شيرين أبو عاقلة..طائر الفينيق الفلسطينى
شيرين أبو عاقلة..طائر الفينيق الفلسطينى


شيرين أبو عاقلة..طائر الفينيق الفلسطينى

أخبار الأدب

الأحد، 05 يونيو 2022 - 03:44 م

بقلم : محمد شاهين

إذا كان اغتيال شيرين أبو عاقلة يرقى من الناحية السياسية لحقوق الإنسان على الأقل إلى جريمة حرب، فإنه فى الوقت ذاته يرقى من الناحية الأخلاقية إلى مأساة عالمية إنسانية

أسطورة طائر الفينيق معروفة، مفادها أن الطائر يخرج من بين رماد الموت يحمل عنفوان الحياة ليستمر لاحقاً فى العيش إلى ما لا نهاية. هل داعبت هذه الأسطورة خيال الشرطة الإسرائيلية عندما حشدت خيلها وعتادها لتمنع خروجها من المستشفى الفرنساوى محمولة على الأكتاف. وتهاجم المشيعين وحملة النعش فى ذلك المشهد الذى أضحى قصة فريدة من قصص الخيال العلمى فى ميدان الرعب؟ هل ظن المهاجمون أن الضحية الشهيدة يمكن أن تخرج من رماد الموت الغارقة فيه وتنقل مشهدهم بالشاشة؟

أم أنهم لم يصدقوا كفاءة رصاصتهم المميتة وراحوا يصبون جل حقدهم نحو نعشها مثل ما كان دون كيهوتى يوجه رماحه إلى طواحين الهواء متخيلاً تلك الطواحين أعداءه ومنافسيه؟ هل بعد الموت أموت؟ هل توجد صيغة تتعدى الموت بأموت فى أى لغة؟.


وضع صديقى على مدخل بيته لوحة نحاسية نقش عليها «منزل الصحفى صلاح حزين». دلفت إلى بيته ذات مرة قائلاً: هل هجرت هوية تخصصنا (وكان صلاح قد تخرج من جامعة دمشق يحمل ليسانس فى الأدب الإنجليزى 1972). ورغم أننى لم أكن جاداً فى تساؤلى إلا أن صلاح كان جاداً فى إجابته. الصحافة فيها من الشمولية ما وافق رغبتى فى هذا الاختيار الذى عملت فيه ردحاً من الزمن.

ومنذ مدة وأنا أنظر إلى اللوحة على أنها رمز لمهنة اتخذتها شيرين أبو عاقلة على ما يبدو صديقه عمر لها. أتبع قوله بالتعبير عن إعجابه بأدائها الصحفى مؤكداً أنه لا بد لى أن أتعرف عليها شخصياً وأنه يرغب فى السعى إلى ذلك.


بعد مدة وجيزة أقام صلاح مأدبة عشاء على شرف صديقه العزيز محمود درويش وكنت من بين الضيوف الثلاثة المدعويين. لست أدرى كيف حَضَرت سيرة شيرين فى حديث ذلك المساء، علق محمود درويش بالقول إنها تقوم بأداء مهنتها بوقار الألم. أما الكاتب محمود الريماوى فقد وصف شيرين أنها بموهبتها الفذة قد وضعت فلسطين على خارجة الإعلام الغربى الذى يشن حرباً ضروساً على القضية. أما مشاركتى فكانت: تنطلق شيرين لتغطى الخبر أو الحدث وهى ترتدى سترة الصحافة كبقية الخلق من الصحفيين الذين يحملون السترة وهم يظنون بها خيراً، ويعلقون عليها آمال النجاة لو وقعت الواقعة. أما ما كانت شيرين تحمله فى قلبها دون الإفصاح عنه فهو شعر محمود درويش. ابتسم الشاعر معلقاً: أى شعر! أجبته «حاصر حصارك لا مفر» و«عابرون فى كلام عابر» بشكل خاص، ولو اتسع لديها الوقت فربما يا محمود تزودت بالمزيد.

ولو اتسع لدى الوقت، أو لو أذنت لى فإنى سأهديها نيابة عنك قصيدة «لاعب النرد» أو على الأقل مطلعها مشفوعة بإجابتها. تفضل بتْمون، قال محمود. وهذا هو المطلع: «من أنا/لأقول لكم/ ما أقول». أما الإجابة التى نتخيلها جميعاً فهي: أنا شيرين/أنا فلسطين. وأن كنت يا محمود تحرص على حقوق الملكية فيمكن أن تكون الإجابة أنا محمود/ أنا شيرين/ أنا فلسطين.


أشعر وأنا أسترجع هذه الذكريات أننى لن أضيف شيئاً لملايين الكلمات التى قيلت بشأن الراحلة من قبل العالم الذى نجحت فى إيصال صوتها إليه على مدى عقدين من الزمن وهى تحاصر حصارها بدون وَجَلْ، إلى أن حاصرتها رصاصة الغدر من حيث لا تدرى لا هى ولا عالمها، ولكن دون أن تغيّب صوتها الذى أضحى أيقونة بقاء تتحدى الفناء والنسيان.


أود أن أضيف شيئاً بسيطاً ربما يقربنا إلى أسطورة خروجها من رماد الموت حية كطائر الفينيق لتستمر حاضرة فى الوعى الجمعى الذى اختارته فضاء لها. نحت ريموند وليمز، المفكر المعروف فى جامعة كيمبردج وأشهر نقاد الأدب الأنجلو سكسوني، وصديق إدوارد سعيد ومعلمه- عبارة شكلت جدلية لدى طلابه ومناصريه وهى بلغتها الأصلية structure of feeling وأقرب ترجمة إليها بالعربية «بنية الشعور» مفادها أن العديد من أفراد المجتمع فى الأمة يعيشون مسكونين بالرغبة فى التحرر من الواقع البائس بكل ما فيه من ظلم وغياب العدالة لكنهم لسبب أو لآخر يعجزون عن التعبير عن تلك المشاعر فتظل حبيسة فى وعيهم إلى أن يتيسر لهم من يستطيع أن يلم شمل مشاعرهم (مفكراً كان أو قائداً أو أديباً أو مثقفاً) ليصوغ تلك المشاعر ويجعل منها كلمة حق تجهر بالحق الضائع وتصل مسامع العالم الذى تمادى فى صمته نحو إحقاق الحق. سألت أستاذى أيام كنت طالباً فى الجامعة (وربما لم أكن الوحيد الذى طرح عليه نفس السؤال) لماذا جاء اختياره لمفردة المشاعر وليس الإنكار على سبيل المثال. أجاب أن المشاعر أقوى من الأفكار وذلك لأنها تسكن وعى الجماهير، أما الأفكار فغالباً ما تكون ديدن الصفوة، وربما تجرنا إلى منزلق الآيديولوجيات العقيمة التى لا تعمر طويلاً كما تعمر المشاعر. مصطلح ريموند وليمز يجعلنى أتصور شيرين وهى تُحضر معها من تخصصها الأول فى الهندسة المعمارية فى جامعة العلوم والتكنولوجيا فى إربد- التصميم (design) الذى يقابله فى مصطلح وليمز البنية (structure) لتمزجه بالمشاعر التى يمكن أن يقدمها لها تخصصها اللاحق فى الإعلام بجامعة اليرموك من المشاعر (feeling). فالإعلام بشموليته يضم التعامل مع مشاعر  البشر أينما كانوا، هو صوت بنية تعبر الفضاء متحدية التصميم أحادى البعد الذى يعيش جيشاً فى الإنشاء الإسمنتي.


عندما استمعت إلى شيرين لأول مرة على الشاشة استذكرت عبارة الطيب صالح الروائى السودانى وهو يصف حسنة، شخصية فى روايته المشهورة موسم الهجرة إلى الشمال إذ يقول: «صوتها فيه رنة فرح» أما شيرين فصوتها فيه رنة حزن تفوق فى أثرها وتأثيرها كل رنة فرح. وفى لقاء جمعنى مع كوكبة من الصحفيين الغربيين والمحلين علقت صحفية من مكتب الـ mbc على صوت شيرين قائلة وهذه كلماتها بالإنجليزية:


She can sing opera أى أنها تستطيع أن تغنى فى الأوبرا بسبب نوعية صوتها (quality of her voice) ردت عليها صحفية مرموقة من أصل مقدسي: رصيد شيرين على مدى السنين يشكل فى مجموعة التراكمى ما لا يقل عن أوبرا، علقت الصحفية نفسها فى إحدى المناسبات أمامى أن شيرين عروس الطيرة (أسطورة الطيرة فى رام الله معروفة).

إذا كان اغتيال شيرين أبو عاقلة يرقى من الناحية السياسية لحقوق الإنسان على الأقل إلى جريمة حرب، فإنه فى الوقت ذاته يرقى من الناحية الأخلاقية إلى مأساة عالمية إنسانية. وكيف يمكن وصف ذلك. عندما تلقيت النبأ الفاجع كنت فى صدر مراجعة ما يلزم للقيام بامتحان رسالة دكتوراة عن شكسبير قدمها طالب فى جامعة شقيقة للجامعة التى تخرجت منها شيرين.

قرأت فى هذه الأثناء نصاً لناقد أمريكى يعلق على مسرحية عطيل وهذه كلماته: لقد كان للسم الذى سكبه إياغو (الشخصية الشريرة فى المسرحية) فى أذن عطيل تداعيات قوية أدت فى النهاية إلى اغتيال ديدمونة البريئة بدم بارد، قابله على التو ازدراء للحدث من قبل إيميليا وإصرارها على تقصى الحقيقة. المقاربة هنا واضحة بين شيرين وديدمونا وبين العالم الحر الذى يسعى إلى تقصى الحقيقة وبين إميليا، بين ساكب السم وبين من أصدر الأوامر لمن أطلق الرصاصة السامة. أما المقاربة القريبة من مأساة عطيل هذه فهى تشمل أيضاً مأساة مكبث، إذ أقدم مكبث على قتل دنكان البريء بدم بارد وهو نائم، وبدافع الطموح الشرير الذى قاده إلى الجريمة وهو أشبه بالسم المذكور والرصاصة التى استهدفت شيرين، علق ناقد مشهور بالقول أن مكبث اغتال النوم. وهكذا تصبح المقاربة فى بعديها شاملة مجازاً اغتيال البراءة (فشيرين لم تكن تحمل سلاحاً ولا حتى عصا. كانت تحمل مطلع قصيدة شاعر الشجرة عبد الرحيم محمود «روحها على راحتها فى مهاوى الردى..» واغتيلت فى الساعة التى كان يمكن أن تكون ما زالت نائمة فى بيتها لولا أنها اختزلت ساعات نومها لتغطى الحدث فى تلك الساعة المبكرة. 


وفى هذا السياق استذكر جملة وردت فى خطاب إسحاق رابين الذى استمعت إليه عندما حضر إلى الأردن لتوقيع معاهدة وادى عربة للسلام، إذ قال إنه الآن (أى إثر توقيع المعاهدة) سيعود إلى البيت وينام قرير العين بعد أن كان محروماً من النوم بسبب أزيز الرصاص الذى كان صداه يتردد فى أذنيه بُعيد إطلاقه على الغير (والإشارة هنا واضحة إلى ممارساته شخصياً ورفاقه ماضياً فى إطلاق الرصاص على الغير) وفى اعتقادى أن موقفه بشكل عام وإشارته هذه بشكل خاص، هى التى وفرت له رصاصة اغتالته، حسب تأويل القاتل، صحوته التى رأى فيها القاتل منظوراً يهدد وجود الدولة بأكملها. وليس من قبيل المبالغة القول أن الرصاصة التى استهدفت رابين هى مقاربة نفس الرصاصة التى أودت بحياة شيرين أو أنها خرجت من نفس جعبةالسلاح، على الأقل، ومن نفس المصدر تقريباً، بشكل أو بآخر.


ولمزيد من التوضيح أود أن أنوه أن المقاربة المذكورة أعلاه تتوقف عند الحدث كحدث ولا تتعداه إلى الناحية الفنية التى صنع شكسبير منها الحدث لاحقاً لحدوثه. أما فى حالة شكسبير فإن المأساة لا تتوقف عند الضحية بل يمتد تأثيرها إلى قاتل الضحية إثر صحوته لاحقاً من غفلة الحدث الإجرامى بضمير يظل يعذبه إلى أن يلقى حتفه تحت وطأة تعذيب ذلك الضمير له خصوصاً عندما يدرك أن اغتياله للضحية لا يتوقف فى تأثيره عند اغتيال جسد الإنسان بل يتعداه إلى اغتيال صفات الإنسانية كالبراءة والنوم، وكأنه «قتل الناس جميعاً» (صدق الله العظيم).


هنالك تساؤل افتراضى. ماذا لو قام كاتب مسرحى إسرائيلى بكتابة مسرحية حول اغتيال شيرين أبو عاقلة وجعل القاتل يثوب إلى رشده ويصحو من غفلة الحدث البشع؟ وكيف يمكن أن نتصور النهاية معلقة فى ذهن الكاتب: إما أن يجعل القاتل يعيش بعنوان تأنيب الضمير الذى يؤدى بحياته فى النهاية لتضاف مأساته إلى مأساة الضحية فيصبح القاتل هو القتيل وينتهى بمسرحية مأساوية. وفى هذه الحالة يخرج الكاتب على معطيات الواقع. وإما أن يبحث عن قتيل يطلق الرصاصة على القاتل أو بشكل أدق على صحوته، كما حصل فى حالة إسحاق رابين. وفى هذه الحالة يختار الكاتب ما يضمن سلامته شخصياً. بهذا تصبح جريمة القتل مركبة فى استهدافها البراءة والنوم والصحوة وما شابهها من الصفات الإنسانية.


فى جميع الأحوال يقف المجتمع الدولى وخصوصاً منظمات حقوق الإنسان على مفترق طرق واختبارات مفصلية. فإما أن يضيع دم شيرين أبو عاقلة بين القبائل، كما يقولون، مثل ما ضاع دم غيرها من قبل، وإما أن يفتح صفحة جديدة بعنوان الجريمة والعقاب عنوان رواية دستويفسكى، أو بعنوان حرب وسلام عنوان رواية تولستوي.


ومهما يكن الأمر، فقد أضحت شيرين أبو عاقلة أسطورة تلهم مختلف الأفلام من شاعر وروائى وكاتب مسرحية ومخرج سينمائي، وستخرج علينا كطائر فينيق جديد يرفرف بجناحية متحدياً استهداف الرصاص القاتل ومعانقاً الحياة فى عنفوانها سبيلاً للأجيال القادمة.


لم تكن شيرين مجرد صحفية حضرت من خلف المحيطات والبحور لتنقل الخبر، بل إنها كانت صحفية مواطنة تعيش فى قلب الحدث بل وتعيش الحدث نفسه. فتحت شيرين عينيها على الحياة لترى كيف يقضم الاحتلال الأرض من حولها وعلى مرآها يومياً وكيف تبدلت معالم الضواحى والقرى من حولها على يد الاحتلال. لقد ذهلت أنا شخصياً فى آخر زيارة لى للمنطقة عندما قمت بزيارتها على رأس وفد مؤسسة البابطين بدعوة من القدس عاصمة ثقافية وشاهدت بأم عينى كيف تبدلت تلك الضواحى والقرى المحيطة بمنزل شيرين. عدت بذاكرتى قبل حرب حزيران 1967، عندما كنت طالباً فى دار المعلمين الريفية، بيت حنينا، مسقط رأس عبد الحميد شومان، مؤسس البنك العربي. كان علينا طلبة السنة الثانية فى المعهد أن نقوم بزيارات ميدانية لتلك المناطق لدراسة أوضاع الحياة الريفية تمهيداً لإعدادنا معلمين ريفيين مستقبلاً فى ريف المملكة الأردنية الهاشمية أيام كانت الضفة الغربية جزءاً من المملكة. 


ما زالت صورة المزارع التى كانت تحيط بتلك المناطق والتى كانت مصدر رزقهم من الخضار والحبوب والفواكه ماثلة فى ذاكرتي، وما زال الذهول يعترينى عندما شاهدت فى زيارتى كيف تبدل فضاء الطبيعة الجميل بالخراسانات الإسمنتية القبيحة، وكيف تقطعت أوصالها بإنشاء الحواجز على مداخلها ومخارجها. كدت لا أعرفها عندما شاهدت حدودها قد اختفت من الوجود. متعة طلبة المعهد آنذاك، كانت رحلة نسير فيها على الأقدام تبدأ من مركز الجيش الأردنى المحاذى لدارالمعلمين، مروراً ببيت حنينا الجديدة ثم شعفاط المطلة على عناتا مسقط رأس وجد وصفي، ثم التلة الفرنسية، الشيخ جراح إلى المسجد الأقصى. من تلك المناطق تطل غرباً على ضواحى القدس التى احتلتها إسرائيل عام 1948، وهى القسطل (التى خاض فيها عبد القادر الحسينى المعركة البطولية) لفتا وعين كارم. لابد وأن شيرين أبو عاقلة كانت تطل عليها صباح مساء من بيتها، بل وكانت تحملها فى وعيها صوتاً وصورة. دخلت شيرين أبو عاقلة كل بيت فلسطينى ليس فقط بحيثيات الخبر الذى كانت تنقله من داخل البيت وخارجه، بل أيضاً بنبرة صوتها الأسطورى الذى حاكته تلك الحيثيات والذى تجعلنا نستذكر أغنية طائرة البجع الحزينة التى ودع بها العالم، دخلت بوقار الألم.


صرح إدوارد سعيد إثر إصابته بالمرض العضال «أنهم (الإشارة هنا إلى المغرضين) يريدون صمتي، لكنى لن أصمت»، بمعنى أن البعض أراد أو ظن أو تمنى أن المرض سيضع حداً لاستمراره فى التعبير عن غياب العدالة فى حق الشعب الفلسطينى الذى كرّس  حياته لقضيته. بالمثل فعلت شيرين عندما قالت إنها ستسمع صوتها إلى العالم حتى لو كانت غير قادرة على تغيير الواقع. وحتى بعد أن غيبتها الرصاصة الغادرة.


تشرفت بالإطلاع على مقالة بعث لى بها إدوارد سعيد على شكل ملزمة عنوانها من «الصمت إلى الصوت» يقول فيها إن الصمت يعنى الموت. شيرين إذن حية بصوتها الذى يتردد فى وجدان شعبها وفى محطة جزيرتها التى منحتها ما تستحق من موقع انطلقت منه بصوتها الحر الذى ما زال صداه يتردد فى آذان العالم الصامت.

اقرأ ايضا | بريطانيا.. فريق قانوني دولي يحيل ملف اغتيال شيرين أبو عاقلة للجنائية الدولية

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة