الأستاذ أحمد حسين الطماوي
الأستاذ أحمد حسين الطماوي


أبو الحسن الجمال يكتب: أحمد حسين الطماوي.. الأديب والمؤرخ والمفكر

أخبار الأدب

السبت، 29 أكتوبر 2022 - 03:30 م

الطماوي ميال لكتابة التراجم، نزاع إلى تصوير الشخوص، وبخاصة أولئك الذين عاصرهم وخالطهم

عرفت الأستاذ أحمد حسين الطماوي من خلال كتبه ومقالاته التى كانت ملء السمع والبصر فى حياته وبعد مماته، وأعجبت برصانة أفكاره وتركيزها وموسوعيتها، وليس هذا بمستغرب منه؛ فهو من أبناء العقاد الذين تربوا على كتبه، كما ارتبط به وجدانياً وكان يحضر صالونه الذى كان يعقده فى منزله صباح يوم الجمعة من كل أسبوع، يلتقى فى هذا الصالون شيوخ الأدب والفكر والشبان لا فرق بينهم.. الكل يطرح أفكاره دون تحفظ أو تهيب.

أخذ الطماوى عن العقاد عصاميته، فبعد أن حصل على الشهادة الثانوية اتجه للعمل لينفق على أسرته، ولما تحسنت أوضاعه أراد أن يكمل مشواره فى التعليم، فالتحق بكلية الآداب بجامعة القاهرة وحصل على الليسانس، وقد عركته التجارب فاستفاد منها، كل هذا وذاك ساهم فى صقل تجربته. 


نتذكره اليوم ونقدمه إلى الأجيال الشابة الذين يستعجلون الحصاد، وقد استعنا فى كتابة هذا المقال إلى سيرته الذاتية التى أرسلتها لى ابنته لبنى الطماوى، وكذا رجعنا إلى كتبه وبعض مقالاته، إضافة إلى مقالات عديدة تناولت حياته وفكره واستعرضت بعض كتبه،كما رجعت إلى الحوار المطول الذى أجراه معه الكاتب السعودى سعد العتيبى جمعه فى كتابه أحاديث أدبية عام 2008، والدراسة المفصلة لصديقه ورفيق دربه الأستاذ الدكتور نبيل حنفى محمود. 


حياته وتعلمه
ولد أحمد حسين أحمد حسن عبدالكريم الشهير بأحمد الطماوى نسبة إلى مدينة طما التابعة لمحافظة سوهاج بجنوب مصر، فى الرابع من ذى القعدة عام 1362هـ الموافق الثانى من شهر نوفمبر سنة 1943 بمدينة طما، لأب وحيد لوالديه فلم يكن له إخوة إلا أخت وحيدة، لذا اعتنى به والداه كثيراً.

 

وكان أبوه تاجراً ويريد من ابنه أن يكون تاجراً مثله ويرثه فى تجارته، إلا أن أمه أصرّت أن يتعلم ويحصل على شهادة يتوظف بها، فالتحق بالمدرسة الأولية عام 1948، ثم المدرسة الابتدائية عام 1950، وقد تحولت هذه المدرسة إلى مدرسة طما الإعدادية عام 1953، ويذكر أن مدة الدراسة الإعدادية فى ذلك الوقت كانت أربع سنوات، ثم التحق بالمدرسة الثانوية بطما ونال شهادتها عام 1961، ونظراً للخلافات والمشكلات الاجتماعية وقضايا الثأر قرّر والده عدم مخالطة ابنه بأقرانه من أهل القرية، وفى هذا يقول فى حواره مع سعد العتيبى:
«ولما كنت وحيد الأبوين، وبلادنا يكثر فيها العراك والأخذ بالثأر، فقد عزلتنى أمى عن الشارع، فلا آراه إلا فى ذهابى وإيابى من المدرسة فى الغالب.

وقد كان الوقت طويلاً رتيباً مملاً فى المنزل، فكنت أقرأ الكتب المقررة عدة مرات، ثم هدتنى فطرتى إلى استعارة الكتب من مكتبات المدارس إلى جانب ما اتمكن من شرائه من باعة الكتب الجديدة والمستعملة، واستغرقت فى القراءة لأملأ الفراغ، وكان مما قرأته معظم أعمال المنفلوطي، والرافعي، وبعض شعراء المهجر إلى جانب قليل من كتب العقاد وبعض قصص الأطفال،كما قرأت جزءين من ألف ليلة وليلة وروايات عالمية مترجمة، وكنت أعشق علم الجغرافيا فقرأت كتباً كثيرة».


 وقد استهواه الشعر فى هذا التوقيت، فكتب الشعر الفصيح والعامى وخصوصاً الزجل، وكان ينشر هذه المحاولات فى مجلة كانت تصدرها مدرسة طما الثانوية، كانت فى حجم كراسة طويلة، وقد نشرت له قصيدة عن «الربيع» عام 1961، كما كتب القصة القصيرة وكتب فى هذه المجلة أيضاً قصة بعنوان «أخذت بثأرى» وهى قصة وطنية. 


أنهى أحمد حسين الطماوى دراسته الثانوية وحصل على الشهادة التوجيهية عام 1961، ثم سافر إلى القاهرة بحثاً عن العمل، وبالفعل حصل على عمل بالتوجيه الإدارى بشركة المعادى للصناعات الهندسية (مصنع 54 الحربى)، وظل به حتى وصل إلى درجة مدير عام التوجيه الإدارى، حتى إحالته إلى المعاش عام 2003. 


ما اهتمامه بالأدب بدأ معه منذ الصغر فقد عمل على تغذيته فى القاهرة خاصة عندما وجد ضالته أواخر عام 1962 فى صالون عباس محمود العقاد، وظل منتظما فى حضور الصالون حتى وفاة العقاد فى 12 مارس 1964. كان لذلك الصالون عظيم الأثر على نفس الشاب؛ إذ تنوعت ثقافاته وقراءاته، كما تعرف على العديد من الكتاب والأكاديميين.


وفى تلك الفترة قرر استكمال دراسته بالجامعة، وبالفعل التحق بكلية الآداب جامعة القاهرة عام 1964، واختار قسم اللغة العربية، وكان أساتذته بالكلية فى ذلك الوقت الدكاترة: شوقى ضيف،وشكرى محمد عياد، ويوسف خليف، وعبد العزيز الأهوانى، وغيرهم.

ويذكر الطماوى أنه لم يستفد كثيراً من الدراسة بكلية الآداب، وإنما الاستفادة الحقيقية التى حصل عليها كانت فى صالون عباس محمود العقاد، ويقول عنه: «فى أواخر 1962 عرفت طريقى إلى ندوة الأستاذ العقاد وتأثرت به ومازال أستاذى الأول.

ولما كان العقاد كاتباً موسوعياً فقد أغرانا بالقراءة فى مختلف العلوم والفنون والآداب، كذلك أفدنا من العقاد عدم تهيب الكتّاب، لذا استطيع القول أن فترة ملازمتى للعقاد وما بعدها كان يقودنى للقراءة فيها العقل الذى يوازن ويستقرىء ويصدر الحكم فى تأن».


وفى منتصف ستينات القرن الماضى توطدت صلة الطماوى بالأستاذ على أدهم الذى قاده إلى «كازينو تريومف» بمصر الجديدةحيث كان يجلس معه أساتذة أجلاء من أمثال: الدكتور محمد صبرى السربونى أول مصرى وعربيى يحصل على دكتوراه الدولة من جامعة السربون، والشاعر والناقد عبد الرحمن صدقى، مدير دار الأوبرا الأسبق.

والدكتور عثمان أمين أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة، والدكتور أحمد فؤاد الأهوانى، أستاذ الفلسفة وعلم النفس بآداب القاهرة، والمترجم عمر عبد العزيز أمين، وفى هذا يقول: «وقد لازمت هؤلاء نحو عقد من الزمن وزرت بعضهم فى بيوتهم، وأفدت من على أدهم كثيراً فى مجال فلسفة التاريخ والتراجم.

ومن السوربونى فى مجالات عدة منها المناهج التاريخية، وتذوق النصوص الشعرية، وتفهم اللوحات الفنية التشكيلية، أما عن عبد الرحمن صدقى فقد وجهنى نحو المسرح وخاصة المسرح الكلاسيكى، وعلى هذا النحو أخذت عنهم جميعاً .. فقد كانت ثقافتهم موسوعية». 


وفى عام 1966 نشر أحمد حسين الطماوى مقالين الأول عن عبد الرحمن الداخل صقر قريش فى مجلة «الكتاب العربى» التى كان يرأس تحريرها الأستاذ على أدهم، والثانى كان عن العقاد فى مجلة «الرابطة الإسلامية»، ثم توالت مقالاته بعد ذلك سواء بتلك المجلة أو بغيرها، وكذلك بالصحف المحلية والعربية.  


مؤلفاته 
أثرى الأستاذ أحمد حسين الطماوى المكتبة بالعديد من الكتب المتميزة التى تنوعت بين الأدب والتاريخ والتراجم والسير ولأتحقيق بعض الأعمال الأدبية والتقديم لها، ناهيك عن مئات المقالات فى الصحف والمجلات فى مصر والدول العربية.. ومن كتبه: «الديوان المجهول لخليل مطران» 1982، «جمع وتحقيق ودراسة» لنحو ألف بيت شعر غير وارد فى ديوان خليل مطران.

وما هنالك من أسرار بلاط السلطان عبد الحميد»، 1985. وهو عبارة عن شرح لدراسة مطولة حول تلك الأسرار، «الشرق والغرب» لإبراهيم المويلحى، وهذا الكتاب يضئ عتمة الشرق والغرب فتظهر خفايا الحضارات، وينقشع الضباب المنتشر على الخطايا.

ويكشف مكامن الفساد أمام السائرين، فيحذروا الوقوع فى الشراك، و»المروءة والوفاء» للشيخ خليل اليازجى؛ وهى أول مسرحية شعرية عربية وقدم لها الطماوى بدراسة وافية، وصدرت ملحقاً لمجلة الثقافة الجديدة، كما أعد ديوان «وطنيتى وأشعار أخرى» للشيخ على الغاياتى؛ هذا الديوان الذى صودر فور صدوره وسجن بسببه الزعيم محمد فريد، وقدم له بدراسة وافية، ورواية «قمبيز فى الميزان..العقاد ناقد المسرح»، و«على بك أو فيما هى دولة المماليك»..لأحمد شوقى، و«هدية الكروان..عباس محمود العقاد، العقاد عاشق الكروان». 


وفى مجال التراجم والسير كتب الأستاذ الطماوى العديد من الكتب، فقد خص أستاذه محمد صبرى الشهير بالسربونى بثلاث كتب وهم: «صبرى السربونى سيرة تاريخية وصورة حياة»، عن سلسلة «أعلام العرب» صدر عام 1986، «محمد صبرى السربونى»، سلسلة «نقاد الأدب»، 1994، و»ببليوجرافيا أعمال محمد صبرى السربونى» 2003، ثم كتاب «على أدهم بين الأدب والتاريخ» 1990، و جرجى زيدان»، سلسلة «نقاد الأدب»، 1993.

و«محمد لطفى جمعة فى موكب الحياة والأدب» 1993، و«محمد لطفى جمعة، بيوجرافيا وببليوجرافيا». 2005، و«رواد ومعاصرون» أحمد حسين الطماوى، و«جال لهم تاريخ فى مصر والعالم العربى» (موسوعة كل أسرة تتحدث العربية)، و «ليلة باسمة فى حياة مى زيادة»، 1996.


 كما أن له «فصول من الصحافة الأدبية» 1989، و»قبس من وحى التراث» 1991، و«الهلال... مائة عام من التحديث والتنوير» 1992، و«سيم العشق والعشاق». 1999، و«أفراح الملوك والرؤساء»2007، و«سارة العقاد أو أليس داغر..سيرتها الحقيقية مقالاتها، قصصها»، و«سيم العشق والعشاق والملاحن العربية». وملحق به معجم فى معانى الزهور والنباتات، و«الشعر الحديث أصوات وقضايا» صدر قبيل وفاته عن سلسلة (كتاب الهلال) فى مارس2016.


جهوده الفكرية
طرق الأستاذ أحمد حسين الطماوى كل أنماط الكتابة الأدبية، ويمكن تلخيص المنجز الفكرى والأدبى للأستاذ الطماوى كالآتي: 
إنصافه لمظاليم الأدب: عمل الطناحى خلال مشواره الفكرى على إنصاف العديد من الأدباء الذين تعرضوا لسحب النسيان، وعمل على إحياء ذكراهم وإبراز  دورهم الفكرى، فكتب عن محمد صبرى السربونى الذى تميز فى الكتابة التاريخية باللغتين العربية والفرنسية، كما أن له دراسات أدبية رائدة؛ فكتب فى النقد الأدبي.

وجمع الأعمال المجهولة لكبار الشعراء من أمثال: أحمد شوقي، وخليل مطران، وقدم عنه الطماوى أول كتاب فى المكتبة العربية وصدر فى سلسلة «أعلام العرب»، ورغم جهوده الجبارة إلا أنه لم يكن يعرفه الكثيرون لدرجة أنه عند وفاته عام 1978 لم يسر فى جنازته إلا عشرة أفراد، فرَّد الطماوى له الاعتبار فى كتابه هذا، ثم عاد ليخصه بكتاب واف عن منجزه النقدى فى سلسلة «نقاد الأدب» التى كانت تصدرها هيئة الكتاب.

وخصه بكتاب ثالث عن ببليوجرافيا أعماله، كما خص أستاذه على أدهم بمؤلف واف بعنوان «على أدهم بين الأدب والتاريخ»، وقد رد إليه الاعتبار أيضاً.. والأستاذ على أدهم من رواد النهضة الأدبية المصرية خلال الشطر الأكبر من القرن العشرين وهو الأديب المفكر والناقد الأدبى والمؤرخ.

وقد كان عزير الاطلاع على الثقافات المختلفة، وكتب الفصل الأدبية والتاريخية والتراجم فى الثقافة العربية والغربية على السواء فكتب عن فرويد وشوبنهاور وهيجل وكارليل ومتزينى وتولستوي، وعن المتنبى والمعرى والتوحيدى وأبى تمام، والعقاد.


كما كتب الطماوى عن كل من:طاهر الطناحى، وعمر عبد العزيز أمين، والشيخ أحمد ماضى، والشيخ على يوسف، ولبيبة هاشم، وسليم عنحورى، وإدوارد فانديك، ومحمد مسعود، والكونت فيليب دى طرازي، ومحمود كامل المحامى، وحلمى مراد، وعبد الرحمن صدقى، وحافظ نجيب،وزكى مبارك، وغيرهم.


والطماوى ميال لكتابة التراجم، نزاع إلى تصوير الشخوص، وبخاصة أولئك الذين عاصرهم وخالطهم، ومن عرف طائفة متباينة من الشخصيات، تكون نفسه مهيئة لترجمتهم، لأن عناصر الترجمة حاضرة فى ذهنه، ومن طرائق الترجمة ما يعنى بتقديم صور للشخوص، كل واحدة منها منحى من مناحى المترجم دون تركيب أو استطراد..فهو يوافى الشخصية من كافة النواحى اعتماداً على صلته بالمترجم له وكذا الرجوع إلى أوراقه التى حصل عليها منه أو من ورثته أو من المجلات القديمة، حيث كان الطماوى يمتلك مجلدات كاملة لأشهر المجلات العربية مثل: المقتطف، والهلال، والمصور، والكشكول، والسفور، وغيرها، وقد تكّون له زاد وفير ساعده فى إلقاء الضوء على الشخصيات التى كتب عنها أو الفصول التاريخية والنقدية التى كتبها.


2- كتابته للفصول التاريخية: عشق الأستاذ الطماوى وطالع فصوله فى مصادره وقد تأثر فى كتابته بأساتذته أمثال العقاد وصبرى السربونى وعلى أدهم، وقد أتحفنا بفصول ومقالات جمعها بعد ذلك فى كتب دار معظمها فى العصر الحديث وقد رجع إلى الدوريات والكتب النادرة، ونشر هذه المقالات فى مجلة الهلال، والثقافة، وقافلةالزيت والعربى الكويتية، والأديب، وجريدة القاهرة، وغيرها.


3- تحقيقه للأعمال الأدبية: مثل المسرحيات والدواوين الشعرية التى كتبت منذ منتصف القرن التاسع عشر حتى بدايات القرن العشرين، مثل مسرحية «الوفاء والمروءة» لليازجى، و«على بك الكبير» المسرحية الأولى التى كتبها أمير الشعراء أيام عمله فى الديوان الخديوى، كما حقق ديوان «وطنيتى» لعلى الغاياتى، كما اكتشف أكثر من خمسين قصيدة ومقطوعة شعرية تقع فى نحو ألف بيت للشاعر الكبير خليل مطران لم ترد فى ديوانه المطبوع ونراه فى كتاب «الديوان المجهول لخليل مطران»، الذى صدر فى القاهرة عام 1984.

ويتلخص منهجه فى هذا التحقيق بأنه عمل مقدمات وافية عن المؤلف ومنجزه الأدبى كما قام بدراسة وافية عن النص ثم ضبط النص وتفادى أخطاء الطبعات الأولى وشرح ما استبهم من ألفاظه والتعليق عليه.. ثم حقق أهم كتاب تعرض للسلطان عبد الحميد الثانى للأديب الكبير إبراهيم المويلحى الكبير بعنوان «ما هنالك».

وقد أحدث ضجة عند صدوره لأول مرة عام 1896، ثم جمع السلطان عبد الحميد نسخه وأعدمها، وقد حاول الناقد الكبير على شلش أن يقع على نسخة من الكتاب وبحث عنه فى دور الكتب فى مصر وأوروبا ولم يعثر له على أثر، والمفاجأة أن وجد نسخة مع الأستاذ الطماوى.

وقد نشر المويلحى هذه الفصول دون توقيع فى جريدة «المقطم»، وهى مقالات انتقادية دون فيها تجربة مكوثه فى الآستانة قرابة العشر سنوات، ولما جمعها بعد ذلك فى كتاب لم يحمل اسمه ولكن حمل عبارة «أديب فاضل من المصريين».  


4-الطماوى ناقداً: تعرض الطماوى لأعمال بعض الأدباء مستخدما المنهج التكاملى فى دراسة الأدب، جريا على نهج أساتذته فى هذا المضمار أمثال: العقاد، والسربونى، وعلى أدهم، وطاهر الجبلاوي، ولم يؤثر عنه أنه تقعر، وأسرف فى استخدام المصطلحات الغربية الوافدة إلا بعد هضمها وجعلها تتلاءم مع الذائقة العربية. 


5- الطماوى مؤرخاً للصحافة الأدبية:عشق الأستاذ الطماوى الصحافة منذ فجر صباه وحتى رحيله، فكان يلتهم كل ما يصل إليه من صحف ومجلات، كما داوم على اقتنائها تلك الصحف والمجلات بل عمل على على اقتناء مجلدات من مجلات أدبية وفكرية وثقافية مثلما بينا سلفاً فكان يقتنى السنوات الكاملة لهذه المجلات.

وتكون له لديه أرشيف ضخم مازالت ابنته لبنى التى أصابتها حرفة الأدب وعاشت فى جلباب أبيها تحتفظ بهوقد أرخ الطماوى للعديد من الصحف والمجلات التى ظهرت فى القرنين التاسع عشر والعشرين مثل: «المنظوم» التى أصدرها أحمد نجيب عام 1892.

وهى أول مجلة مصرية تتخصص فى نشر الشعر ونقده، ومجلة «الفتاة» التى أصدرتها هند نوفل عام 1892، وهى أول مجلة نسائية متخصصة، ومجلة «الموسوعات» التى أصدرها الزعيم محمد فريد عام 1898، و«سركيس» التى أصدرها سليم سركيس عام 1905.

ومجلة «مرآة الحسناء» التي أصدرها سليم سركيس أيضاً، ومجلة «الشتاء» التى أصدرها سليم حنحورى عام 1906 وكانت تظهر شتاء وتحتجب صيفاً، و«المجلة المصرية» التى أصدرها خليل مطران عام 1900، و«العصور»، وجريدة «مصباح الشرق» التى أصدرها المويلحى عام 1898.

وجريدة «السفور» التى صدرت عام 1915، وجريدة السياسة الأسبوعية، وغيرها. ومن أهم كتبه فى هذا المجال «فصول من الصحافة الأدبية»، و«الهلال.. مائة عام من التحديث والتنوير» ناهيك عن المقالات الأخرى التى تعرضت لبعض الصحفيين والمجلات .


ويقول الأستاذ الطماوى  عنأهمية الصحافة الأدبية: «وأرى أن التأريخ للأدب الحديث يجب أن يبدأ من الدوريات، لأن إرهاصات الموضوعات تبدأ من الصحف، وعلى سبيل المثال اهتم المجتمع الأدبى سنة 1926 بكتاب «فى الشعر الجاهلي» لطه حسين الذى ذهب فيه إلى تزييف الشعر الجاهلي، فإذا رجعت إلى الصحف القديمة تجد كتابات فى هذا المجال منذ أواخر القرن التاسع عشر، وقس على ذلك قضايا كثيرة كما أننا نعرف من الدوريات بدايات الأدباء ونتعرف على اهتماماتهم قبل أن يتحولوا من ميدان لآخر.

وعلى سبيل المثال اشتهر الشيخ مصطفى عبدالرازق شيخ الأزهر فيما بعد بالدراسات الفلسفية والدينية، أما فى بداياته فقد كان شاعراً ينشر شعره فى مجلة «الموسوعات» واشتهر طلعت حرب بالاقتصاد وبنك مصر، أما حياته الأولى فقد كان مؤرخاً وكاتباً اجتماعياً.

وقس على ذلك ما تجده من نتاج الأدباء من أمثال: اليازجى وإبراهيم المويلحي، والعقاد، وشوقي، وخليل مطران، وغيرهم من أشعار ومقالات لم تجمع فى كتب والواجب أن تجمع أو يرجع إليها ليصح الحكم على نتاج الأديب، كذلك فإن الدوريات القديمة تصحح معلومات كثيرة وردت فى دراسات وكتب لم يرجع مؤلفوها إلى الصحف، ومثال ذلك ما يقال عن أن الانجليز نفوا شوقى إلى الأندلس والتصحيح أن السلطان حسين كامل هو الذى نفاه والأمثلة كثيرة». 


مكانة الطماوى
ويقول عنه صديقه الأستاذ الدكتور نبيل حنفى محمود: «ارتكز مشروع الطماوى الثقافى على التأريخ لعصر الاستنارة الأخيرة فى مصر، وعلى الأخص للفترة الفاصلة بين تولى محمد على لحكم مصر وقيام ثورة 23 يوليو 1952، تلك الفترة التى تجاوز القرن.

واعتمد فى ذلك على كم هائل من المصادر شملت الدوريات والكتب، مما لا تعرف الأغلبية من المثقفين الآن حتى أسماءها، وأذكر أنه رحمه الله ذكر لى فى أحاديثى معه، وأكثر من مرة، أن مكتبته تشغل دورا كاملا من منزله، حيث عاش بين مقتنياته النادرة من المطبوعات، ليقدم لنا وللأجيال القادمة إبداعاته العظيمة.

والتى تميزت بطابع خاص تفرد به بين كبار كتاب عصره، ولم يشغل نفسه يوما بالمكاسب والمناصب حتىإنه لجأ للمعاش المبكر قبل الستين من عمره طلبا للتفرغ لمشروعه الثقافى، وإيثارا للعزلة عما يدور فى دنيا الثقافة من صراعات وتحزبات، فلما غادر دنيانا لم تتذكره وسائل الإعلام التى تفرد للصغار الصفحات والساعات ليشغلوها بالشقشقة والهراء، إننى لا أطالب المجتمع الثقافى بإقامة سرداقات للعزاء فى الكاتب والأديب الكبير أحمد حسين الطماوى، وإنما العزاء الحقيقى يتمثل فى إقرار بعض الرسائل الجامعية للماجستير والدكتوراه التى تهدف لجلاء خصائص إبداعاته وأبعاد مشروعه الثقافى».

 

وفاته: 
توفى الأستاذ أحمد حسين الطماوى يوم الجمعة17من ربيع الأول 1438هـ (16 ديسمبر 2016م).

 

اقرأ ايضا | سامح إدور سعدالله يكتب: تعود الأحزان


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة