أبوالحسن الجمال يكتب : رسائل المقريزى  فى طبعة جديدة
أبوالحسن الجمال يكتب : رسائل المقريزى فى طبعة جديدة


أبوالحسن الجمال يكتب : رسائل المقريزى فى طبعة جديدة

أخبار الأدب

السبت، 02 يوليه 2022 - 02:22 م

يعد الدكتور أيمن فؤاد سيد من كبار المؤرخين وأئمتهم فى عصرنا الحالى فقد أسدى خدمات جليلة للتراث العربى ولتاريخ مصر الإسلامية وكان له اليد الطولى فى هذا المجال، وكم خاطبته قائلاً: «بدأت مدرسة التاريخ فى مصر الإسلامية بعبد الرحمن بن عبدالحكم وانتهت بالدكتور أيمن فؤاد سيد»، بعدما كنا نردد فى الماضى أنها انتهت بالمؤرخ عبد الرحمن الجبرتى، وقد بدأ بتحقيق أمهات مصادر تاريخ مصر الإسلامية.

وارتبط ارتباطا وثيقاً بعميد مؤرخى مصر الإسلامية تقى الدين أحمد بن على المقريزى (ت845هـ)، فحقق له أهم أعماله بعد طبعات عديدة أصابها التحريف والتصحيف والأغلاط التاريخية، والسقط، والاعتماد على مخطوطات ناقصة، فرد الاعتبار لهذا العالم الجليل، كما حقق بعض الكتب الأخرى. 


 بدأت رحلته مع شيخ مؤرخى مصر الإسلامية بإعادة تحقيق كتابه «المواعظ والاعتبار فى ذكر الخطط والآثار» لأحمد بن على المقريزى، فى ستة مجلدات مع كشافات تحليلية وخرائط، وأصدرته مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامى - لندن 2003م، وقد خصص المجلد الأول منها بدراسة وافية عنه.

وكان قد حقق مسودة الكتاب الذى وجده صدفة فى مكتبة الأسكوريال، وصدر عن مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامى أيضاً عام 1995، كما أعاد تحقيق كتاب «اتعاظ الحنفا» فى ضوء مخطوطات جديدة وبعيداً عن التحريف والتصحيف والأخطاء التى جاءت فى الطبعة الأولى، التى صدرت عن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية وخصوصاً المجلدين الثانى والثالث..


ثم عمد إلى تحقيق «رسائل المقريزى»، وقد صدر الجزء الأول عن معهد المخطوطات العربية بالقاهرة، ويشمل رسالتى «إغاثة الأمة بكشف الغمة»، و«شذور العقود فى ذكر النقود»، اعتمادا على مجموع يقع فى 214 ورقة تحتفظ به مكتبة جامعة ليدن بهولندا.

ويشتمل المجموع على تسع عشرة رسالة من مؤلفات المقريزى الصغيرة، التى بدأ بتأليفها مع نهاية العقد الثانى من القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادى، وألف بعضها الآخر أثناء مجاورته بمكة بين سنتى 834 و839هـ/ 1431-1435م ثم صححها وحررها بعد عودته إلى القاهرة بين سنتى 841 و842هـ/ 1437 و1438م، وهى بخط المقريزي. 


ورسالة «إغاثة الأمة» التى ألفها مع مطلع سنة 808هـ /1406م فى أعقاب الغلاء والمحن التى مرت بها مصر اعتباراً من سنة 796هـ 1394م، وبلغت ذروتها فى سنة 806هـ /1404م والتى فقد المقريزى بسببها إحدى بناته، وعدّ المقريزى المحن التى حلت بمصر فى هذه السنة نقطة فاصلة بين مرحلتين نتج عنهما تحول فى وضع مصر الاقتصادى نتيجة لارتفاع الأسعار وكثرة الغلاء وكثرة الحروب والفتن بين أهل الدولة، فعزم على ذكر الأسباب التى نشأ منها هذا الأمر الفظيع،

وكيف تمادى بالبلاد والعباد هذا المصاب الشنيع، ويقول المقريزى فى مقدمتها: «فعزمت على ذكر الأسباب التى نشأ منها هذا الأمر الفظيع، وكيف تمادى بالبلاد والعباد هذا المصاب الشنيع، وأختم القول بذكر ما يزيل هذا الداء ويرفع البلاء، مع الإلمام بطرف من أسعار هذا الزمن وإيراد نبذ مما غبر من الغلاء والمحن».

وأرجع المقريزى سبب ذلك إلى «سوء تدبير الزعماء والحكام وغفلتهم عن النظر فى مصالح العباد لا غلاء الأسعار». 


ويذكر الدكتور أيمن أن رسالة «إغاثة الأمة» قد عرفت منذ بداية القرن التاسع عشر كمصدر لرواية أخبار المجاعات فى مصر، حيث وصفها إيتان كاترمير فى مقدمة ترجمته لكتاب «السلوك لمعرفة دول الملوك» باعتبارها رسالة تتناول تاريخ المجاعات فى مصر، ثم يردف قائلاً: «وحقيقة الأمر أن الرسالة بعد دراستها تعد أحد المصادر المفتاحية لدراسة تاريخ مصر الاقتصادى وتاريخ الظاهرة الاقتصادية وتتضمن فى الوقت نفسه نقداً للسياسة الاقتصادية للنظام المملوكي». 


والرسالة الثانية التى يضمها هذا الجزء من رسائل المقريزى هى «شذور العقود فى ذكر النقود»، التى قام المقريزى من خلالها بالتوسع فى ذكر أسباب الفساد الناتجة عن سوء التدبير والتى أشار إليها فى رسالته الأولى «إغاثة الأمة».

ويذكر الدكتور أيمن أن المقريزى قد ألف هذه الرسالة فى أعقاب الإصلاحات النقدية التى قام بها السلطان المؤيد شيخ المحمودى سنة 818هـ/1416م، وطرح فيها «الدراهم المؤيدية»، يقول المقريزي: «وإنه ليكثر تعجبى من كون هذه «الدراهم المؤيدية».

ولها من الشرف والفضل ما ذكر ولمولانا السلطان من عظم القدر وفخامة الأمر ما هو معروف – ومع ذلك تكون مضافة ومنسوبة إلى الفلوس، التى لم يجعلها الله قط نقداً – فى قديم الدهر وحديثه – إلى أن راجت فى أيام أقبح الملوك سيرة وأردئهم سريرة الناصر فرج بن برقوق.

وقد علم من رزق فهماً وعلماً أنه حدث فى رواجها خراب الإقليم وذهاب نعمة أهل مصر، أن هذا فى الحقيقة لعكس للحقائق، فإن الفضة هى نقد لم تزل فى العالم، والفلوس إنما هى أشبه شىء بلا شيء، فيصير المضاف مضافاً إليه». 


وأكد فيها المقريزى مرة أخرى أن النقود التى تكون أثماناً للمبيعات وقيماً للأعمال، إنما هى الذهب والفضة فقط، إلا أنه لما كانت فى المبيعات محقرات تقل عن أن تباع بدرهم وبجزء منه، احتاج الناس من أجل هذا أن يكون شىء بإزاء تلك المحقرات، ولم يسم أبداً ذلك الشىء الذى جعل للمحقرات نقداً البتة.

اقرأ ايضا | محمد سليم شوشة يكتب: دلشاد: سرد ملحمي حافل بجماليات المفارقات والتحولات

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة