلى سبيل المثال، علمتُ من مصادر مؤكدة، ليس المخزنجى من ببينها، أن المهندس إبراهم محلب- قبل سنوات - هاتفه وعرض عليه وزارة الثقافة ورفضها على الفور بعد أن اعتذر لمحلب وأكد له أنه لا يصلح لمثل هذا المنصب، وأنا واثق أنه لم يفكر كثيرا قبل أن يرفض. 


 المخزجى له حساب على الفيسبوك. لكنه لا يديره ولا علاقة شخصية بينه وبينه ويديره محبوه الذين لا يعرفهم. 
وعلى الرغم من أنه كاتب مقال أسبوعى من طراز رفيع، أسطى فى حقيقة الأمر، وأبلى بلاءً أكثر من حسن لسنوات فى صحف مثل الشرق الأوسط والشروق، إلا أنه بادر منذ سنوات للاعتذار عن عدم الكتابة لينأى بنفسه حياءً وفرارا من المناخ القاتم والسقف المخسوف به الأرض. وهكذا فإن عُزلته الاختيارية ليست كلاما، ومن فيوض هذه العزلة أنتج أعمالا فاتنة حقا، وقصصه شاهقة فى لغتها وبنائها والعالم الذى تشيده. ويكمن سحر هذه القصص فى بساطتها الماكرة الخادعة.


 المخزنجى كاتب له عالمه ولغته ومازال يضيف ويبنى عوالم مدهشة بلا توقف ومنذ سنوات، فى الكتابة الإبداعية، والمقالات سواء الأدبية أو العلمية. إلى جانب كل هذ يرفض المخزنجى أن يتقدم إلى أى جائزة من الجوائز من أى نوع، وجائزة ساويرس التى حصل عليها منذ سنوات طويلة، لم يتقدم لها، بل قامت لجنة التحكيم باختياره من خارج المتقدمين لها. أسارع إلى القول أننى لا أرفض الجوائز، وأعرف أهميتها جيدا، فضلا عن التقدير المادى الذى يستحقه الكاتب الذى لا يحصل من ناشره إلا على أقل القليل، وقد تقدمت بالفعل إلى بعض الجوائز وحصلت على بعضها وفشلت فى أكثرها. على أى حال يحتاج موضوع الجوائز لكتابة مستقلة من الضرورى أن أفرد لها معالجة قادمة. أما موقف المخزنجى فينطلق من موقف من المنافسة، ليس إعلاءً من شأنه على المستوى الشخصى بل لأن الكتابة- فى نظره- أعلى من أى منافسة. وأخيرا لا أجد إلا أن أقول له.. كتّر خيرك يا محمد يا مخزنجى ليس على عزلته بطبيعة الحال، بل على كل الكتابة الجميلة التى أضافت وحفرت وشكلّت هذا العالم المترامى.

اقرأ أيضا | الطاهر أحمد مكي: عبدالناصر تحكم بأرزاق المثقفين وحول الثقافة إلى وزارة | حوار

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة