منى العساسى
منى العساسى


صاحبة «جبل التيه»: نحتاج إلى الخرافة أحيانا| حوار

الأخبار

الأحد، 29 مايو 2022 - 05:45 م

محمد سرساوى

فى كل مكان من العالم، تظهر الخرافات الشعبية، وأكثرها بزوغا الحكايات المرعبة مثل النداهة وأمنا الغولة والأشباح مختلفة الأشكال، وقد اختارت الأديبة منى العساسى فى روايتها «جبل التيه» أن تحكى عن قرية «الغريق» التى سميت بهذا الاسم بسبب حكاية قديمة عن شاب غرق فى بحر هذه القرية، وتحول إلى شبح يخطف أرواح أطفال القرية، وتستعرض»منى» حيوات أهل القرية، باحثة عن حكايات شعبية أخرى فى تلك المنطقة.

تقول «العساسى»: عندما كنت طفلة كان هناك فى بلدنا نفس الحكايات الشعبية حول الكائنات الخرافية التى ينسب لها الناس كل البلاء الذى يلم بهم كالنداهة والغريق والجن والعفاريت الى آخره، وهذا بطبيعة الحال ترسخ فى خيالى.

ولطالما نهش طفولتى بأنيابه المرعبة، ولما أصبحت شابة فى الجامعة جاءت إلى إحدى القرويات الطاعنات فى السن، وطلبت منى شيئا غريبا، كانت العجوز قد زوجت ابنتها منذ نحو سنتين، ولم تنجب، فأخبرتها سيدة اشتهرت فى الناحية بالعمل فى السحر، أن ابنتها «معمول لها عمل».

وعليها أن تغرق هذه الخرقة ببول فتاة بكر حتى تنجب، علق الموقف فى ذهنى لمدة طويلة وربما كانت مثل هذه الخرافات التى دفعتنى إلى صنع عالم يجعل من مثل هذه الحلول لعنة لا يرتجى منها خير أبدا، وتحدثنا مع «منى» عن روايتها الصادرة عن دار الأدهم فى السطور التالية:


كيف يصنع الناس حكايتهم الشعبية؟
- لا أستطيع أن أجزم بأسباب محددة، لكن ربما ينسج الناس هذا النوع من الحكايات ليسقطوا عليها عجزهم عن فهم بعض أحداث الواقع، وعدم قدرتهم على السيطرة عليها أو معرفة الأسباب الحقيقية وراء حدوثها، فالناس بشكل عام تخاف الأشياء الغامضة لتلك الحضارات القديمة، فاخترعت أوثانها، وصنعت إليها لكل شىء يعجزون عن التحكم فيه، خيرا كان أم شرا، كإله الريح وإله الماء وإله النار.. إلخ.


ألا تعتبرين أن موت فتى لم يتجاوز العاشرة من عمره فى بداية الرواية شىء قاسٍ على القارئ؟
- هذا واقع كان يحدث طول الوقت فى القرى المصرية، كان الأطفال يموتون بكثرة بسبب الجهل والأمراض المعدية كالسل والإسهال الصيفى والحصبة، وكثير من الأمراض التى كانت منتشرة قديما، لذلك كانوا ينجبون كثيرا ويسمون أولادهم الجدد بأسماء موتاهم ليستمر الاسم فى العائلة.


وكيف تعاملت مع الموت؟
- هناك حالتان للموت فى النص، موت إسماعيل ابن القرية القديمة والذى وصفت مشهد موته تماما، كما كنت أراقبه فى جنازات الأطفال فى قريتنا، وأنا صغيرة، فكثيرا ما كان يحدث ذلك، بالطبع يكون حدثا جللا بالنسبة إلى أمه وأبيه، لكنه لم يكن كذلك بالنسبة إلى أهل القرية الذين سرعان ما ينسون، خصوصا إذا كانت الأم ولادة ولن تمر ذكرى الأربعين دون أن تمتلئ بطنها بغيره.

والمشهد الثانى موت ربيع وحسن غريقين فى ترعة قرية الغريق، مما تسبب فى فقدان أمينة الممرضة عقلها ودخولها فى حالة الاضطراب الذى صنع عالم النص وكلتا الحالتين واقع.


الساحرة قامت بطرد الأم من الحكاية وانتقالها إلى أرض الواقع كيف يطرد الإنسان من الحكاية الخرافية، ويذهب إلى أرض الواقع؟ وهل يمكن أن يحدث العكس؟
- نعم يستطيع كل روائى أن يخلق عوالم نص إذا خطط لها جيدا، فحالة الواقع والخيال هنا ينسجها عقل أمينة المضطرب على إثر فقدانها لزوجها وأولادها فى ترعة الغريق، فعالم النص هنا تنسجه حالة الهلاوس التى لا تفرق بين الواقع والخيال، لذا الحركة بين الواقع والخيال كانت أمرا سهلا.


شعرت أن أبطال النص فى داخلهم حكاية خرافية مختبئة فهل يصدق ذلك على كل إنسان؟
- نعم أنا ممن يؤمنون جدا بأهمية الخيال، فكما قال الشاعر الفرنسى باتريس دولاتور دوبان «شعب بلا أساطير يموت من البرد» علم البشر الأوائل ذلك لذا خلقوا أساطيرهم، كما أنى أذهب إلى أن كل التطور والتقدم الذى وصلت إليه البشرية كان أساسه فكرة خيالية، فلو لم يتخيل البشر البساط السحرى لما اخترعوا الطائرة، لو لم يتخيل الروائى الإنجليزى «هربرت جورج ويلز» آلة الزمن لما كانت نسبية «أينشتاين».


وما مشروعك الإبداعى الجديد؟
- أستطيع الآن القول بإنى انتهيت من مجموعتى القصصية الجديدة التى تتكون من عشر قصص مستغرقة فى المشاكل الواقعية، تربطهم جميعا روحا واحدة، تمزج بين أصالة الماضى وملمس الحاضر، تتألق فيها بطلاتى من النساء على اختلاف مشكلاتهن.

اقرأ ايضا

أغنيات ما بعد الشغف


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة