محمود الوردانى يكتب : سطوة الجوائز
محمود الوردانى يكتب : سطوة الجوائز


محمود الورداني يكتب: سطوة الجوائز

أخبار الأدب

الأحد، 05 يونيو 2022 - 03:54 م

ليست البوكر وحدها هى ما تشهد كل هذا الضجيج ورفض النتائج وكيل الاتهامات للجان التحكيم. أظن أن أغلب الجوائز- إن لم تكن كلها- سواء كانت محلية أو عربية تشهد فى كل دورة الضجيج نفسه.

أريد هنا أن أكتب كلاما محددا حول الجوائز، وأبادر إلى القول أننى لا أرفض المشاركة فيها، وسبق لى أن تقدمت- قبل سنوات – لنيل بعضها، ولم أحظ إلا بأقل القليل منها، ومع ذلك فأنا أعرف جيدا أنها تلبى حقا مهما من حقوق الكاتب، الذى يعد الحلقة الأضعف فى عملية النشر ولا يحصل إلا على الكفاف، وحصوله على مبلغ من المال – حتى لو شاركته وزاحمته فيه دار النشر- أمر لا غبار عليه بل وجيد.


الجوائز تحقق رواجا لاشك فيه للكتابة الإبداعية خصوصا، وتجذب قراءً جدد، وتلفت النظر لأجيال جديدة من الكتاب. فأنا أدين للبوكر بتعرفى على كتاب محترمين مثل السنعوسى وعلوان ومحمد عزيز على سبيل المثال.

وكنت أتمنى فوز كتاب آخرين بها رأيت أنهم يستحقونها، وهناك من وصل إلى القائمة القصيرة لثلاث أو أربع مرات متتالية دون أن يفوز بها. بالطبع يصدق هذا الكلام على جوائز أخرى عربية ومحلية.


ومع أخذ كل هذا فى الاعتبار، فيبدو لى أن الجوائز فى طريقها لأن تصبح عقبة كبرى فى طريق الكتابة، فقد أصبحت « سُلطة» فى حد ذاتها.سُلطة ذات سطوة وطغيان. قيمة وحدها تضع الكاتب فى القمة.

وعندما تفوته سيشعر بالخسارة. ناهيك عن الإحساس التنافسى البغيض فى مجال ليس من المفروض أن يشهد التنافس، بل يشهد تيارات واتجاهات وتجارب شتى، ليس من الوارد مطلقا أن يفوز أحدها ويعلو على الآخر.


وأضيف على الفور أننا لانشهد حركة نقدية ومتابعة جيدة ونقاش دائر، ولانشهد صحافة ثقافية قادرة على أن تلعب دورها، لانشهد حركة ثقافية وندوات وحركة نشر ومتابعة، وأصبحت هناك أعمال إبداعية تطبع مئات قليلة من النسخ ولاتنجح فى توزيعها.


فى ظل هذا المناخ القابض، والذى يظلله التضييق ثم المزيد من التضييق للمجال العام، من الطبيعى أن تأخذ أو تحتل بالأحرى الجوائز المختلفة تلك المكانة أو «الرتبة». تصبح سُلطة تجلس بموجب حصولك عليها على مقعد عال.

وبات أغلب الكتاب يحرصون على أن يثبتوا على أغلفة كتبهم قائمة بالجوائز التى حصلوا عليها، بعد أن فقد التقليد القديم فاعليته، والذى كان يقضى بإثبات اللغات الأجنبية التى تُرجم إليها الكاتب، وهو تقليد استمر سنوات طويلة فى أعقاب حصول نجيب محفوظ على نوبل.


أتخيل أن هناك حركة نقدية وصحافة ثقافية ومجالا عام أكثر انفتاحا وحركة نشر. فى أحوال كهذه، صعبة المنال وإن كانت غير مستحيلة، يصبح للجوائز معنى مختلف، وتفقد طابعها المتلمظ المفروض عليها.


 وإذا أضفتُ أن الذائقة الأدبية للجنة التحكيم هى من يحدد الفائز والخاسر، وأنه لامعايير فى حقيقة الأمر، كما أن الذائقة فى نهاية الأمر مسألة شخصية تماما، ولايعنى هذا التشكيك فى المُحكّمين مطلقا. ومرة أخرى فى ظل جذب ثقافى مسيطر ويفرض نفسه ويمدّ ظله، فمن الظلم أن تنفرد الذائقة وحدها بتحديد الفائز والخاسر.


الجوائز سباق تتقطّع فيه أنفاس المتسابقين أو المتصارعين. منافسة بكل شرورها، ومع ذلك على الجميع الانصياع لقوانينها وشروطها..وفى النهاية ليست الجوائز كلها شرا، فقط لو أخذت مكانها الذى تستحقه، وتتوقف عن أن تكون سُلطة ضارية على هذا النحو.

اقرأ أيضا | صاحبة جائزة «البوكر»: الكتابة مغامرة محفوفة بالقلق والمخاطر.. لهذه الأسباب

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة