هالة البدرى
هالة البدرى


صاحبة «طي الألم» تعترف: لم أكن أنتوي نشر روايتي!

أخبار الأدب

الأحد، 05 يونيو 2022 - 06:28 م

ربما يندهش القراء حين يعلمون أن «طى الألم».. أحدث روايات الأديبة المتميزة والناقدة البارزة د. هالة البدرى ظلت حبيسة الأدراج عشرين عاما كاملة، قبل أن ترى النور، وقد تزداد الدهشة إذا علمنا أن المبدعة لم تكن تريد نشر روايتها هذه، بل إن النشر لم يكن قرارها فى الأساس، إنما إصرار من أصدقاء، وعلى الرغم من هذه الخلفيات إلا أن «هالة» تعتز بنصها، وعبر هذا الحوار تكشف أديبتنا البارزة بعض خبايا عالمها الإبداعى الخصب:

>على أوتار نغمة واحدة ألا وهى الفقد عزفت روايتك الأحدث طى الألم، وفى فلك حدث طاغ دار النص بأكمله، ألم تخش فى ضوء هذا من تسرب الملل إلى نفس قارئك فى وقت تجذب فيه الروايات والنصوص المثيرة ذات الأحداث المتنوعة الشيقة حشود القراء؟
- حين فكرت فى الكتابة لم أخش أبدًا ملل القارئ، لأن الأديب المحترف يعرف كيف يجعل قراءه مشدودين طوال الوقت إلى النص، بغض النظر عن موضوع الرواية، أو مكانها، أو زمانها ويستطيع المبدع أن يدير نصه ليس عن حدث واحد.

وإنما فى مكان واحد، أو أربع وعشرين ساعة فقط، ويلهث القارئ وراءه، وتبقى المعالجة الفنية فى يد الأديب دائمًا، ما شغلنى هو معركتنا مع الحياة نفسها، مع رغبتنا فى اقتناص كل ثانية منها، ثم مباغتة الموت للإنسان الآمن المتناسى حتميته، وهى قضية الإنسان منذ بدء الخليقة، من هنا نشأت الفلسفة والأديان أيضًا.. من السؤال عما بعد، لكن روايتى أجابت عن سؤال الدنيا، وليس عن سؤال الآخرة، عن أزمة الفقد ومواجهة الحزن وتناقضه مع الفرح بالحياة، وهو أيضًا حتمي، ولهذا لم يشعر القارئ بالحزن قدر ما شعر بأهمية الحياة.

وجمال المشاعر التى تتمسك ببقاء الأحبة فى حياتنا، وسأذكر لك طقسا استمر فى حياتنا طويلا نحن نحتفل برحيل أبى بتذكر خفة دمه وأعماله ومشاعره الجميلة، وتجتمع العائلة كلها ويحكى الجميع أخبارهم حول مائدة طعام، وصخب باللقاء ذاته، وأظن أن الرواية مكتوبة ببساطة بالغة.

ولقد أبقيتها فى درج مكتبى عشرين عامًا ظنًا منى أن الموضوع لا يهم أحدًا، ثم سألنى صديقى الناقد المتميز د. طارق النعمان عن سيرة ذاتية، فأخبرته عنها، وحين قرأها صمم على نشرها، فأرسلتها إلى صديق آخر فشجع على النشر، ويبدو أننى كنت قد استسلمت أخيرًا، وآن الأوان.


> النصوص ذات المستويات المتعددة على صعيد التلقى وتجاربك فيها مشهودة، وروايتاك: «نساء فى بيتي» و«مدن السور» مثالان لهذا النوع من النصوص ألا ترين أنها ترهق القارئ، وتتطلب منه جهدا ذهنيا مضنيا؟
- بالنسبة إلى الروايات المركبة التى تشغل ذهن القارئ وتحتاج إلى جهد منه، أعتقد أن دائرة الإبداع كما قال د. شكرى عياد لا تكتمل إلا بالقارئ والناقد، والقارئ يكمل الدائرة بمرجعياته الثقافية، وتجاربه الحياتية، ويحلو لى أحيانا أو كثيرًا أن ألعب مع القارئ، فالأدب لعبة كما أتصور والكتابة التى لا تقدم عملا ذا مستويات متعددة هو عمل سطحي.

ولا قيمة له، النص الأدبى الرفيع طبقات متعددة، يكشف كل قارئ على حدة بعضها وكلما زادت احترافية القراءة تمكن القارئ من إزاحة سواتر النص، والوصول إلى أعماقه، لهذا يحتاج القارئ إلى الناقد ليبصره بمفاتيح العمل، لهذا نرى النصوص العظيمة القديمة ما زالت تكشف عن جوهرها بعد كل هذه السنوات، ويقدم إلينا النقد قراءة جديدة لها من منظور آخر، لا تقلق القارئ الذى يحب الاستمتاع، وهو فى حالة كسل أمام البحر سيجد ما يمتعه حين ينتبه إلى اللعبة القائمة بينى وبينه.


> تجربتك تتردد بين عالمين: الرواية والقصة القصيرة، وتتأرجح بين الفنين ألا تشعرين بأن هذا ازدواج يربك ذاتك المبدعة، ويشقيها بحالة من الفصام النفسي؟
- على الإطلاق الكتابة تختار شكلها، القصة القصيرة ومضة حارة تكتب مثل طلقة سريعة تعرف هدفها على عكس العمل الروائي، فهو مشروع طويل ممتد لسنوات فى التخطيط والكتابة، وإن كانت فكرة القصة أحيانًا تكون تمهيدا.

ومناوشة للعقل لزرع عمل روائى ضخم، وقد حدث هذا مع جبريل ماركيز حين حول إحدى قصصه إلى رواية، وحول مشهدا فى إحدى رواياته إلى رواية أيضًا، تستهوينى كتابة القصة القصيرة، ومؤخرا نشرت مجموعتى «مدارات البراءة».

وشكلت القصص فى بنية خاصة تكون فى مجموعها ترابطًا عابرًا للنوع حتى إن بعض القراء اعتبرها رواية، وبها بعض القصص القصيرة جدا التى لا تتعدى عدة أسطر ونسبها البعض إلى قصيدة النثر.

ولا يشغلنى إلا أن تكتمل فنية العمل بغض النظر عن أية مقاييس سابقة على الكتابة، ولا علاقة للفصام النفسى بالكتابة، لأن الكتابة فى حد ذاتها شفاء من كل الأمراض النفسية، وخلاص من كل الضغوط، وهى واحة ظل أتمنى أن تستمر معى مدى الحياة.


> هل لاقت أحدث رواياتك «طى الألم» ما طمحت إليه من حفاوة المتلقين والقراء، وهل الصدى النقدى حتى الآن جاء مرضيا لك؟
- حتى الآن نعم هى مازالت حديثة العهد فى السوق ولم تناقش فى ندوة واحدة، ومع هذا كتبت عنها صحف «الأخبار» ثم الأهرام واليوم السابع مقالات نقدية مهمة بأقلام: الناقد د. سعيد توفيق والأديب يوسف القعيد، والأديب د. أحمد إبراهيم الشريف.

وستقام لها ندوة فى مركز الكتاب الأسبوع المقبل، وقد ارتحت لقراءات الجمهور، ومناقشات الأصدقاء، فهى رواية ناعمة، وقد طمأننى وصول المشاعر الإنسانية إلى القارئ، وأتمنى أن تحظى بالاهتمام اللائق بها خاصة، أنها صدرت بعد شهور قليلة من نشر مجموعتى القصصية: «مدارات البراء» ثم ظهرت بعدها بشهرين روايتى «وادى الكون».وكنت أخشى من هذا الازدحام الذى سببه توقف النشر فى فترة كورونا، حيث لم أنشر منذ ثلاث سنوات بعد «نساء فى بيتي» عام 2019.

>وما المشروع الإبداعى الذى يداعب مخيلة «هالة» الآن؟
- أعمل على مشروع طويل منذ فترة، وكما تعرف هناك دائمًا مسافة بين الكتابة والنشر، ولا أعرف متى ينتهي، ولا يزعجنى الوقت الذى يحتاج إليه العمل حتى ينضج، المسألة فى الكيف وليس الكم، لهذا من الصعب الحديث عنه، وأنا مستمتعة.

وهذا هو الأهم، ويبدو أنى أدمنت الأعمال الصعبة التى تحتاج إلى بحث طويل ووجهة نظر، وأظن أن الأديب يستغرقه الأمر حتى يخرج العمل إلى النور كما يتخيل.

اقرأ ايضا | الكاتبة والمخرجة العالمية كريستين أوتن تكتب: «الشعراء الأخيرون»

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة