بلا غد |القصة التى اعتمد عليها ميلان كونديرا فى كتابة «البطء»
بلا غد |القصة التى اعتمد عليها ميلان كونديرا فى كتابة «البطء»


بلا غد |القصة التى اعتمد عليها ميلان كونديرا فى كتابة «البطء»

أخبار الأدب

الأحد، 24 يوليه 2022 - 02:17 م

إن قصة «بلا غد» وُضِعَتْ أيضا كقصة أساسية فى رواية «فيسيولوجيا الزواج» لبلزاك. وأُدرِج نص دينون ككل وبشكل قريب جدا إلى الأصل، إلا أن بلزاك أجرى تغييرات قد تساعدنا فكرتها على إدراك روح الابتكار فى النص الأصلى.

يحدث أحيانا وتكون هناك مراحل تاريخية يمتلك فيها المجتمع ثقافة مرهفة تكون فيها اللباقة بالذات هى الكود الرئيسى للتصرف والسلوك إن لم يكن للمجتمع بأسره فعلى أقل تقدير لطبقته المسيطرة.

وهكذا كان الأمر، على وجه الخصوص، فى الثقافة العلمانية للأرستقراطية الفرنسية خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر. والتذكير بهذا له أهميته من أجل الفهم الصحيح لاختيار النص الذى تم عرضه بشكل معقد فى رواية ميلان كونديرا- قصة فيفان دينون «بلا غد».

وهذه قصة صغيرة تتحدث عن مغامرة غرامية مطروحة هنا باعتبارها نموذجا لـ «البطء» والسلوك غير المتعجل الذى أطاح به التمدن المعاصر. وقد سعى ميلان كونديرا ليس نحو الطبيعة، وإنما نحو الثقافة الرفيعة.

وهذا الخيار الأيديولوجى قاده بشكل منطقى نحو ذلك المثل الأعلى للعلاقات بين الناس والمُؤَسس على الكود الثقافى البحت للباقة والاحتشام. إن مؤلف قصة «بلا غد» الموضوعة فى رواية «البطء»، هو البارون دومينيك- فيفان دينون (1747- 1825) اجتاز طريقا مزدوجا غير معتاد تماما لترقى الفنان وصعوده (أحد خيرة الرسامين والجرافيكيين فى زمنه)، وكذلك أيضا الممثل السياسى. ومنذ شبابه فى سنة 1774 عين سكرتيرا فى السفارة الفرنسية بسان بطرسبورج، حيث زاول- حسب التعبير الحديث- أعمال التجسس.

ولاحقا رحل مكلفا بمهمة سياسية إلى سويسرا، ثم شغل بعد ذلك منصبا دبلوماسيا فى إيطاليا. وعقب الثورة، استطاع فيفان دينون أن يجد لنفسه مكانا لائقا فى كنف السلطة الجديدة بتعارفه مع الجنرال الشاب بونابرت، ومشاركته ضمن فريق من العلماء والرسامين فى حملته على مصر. 


أما فى سنة 1802، عقب تولى نابليون بونابرت السلطة، فقد حصل على منصب المدير العام لمتحف فرنسا. وفعليا كان هو بالذات مؤسس متحف اللوفر وأشرف عليه حتى استقالته فى عام 1815 وقد جمع بحق وبدون حق نتاجات الفن من كل أوروبا المحتلة من قبل فرنسا.

وعلى سبيل ذكراه تم إطلاق تسمية «جناح دينون» على أحد الأجنحة فى متحف اللوفر الحالى. وكان فيفان دينون، ككاتب، مشهورا فى حياته، وبشكل رئيسى عن طريق كتابه عن الحملة الفرنسية على مصر (عام 1802)، حيث رُسِمَت وقائع الحملة العسكرية وما وقعت عليه أنظار الفرنسيين من بقايا وآثار الحضارة المصرية القديمة.

غير أن اسمه فى عصرنا مرتبط بالأدب وقبل كل شىء عن طريق عمل فنى صغير وهام بعنوان «بلا غد» نُشِر بتوقيع مستعار عام 1777 فى مجلة «الخليط الأدبى» أو «المجلة النسائية». وظلوا لفترة طويلة يعتبرون أن ناشر هذه المجلة هو الأديب المعروف كلود- جوزيف دورا.

وبالمناسبة، حول هذه التفصيلة يشير بلزاك الذى طرح فى كتابه «فيسيولوجيا الزواج» الصادر عام 1829 بالتفصيل، وأحيانا كلمة بكلمة، إلى نص هذه القصة التى نسبها إلى «رسَّام وعالم محترم مقرب إلى الإمبراطور»- أى أنه على أى حال فيفان دينون.

وقد تم الاعتراف بتأليف دينون هذه القصة بعد وفاته. وفى وقتنا الحاضر تطبع قصة «بلا غد» باسمه وتوقيعه دائما فى طبعات مستقلة، وكذلك ضمن مختارات من النثر الفرنسى للقرن الثامن عشر.

 


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة